للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

وَلَوْ رَدَّ الثَّوْبَ الْمُسْتَعَارِ فَلَمْ يَجِدْ الْمُعِيرُ وَلَا مَنْ فِي عِيَالِهِ فَأَمْسَكَهُ اللَّيْلَ وَهَلَكَ لَا يَضْمَنُ، وَلَوْ وَجَدَ مَنْ فِي عِيَالِهِ وَلَمْ يَرُدَّهُ يَضْمَنُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ السَّابِعُ فِي اسْتِرْدَادِ الْعَارِيَّةِ]

(الْبَابُ السَّابِعُ فِي اسْتِرْدَادِ الْعَارِيَّةِ وَمَا يَمْنَعُ مِنْ اسْتِرْدَادِهَا) . وَلِلْمُعِيرِ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا أَطْلَقَ أَوْ وَقَّتَ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَلَوْ اسْتَعَارَ أَرْضًا لِيَزْرَعَهَا لَمْ تُؤْخَذْ مِنْهُ حَتَّى يَحْصُدَ الزَّرْعَ اسْتِحْسَانًا وَقَّتَ أَوْ لَمْ يُوَقِّتْ؛ لِأَنَّ لَهُ نِهَايَةً مَعْلُومَةً فَيُتْرَكُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ فِيهِ مُرَاعَاةَ الْحَقَّيْنِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ

فَإِذَا اسْتَحْصَدَ الزَّرْعَ، ذُكِرَ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْمَبْسُوطِ أَنَّ صَاحِبَ الْأَرْضِ يَأْخُذُ الْأَرْضَ مَعَ الْأَجْرِ وَلَمْ يُذْكَرْ هَذَا فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ وَكَانَ الْفَقِيهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْحَافِظُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ إنَّمَا يَجِبُ الْأَجْرُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ إذَا أَجَّرَ الْأَرْضَ مِنْهُ صَاحِبُ الْأَرْضِ أَوْ الْقَاضِي، فَأَمَّا بِدُونِ ذَلِكَ فَلَا يَجِبُ الْأَجْرُ، فَإِنْ أَبَى الْمُزَارِعُ أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ فِي يَدِهِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ وَكَرِهَ قَلْعَ الزَّرْعِ أَيْضًا وَأَرَادَ أَنْ يَضْمَنَ رَبُّ الْأَرْضِ قِيمَةَ الزَّرْعِ، وَقَالَ: زَرْعِي مُتَّصِلٌ بِأَرْضِكَ فَأَشْبَهَ الصِّبْغَ الْمُتَّصِلَ بِثَوْبِكَ فَلِي أَنْ أُضَمِّنَكَ قِيمَتَهُ، لَمْ يَذْكُرْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي الْأَصْلِ، وَذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى فِي مَوْضِعٍ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَرْضَى رَبُّ الْأَرْضِ أَنْ يَتْرُكَ الزَّرْعَ فِي أَرْضِهِ حَتَّى يُسْتَحْصَدَ وَذَلِكَ مِنْهُ وَفَاءٌ بِالشَّرْطِ الَّذِي شُرِطَ فِي عَقْدِ الْعَارِيَّةِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ آخَرُ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: لَيْسَ لِلْمُزَارِعِ أَنْ يُضَمِّنَ رَبَّ الْأَرْضِ قِيمَةَ الزَّرْعِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

لَوْ أَرَادَ رَبُّ الْأَرْضِ أَنْ يُعْطِيَهُ بَذْرَهُ وَنَفَقَتَهُ وَيَأْخُذَ الْأَرْضَ مَعَ الزَّرْعِ مِنْهُ وَرَضِيَ الْمُسْتَعِيرُ بِهِ وَذَلِكَ قَبْلَ خُرُوجِ الزَّرْعِ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ يَجُوزُ هُوَ الْمُخْتَارُ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ.

