للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَرَّخَ شُهُودُ الشِّرَاءِ شَهْرًا أَوْ سَنَةً، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْوَاهِبِ فَأَقَامَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ وَهَبَهُ لَهُ وَقَبَضَهُ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَأَقَامَ الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ قَبْلَ الْهِبَةِ وَقَبَضَهُ مِنْهُ فَالْعَبْدُ لِصَاحِبِ الشِّرَاءِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

فِي الْمُنْتَقَى بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اتَّفَقَ الْوَاهِبُ وَالْمَوْهُوبُ لَهُ أَنَّ الْهِبَةَ كَانَتْ بِشَرْطِ الْعِوَضِ وَلَكِنْ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الْعِوَضِ، فَقَالَ الْوَاهِبُ: الْعِوَضُ أَلْفٌ، وَقَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ: خَمْسُمِائَةٍ وَالْعِوَضُ لَمْ يُقْبَضْ بَعْدُ وَالْمَوْهُوبُ قَائِمٌ مَقَامَهُ بِعَيْنِهِ فَلِلْوَاهِبِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ قَبَضَ خَمْسَمِائَةٍ، وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ فِي الْهِبَةِ، وَإِنْ كَانَ الْمَوْهُوبُ مُسْتَهْلَكًا رَجَعَ بِقِيمَتِهِ إنْ شَاءَ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الْعِوَضِ، فَقَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ لِلْوَاهِبِ مَا شَرَطْتُ لَكَ الْعِوَضَ أَصْلًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَيَكُونُ لِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ إذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ قَائِمًا، وَإِنْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ وَلَكِنْ يَحْلِفُ الْمَوْهُوبُ لَهُ هَهُنَا عَلَى دَعْوَى الْوَاهِبِ بِاَللَّهِ مَا شَرَطَا لِوَاهِبِ الْعِوَضِ يُرِيدُ بِهِ إذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ مُسْتَهْلَكًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ دَارٌ قَالَ لِرَجُلٍ آخَرَ: تَصَدَّقْتَ بِهَا عَلَيَّ وَأَذِنْتَ لِي فِي قَبْضِهَا فَقَبَضْتُهَا، كَانَ الْقَوْلُ لِلْمُتَصَدِّقِ، وَلَوْ قَالَ الَّذِي فِي يَدِهِ الدَّارُ: كَانَتْ فِي يَدِي فَتَصَدَّقْتَ عَلَيَّ فَجَازَتْ، وَقَالَ الْمُتَصَدِّقُ: لَا بَلْ كَانَتْ حِينَئِذٍ فِي يَدِي وَقَبَضْتَهَا بِغَيْرِ إذْنِي، كَانَ الْقَوْلُ لِلْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ، وَلَوْ ادَّعَى عَبْدًا فِي يَدِ غَيْرِهِ وَزَعَمَ أَنَّهُ كَانَ وَهَبَهُ لِلَّذِي فِي يَدَيْهِ وَكَانَ الْعَبْدُ غَائِبًا عَنْهُمَا فَقَبَضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَقَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ: وَهَبْتَهُ لِي وَقَبَضْتُهُ بِإِذْنِكَ، كَانَ الْقَوْلُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ، وَإِنْ قَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ: حِينَ وَهَبْتَهُ لِي كَانَ فِي مَنْزِلِكَ لَا بِحَضْرَتِنَا فَأَمَرْتَنِي بِقَبْضِهِ فَقَبَضْتُهُ، لَا يُصَدَّقُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

فِي الْمُنْتَقَى إذَا أَرَادَ الْوَاهِبُ الرُّجُوعَ فِي الْهِبَةِ وَادَّعَى الْمَوْهُوبُ لَهُ أَنَّهَا هَلَكَتْ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ فَإِنْ عَيَّنَ الْوَاهِبُ شَيْئًا، وَقَالَ: هَذَا هُوَ الْهِبَةُ، حَلَفَ الْمَوْهُوبُ لَهُ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ: وَهَبَتْ مَهْرَهَا فِي صِحَّتِهَا، وَقَالَتْ الْوَرَثَةُ بَلْ فِي مَرَضِهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى.

اخْتَلَفَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْوَارِثُ مَعَ وَارِثٍ آخَرَ أَنَّ الْهِبَةَ كَانَتْ فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي الصِّحَّةَ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَاتِ الْمَرِيضِ نَافِذَةٌ وَإِنَّمَا تُنْتَقَضُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَاخْتُلِفَ فِيهِ فَالْقَوْلُ لِمَنْ يُنْكِرُ النَّقْضَ، وَقِيلَ الْقَوْلُ لِمَنْ ادَّعَى الْمَرَضَ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ لُزُومَ الْعَقْدِ وَالْمِلْكِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ فِي بَابِ الدَّعْوَى وَالْخُصُومَاتِ فِي الْهِبَةِ.

