للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى الْمِائَةِ وَيُقْضَى لَهُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ ادَّعَى الْمُضَارِبُ أَنَّهُ شَرَطَ مِائَةً وَخَمْسِينَ وَشَهِدَ لَهُ شَاهِدٌ بِهَا وَشَاهِدٌ بِمِائَةٍ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَمَنْ دَفَعَ إلَى رَجُلَيْنِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً فَعَمِلَا بِهِ وَرَبِحَا رِبْحًا فَادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّ رَبَّ الْمَالِ شَرَطَ لَهُمَا نِصْفَ الرِّبْحِ وَادَّعَى الْمُضَارِبُ الْآخَرُ أَنَّهُ شَرَطَ لَهُمَا ثُلُثَ الرِّبْحِ وَادَّعَى رَبُّ الْمَالِ أَنَّهُ شَرَطَ لَهُمَا مِائَةً مِنْ الرِّبْحِ حَتَّى كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ رَبِّ الْمَالِ، فَإِنْ أَقَامَا شَاهِدَيْنِ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِنِصْفِ الرِّبْحِ وَالْآخَرُ بِثُلُثِ الرِّبْحِ فَإِنَّ قِيَاسَ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ وَيَكُونُ لَهُمَا أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِمَا بِإِقْرَارِ رَبِّ الْمَالِ كَمَا لَوْ لَمْ يُقِيمَا الْبَيِّنَةَ أَصْلًا، وَأَمَّا فِي قَوْلِهِمَا فَاَلَّذِي ادَّعَى النِّصْفَ يَكُونُ لَهُ سُدُسُ الرِّبْحِ وَلَيْسَ لَهُ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ وَاَلَّذِي يَدَّعِي الثُّلُثَ لَهُ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ بِإِقْرَارِ رَبِّ الْمَالِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ الثَّامِن عَشَرَ فِي عَزْلِ الْمُضَارِبِ وَامْتِنَاعِهِ عَنْ التَّقَاضِي]

(الْبَابُ الثَّامِنَ عَشَرَ فِي عَزْلِ الْمُضَارِبِ وَامْتِنَاعِهِ عَنْ التَّقَاضِي) تَبْطُلُ الْمُضَارَبَةُ بِمَوْتِ رَبِّ الْمَالِ عَلِمَ الضَّارِبُ بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى لَا يَمْلِكُ الشِّرَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ وَلَا يَمْلِكُ السَّفَرَ، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَتَبْطُلُ بِجُنُونِ أَحَدِهِمَا إذَا كَانَ مُطْبِقًا، وَلَوْ ارْتَدَّ رَبُّ الْمَالِ فَبَاعَ الْمُضَارِبُ وَاشْتَرَى بِالْمَالِ بَعْدَ الرِّدَّةِ فَذَلِكَ كُلُّهُ مَوْقُوفٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ رَجَعَ إلَى الْإِسْلَامِ بَعْدَ ذَلِكَ نَفَّذَ ذَلِكَ وَالْتَحَقَتْ رِدَّتُهُ بِالْعَدَمِ فِي جَمِيعِ أَحْكَامِ الْمُضَارَبَةِ، وَكَذَلِكَ إنْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ عَادَ مُسْلِمًا قَبْلَ أَنْ يُحْكَمَ بِلَحَاقِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي شَرَطَ حُكْمَ الْحَاكِمِ لِلْحُكْمِ بِمَوْتِهِ وَصَيْرُورَتِهِ مِيرَاثًا، فَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ عَلَى الرِّدَّةِ أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَقَضَى الْقَاضِي بِلَحَاقِهِ بَطَلَتْ الْمُضَارَبَةُ مِنْ يَوْمِ ارْتَدَّ عَلَى أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

وَإِذَا دَفَعَ إلَى رَجُلٍ مَالَ الْمُضَارَبَةِ بِالنِّصْفِ فَارْتَدَّ الْمُضَارِبُ أَوْ دَفَعَهُ إلَيْهِ بَعْدَمَا ارْتَدَّ ثُمَّ اشْتَرَى وَبَاعَ فَرَبِحَ وَوَضَعَ ثُمَّ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ أَوْ مَاتَ أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ جَازَ جَمِيعُ مَا فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا وَالْعُهْدَةُ فِي جَمِيعِ مَا بَاعَ وَاشْتَرَى عَلَى رَبِّ الْمَالِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى: حَالُهُ فِي التَّصَرُّفِ بَعْدَ الرِّدَّةِ كَحَالِهِ قَبْلَ الرِّدَّةِ فَالْعُهْدَةُ عَلَيْهِ وَيَرْجِع بِذَلِكَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ

