للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَتَّى يُعْتَقَ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى يُطَالِبُ الْمَوْلَى فِي الْحَالِ فَيُقَالُ لَهُ: إمَّا أَنْ تَدْفَعَ الْعَبْدَ أَوْ تَفْدِيَهُ، وَإِنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى دَرَاهِمَ أَوْ طَعَامٍ بِعَيْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَافْتَرَقَا مِنْ غَيْرِ قَبْضٍ فَالصُّلْحُ عَلَى حَالِهِ فَإِنْ كَفَلَ عَنْ الْمُكَاتَبِ كَفِيلٌ بِبَدَلِ الصُّلْحِ وَبَدَلُ الصُّلْحِ دَيْنٌ فَالْكَفَالَةُ جَائِزَةٌ. وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الصُّلْحُ عَيْنًا بِأَنْ كَانَ عَبْدًا أَوْ ثَوْبًا بِعَيْنِهِ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ

فَإِنْ كَانَ الَّذِي صَالَحَ بِهِ عَلَيْهِ عَبْدًا وَكَفَلَ بِهِ كَفِيلٌ فَمَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَ كَانَ لِوَلِيِّ الدَّمِ أَنْ يُضَمِّنَ الْكَفِيلَ قِيمَتَهُ فَإِنْ شَاءَ رَجَعَ بِهَذَا الْقِيمَةِ عَلَى الْمُكَاتَبِ وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ قَائِمًا فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

لَوْ أَنَّ مُكَاتَبًا قَتَلَ رَجُلًا عَمْدًا فَقَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ فَصَالَحَ مِنْ دَمِهِ عَلَى مَالٍ إلَى أَجَلٍ كَانَ جَائِزًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

لَوْ أَنَّ الْمُكَاتَبَ صَالَحَ عَنْ الدَّمِ عَلَى مَالٍ مُؤَجَّلِ فِي الذِّمَّةِ وَالْقَتْلُ ثَابِتٌ بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِالْبَيِّنَةِ وَكَفَلَ إنْسَانٌ بِالْبَدَلِ ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ وَرَدَّ فِي الرِّقِّ لَمْ يَكُنْ لِلْمُصَالَحِ أَنْ يَأْخُذَ الْمُكَاتَبَ حَتَّى يُعْتَقَ وَلِلْمُصَالَحِ أَنْ يَأْخُذَ الْكَفِيلَ قَبْلَ عِتْقِ الْمُكَاتَبِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

إذَا قَتَلَ الْمُكَاتَبُ رَجُلًا عَمْدًا وَلَهُ وَلِيَّانِ فَصَالَحَ أَحَدُهُمَا عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ وَأَدَّاهَا إلَيْهِ ثُمَّ عَجَزَ وَرُدَّ فِي الرِّقِّ ثُمَّ جَاءَ الْوَلِيُّ الْآخَرُ فَالْمَوْلَى بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ دَفَعَ نِصْفَهُ إلَى الْمَوْلَى وَإِنْ شَاءَ فَدَاهُ بِنِصْفِ الدِّيَةِ وَإِنْ لَمْ يَعْجَزْ وَلَكِنَّهُ عَتَقَ ثُمَّ جَاءَ الْوَلِيُّ الْآخَرُ فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ عَلَى الْمُكَاتَبِ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ دَيْنًا عَلَيْهِ وَلَوْ عَفَا أَحَدُ الْوَلِيَّيْنِ عَنْ الدَّمِ بِغَيْرِ صُلْحٍ فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَى الْمُكَاتَبِ أَنْ يَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ لِلْآخَرِ فَإِنْ صَالَحَهُ الْآخَرُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى شَيْءٍ بِعَيْنِهِ جَازَ وَلَكِنْ لَا يَجُوزُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَإِنْ صَالَحَهُ عَلَى شَيْءٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَتَفَرَّقَا أَنْ يَقْبِضَ بَطَلَ الصُّلْحُ وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى طَعَامٍ بِعَيْنِهِ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهِ جَازَ، وَكَذَلِكَ الْعَرَضُ وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهِ لَمْ يَجُزْ، بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ صَالَحَ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِهِ مِنْ جِنْسِهِ وَلَوْ كَفَلَ لَهُ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ جَازَ فَإِنْ صَالَحَهُ الْكَفِيلُ عَلَى طَعَامٍ أَوْ ثِيَابٍ جَازَ وَيَرْجِعُ الْكَفِيلُ عَلَى الْمُكَاتَبِ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ وَلَوْ أَعْطَاهُ الْمُكَاتَبُ رَهْنًا بِنِصْفِ الْقِيمَةِ فَهَلَكَ الرَّهْنُ وَفِيهِ وَفَاءٌ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ فَهُوَ بِمَا فِيهِ وَإِنْ كَانَ لِقِيمَتِهِ فَضْلٌ بَطَلَ الْفَضْلُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ الثَّالِث عَشَرَ فِي الصُّلْحِ فِي الْعَطَاءِ]

