للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السِّرَاجِيَّةِ. وَأَكْثَرُ مَشَايِخِ بُخَارَى عَلَى أَنَّهُ لَا يُبَاحُ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ.

أَهْدَى لِلصَّغِيرِ الْفَوَاكِهَ يَحِلُّ لِوَالِدَيْهِ أَكْلُهَا؛ لِأَنَّ الْإِهْدَاءَ إلَيْهِمَا، وَذِكْرُ الصَّبِيِّ لِاسْتِصْغَارِ الْهَدِيَّةِ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا اتَّخَذَ وَلِيمَةً لِلْخِتَانِ فَأَهْدَى إلَيْهِ النَّاسُ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا، قَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ لِلْوَلَدِ سَوَاءٌ قَالُوا هِيَ لِلصَّغِيرِ أَوْ لَمْ يَقُولُوا سَلَّمُوهَا إلَى الْأَبِ أَوْ إلَى الِابْنِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي اتَّخَذَ الْوَلِيمَةَ لِلْوَلَدِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ لِلْوَالِدَيْنِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إذَا قَالُوا لِلْوَلَدِ فَهِيَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَقُولُوا شَيْئًا فَهِيَ لِلْوَالِدِ، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ كَانَتْ الْهَدِيَّةُ مِمَّا يَصْلُحُ لِلصَّبِيِّ مِثْلُ ثِيَابِ الصَّبِيِّ أَوْ شَيْءٍ يُسْتَعْمَلُ لِلصِّبْيَانِ فَهِيَ لِلصَّبِيِّ، وَإِنْ كَانَتْ الْهَدِيَّةُ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ شَيْئًا مِنْ مَتَاعِ الْبَيْتِ أَوْ الْحَيَوَانِ، فَإِنْ أَهْدَاهُ أَحَدٌ مِنْ أَقْرِبَاءِ الْأَبِ أَوْ مِنْ مَعَارِفِهِ فَهِيَ لِلْوَالِدِ إذَا اتَّخَذَ الرَّجُلُ عَذِيرَةً لِلْخِتَانِ فَأَهْدَى النَّاسَ هَدَايَا وَوَضَعُوا بَيْنَ يَدَيْ الْوَلَدِ فَسَوَاءٌ قَالَ الْمُهْدِي هَذَا لِلْوَلَدِ أَوْ لَمْ يَقُلْ، فَإِنْ كَانَتْ الْهَدِيَّةُ تَصْلُحُ لِلْوَلَدِ، مِثْلُ ثِيَابِ الصِّبْيَانِ أَوْ شَيْءٌ يَسْتَعْمِلُهُ الصِّبْيَانُ مِثْلُ الصَّوْلَجَانِ وَالْكُرَةِ فَهُوَ لِلصَّبِيِّ؛ لِأَنَّ هَذَا تَمْلِيكٌ لِلصَّبِيِّ عَادَةً، وَإِنْ كَانَتْ الْهَدِيَّةُ لَا تَصْلُحُ لِلصَّبِيِّ عَادَةً كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ يُنْظَرُ إلَى الْمُهْدِي، فَإِنْ كَانَ مِنْ أَقَارِبِ الْأَبِ أَوْ مَعَارِفِهِ فَهِيَ لِلْأَبِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَقَارِبِ الْأُمِّ أَوْ مَعَارِفِهَا فَهِيَ لِلْأُمِّ؛ لِأَنَّ التَّمْلِيكَ هُنَا مِنْ الْأُمِّ عُرْفًا وَهُنَاكَ مِنْ الْأَبِ فَكَانَ التَّعْوِيلُ عَلَى الْعُرْفِ حَتَّى لَوْ وُجِدَ سَبَبٌ أَوْ وَجْهٌ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى غَيْرِ مَا قُلْنَا يُعْتَمَدُ عَلَى ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ إذَا اتَّخَذَ وَلِيمَةً لِزِفَافِ ابْنَتِهِ فَأَهْدَى النَّاسُ هَدَايَا فَهُوَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ التَّقْسِيمِ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَقُلْ الْمُهْدِي شَيْئًا وَتَعَذَّرَ الرُّجُوعُ إلَى قَوْلِهِ، أَمَّا إذَا قَالَ: أَهْدَيْتُ لِلْأَبِ أَوْ لِلْأُمِّ أَوْ لِلزَّوْجِ أَوْ لِلْمَرْأَةِ فَالْقَوْلُ لِلْمُهْدِي، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

