للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ يُنْظَرُ إنْ كَانَ عَرْضُ مَوْضِعِ الْجِدَارِ بِحَالٍ لَوْ قُسِّمَ بَيْنَهُمَا أَصَابَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَوْضِعٌ يُمْكِنُهُ أَنْ يَبْنِيَ عَلَيْهِ حَائِطًا يَحْتَمِلُ حُمُولَاتِهِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي الْأَصْلِ كَانَ الْبَانِي مُتَبَرِّعًا فِي الْبِنَاءِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ صَاحِبَهُ مِنْ وَضْعِ الْحُمُولَاتِ عَلَى هَذَا الْجِدَارِ، وَإِنْ كَانَ بِحَالٍ لَوْ قُسِّمَ لَا يُصِيبُهُ ذَلِكَ لَا يَكُونُ مُتَبَرِّعًا وَلَهُ أَنْ يَمْنَعَ شَرِيكَهُ عَنْ وَضْعِ الْحُمُولَاتِ عَلَى هَذَا الْجِدَارِ حَتَّى يَضْمَنَ لَهُ نِصْفَ مَا أَنْفَقَ فِي الْبِنَاءِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ الْبُخَارِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ مَا أَنْفَقَ إنْ بَنَاهُ بِأَمْرِ الْقَاضِي وَبِنِصْفِ قِيمَةِ الْبِنَاءِ إنْ بَنَاهُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

فِي شُرُوطِ النَّوَازِلِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي جِدَارٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ بَيْتُ أَحَدِهِمَا أَسْفَلُ وَبَيْتُ الْآخَرِ أَعْلَى قَدْرَ ذِرَاعٍ أَوْ ذِرَاعَيْنِ فَانْهَدَمَ فَقَالَ صَاحِبُ الْأَعْلَى لِصَاحِبِ الْأَسْفَلِ: ابْنِ إلَيَّ حَدَّ بَيْتِي ثُمَّ نَبْنِي جَمِيعًا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بَلْ يَبْنِيَانِهِ جَمِيعًا مِنْ أَسْفَلِهِ إلَى أَعْلَاهُ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ إنْ كَانَ بَيْتُ أَحَدِهِمَا أَسْفَلَ بِأَرْبَعَةِ أَذْرُعٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِقْدَارَ مَا يُمْكِنُ أَنْ يُتَّخَذَ بَيْتًا فَإِصْلَاحُهُ عَلَى صَاحِبِ الْأَسْفَلِ حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى مَوْضِعِ الْبَيْتِ الْآخَرِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْحَائِطِينَ مِنْ سُفْلٍ وَعُلْوٍ وَقِيلَ: يَبْنِيَانِ الْكُلَّ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْقَاسِمِ ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ: إلَى حَيْثُ مِلْكُهُ عَلَيْهِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَشْتَرِكَانِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.

صَاحِبُ السُّفْلِ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَهْدِمَ سُفْلَهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ السُّفْلُ خَالِصَ مِلْكِهِ حَتَّى لَوْ بَاعَ السُّفْلَ كَانَ الثَّمَنُ كُلُّهُ لَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي كِتَابِ الْحِيطَانِ.

عُلْوٌ لِرَجُلٍ وَسُفْلٌ لِآخَرَ لَيْسَ لِصَاحِبِ السُّفْلِ أَنْ يَتِدَ وَتَدًا وَلَا يَنْقُبَ كَوَّةً بِغَيْرِ رِضَا صَاحِبِ الْعُلْوِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا يَصْنَعُ فِيهِ مَا لَا يَضُرُّ بِالْعُلْوِ هَكَذَا فِي الْكَافِي فِي بَابِ مُتَفَرِّقَاتِ كِتَابِ أَدَبِ الْقَاضِي عُلْوٌ لِرَجُلٍ وَسُفْلٌ لِآخَرَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَيْسَ لِصَاحِبِ الْعُلْوِ أَنْ يَبْنِيَ فِي الْعُلْوِ بِنَاءً أَوْ يَتِد وَتَدًا إلَّا بِرِضَا صَاحِبِ السُّفْلِ وَالْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى أَنَّهُ إنْ أَضَرَّ بِالسُّفْلِ يُمْنَعُ وَعِنْدَ الِاشْتِبَاهِ وَالْإِشْكَالِ لَا يُمْنَعُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي بَابِ الْحِيطَانِ.

انْهَدَمَ السُّفْلُ وَالْعُلْوُ لَا يُجْبَرُ صَاحِبُ السُّفْلِ عَلَى الْبِنَاءِ وَلِصَاحِبِ الْعُلْوِ بِنَاءُ السُّفْلِ وَيُمْنَعُ صَاحِبُهُ مِنْ السُّكْنَى حَتَّى يُعْطِيَهُ قِيمَتَهُ فَإِذَا أَدَّى إلَيْهِ قِيمَةَ الْبِنَاءِ يَمْلِكُ الْبِنَاءَ عَلَيْهِ وَعَنْ الطَّحَاوِيِّ حَتَّى يُعْطِيَهُ مَا أَنْفَقَ فِي السُّفْلِ وَاسْتَحْسَنَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَقَالُوا: إنْ بَنَى بِأَمْرِ الْقَاضِي رَجَعَ بِمَا أَنْفَقَ وَإِنْ بَنَى بِغَيْرِ أَمْرِهِ رَجَعَ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ ثُمَّ إذَا كَانَ لِصَاحِبِ الْعُلْوِ أَنْ يَمْنَعَ صَاحِبَ السُّفْلِ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِسُفْلِهِ حَتَّى يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَامْتَنَعَ صَاحِبُ السُّفْلِ عَنْ أَدَاءِ الْقِيمَةِ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ

وَإِنْ كَانَ صَاحِبُ السُّفْلِ هُوَ الَّذِي هَدَمَهُ كُلِّفَ إعَادَتَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا هَدَمَ أَجْنَبِيٌّ السُّفْلَ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْبِنَاءِ بَلْ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ.

صَاحِبُ الْعُلْوِ وَالسُّفْلِ إذَا اخْتَصَمَا فِي الْجُذُوعِ السُّفْلَى أَوْ الْحَرَادِيّ وَالْبَوَارِي وَالطِّينِ وَالْأَزَجِ فَهُوَ لِصَاحِبِ السُّفْلِ وَلِصَاحِبِ الْعُلْوِ الْوَطْءُ وَالْقَرَارُ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ تَنَازَعَا فِي السَّقْفِ وَفِي الْحَائِطِ الَّذِي فَوْقَ السَّقْفِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قِيلَ يَكُونُ لِصَاحِبِ السُّفْلِ وَقِيلَ لَا يُحْكَمُ بِالْحَائِطِ لِصَاحِبِ السُّفْلِ وَبِهِ يُفْتَى وَلَوْ كَانَ فِي السُّفْلِ رَوْشَنٌ وَلِصَاحِبِ الْعُلْوِ عَلَيْهِ طَرِيقٌ فَاخْتَصَمَا فِي الرَّوْشَنِ كَانَ لِصَاحِبِ السُّفْلِ وَلِصَاحِبِ الْعُلْوِ عَلَيْهِ طَرِيقٌ وَمُرُورٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

ثَلَاثَةُ نَفَرٍ لِرَجُلٍ سُفْلٌ وَلِلْآخَرِ عَلَيْهِ عُلْوٌ وَلِلْآخَرِ عَلَى الْعُلْوِ عُلْوٌ فَانْهَدَمَ الْكُلُّ فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لِصَاحِبِهِ: السُّفْلُ لَك وَالْعُلْوُ لِي فَإِنْ كَانَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>