للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْمَبْسُوطِ أَنَّ الْوَكِيلَ يَمْلِكُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ إلَّا إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ رِضَا الْمُشْتَرِي. وَجْهُ مَا ذُكِرَ هُنَا أَنَّ عَلَى الْقَاضِي صِيَانَةَ قَضَائِهِ عَنْ النَّقْضِ وَجَمِيعِ أَنْوَاعِ الشُّبْهَةِ وَصِيَانَةَ حَقِّ الْعِبَادِ، وَذَلِكَ بِانْتِظَارِ يَمِينِ الْمُشْتَرِي وَاعْتَبَرَهُ بِمَا إذَا أَرَادَ الْمُشْتَرِي الرَّدَّ بِالْعَيْبِ بَعْدَ مَوْتِ الْبَائِعِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَسْتَحْلِفُ الْمُشْتَرِيَ بِاَللَّهِ مَا رَضِيَ بِالْعَيْبِ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الْوَارِثُ ذَلِكَ وَوَجْهُ مَا ذُكِرَ فِي الْمَبْسُوطِ أَنَّ الْقَاضِيَ نُصِبَ لِفَصْلِ الْخُصُومَاتِ لَا لِإِنْشَائِهَا وَفِي الِاسْتِحْلَافِ بِدُونِ طَلَبِ الْمُدَّعِي إنْشَاءُ الْخُصُومَةِ وَهَذَا لَا يَجُوزُ، أَلَا يَرَى أَنَّهُ لَا يُسْتَحْلَفُ الْوَلِيُّ فِي بَابِ الْقِصَاصِ بِاَللَّهِ مَا عَفَا بِدُونِ طَلَبِ الْقَاتِلِ، وَالْقِصَاصُ مِمَّا يَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ فَلَأَنْ لَا يُسْتَحْلَفَ هَهُنَا أَوْلَى؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْلَافَ لِلنَّظَرِ لِلْبَائِعِ وَالْبَائِعُ قَادِرٌ عَلَى النَّظَرِ لِنَفْسِهِ بِأَنْ يَدَّعِيَ الرِّضَا عَلَى الْمُشْتَرِي فَإِنْ تَرَكَ الدَّعْوَى لَمْ يَنْظُرْ لِنَفْسِهِ فَلَا يُنْظَرُ لَهُ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي اُسْتُشْهِدَ بِهَا؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ عَاجِزٌ عَنْ النَّظَرِ لِنَفْسِهِ وَالْقَاضِي نُصِبَ نَاظِرًا لِكُلِّ مَنْ عَجَزَ عَنْ النَّظَرِ لِنَفْسِهِ، فَلِهَذَا يُسْتَحْلَفُ لَهُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَالْوَالِي عَلَى بَلْدَةٍ مِنْ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ عَلَى نَاحِيَةٍ مِنْ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ الْكِتَابَ الْحُكْمِيَّ فَإِنْ كَانَ الْخَلِيفَةُ قَدْ وَلَّاهُ الْقَضَاءَ جَازَ وَإِنْ لَمْ يُوَلِّهِ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ كَانَ هَذَا الْوَالِي قَلَّدَ إنْسَانًا وَأَجَازَ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ هَلْ يُقْبَلُ كِتَابُ هَذَا الْقَاضِي يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْخَلِيفَةُ أَذِنَ لِهَذَا الْوَالِي بِالتَّقْلِيدِ قُبِلَ كِتَابُهُ وَمَا لَا فَلَا.

ذُكِرَ فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ إنْ كَتَبَ الْخَلِيفَةُ إلَى قُضَاتِهِ إذَا كَانَ الْكِتَابُ فِي الْحُكْمِ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ شَهِدَا عِنْدَهُ بِمَنْزِلَةِ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي لَا يُقْبَلُ إلَّا بِالشَّرَائِطِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا. وَأَمَّا كِتَابُهُ أَنَّهُ وَلَّى فُلَانًا أَوْ عَزَلَ فُلَانًا فَيُقْبَلُ عَنْهُ بِدُونِ تِلْكَ الشَّرَائِطِ وَيَعْمَلُ بِهِ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ إذَا وَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ حَقٌّ وَيَمْضِي عَلَيْهِ، وَهُوَ نَظِيرُ كِتَابِ سَائِرِ الرَّعَايَا بِشَيْءٍ مِنْ الْمُعَامَلَاتِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ بِدُونِ تِلْكَ الشَّرَائِطِ وَيَعْمَلُ بِهِ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ إذَا وَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ حَقٌّ، كَذَا هُنَا.

قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَلَا يُقْبَلُ شَهَادَةُ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى كِتَابِ قَاضِي الْمُسْلِمِينَ لِذِمِّيٍّ عَلَى ذِمِّيٍّ.

وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ جَاءَ بِكِتَابِ قَاضٍ إلَى قَاضٍ آخَرَ وَقَبِلَ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ الْكِتَابَ وَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى الْكِتَابِ ثُمَّ قَدِمَ بَيِّنَةُ صَاحِبِ الْحَقِّ عَلَى أَصْلِ الْحَقِّ مِصْرَ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ فَإِنَّ الْمَكْتُوبَ إلَيْهِ لَا يَعْمَلُ بِالْكِتَابِ وَيَأْمُرُ الطَّالِبَ أَنْ يُحْضِرَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَصْلِ الْحَقِّ.

إبْرَاهِيمُ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى إذَا غَلَبَ الْخَوَارِجُ عَلَى بَلْدَةٍ وَاسْتَقْضَوْا عَلَيْهَا قَاضِيًا مِنْ أَهْلِ الْبَلْدَةِ فَكَتَبَ هَذَا الْقَاضِي كِتَابًا إلَى قَاضِي أَهْلِ الْعَدْلِ فَإِنْ كَانَ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ يَعْلَمُ أَنَّ الشُّهُودَ الَّذِينَ شَهِدُوا عِنْدَ الْكَاتِبِ مِنْ أَهْلِ الْبَغْيِ لَا يَقْبَلُ الْكِتَابَ، وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ الشُّهُودَ مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ قَبِلَ الْكِتَابَ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الشُّهُودَ مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ أَوْ مِنْ أَهْلِ الْخَوَارِجِ لَا يَقْبَلُ الْكِتَابَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>