رَجُلٌ قَدِمَ مِنْ السَّفَرِ وَجَاءَ بِهَدَايَا إلَى مَنْ نَزَلَ عِنْدَهُ، وَقَالَ لَهُ: اقْسِمْ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ بَيْنَ أَوْلَادِكَ وَبَيْنَ امْرَأَتِكَ وَبَيْنَ نَفْسِكَ، فَإِنْ كَانَ الْمُهْدِي قَائِمًا يُرْجَعُ فِي الْبَيَانِ إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَائِمًا فَمَا يَصْلُحُ لِلنِّسَاءِ خَاصَّةً فَهُوَ لِامْرَأَتِهِ وَمَا يَصْلُحُ لِلصِّغَارِ مِنْ الْإِنَاثِ فَهُوَ لَهُنَّ وَمَا يَصْلُحُ لِلصِّغَارِ مِنْ الذُّكُورِ فَهُوَ لَهُمْ وَمَا يَصْلُحُ لَهُ فَهُوَ لَهُ، فَإِنْ كَانَ يَصْلُحُ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ جَمِيعًا يُنْظَرُ إلَى الْمُهْدِي إنْ كَانَ مِنْ أَقَارِبِ الرَّجُلِ أَوْ مَعَارِفِهِ فَلَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَقَارِبِ الْمَرْأَةِ أَوْ مَعَارِفِهَا فَلَهَا فَإِذَنْ التَّعْوِيلُ عَلَى الْعَادَةِ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.

رَجُلٌ بَعَثَ إلَيْهِ بِهَدِيَّةٍ فِي إنَاءٍ أَوْ ظَرْفٍ، هَلْ يُبَاحُ لَهُ أَنْ يَأْكُلَهَا فِي ذَلِكَ الْإِنَاءِ إنْ كَانَ ثَرِيدًا أَوْ نَحْوَهُ، يُبَاحُ لَهُ أَنْ يَأْكُلَهَا فِي ذَلِكَ الْإِنَاءِ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِي ذَلِكَ دَلَالَةً؛ لِأَنَّهُ إذَا جَعَلَهُ فِي إنَاءٍ آخَرَ ذَهَبَتْ لَذَّتُهُ، وَإِنْ كَانَ شَيْءٌ مِنْ الْفَوَاكِهِ أَوْ نَحْوِهَا إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا انْبِسَاطٌ يُبَاحُ لَهُ أَيْضًا وَإِلَّا فَلَا، وَيُقَالُ إذَا بَعَثَ إلَيْهِ بِهَدِيَّةٍ فِي ظَرْفٍ أَوْ إنَاءٍ وَمِنْ الْعَادَةِ رَدُّ الظَّرْفِ وَالْإِنَاءِ لَمْ يَمْلِكْ الظَّرْفَ وَالْإِنَاءَ وَذَلِكَ كَالْقِصَاعِ وَالْجِرَابِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْعَادَةِ أَنْ لَا يُرَدَّ الظَّرْفُ كَقَوَاصِرِ التَّمْرِ فَالظَّرْفُ هَدِيَّةٌ أَيْضًا لَا يَلْزَمُهُ رَدُّهُ، ثُمَّ إذَا لَمْ يَكُنْ الظَّرْفُ هَدِيَّةً كَانَ أَمَانَةً فِي يَدِ الْمُهْدَى إلَيْهِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ فِي غَيْرِ الْهَدِيَّةِ، وَلَهُ أَنْ يَأْكُلَ الْهَدِيَّةَ فِيهِ إذَا لَمْ تَقْتَضِ الْعَادَةُ تَفْرِيغَهُ، فَإِنْ اقْتَضَتْ تَفْرِيغَهُ وَتَحْوِيلَهُ عَنْهُ لَزِمَهُ تَفْرِيغُهُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.

سُئِلَ ابْنُ مُقَاتِلٍ عَنْ قَوْمٍ جَالِسِينَ عَلَى خِوَانٍ وَتَنَاوَلُوا شَيْئًا مِمَّنْ عَلَى خِوَانٍ آخَرَ وَمَنْ هُوَ لَيْسَ بِجَالِسٍ مَعَهُمْ يَخْدُمُهُمْ، قَالَ: لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ، وَلَوْ نَاوَلَ مَنْ مَعَهُ عَلَى خِوَانِهِ لَا بَأْسَ، قَالَ الْفَقِيهُ هَذَا قِيَاسٌ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ فِي تِلْكَ الضِّيَافَةِ إذَا أَعْطَاهُ جَازَ وَبِهِ نَأْخُذُ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى.

وَلَوْ قَالَ لِآخَرَ: اُدْخُلْ كَرْمِي وَخُذْ مِنْ الْعِنَبِ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا فَالْمُخْتَارُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ شِبَعَهُ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ. وَإِنْ قَالَ: خُذْ مِنْ الْبُرِّ يَأْخُذُ مَنَوَيْنِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

صَبِيٌّ أَهْدَى وَقَالَ: إنَّ أَبِي أَرْسَلَ إلَيْكَ بِهَذِهِ الْهَدِيَّةِ، يَحِلُّ لَهُ التَّنَاوُلُ إلَّا أَنْ يَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ كَاذِبٌ كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ.

قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ فَأُرَجِّحُ لَهُ لَا يَقْبَلُ حَتَّى يَقُولَ: أَنْتَ فِي حِلٍّ أَوْ هُوَ لَكَ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى.

وَلَوْ قَالَ الْوَكِيلُ: لَا أَسْلَمُ مِنْ تَنَاوُلِ مَالِكَ، فَقَالَ: الْآمِرُ أَنْتَ فِي حِلٍّ مِنْ تَنَاوُلِكَ مِنْ مَالِي مِنْ دِرْهَمٍ إلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ فَدَخَلَ فِي وَكَالَتِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>