للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ قَالَ: دَارِي لَكَ نُحْلَى سُكْنَى أَوْ سُكْنَى صَدَقَةً أَوْ صَدَقَةً عَارِيَّةٌ أَوْ عَارِيَّةٍ هِبَةً فَهَذَا كُلُّهُ عَارِيَّةٌ، كَذَا فِي الْكَافِي فِي كِتَابِ الْهِبَةِ.

وَلَوْ قَالَ: دَارِي لَكَ رُقْبَى أَوْ حَبْسٌ فَهُوَ عَارِيَّةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هِبَةٌ، وَقَوْلُهُ رُقْبَى أَوْ حَبْسٌ بَاطِلٌ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

وَلَوْ قَالَ: دَارِي رُقْبَى لَكَ أَوْ حَبْسٌ لَكَ، كَانَتْ عَارِيَّةً بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ فِي الْهِبَةِ.

وَدَفَعْتُ إلَيْكَ هَذَا الْحِمَارَ لِتَسْتَعْمِلَهُ وَتَعْلِفَهُ مِنْ عِنْدِكَ فَهُوَ إعَارَةٌ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.

وَقَوْلُهُ أَطْعَمْتُكَ هَذِهِ الْجَزُورَ عَارِيَّةً إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْهِبَةَ، كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ.

إذَا قَالَ لِآخَرَ: آجَرْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ شَهْرًا بِغَيْرِ شَيْءٍ أَوْ لَمْ يَقُلْ شَهْرًا لَا يَكُونُ عَارِيَّةً، وَفِي هِبَةِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ: وَقَدْ قِيلَ خِلَافُهُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

رَجُلٌ اسْتَعَارَ مِنْ رَجُلٍ شَيْئًا فَسَكَتَ الْمَالِكُ، ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ أَنَّ الْإِعَارَةَ لَا تَثْبُتُ بِالسُّكُوتِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

وَإِذَا اسْتَعَارَ أَرْضًا لِيَبْنِيَ وَيَسْكُنَ، وَإِذَا خَرَجَ فَالْبِنَاءُ لِرَبِّ الْأَرْضِ فَلِرَبِّ الْأَرْضِ أَجْرُ مِثْلِهَا مِقْدَارَ السُّكْنَى وَالْبِنَاءُ لِلْمُسْتَعِيرِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

اسْتَعَارَ دَابَّةً غَدًا إلَى اللَّيْلِ فَأَجَابَهُ صَاحِبُ الدَّابَّةِ بِنَعَمْ ثُمَّ اسْتَعَارَهَا غَدًا آخَرُ إلَى اللَّيْلِ فَأَجَابَهُ بِنَعَمْ فَإِنَّ الْحَقَّ يَكُونُ لِلسَّابِقِ مِنْهُمَا، وَإِنْ اسْتَعَارَا مَعًا فَهِيَ لَهُمَا جَمِيعًا، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ الثَّالِثُ التَّصَرُّفَات الَّتِي يَمْلِكُهَا الْمُسْتَعِيرُ فِي الْمُسْتَعَارِ]

(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي يَمْلِكُهَا الْمُسْتَعِيرُ فِي الْمُسْتَعَارِ وَاَلَّتِي لَا يَمْلِكُهَا) . لَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُؤَاجِرَ الْمُسْتَعَارَ مِنْ غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَتْ الْإِعَارَةُ تَمْلِيكًا عِنْدَنَا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

فَإِنْ آجَرَ فَعَطِبَ ضَمِنَ حِينَ سَلَّمَهُ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ، كَذَا فِي الْكَافِي.