رَجُلٌ اشْتَرَى حُلِيًّا وَدَفَعَ إلَى امْرَأَتِهِ وَاسْتَعْمَلَهَا ثُمَّ مَاتَتْ وَاخْتَلَفَ الزَّوْجُ وَوَرَثَتُهَا أَنَّهَا هِبَةٌ أَوْ عَارِيَّةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ مَعَ الْيَمِينِ أَنَّهُ دَفَعَ إلَيْهَا عَارِيَّةً؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِلْهِبَةِ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى.

وَلَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: وَهَبَ لَكَ وَالِدِي هَذِهِ الْعَيْنَ فَلَمْ تَقْبِضْهَا إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ، وَقَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ: قَبَضْتُهَا فِي حَيَاتِهِ، وَالْعَيْنُ فِي يَدِ الَّذِي يَدَّعِي الْهِبَةَ فَالْقَوْلُ لِلْوَارِثِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ

وَإِذَا أَرَادَ الْوَاهِبُ الرُّجُوعَ فِي الْهِبَةِ، فَقَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ: أَنَا أَخُوكَ أَوْ قَالَ: عَوَّضْتُكَ وَإِنَّمَا تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَيَّ وَكَذَّبَهُ الْوَاهِبُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَاهِبِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ الْهِبَةُ جَارِيَةً، فَقَالَ: وَهَبْتَهَا لِي وَهِيَ صَغِيرَةٌ فَكَبِرَتْ عِنْدِي وَازْدَادَتْ خَيْرًا، وَكَذَّبَهُ الْوَاهِبُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَاهِبِ، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَوْهُوبِ لَهُ كَذَلِكَ فِي الْمُحِيطِ.

وَكَذَا هَذَا فِي كُلِّ زِيَادَةٍ مُتَوَلَّدَةٍ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.

وَلَوْ ادَّعَى الْمَوْهُوبُ لَهُ أَنَّهُ سَمِنَ عِنْدِي وَكَذَّبَهُ الْوَاهِبُ فَالْقَوْلُ لِلْوَاهِبِ عِنْدَنَا، كَذَا فِي الْكَافِي.

وَلَوْ كَانَ الْمَوْهُوبُ أَرْضًا وَفِيهَا بِنَاءٌ أَوْ شَجَرٌ أَوْ سَوِيقًا وَهُوَ مَلْتُوتٌ أَوْ ثَوْبًا وَهُوَ مَصْبُوغٌ أَوْ مَخِيطٌ، فَقَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ: وَهَبْتَهَا لِي وَهِيَ صَحْرَاءُ فَبَنَيْتُ فِيهَا وَغَرَسْتُ، وَقَالَ: وَهَبْتَهُ لِي وَهُوَ غَيْرُ مَلْتُوتٍ وَغَيْرُ مَخِيطٍ وَغَيْرُ مَصْبُوغٍ فَلَتَتُّهُ أَنَا وَصَبَغْتُهُ وَخِطْتُهُ أَنَا، وَقَالَ الْوَاهِبُ: لَا بَلْ وَهَبْتُ كَذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْهُوبِ لَهُ، وَكَذَلِكَ إذَا اخْتَلَفَا فِي بِنَاءِ الدَّارِ وَحِلْيَةِ السَّيْفِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

فِي الْمُنْتَقَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ وُهِبَ جَارِيَةً مِنْ رَجُلٍ وَقَبَضَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ وَأَوْلَدَهَا ثُمَّ أَقَامَ الْوَاهِبُ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ دَبَّرَهَا قَبْلَ أَنْ يَهَبَهَا، قَالَ: يَأْخُذُهَا وَيَأْخُذُ عُقْرَهَا وَقِيمَةَ أَوْلَادِهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَ الْوَاهِبُ وَأَقَامَتْ الْأَمَةُ بَيِّنَةً أَنَّ الْوَاهِبَ قَدْ كَانَ دَبَّرَهَا قَبْلَ أَنْ يَهَبَهَا مِنْ هَذَا الرَّجُلِ كَانَ الْجَوَابُ كَمَا قُلْنَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ: وَلَوْ اسْتَوْلَدَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ فَأَقَامَتْ الْجَارِيَةُ بَيِّنَةً أَنَّ الْوَاهِبَ كَانَ دَبَّرَهَا أَخَذَهَا الْوَاهِبُ وَعُقْرَهَا وَقِيمَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>