للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ؛ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ الْمَالَ إلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَرَّ لِرَجُلٍ أَنَّهُ وَكِيلُ الْمُودِعِ بِالْقَبْضِ أَوْ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْهُ حَيْثُ لَا يُؤْمَرُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِقِيَامِ حَقِّ الْمُودِعِ إذْ هُوَ حَيٌّ؛ فَيَكُونُ إقْرَارًا عَلَى مَالِ الْغَيْرِ وَلَا كَذَا بَعْدَ مَوْتِهِ بِخِلَافِ الْمَدْيُونِ إذَا أَقَرَّ بِتَوْكِيلِ غَيْرِهِ بِالْقَبْضِ؛ لِأَنَّ الدُّيُونَ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا فَيَكُونُ إقْرَارًا عَلَى نَفْسِهِ فَيُؤْمَرُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ الْمُودَعُ لِآخَرَ: هَذَا ابْنُ الْمَيِّتِ أَيْضًا، وَقَالَ الْأَوَّلُ: لَيْسَ لِلْمَيِّتِ ابْنٌ غَيْرِي؛ قَضَى بِالْمَالِ لِلْأَوَّلِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.

فِي الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ فِي فَصْلِ الْوَدِيعَةِ إذَا لَمْ يُؤْمَرْ بِالتَّسْلِيمِ، وَمَعَ هَذَا سَلَّمَ ثُمَّ أَرَادَ الِاسْتِرْدَادَ هَلْ لَهُ ذَلِكَ ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلَاءُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الِاسْتِرْدَادَ. وَكَانَ وَالِدِي يَحْكِي عَنْ أُسْتَاذِهِ ظَهِيرِ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَتَرَدَّدُ فِي جَوَابِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَفِي فَصْلِ الْوَدِيعَةِ إذَا لَمْ يُؤْمَرْ بِالتَّسْلِيمِ وَلَمْ يُسَلِّمْ حَتَّى ضَاعَتْ فِي يَدِهِ هَلْ يَضْمَنُ؟ قِيلَ: لَا يَضْمَنُ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ، وَإِذَا قُسِمَ الْمِيرَاثُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ أَوْ بَيْنَ الْوَرَثَةِ؛ قَالَ: لَا يَأْخُذُ مِنْ الْغَرِيمِ وَلَا مِنْ الْوَرَثَةِ كَفِيلًا وَهَذَا شَيْءٌ احْتَاطَ بِهِ بَعْضُ الْقُضَاةِ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَهُوَ ظُلْمٌ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.

وَقَالَا: لَا يَأْخُذُ الْكَفِيلَ أَيْ لَا يُدْفَعُ الْمَالُ إلَيْهِمْ حَتَّى يَأْخُذَ الْكَفِيلَ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ وَهُوَ يُدْفَعُ إلَى الْمُدَّعِي إنَّمَا يَصِحُّ أَنْ لَوْ كَانَ وَارِثًا مِمَّنْ لَا يُحْجَبُ بِغَيْرِهِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ يُحْجَبُ بِغَيْرِهِ فَالْحُكْمُ بِخِلَافِهِ، ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي أَدَبِ الْقَاضِي لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَقَالَ: وَإِذَا حَضَرَ الرَّجُلُ وَادَّعَى دَارًا فِي يَدِ رَجُلٍ أَنَّهَا كَانَتْ لِأَبِيهِ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لَهُ فَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً وَلَمْ يَشْهَدُوا عَلَى عَدَدِ الْوَرَثَةِ وَلَمْ يَعْرِفُوهُمْ لَكِنْ قَالُوا: تَرَكَهَا مِيرَاثًا لِوَرَثَتِهِ فَإِنَّهُ لَا يَقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةَ وَلَا يَدْفَعُ إلَيْهِ شَيْئًا حَتَّى يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى عَدَدِ الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّهُمْ مَا لَمْ يَشْهَدُوا لَا يَصِيرُ نَصِيبُ هَذَا الْوَاحِدِ مَعْلُومًا وَالْقَضَاءُ بِغَيْرِ الْمَعْلُومِ مُتَعَذِّرٌ (وَهَهُنَا ثَلَاثَةُ فُصُولٍ) الْأَوَّلُ هَذَا، وَالثَّانِي وَهُوَ مَا إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّهُ ابْنُهُ وَوَارِثُهُ لَا نَعْرِفُ لَهُ وَارِثًا غَيْرُهُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِجَمِيعِ التَّرِكَةِ مِنْ غَيْرِ تَلَوُّمٍ، وَالْفَصْلُ الثَّالِثُ إذَا شَهِدُوا أَنَّهُ ابْنُ فُلَانٍ مَالِكِ هَذِهِ الدَّارِ وَلَمْ يَشْهَدُوا لَهُ عَلَى عَدَدِ الْوَرَثَةِ وَلَمْ يَقُولُوا فِي شَهَادَتِهِمْ: لَا نَعْرِفُ لَهُ وَارِثًا غَيْرُهُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَتَلَوَّمُ زَمَانًا عَلَى قَدْرِ مَا يَرَى فَإِنْ حَضَرَ وَارِثٌ غَيْرُهُ قَسَمَ الْمَالَ بَيْنَهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ دَفَعَ الدَّارَ إلَيْهِ وَهَلْ يَأْخُذُ كَفِيلًا بِمَا دَفَعَ إلَيْهِ، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: يَأْخُذُ ثُمَّ إنَّمَا يَدْفَعُ إلَى الْوَارِثِ الَّذِي حَضَرَ جَمِيعَ الْمَالِ بَعْدَ التَّلَوُّمِ إذَا كَانَ هَذَا الْوَارِثُ مِمَّنْ لَا يُحْجَبُ بِغَيْرِهِ وَلَا يَخْتَلِفُ نَصِيبُهُ، فَأَمَّا إذَا كَانَ لَا يُحْجَبُ بِغَيْرِهِ وَلَكِنْ يَخْتَلِفُ نَصِيبُهُ كَالزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ هَلْ يُدْفَعُ إلَيْهِ أَقَلُّ النَّصِيبَيْنِ أَوْ أَوْفَرُ النَّصِيبَيْنِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَوْفَرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>