للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَشْهَدَ قَبْلَ الْعَمَلِ، وَلَوْ قَالَ: اسْتَقْرَضْتُ، لَا يُصَدَّقُ حَتَّى يَشْهَدَ قَبْلَهُ إنْ كَانَ فِيهِ رِبْحٌ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ وَضِيعَةٌ ضَمِنَ، وَكَذَلِكَ لَوْ دَفَعَهُ إلَى رَجُلٍ عَمِلَ بِهِ، ثُمَّ قَالَ: دَفَعْتُهُ قَرْضًا عَلَيْهِ، أَوْ قَالَ: قَرْضًا عَلَيَّ، فَصَدَّقَهُ الرَّجُلُ، وَلَوْ قَالَ: دَفَعْتُهُ مُضَارَبَةً أَوْ بِضَاعَةً، وَصَدَّقَهُ الرَّجُلُ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ وَضِيعَةٌ فَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ رِبْحٌ يَكُونُ كُلُّهُ لِلْيَتِيمِ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ قَبْلَ الدَّفْعِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْمُضَارَبَةُ دَنَانِيرَ فَأَوْدَعَهَا الْمُضَارِبُ عِنْدَ صَيْرَفِيٍّ فَخَلَطَهَا الصَّيْرَفِيُّ بِمَالِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ ثُمَّ اشْتَرَى الْمُضَارِبُ مَتَاعًا بِدَنَانِيرَ فَهُوَ مُخَالِفٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ دَفَعَ إلَى عَبْدٍ مَالًا مُضَارَبَةً وَالْعَبْدُ مَأْذُونٌ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَاشْتَرَى نَفْسَهُ بِالْمُضَارَبَةِ جَازَ وَصَارَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ وَيُبَاعُ، وَرَأْسُ الْمَالِ لِرَبِّ الْمَالِ، وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى نَفْسَهُ وَابْنَهُ وَامْرَأَتَهُ بِالْمُضَارَبَةِ عَلَى الْمُضَارَبَة، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ.

فِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ دَفَعَ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَاشْتَرَى الْمُضَارِبُ بِهِ جَارِيَةً وَبَاعَهَا مِنْ رَبِّ الْمَالِ بِأَلْفَيْنِ ثُمَّ إنَّ الْمُضَارِبَ اشْتَرَاهَا مِنْهُ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَمِائَةٍ فَالْجَارِيَةُ عَلَى الْمُضَارِبِ وَلَا يَكُونُ هَذَا نَقْضًا لِلْمُضَارَبَةِ وَلِلْمُضَارِبِ فِيهَا مِائَةٌ خَاصَّةٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ اشْتَرَى وَبَاعَ بِأَلْفِ الْمُضَارَبَةِ حَتَّى صَارَ فِي يَدِهِ أَلْفَا دِرْهَمٍ فَاشْتَرَى بِهِمَا جَارِيَةً وَقَبَضَهَا ثُمَّ بَاعَهَا بِأَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ نَسِيئَةً سَنَةً، وَقِيمَتُهَا يَوْمَ بَاعَهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ أَوْ أَكْثَرُ وَأَقَلُّ فَدَفَعَهَا إلَى الْمُشْتَرِي ثُمَّ هَلَكَ الْأَلْفَانِ الْأَوَّلَانِ قَبْلَ أَنْ يَنْقُدَهُمَا بَائِعُ الْجَارِيَةِ الْأُولَى فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ عَلَى رَبِّ الْمَالِ فَيُؤَدِّيهَا مَعَ خَمْسِمِائَةٍ مِنْ مَالِهِ إلَى بَائِعِ الْجَارِيَةِ، فَإِذَا خَرَجَتْ الْأَرْبَعَةُ الْآلَافُ كَانَ لِلْمُضَارِبِ رُبُعُهَا مِنْ غَيْرِ الْمُضَارَبَةِ وَيَأْخُذُ رَبُّ الْمَالِ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْأَرْبَاعِ رَأْسَ مَالِهِ أَلْفَيْنِ وَخَمْسَمِائَةٍ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