وَلَوْ مَاتَ الْمُضَارِبُ أَوْ قُتِلَ أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ بَطَلَتْ الْمُضَارَبَةُ، فَإِنْ لَحِقَ وَبَاعَ وَاشْتَرَى هُنَاكَ ثُمَّ رَجَعَ مُسْلِمًا فَلَهُ جَمِيعُ مَا اشْتَرَى وَبَاعَ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَأَمَّا ارْتِدَادُ الْمَرْأَةِ وَعَدَمُ ارْتِدَادِهَا فَسَوَاءٌ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا كَانَ الْمَالُ لَهَا أَوْ كَانَتْ هِيَ الْعَامِلَةَ، وَالْمُضَارَبَةُ صَحِيحَةٌ عَلَى حَالِهَا حَتَّى تَمُوتَ أَوْ تَلْحَقَ، كَذَا فِي الْحَاوِي.

فَإِنْ عَزَلَ رَبُّ الْمَالِ الْمُضَارِبَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِعَزْلِهِ حَتَّى اشْتَرَى وَبَاعَ فَتَصَرُّفُهُ جَائِزٌ وَيَنْعَزِلُ بِعِلْمِهِ بِعَزْلِهِ، وَإِنْ عَلِمَ بِعَزْلِهِ وَالْمَالُ عُرُوضٌ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهَا وَلَا يَمْنَعُهُ الْعَزْلُ عَنْ ذَلِكَ ثُمَّ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِثَمَنِهَا شَيْئًا آخَرَ، وَلَوْ كَانَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ مِنْ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ بِأَنْ كَانَ دَرَاهِمَ وَرَأْسُ الْمَالِ دَنَانِيرَ، أَوْ بِالْعَكْسِ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا بِجِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ اسْتِحْسَانًا وَعَلَى هَذَا مَوْتُ رَبِّ الْمَالِ وَلُحُوقُهُ بَعْدَ الرِّدَّةِ فِي بَيْعِ الْعُرُوضِ وَنَحْوِهَا، كَذَا فِي الْكَافِي.

فَإِنْ كَانَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ فُلُوسًا فَنَهَاهُ رَبُّ الْمَالِ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا لَوْ كَانَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ دَنَانِيرَ وَرَأْسُ الْمَالِ دَرَاهِمَ يُعْمَلُ نَهْيُهُ عَنْ الشِّرَاءِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ حَتَّى لَوْ اشْتَرَى بِالْفُلُوسِ عَرْضًا لَمْ يَجُزْ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَلَا يُعْمَلُ نَهْيُهُ عَمَّا هُوَ بَيْعٌ مِنْ وَجْهٍ وَشِرَاءٌ مِنْ وَجْهٍ حَتَّى لَوْ بَاعَ الْفُلُوسَ بِالدَّرَاهِمِ يَجُوزُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

لَوْ تَصَرَّفَ الْمُضَارِبُ وَصَارَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ دَيْنًا عَلَى النَّاسِ وَامْتَنَعَ الْمُضَارِبُ عَنْ التَّقَاضِي، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ رِبْحٌ كَانَ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ التَّقَاضِي، وَيُقَالُ لَهُ أَحِلْ رَبَّ الْمَالِ عَلَى الْغُرَمَاءِ أَيْ وَكِّلْهُ، وَإِنْ كَانَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ التَّقَاضِي بَلْ يُؤْمَرُ بِالتَّقَاضِي لِيَصِيرَ الْمَالُ نَاضًّا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَعَلَى هَذَا كُلُّ وَكِيلٍ بِالْبَيْعِ إذَا امْتَنَعَ عَنْ التَّقَاضِي لَا يُجْبَرُ عَلَى التَّقَاضِي وَلَكِنْ يُجْبَرُ عَلَى أَنْ يُحِيلَ رَبَّ الْمَالِ بِالثَّمَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَكَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>