إذَا اسْتَعَارَ مِنْ آخَرَ أَرْضًا لِيَبْنِيَ فِيهَا أَوْ يَغْرِسَ فِيهَا ثُمَّ بَدَا لِلْمَالِكِ أَنْ يُخْرِجَهُ فَلَهُ ذَلِكَ، سَوَاءٌ كَانَتْ الْعَارِيَّةُ مُطْلَقَةً أَوْ مُوَقَّتَةً غَيْرَ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ مُطْلَقَةً لَهُ أَنْ يُجْبِرَ الْمُسْتَعِيرَ عَلَى قَلْعِ الْغَرْسِ وَنَقْضِ الْبِنَاءِ، وَإِذَا قَلَعَ وَنَقَضَ لَا يَضْمَنُ الْمُعِيرُ شَيْئًا مِنْ قِيمَةِ الْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. فَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ بِحَالٍ تَنْقُصُ بِذَلِكَ إنْ رَضِيَ الْمُعِيرُ بِالنَّقْصِ قَلَعَهُمَا، وَإِنْ طَلَبَ الْمُسْتَعِيرُ أَنْ يَضْمَنَ الْمُعِيرُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ مَقْلُوعًا فَإِنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ وَيُكَلِّفُهُ الْقَلْعَ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْأَرْضَ نَاقِصَةً ضَمِنَ لَهُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ مَقْلُوعًا غَيْرَ ثَابِتٍ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِ الْمُسْتَعِيرِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَإِنْ كَانَتْ مُوَقَّتَةً فَأَخْرَجَهُ قَبْلَ الْوَقْتِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُخْرِجَهُ وَلَا يُجْبِرُهُ عَلَى النَّقْضِ وَالْقَلْعِ، وَالْمُسْتَعِيرُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ صَاحِبَ الْأَرْضِ قِيمَةَ غَرْسِهِ وَبِنَائِهِ قَائِمًا مَبْنِيًّا وَتَرَكَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَيَمْلِكُ صَاحِبُ الْأَرْضِ الْبِنَاءَ وَالْغَرْسَ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ غَرْسَهُ وَبِنَاءَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَى صَاحِبِ الْأَرْضِ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ خِيَارُ النَّقْضِ وَالْقَلْعِ لِلْمُسْتَعِيرِ إذَا لَمْ يَكُنْ النَّقْضُ وَالْقَلْعُ مُضِرًّا بِالْأَرْضِ، فَإِنْ كَانَ مُضِرًّا بِهَا فَالْخِيَارُ لِلْمَالِكِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ إنْ شَاءَ انْتَظَرَ إلَى مُضِيِّ الْمُدَّةِ فَيُجْبِرُهُ عَلَى الْقَلْعِ أَوْ يَغْرَمَ لَهُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ مَقْلُوعًا إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ تَنْقُصُ بِالْقَلْعِ، وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ لَهُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ كَمَا هُوَ مَبْنِيٌّ وَقِيمَةَ الْغَرْسِ ثَابِتًا فَيَكُونُ الْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ لَهُ، وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. هَذَا إذَا أَرَادَ صَاحِبُ الْأَرْضِ إخْرَاجَهُ قَبْلَ الْوَقْتِ، وَإِنْ مَضَى فَصَاحِبُ الْأَرْضِ يَقْلَعُ عَلَيْهِ الْأَشْجَارَ وَالْبِنَاءَ وَلَا يَضْمَنُ شَيْئًا عِنْدَنَا إلَّا أَنْ يَضُرَّ الْقَلْعُ بِالْأَرْضِ فَحِينَئِذٍ صَاحِبُ الْأَرْضِ يَمْتَلِكُ الْبِنَاءَ وَالْأَغْرَاسَ بِالضَّمَانِ وَيُعْتَبَرُ فِي الضَّمَانِ قِيمَتُهُ مَقْلُوعًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

إذَا أَعَارَ مِنْ آخَرَ أَرْضًا وَأَذِنَ لَهُ أَنْ يَبْنِيَ فِيهَا بِنَاءً فَفَعَلَ ثُمَّ جَاءَ مُسْتَحِقٌّ وَاسْتَحَقَّ الْأَرْضَ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ وَنَقَضَ بِنَاءَ الْمُسْتَعِيرِ فَلَيْسَ عَلَى الْمُعِيرِ قِيمَةُ الْبِنَاءِ لِلْمُسْتَعِيرِ، سَوَاءٌ كَانَتْ الْعَارِيَّةُ مُوَقَّتَةً أَوْ مُطْلَقَةً، وَذَكَرَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شُرُوطِهِ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْعَارِيَّةُ مُوَقَّتَةً فَاسْتَحَقَّ الْأَرْضَ قَبْلَ مُضِيِّ الْوَقْتِ أَنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَضْمَنُ الْمُعِيرُ لَهُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ فَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى عَلَى مَا ذَكَرَ الْخَصَّافُ سَوَّيَا فِي الْعَارِيَّةِ الْمُوَقَّتَةِ بَيْنَ مَا إذَا كَانَ نَقْضُ الْبِنَاءِ مِنْ الْمُعِيرِ وَبَيْنَ مَا إذَا كَانَ نَقْضُ الْبِنَاءِ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَأَوْجَبَ الْقِيمَةَ عَلَى الْمُعِيرِ إذَا كَانَ النَّقْضُ مِنْهُ وَلَمْ يُوجِبْ الْقِيمَةَ عَلَى الْمُعِيرِ إذَا كَانَ النَّقْضُ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

فِي النَّوَازِلِ: اسْتَعَارَ مِنْ رَجُلٍ دَارًا وَبَنَى فِيهَا حَائِطًا بِالتُّرَابِ، وَيُقَالُ

<<  <  ج: ص:  >  >>