(الْبَابُ الثَّالِثَ عَشَرَ فِي الصُّلْحِ فِي الْعَطَاءِ) إذَا كَانَ فِي الدِّيوَانِ عَطَاءٌ مَكْتُوبٌ بِاسْمِ رَجُلٍ فَنَازَعَهُ فِيهِ آخَرُ وَادَّعَى أَنَّهُ لَهُ فَصَالَحَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ إلَى أَجَلٍ فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ وَكَذَلِكَ لَوْ صَالَحَهُ عَلَى شَيْءٍ بِعَيْنِهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

لَهُ عَطَاءٌ فِي الدِّيوَانِ مَاتَ عَنْ ابْنَيْنِ فَاصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَكْتُبَ فِي الدِّيوَانِ بِاسْمِ أَحَدِهِمَا وَيَأْخُذَ الْعَطَاءَ وَالْآخَرُ لَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الْعَطَاءِ وَيَبْذُلُ لَهُ مَنْ كَانَ لَهُ الْعَطَاءُ مَالًا مَعْلُومًا فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ وَيَرُدُّ بَدَلَ الصُّلْحِ وَالْعَطَاءُ لِلَّذِي جَعَلَ الْإِمَامُ الْعَطَاءَ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.

إذَا مَاتَتْ الْمَرْأَةُ فَتَنَازَعَ رَجُلَانِ فِي عَطَائِهَا وَادَّعَى كُلٌّ مِنْهَا أَنَّهَا أُمُّهُ أَوْ أُخْتُهُ فَاصْطَلَحَا عَلَى أَنْ كُتِبَ الْعَطَاءُ لِأَحَدِهِمَا بِاسْمِ الْآخَرِ عَلَى أَنْ أَعْطَاهُ الْآخَرُ عَلَى ذَلِكَ جُعْلًا فَالْعَطَاءُ لِصَاحِبِ الِاسْمِ وَيَرْجِعُ فِيمَا أَعْطَى صَاحِبُهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يُكْتَبَ الْعَطَاءُ بِاسْمِ أَحَدِهِمَا عَلَى أَنَّ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَهَذَا بَاطِلٌ وَهُوَ لِصَاحِبِ الِاسْمِ وَلَوْ كَانَ لِلْمَرْأَةِ ابْنٌ فَاكْتَتَبَ أَخُوهَا عَلَى عَطَائِهَا فَخَاصَمَهُ ابْنُهَا فَصَالَحَ الْأَخُ عَلَى دَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ أَوْ عَرَضٍ بِعَيْنِهِ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ الْعَطَاءَ لِلْأَخِ لَمْ يَجُزْ مَا أَخَذَ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَمَا خَرَجَ مِنْ الْعَطَاءِ وَالرِّزْقِ فَهُوَ لِلَّذِي ثَبَتَ اسْمُهُ فِي الدِّيوَانِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الَّذِي كُتِبَ اسْمُهُ أَجْنَبِيًّا لَيْسَ بَيْنَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>