للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ طَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ أَوْ بَيْعٍ شَرْطًا لِلْوَكَالَةِ بِأَنْ يَقُولَ: إنْ كَانَ فُلَانٌ بَاعَ عَبْدَهُ مِنْ فُلَانٍ أَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ أَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ فَأَنْتَ وَكِيلِي فِي إثْبَاتِ حُقُوقِي عَلَى النَّاسِ أَجْمَعِينَ، فَقَالَ: إنَّ فُلَانًا الْغَائِبَ قَدْ بَاعَ عَبْدَهُ أَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ وَصِرْت وَكِيلًا فِي إثْبَاتِ حُقُوقِ مُوَكِّلِي وَإِنْ كَانَ لِمُوَكِّلِي هَذَا عَلَيْك أَلْفُ دِرْهَمٍ، فَيَقُولُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: بَلَى إنَّ فُلَانًا وَكَّلَك عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَلَكِنِّي لَا أَعْلَمُ أَنَّ الشَّرْطَ قَدْ وُجِدَ فَيُقِيمُ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى الشَّرْطِ فَيَقْضِي الْقَاضِي بِالشَّرْطِ إلَّا أَنَّ هَذَا فَصْلٌ يَخْتَلِفُ فِيهِ الْمَشَايِخُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الْإِنْسَانَ هَلْ يَنْتَصِبُ خَصْمًا عَلَى الْغَائِبِ فِي إثْبَاتِ شَرْطِ حَقِّهِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَنْتَصِبُ إذَا كَانَ شَرْطًا يَتَضَرَّرُ بِهِ الْغَيْرُ كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَالصَّحِيحُ مَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ وَهُوَ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا أَرَادَ إثْبَاتَ الدَّيْنِ عَلَى الْغَائِبِ يَنْبَغِي لِرَجُلٍ أَنْ يَقُولَ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ: كَفَلْت لَك بِكُلِّ مَالِكَ عَلَى فُلَانٍ الْغَائِبِ.

ثُمَّ إنَّ صَاحِبَ الدَّيْنِ يُحْضِرُ الْكَفِيلَ إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي، وَيَقُولُ: إنَّ لِي عَلَى فُلَانٍ الْغَائِبِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ كَفِيلٌ بِجَمِيعِ مَالِي عَلَى فُلَانٍ، وَلِي عَلَى فُلَانٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ قَبْلَ كَفَالَةِ هَذَا الرَّجُلِ فَيُقِرُّ الْكَفِيلُ بِالْكَفَالَةِ وَيُنْكِرُ الْمَالَ عَلَى الْغَائِبِ صَحَّ إنْكَارُهُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: كَفَلْتُ لَكَ بِكُلِّ مَالِكَ عَلَى فُلَانٍ، لَا يَكُونُ إقْرَارًا مِنْهُ بِالْمَالِ فَإِذَا أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ أَنَّ لَهُ عَلَى الْغَائِبِ أَلْفَ دِرْهَمٍ كَانَتْ لَهُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْكَفَالَةِ يَقْبَلُ بَيِّنَتَهُ وَيَقْضِي لَهُ بِالْكَفَالَةِ وَالْمَالِ؛ لِأَنَّهُ ادَّعَى عَلَى الْغَائِبِ مَا هُوَ سَبَبٌ لِحَقِّهِ فِي الْحَاضِرِ فَيَنْتَصِبُ الْحَاضِرُ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ فَيَكُونُ الْقَضَاءُ عَلَيْهِ قَضَاءً عَلَى الْغَائِبِ، حَتَّى لَوْ حَضَرَ الْغَائِبُ وَأَنْكَرَ الدَّيْنَ لَا يَلْتَفِتُ إلَى إنْكَارِهِ وَلَا يَكُونُ قَضَاءً عَلَى الْمُسَخَّرِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ فِيمَا ادَّعَى عَلَى الْكَفِيلِ صَادِقٌ ثُمَّ يُبَرِّئُ الْمُدَّعِي الْكَفِيلَ عَنْ الْمَالِ وَالْكَفَالَةِ وَيَبْقَى الْمَالُ لَهُ عَلَى الْغَائِبِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بَيْنَ يَدَيْ الْقَاضِي وَسَوَاءٌ فِيمَا ذَكَرْنَا دَعْوَى الْكَفَالَةِ عَنْ الْغَائِبِ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ لَهُ عَلَى الْغَائِبِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ كَفَلَ لِي عَنْ الْغَائِبِ بِالْأَلْفِ الَّتِي لِي عَلَيْهِ بِأَمْرِهِ فَهَذِهِ وَمَا تَقَدَّمَ سَوَاءٌ يَقْضِي عَلَى الْحَاضِرِ وَيَكُونُ ذَلِكَ قَضَاءً عَلَى الْغَائِبِ. وَلَوْ ادَّعَى أَنَّ لَهُ عَلَى الْغَائِبِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ كَفَلَ لِي عَنْهُ بِالْأَلْفِ الَّتِي عَلَيْهِ وَلَمْ يَقُلْ بِأَمْرِهِ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَى فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِالْأَلْفِ عَلَى الْحَاضِرِ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ قَضَاءً عَلَى الْغَائِبِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي أَخْذِ الْقِصَّةِ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا يَأْخُذُ وَلَا يَقْرَأُ فِي أَيِّ حَالٍ كَانَ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا يَأْخُذُ إذَا جَلَسَ لِلْقَضَاءِ أَمَّا إذَا كَانَ فِي دَارِهِ أَوْ فِي فِنَاءِ دَارِهِ فَيَأْخُذُ وَيَقْرَأُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَنَا، فَإِنَّ الْخُلَفَاءَ الرَّاشِدِينَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - كَانُوا يَأْخُذُونَ الْقِصَّةَ وَكَذَا مَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ الْأُمَرَاءِ وَالْخُلَفَاءِ وَهَذَا؛ لِأَنَّ مِنْ الْجَائِزِ أَنْ يَكُونَ الْخَصْمُ أَعْجَمِيًّا لَا يَعْرِفُ لِسَانَ الْقَاضِي وَلَا الْقَاضِي لِسَانَهُ؛ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَسْتَعِينَ بِغَيْرِهِ لِيَكْتُبَهُ وَيَدْفَعَهُ إلَى الْقَاضِي فَتَصِيرُ الْحَادِثَةُ مَعْلُومَةً لِلْقَاضِي وَإِذَا أَخَذَ الْقِصَّةَ يَقُولُ لِلْخَصْمِ: أَهَذِهِ قِصَّتُك؟ فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ، يَقُولُ: أَأَنْت كَتَبْته؟ فَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>