للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَبْضُ اسْتِحْسَانًا، وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ مَالَانِ مُخْتَلِفَانِ فَوَهَبَهُ أَحَدُهُمَا صَحَّ وَالْبَيَانُ إلَيْهِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

وَلَوْ وَهَبَ دَارًا فِيهَا مَتَاعُ الْوَاهِبِ وَسَلَّمَ الدَّارَ إلَيْهِ أَوْ سَلَّمَهَا مَعَ الْمَتَاعِ لَمْ تَصِحَّ وَالْحِيلَةُ فِيهِ أَنْ يُودِعَ الْمَتَاعَ أَوَّلًا عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَيُخَلِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ ثُمَّ يُسَلِّمَ الدَّارَ إلَيْهِ فَتَصِحُّ الْهِبَةُ فِيهَا وَبِعَكْسِهِ لَوْ وَهَبَ الْمَتَاعَ دُونَ الدَّارِ وَخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ صَحَّ، وَإِنْ وَهَبَ لَهُ الدَّارَ وَالْمَتَاعَ جَمِيعًا وَخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا صَحَّ فِيهِمَا جَمِيعًا، هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.

وَإِنْ فَرَّقَ فِي التَّسْلِيمِ، نَحْوُ أَنْ يَهَبَ أَحَدَهُمَا وَسَلَّمَ ثُمَّ وَهَبَ الْآخَرَ وَسَلَّمَ: إنْ قَدَّمَ هِبَةَ الدَّارِ فَالْهِبَةُ فِي الدَّارِ لَا تَصِحُّ، وَفِي الْمَتَاعِ تَصِحُّ، وَإِنْ قَدَّمَ هِبَةَ الْمَتَاعِ فَالْهِبَةُ صَحِيحَةٌ فِيهِمَا جَمِيعًا، وَلَوْ وَهَبَ الْأَرْضَ دُونَ الزَّرْعِ أَوْ الزَّرْعَ دُونَ الْأَرْضِ أَوْ الشَّجَرَ دُونَ الثَّمَرِ أَوْ الثَّمَرَ دُونَ الشَّجَرِ وَخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ لَمْ تَصِحَّ الْهِبَةُ فِي الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُتَّصِلٌ بِصَاحِبِهِ اتِّصَالَ جُزْءٍ بِجُزْءٍ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ هِبَةِ الْمُشَاعِ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ، وَلَوْ وَهَبَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ كَمَا إذَا وَهَبَ الْأَرْضَ ثُمَّ الزَّرْعَ أَوْ الزَّرْعَ ثُمَّ الْأَرْضَ إنْ جَمَعَ الْأَرْضَ فِي التَّسْلِيمِ جَازَتْ الْهِبَةُ فِيهِمَا جَمِيعًا، وَإِنْ فَرَّقَ فِي التَّسْلِيمِ لَا تَجُوزُ الْهِبَةُ فِيهِمَا أَيَّهُمَا قَدَّمَ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.

لَوْ وَهَبَ الدَّارَ وَلَمْ يُسَلِّمْ حَتَّى وَهَبَ الْمَتَاعَ وَسَلَّمَهُمَا جُمْلَةً جَازَتْ الْهِبَةُ فِيهِمَا إذَا وَهَبَ الْجِرَابَ وَالْجُوَالِقَ وَلَمْ يُسَلِّمْ حَتَّى وَهَبَ الطَّعَامَ وَسَلَّمَ جُمْلَةً جَازَتْ الْهِبَةُ فِي الْكُلِّ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ وَهَبَ فَارِغًا وَسَلَّمَ مَشْغُولًا لَمْ يَصِحَّ وَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُ " اقْبِضْهَا أَوْ سَلَّمْتُ إلَيْكَ " إذَا كَانَ الْوَاهِبُ فِيهِ أَوْ أَهْلُهُ أَوْ مَتَاعُهُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

هِبَةُ الشَّاغِلِ تَجُوزُ وَهِبَةُ الْمَشْغُولِ لَا تَجُوزُ وَالْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ اشْتِغَالَ الْمَوْهُوبِ بِمِلْكِ الْوَاهِبِ يَمْنَعُ تَمَامَ الْهِبَةِ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ شَرْطٌ، وَأَمَّا اشْتِغَالُ مِلْكِ الْوَاهِبِ بِالْمَوْهُوبِ فَلَا يَمْنَعُ تَمَامَ الْهِبَةِ مِثَالُهُ وَهَبَ جِرَابًا فِيهِ طَعَامٌ لَا تَجُوزُ، وَلَوْ وَهَبَ طَعَامًا فِي جِرَابٍ جَازَتْ وَعَلَى هَذَا نَظَائِرُهُ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.