وَكَانَ الْأَجْرُ لَهُ وَيَتَصَدَّقُ بِهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَإِنْ شَاءَ الْمُعِيرُ ضَمَّنَ الْمُسْتَأْجِرَ، فَإِنْ ضَمَّنَ الْمُسْتَعِيرَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَإِنْ ضَمَّنَ الْمُسْتَأْجِرَ يَرْجِعُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ كَانَ عَارِيَّةً فِي يَدِهِ، وَإِنْ عَلِمَ بِكَوْنِهِ عَارِيَّةً فِي يَدِهِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَا يَرْهَنُ كَالْوَدِيعَةِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي الْإِيدَاعِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَمْلِكُ الْإِيدَاعِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، هَكَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ لَهُ أَنْ يُودِعَ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَهَذَا الِاخْتِلَافُ بَيْنَهُمْ فِيمَا يَمْلِكُ الْإِعَارَةَ، أَمَّا فِيمَا لَا يَمْلِكُ الْإِعَارَةَ لَا يَمْلِكُ الْإِيدَاعَ بِالِاتِّفَاقِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَلَهُ أَنْ يُعِيرَ غَيْرَهُ سَوَاءٌ كَانَ شَيْئًا يَتَفَاوَتُ النَّاسُ فِي الِانْتِفَاعِ بِهِ أَوْ لَا يَتَفَاوَتُونَ إذَا كَانَتْ الْإِعَارَةُ مُطْلَقَةً لَمْ يُشْتَرَطْ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ الِانْتِفَاعُ بِهَا بِنَفْسِهِ، فَأَمَّا إذَا شَرَطَ عَلَيْهِ ذَلِكَ فَلَهُ أَنْ يُعِيرَ مَا لَا يَتَفَاوَتُ النَّاسُ فِي الِانْتِفَاعِ بِهِ دُونَ مَا يَتَفَاوَتُونَ فِيهِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. مِثَالُ هَذَا اسْتَعَارَ مِنْ آخَرَ ثَوْبًا لِيَلْبَسَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا بِنَفْسِهِ فَلَيْسَ لَهُ إلْبَاسُ غَيْرِهِ وَإِرْكَابُ غَيْرِهِ، وَلَوْ اسْتَعَارَ دَارًا لِيَسْكُنَهَا بِنَفْسِهِ فَلَهُ أَنْ يُسْكِنَهَا مَنْ شَاءَ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

وَلَوْ اسْتَعَارَ ثَوْبًا لِلُّبْسِ وَلَمْ يُسَمِّ اللَّابِسَ أَوْ دَابَّةً لِلرُّكُوبِ وَلَمْ يُسَمِّ الرَّاكِبَ فَلَهُ إلْبَاسُ غَيْرِهِ أَوْ إرْكَابُ غَيْرِهِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

فَإِنْ لَبِسَ أَوْ رَكِبَ بِنَفْسِهِ فَأَرَادَ أَنْ يُعِيرَ غَيْرَهُ أَوْ أَلْبَسَ غَيْرَهُ أَوْ أَرْكَبَ غَيْرَهُ أَوَّلًا ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَرْكَبَ أَوْ يَلْبَسَ بِنَفْسِهِ فَقَدْ اخْتَلَفُوا فِيهِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ، وَلَوْ فَعَلَهُ ضَمِنَ، كَذَا فِي الْكَافِي.

اسْتَعَارَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا بِنَفْسِهِ فَرَكِبَهَا وَأَرْدَفَ غَيْرَهُ فَعَطِبَتْ يَضْمَنُ نِصْفَ الْقِيمَةِ، كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. هَذَا إذَا أَرْدَفَ رَجُلًا، فَإِنْ أَرْدَفَ صَبِيًّا يَضْمَنُ قَدْرَ الثِّقَلِ هَذَا إذَا كَانَتْ الدَّابَّةُ تُطِيقُ حَمْلَهُمَا، فَإِنْ كَانَتْ لَا تُطِيقُ يَضْمَنُ جَمِيعَ الْقِيمَةِ، كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ.

لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَرْبِطَ الدَّابَّةَ فِي الدَّارِ الْمُسْتَعَارَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

اسْتَعَارَ كِتَابًا لِلْقِرَاءَةِ فَوَجَدَ فِي الْكِتَابِ خَطَأً إنْ عَلِمَ أَنَّ صَاحِبَ الْكِتَابِ يَكْرَهُ إصْلَاحَهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُصْلِحَهُ، وَإِلَّا فَإِنْ أَصْلَحَهُ جَازَ، وَلَوْ لَمْ يَفْعَلْهُ لَا إثْمَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.

فِي الْمُنْتَقَى إبْرَاهِيمُ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَجُلٌ قَالَ لِرَجُلٍ: أَعِرْنِي دَابَّتَكَ فِي فَرْسَخَيْنِ، أَوْ قَالَ: إلَى فَرْسَخَيْنِ، قَالَ لَهُ: فَرْسَخَانِ ذَاهِبًا وَجَائِيًا فَيَصِير أَرْبَعَ فَرَاسِخَ، وَكَذَلِكَ كُلُّ عَارِيَّةٍ تَكُونُ فِي الْمِصْرِ، نَحْوُ تَشْيِيعِ الْجِنَازَةِ وَأَشْبَاهِهَا، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ أَخَذَ بِهِ عُلَمَاؤُنَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا اسْتَعَارَ دَابَّةً وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>