للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سُئِلَ نَجْمُ الدِّينِ النَّسَفِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ رَجُلٍ أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ تُرْكِسْتَانَ إلَى سَمَرْقَنْدَ فَأَبْضَعَهُ رَجُلٌ مَالًا لِيَشْتَرِيَ لَهُ شَيْئًا فَذَهَبَ وَاشْتَرَى ثُمَّ لَمْ يَتَهَيَّأْ لِلرُّجُوعِ عَنْ سُرْعَةٍ فَبَعَثَ مَالَ الْبِضَاعَةِ مَعَ بَعْضِ أَمْوَالِهِ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ إلَى تُرْكِسْتَانَ لِيُوصِلَهُ إلَى صَاحِبِ الْبِضَاعَةِ فَلَمَّا نَزَلَ بَلْدَةً فِي الطَّرِيقِ أَخَذَ وَالِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ هَذَا الْمَالَ ظُلْمًا مِنْهُ، هَلْ يَضْمَنُ الْمُسْتَبْضِعُ؟ قَالَ: نَعَمْ، كَذَا فِي فُصُولِ الْأُسْرُوشُنِيِّ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ فِي أَنْوَاعِ الضَّمَانَاتِ الْوَاجِبَةِ.

رَجُلٌ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَتَرَكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَتَرَكَ ابْنًا، فَقَالَ الِابْنُ: هَذَا الْأَلْفُ وَدِيعَةً كَانَ عِنْدَ أَبِي لِفُلَانٍ، وَجَاءَ فُلَانٌ يَدَّعِي ذَلِكَ وَصَدَّقَهُ غُرَمَاءُ الْمَيِّتِ فِي ذَلِكَ وَقَالُوا: الْأَلْفُ لِفُلَانٍ، فَإِنَّ الْقَاضِي يَقْضِي لِلْغُرَمَاءِ بِالْأَلْفِ قَضَاءً عَنْ الْمَيِّتِ وَلَا يَجْعَلُهُ لِمُدَّعِي الْوَدِيعَةِ لَكِنَّ الْقَاضِيَ إذَا قَضَى دُيُونَ الْغُرَمَاءِ يَرْجِعُ الْمُودِعُ إلَيْهِمْ فَيَأْخُذَهَا مِنْهُمْ بِإِقْرَارِهِمْ أَنَّهَا لَهُ، وَالْجَوَابُ فِي الْمُضَارَبَةِ وَالْبِضَاعَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَالْإِجَارَةِ وَالرَّهْنِ كَالْوَدِيعَةِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.

إذَا أَوْدَعَ وَغَابَ فَأَقَامَ ابْنُهُ بَيِّنَةً أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ وَأَخَذَ الْوَدِيعَةَ ثُمَّ جَاءَ أَبُوهُ حَيًّا يَضْمَنُ الِابْنُ أَوْ الشَّاهِدَيْنِ وَلَا يَضْمَنُ الْمُودَعُ، وَلَوْ كَانَ غَصْبًا يَضْمَنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.

رَجُلٌ غَابَ فَجَاءَتْ امْرَأَتُهُ إلَى الْقَاضِي وَأَحْضَرَتْ وَالِدَ زَوْجِهَا وَادَّعَتْ أَنَّ لِلْغَائِبِ وَدِيعَةً فِي يَدِ أَبِيهِ وَطَلَبَتْ النَّفَقَةَ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ، قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ: إنْ كَانَ فِي يَدِ وَالِدِ الزَّوْجِ دَرَاهِمُ أَوْ مَا يَصْلُحُ لِنَفَقَةِ الزَّوْجَاتِ مِنْ الطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ وَالْأَبُ مُقِرٌّ بِأَنَّ ذَلِكَ فِي يَدِهِ كَانَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُطَالِبَهُ وَلِلْقَاضِي أَنْ يَأْمُرَهُ بِدَفْعِ ذَلِكَ إلَيْهَا، وَلَيْسَ لِلْأَبِ أَنْ يَدْفَعَ ذَلِكَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي، فَإِنْ دَفَعَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ كَانَ ضَامِنًا، وَإِنْ أَنْكَرَ الْأَبُ كَوْنَ ذَلِكَ الْمَالِ فِي يَدِهِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَلَا يَمِينَ لَهَا عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْوَدِيعَةُ مِمَّا يَصْلُحُ لِنَفَقَةِ الزَّوْجَاتِ فَلَا خُصُومَةَ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ كَانَ لِلْغَائِبِ دَيْنٌ عَلَى رَجُلٍ وَالْغَرِيمُ مُقِرٌّ بِالْمَالِ وَالنِّكَاحِ فَالدَّيْنُ بِمَنْزِلَةِ الْوَدِيعَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

رَجُلٌ أَوْدَعَ عِنْدَ رَجُلٍ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ فَأَنْفَقَ ثَلَاثَمِائَةٍ وَرَدَّ مِائَتَيْنِ وَحَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَحْبِسْ شَيْئًا مِنْ الْوَدِيعَةِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

وَإِنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ أَمَةً فَوَطِئَهَا الْمُودَعُ فَوَلَدَتْ فَالْوَلَدُ مَمْلُوكٌ لِصَاحِبِ الْأَصْلِ وَعَلَى الْمُودَعِ الْحَدُّ وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ شُبْهَةَ نِكَاحٍ أَوْ شِرَاءٍ فَحِينَئِذٍ يَسْقُطُ الْحَدُّ عَنْهُ وَيَغْرَمُ الْعُقْرَ لِلشُّبْهَةِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَلَوْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ جَارِيَةً فَزَوَّجَهَا الْمُسْتَوْدَعُ فَالنِّكَاحُ فَاسِدٌ، وَلَوْ دَخَلَ بِهَا فَالْعُقْرُ لِصَاحِبِهَا، وَلَوْ اكْتَرَاهَا فَالْكِرَاءُ لَهُ فَلَوْ رَدَّهَا الْمُسْتَوْدَعُ ثُمَّ اسْتَحَقَّتْ لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

فَإِنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ جَارِيَةً فَزَوَّجَهَا الْمُسْتَوْدَعُ مِنْ رَجُلٍ وَأَخَذَ عُقْرَهَا فَوَلَدَتْ وَنَقَصَتْهَا الْوِلَادَةُ ثُمَّ جَاءَ سَيِّدُهَا لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا وَوَلَدَهَا وَلَهُ أَنْ يُفْسِدَ النِّكَاحَ وَإِذَا فَسَدَ النِّكَاحُ أَخَذَ عُقْرَهَا وَيَضْمَنُ الْمُسْتَوْدَعُ نُقْصَانَ الْوِلَادَةِ إنْ كَانَتْ نَقَصَتْهَا وَلَمْ يَكُنْ فِي الْوَلَدِ وَفَاءٌ بِهَا، وَإِنْ كَانَ فِي الْوَلَدِ وَفَاءٌ بِهَا انْجَبَرَ النُّقْصَانُ بِالْوَلَدِ، وَإِنْ كَانَ نُقْصَانُهَا مِنْ غَيْرِ الْوِلَادَةِ مِنْ شَيْءٍ أَحْدَثَهُ الزَّوْجُ مِنْ جِمَاعِهَا فَالْمُسْتَوْدَعُ ضَامِنٌ لِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَوْدَعُ اسْتَهْلَكَ الْوَلَدَ ضَمِنَ قِيمَةَ الْوَلَدِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

الْمُودَعُ إذَا بَاعَ الْوَدِيعَةَ وَسَلَّمَهَا إلَى الْمُشْتَرِي وَضَمَّنَ الْمَالِكُ الْمُودَعَ نَفَذَ بَيْعُهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

الْوَدِيعَةُ إذَا كَانَتْ سَيْفًا فَأَرَادَ الْمُودِعُ أَخْذَهُ لِيَضْرِبَ بِهِ رَجُلًا بِغَيْرِ حَقٍّ وَتَحَقَّقَ ذَلِكَ لِلْمُودَعِ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ الرَّدِّ إلَيْهِ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ

سُئِلَ الْقَاضِي بَدِيعُ الدِّينِ عَمَّنْ أَوْدَعَ عِنْدَ رَجُلٍ خَطَّ قَبَالَةٍ وَمَاتَ الْمُودِعُ، هَلْ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يَطْلُبُوا ذَلِكَ الْخَطَّ؟ قَالَ: يَجْبُرُهُ الْقَاضِي بِتَسْلِيمِ الْخَطِّ إلَيْهِمْ. أَوْدَعَ صَكًّا وَعَرَّفَ أَدَاءَ بَعْضِ الْحَقِّ وَمَاتَ الطَّالِبُ وَأَنْكَرَتْ الْوَرَثَةُ قَبْضَ الدَّيْنِ حَبَسَ الْمُودَعُ الصَّكَّ أَبَدًا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

وَسُئِلَ أَبُو بَكْرٍ عَمَّنْ خَاصَمَ آخَرَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ ثُمَّ أَخْرَجَ الْمُدَّعِي عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَوَضَعَهُ فِي يَدِ إنْسَانٍ حَتَّى يَأْتِيَ الْمُدَّعِي بِالْبَيِّنَةِ فَلَمْ يَأْتِ بِالْبَيِّنَةِ وَاسْتَرَدَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّرَاهِمَ فَأَبَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ ثُمَّ أَغَارُوا عَلَى النَّاحِيَةِ وَذَهَبُوا بِالْأَلْفِ، هَلْ يَضْمَنُ؟ قَالَ: إنْ وَضَعَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ عِنْدَهُ فَلَا يَضْمَنُ إذْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ إلَى أَحَدِهِمَا، وَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الْمَالِ وَضَعَهُ يَضْمَنُ بِالْمَنْعِ عَنْهُ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى.

رَجُلٌ كَانَ لَهُ عِنْدَ رَجُلٍ وَدِيعَةٌ، فَقَالَ الْمُودَعُ لِرَبِّ الْوَدِيعَةِ: دَفَعْتُ الْوَدِيعَةَ إلَيْكَ بِمَكَّةَ يَوْمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>