اشْتَرَى بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ جَارِيَةً تُسَاوِي أَلْفَيْنِ فَحَالَ الْحَوْلُ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ فَعَلَى رَبِّ الْمَالِ زَكَاةُ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الْجَارِيَةِ وَعَلَى الْمُضَارِبِ زَكَاةُ الرُّبُعِ، وَإِنْ كَانَ اشْتَرَى جَارِيَتَيْنِ كُلُّ وَاحِدَةٍ تُسَاوِي أَلْفًا فَعَلَى رَبِّ الْمَالِ زَكَاةُ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الْجَارِيَتَيْنِ وَلَا زَكَاةَ عَلَى الْمُضَارِبِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خَاصَّةً، وَلَوْ اشْتَرَى بِهَا جَارِيَةً تُسَاوِي أَلْفَيْنِ فَنَقَصَتْ مِنْ عَيْبٍ أَوْ سِعْرٍ حَتَّى صَارَتْ تُسَاوِي أَلْفًا ثُمَّ ازْدَادَتْ فَحَالَ الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ اُشْتُرِيَتْ وَهِيَ تُسَاوِي أَلْفَيْنِ فَلَا زَكَاةَ عَلَى الْمُضَارِبِ وَعَلَى رَبِّ الْمَالِ زَكَاةُ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهَا، وَلَوْ صَارَتْ قِيمَتُهَا فَوْقَ الْأَلْفِ فَعَلَيْهِمَا الزَّكَاةُ، وَلَوْ اشْتَرَى بِهَا حِنْطَةً وَشَعِيرًا وَإِبِلًا وَغَنَمًا كُلُّ جِنْسٍ يُسَاوِي أَلْفًا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمُضَارِبِ زَكَاةٌ، وَلَوْ كَانَ جِنْسًا وَاحِدًا يَجِبُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

إذَا أَرَادَ رَبُّ الْمَالِ أَنْ يَكُونَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ دَيْنًا عَلَى الْمُضَارِبِ وَتَحْصُلُ لَهُ مَنْفَعَةُ الِاسْتِرْبَاحِ، قَالُوا: يُفْرَضُ الْمَالُ مِنْ الْمُضَارِبِ وَيُسَلَّمُ إلَيْهِ ثُمَّ يَأْخُذُ مِنْهُ مُضَارَبَةً ثُمَّ يُبْضِعُ الْمُضَارِبُ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَعْمَلُ فِيهِ الْمُضَارِبُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

إذَا دَفَعَ الرَّجُلُ مَالَ ابْنِهِ الصَّغِيرِ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ أَوْ بِأَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فَهُوَ جَائِزٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَخَذَهُ لِنَفْسِهِ مُضَارَبَةً، وَلَوْ أَخَذَ الْأَبُ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ مَالَ رَجُلٍ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ بِهِ الْأَبُ لِلِابْنِ فَعَمِلَ بِهِ الْأَبُ فَرَبِحَ فَالرِّبْحُ بَيْنَ رَبِّ الْمَالِ وَالْأَبِ نِصْفَانِ وَلَا شَيْءَ لِلِابْنِ مِنْ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ مِثْلُهُ يَشْتَرِي وَيَبِيعُ فَأَخَذَهُ الْأَبُ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ الْغُلَامُ وَيَبِيعَ، وَالرِّبْحُ نِصْفَانِ فَالْمُضَارَبَةُ جَائِزَةٌ وَالرِّبْحُ بَيْنَ رَبِّ الْمَالِ وَالِابْنِ نِصْفَانِ، وَكَذَلِكَ لَوْ عَمِلَ بِهِ الْأَبُ لِلِابْنِ بِأَمْرِهِ، وَإِنْ كَانَ الِابْنُ لَمْ يَأْمُرْهُ بِالْعَمَلِ فَهُوَ ضَامِنٌ لِلْمَالِ، وَالرِّبْحُ لَهُ يَتَصَدَّقُ بِهِ، وَالْوَصِيُّ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَإِذَا بَاعَ رَبُّ الْمَالِ مَالَ الْمُضَارَبَةِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ أَوْ أَكْثَرَ جَازَ، فَإِنْ بَاعَ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ لَا يَجُوزُ سَوَاءٌ كَانَ بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ أَوْ لَا يَتَغَابَنُ إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الْمُضَارِبُ، وَكَذَا إذَا كَانَ الْمُضَارِبُ اثْنَيْنِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا بِإِذْنِ رَبِّ الْمَالِ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِمِثْلِ الْقِيمَةِ أَوْ أَكْثَرَ إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الْمُضَارِبُ الْآخَرُ، كَذَا فِي الْحَاوِي.

مُضَارِبٌ نَزَلَ خَانًا مَعَ ثَلَاثَةٍ مِنْ رُفَقَائِهِ فَخَرَجَ الْمُضَارِبُ مَعَ اثْنَيْنِ مِنْهُمْ وَبَقِيَ الرَّابِعُ فِي الْحُجْرَةِ ثُمَّ خَرَجَ الرَّابِعُ وَتَرَكَ الْبَابَ غَيْرَ مُغْلَقٍ وَهَلَكَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ، قَالُوا: إنْ كَانَ الرَّابِعُ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ فِي حِفْظِ الْمَتَاعِ لَا يَضْمَنُ الْمُضَارِبُ وَيَضْمَنُ الرَّابِعُ، وَإِنْ كَانَ لَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ يَضْمَنُ الْمُضَارِبُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَإِذَا دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً عَلَى أَنَّ مَا يَشْتَرِي بِهِ مِنْ الْهَرَوِيِّ خَاصَّةً فَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَمَا يَشْتَرِي بِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>