رَجُلٌ وَهَبَ أَمَةً لِرَجُلٍ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ وَعَلَيْهَا حُلِيٌّ وَثِيَابُهَا جَازَتْ الْهِبَةُ، وَكَذَا الصَّدَقَةُ وَيَكُونُ الثَّوْبُ وَالْحُلِيُّ لِلْوَاهِبِ لَا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَالْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ لِمَكَانِ الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ، قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: فَإِنْ كَانَ الثَّوْبُ الَّذِي عَلَيْهَا قَدْرَ مَا يَسْتُرُ عَوْرَتَهَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ، وَلَوْ وَهَبَ الْحُلِيَّ الَّذِي عَلَى الْجَارِيَةِ وَالثَّوْبَ وَلَمْ يَهَبْ الْجَارِيَةَ لَمْ تَجُزْ الْهِبَةُ حَتَّى يَنْزِعَهُ وَيَدْفَعَ الثَّوْبَ وَالْحُلِيَّ إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

إذَا وَهَبَ دَابَّةً وَعَلَيْهَا سَرْجٌ وَلِجَامٌ، دُونَ السَّرْجِ وَاللِّجَامِ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ فَالْهِبَةُ تَامَّةٌ، وَلَوْ وَهَبَ السَّرْجَ وَاللِّجَامَ دُونَ الدَّابَّةِ فَالْهِبَةُ غَيْرُ تَامَّةٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ وَهَبَ الدَّابَّةَ وَعَلَيْهَا حِمْلٌ لَمْ تَجُزْ، وَلَوْ وَهَبَ الْحِمْلَ عَلَى الدَّابَّةِ وَسَلَّمَهُ مَعَهَا تَجُوزُ، وَكَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ الْمَاءَ فِي الْقُمْقُمَةِ تَجُوزُ، وَلَوْ وَهَبَ الْقُمْقُمَةَ دُونَ الْمَاءِ لَمْ تَجُزْ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَهَبَتْ دَارَهَا مِنْ زَوْجِهَا وَهِيَ سَاكِنَةٌ فِيهَا مَعَ الزَّوْجِ جَازَ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.

وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَهَبَ لِامْرَأَتِهِ وَلَا أَنْ تَهَبَ لِزَوْجِهَا أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ دَارًا وَهُمَا فِيهَا سَاكِنَانِ، وَكَذَلِكَ لِلْوَلَدِ الْكَبِيرِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَلَوْ وَهَبَ زَرْعًا فِي أَرْضٍ أَوْ ثَمَرًا فِي شَجَرٍ أَوْ حِلْيَةً فِي سَيْفٍ أَوْ بِنَاءً فِي دَارٍ أَوْ قَفِيزًا مِنْ صُبْرَةٍ وَأَمَرَهُ بِالْحَصَادِ وَالْجِزَازِ وَالنَّزْعِ وَالنَّقْضِ وَالْكَيْلِ وَفَعَلَ صَحَّ اسْتِحْسَانًا وَيُجْعَلُ كَأَنَّهُ وَهَبَهُ بَعْدَ الْجِزَازِ وَالْحَصَادِ وَنَحْوِهِمَا، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ بِالْقَبْضِ وَفَعَلَ ضَمِنَ، كَذَا فِي الْكَافِي.

وَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِهِ بِإِجَارَةٍ فَوَهَبَ لَهُ الْبِنَاءَ جَازَ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

وَلَوْ وَهَبَ دَارًا بِمَتَاعِهَا وَسَلَّمَهَا ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْمَتَاعَ صَحَّتْ الْهِبَةُ فِي الدَّارِ، كَذَا فِي الْكَافِي.

وَاشْتِغَالُ الْمَوْهُوبِ بِمِلْكِ غَيْرِ الْوَاهِبِ، هَلْ يَمْنَعُ تَمَامَ الْهِبَةِ؟ ذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ هِبَةِ الزِّيَادَاتِ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ فَإِنَّهُ، قَالَ: لَوْ أَعَارَ دَارِهِ مِنْ إنْسَانٍ ثُمَّ الْمُسْتَعِيرُ غَصَبَ مَتَاعًا وَوَضَعَهُ فِي الدَّارِ ثُمَّ وَهَبَ الْمُعِيرُ الدَّارَ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ صَحَّتْ الْهِبَةُ فِي الدَّارِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ الْمُعِيرَ هُوَ الَّذِي غَصَبَ الْمَتَاعَ وَوَضَعَهُ فِي الدَّارِ ثُمَّ وَهَبَ الدَّارَ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ كَانَتْ الْهِبَةُ تَامَّةً، وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّ الدَّارَ مَشْغُولَةٌ بِمَا لَيْسَ بِمَوْهُوبٍ لِمَا أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مَشْغُولَةً بِمِلْكِ الْوَاهِبِ، وَهُوَ الْمَانِعُ مِنْ تَمَامِ الْهِبَةِ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.

لَوْ أَوْدَعَهُ الْمَتَاعَ وَالدَّارَ ثُمَّ وَهَبَ الدَّارَ صَحَّتْ الْهِبَةُ، فَإِنْ هَلَكَ الْمَتَاعُ وَلَمْ يُحَوِّلْهُ ثُمَّ جَاءَ مُسْتَحِقٌّ وَاسْتَحَقَّ الْمَتَاعَ كَانَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْمَوْهُوبَ لَهُ، وَذَكَرَ ابْنُ رُسْتُمَ أَنَّ هَذَا قَوْلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>