للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - قَالُوا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِلَا خِلَافٍ، وَلَوْ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِ ذِي الْيَدِ أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ كَانَتْ لِجَدِّ هَذَا الْمُدَّعِي، وَلَمْ يَجُرُّوا الْمِيرَاثَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِالدَّارِ لِلْمُدَّعِي إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ آخَرُ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

إذَا شَهِدُوا أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ لِجَدِّ هَذَا الْمُدَّعِي، وَلَمْ يَقُولُوا كَانَتْ لِجَدِّهِ، فَإِنْ جَرُّوا الْمِيرَاثَ تُقْبَلُ وَيَقْضِي بِالدَّارِ لِلْمُدَّعِي، وَإِنْ لَمْ يَجُرُّوا الْمِيرَاثَ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا تُقْبَلُ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخَرِ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ بَعْضُهُمْ قَالُوا تُقْبَلُ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا تُقْبَلُ، وَلَا يَقْضِي بِالدَّارِ لِلْمُدَّعِي أَيْضًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

قَالَ فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ دَارٌ فِي يَدَيْ رَجُلٍ أَقَامَ أَحَدٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّ أَبِي اشْتَرَاهَا مِنْهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَقَدْ مَاتَ أَبِي وَالْبَائِعُ يَجْحَدُ ذَلِكَ فَإِنِّي لَا أُكَلِّفُهُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا وَلَكِنْ أَسْأَلُهُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ، فَإِنْ أَقَامَهَا أَمَرْتُهُ بِدَفْعِ الدَّارِ إلَيْهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ غَيْرِ الْبَائِعِ كَلَّفَ كِلَيْهِمَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

قَالَ فِي الْأَصْلِ دَارٌ فِي يَدَيْ رَجُلٍ جَاءَ ابْنُ أَخِي صَاحِبِ الْيَدِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ كَانَتْ لِجَدِّهِ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا بَيْنَ أَبِيهِ وَبَيْنَ عَمِّهِ هَذَا الَّذِي الدَّارُ فِي يَدَيْهِ نِصْفَيْنِ، ثُمَّ مَاتَ أَبُوهُ وَتَرَكَ نَصِيبَهُ مِيرَاثًا لَهُ فَالْقَاضِي يَقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةَ وَيَقْضِي بِالدَّارِ بَيْنَ الْمُدَّعِي وَبَيْنَ عَمِّهِ نِصْفَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَقْضِ الْقَاضِي بِبَيِّنَةِ ابْنِ الْأَخِ حَتَّى أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ أَخَاهُ، وَهُوَ أَبُو هَذَا الْمُدَّعِي مَاتَ قَبْلَ مَوْتِ الْجَدِّ وَوَرِثَ الْجَدُّ مِنْهُ السُّدُسَ، ثُمَّ مَاتَ الْجَدُّ وَصَارَ جَمِيعُ الدَّارِ مِيرَاثًا لِي فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنْ لَا يَكُونَ فِي يَدِ ابْنِ الْأَخِ شَيْءٌ مِنْ تَرِكَةِ أَبِيهِ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ بَيِّنَةُ ابْنِ الْأَخِ أَوْلَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ فِي يَدِ ابْنِ الْأَخِ شَيْءٌ مِنْ مِيرَاثِ أَبِيهِ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا وَفِي هَذَا الْوَجْهِ مِيرَاثُ الْجَدِّ كُلُّهُ لِلْعَمِّ وَمِيرَاثُ الْأَخِ كُلُّهُ لِابْنِ الْأَخِ وَيُجْعَلُ كَأَنَّهُمَا مَاتَا مَعًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

إذَا كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدَيْ رَجُلٍ وَابْنِ أَخِيهِ فَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لَهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ قَضَى بِهَا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، فَإِنْ قَالَ الْعَمُّ كَانَتْ بَيْنَ أَبِي وَأَخِي نِصْفَيْنِ وَصَدَّقَهُ ابْنُ الْأَخِ إلَّا أَنَّ الْعَمَّ قَالَ: مَاتَ أَخِي قَبْلَ مَوْتِ الْجَدِّ وَصَارَ النِّصْفُ الَّذِي لِأَخِي بَيْنَ الْجَدِّ وَبَيْنَكَ أَسْدَاسًا، ثُمَّ مَاتَ الْجَدُّ فَوَرِثْتُ السُّدُسَ مِنْهُ، وَقَالَ ابْنُ الْأَخِ مَاتَ الْجَدُّ أَوَّلًا وَصَارَ الَّذِي لِلْجَدِّ بَيْنَكَ وَبَيْنَ أَبِي نِصْفَيْنِ، ثُمَّ مَاتَ أَبِي فَوَرِثْتُ ذَلِكَ مِنْهُ، فَإِنْ لَمْ تَقُمْ لَهُمَا وَلَا لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى دَعْوَى صَاحِبِهِ، فَإِنْ حَلَفَا بَرِئَا وَصَارَ بَعْدَ الْحَلِفِ كَالْحَالِ قَبْلَهُ، وَقَبْلَ الْحَلِفِ كَانَتْ الدَّارُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا وَنَكِلَ الْآخَرُ يَقْضِي لِلْحَالِفِ بِمَا نَكِلَ لَهُ صَاحِبُهُ، وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَحَدُهُمَا قَضَى لَهُ بِمَا شَهِدْتُ لَهُ بَيِّنَتُهُ، وَإِنْ أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ قَضَى بِالدَّارِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

رَجُلَانِ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً عَلَى دَارٍ فِي يَدَيْ رَجُلٍ أَنَّهَا كَانَتْ لِأَبِيهِ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لَهُ لَا يَعْلَمُونَ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ وَأَحَدُ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ ابْنُ أَخِي ذِي الْيَدِ وَوَارِثُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ فَلَمْ تُزَكَّ الْبَيِّنَاتُ حَتَّى مَاتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَصَارَتْ الدَّارُ فِي يَدِ ابْنِ أَخِيهِ، وَلَمْ يُوصِ إلَى أَحَدٍ، ثُمَّ زُكِّيَتْ الْبَيِّنَتَانِ جَمِيعًا فَالْقَاضِي يَقْضِي بِهَا بَيْنَهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>