للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَنْ لَا يَتَكَلَّمَ إلَّا بِخَيْرٍ، وَأَنْ يُلَازِمَ بِالِاعْتِكَافِ عَشَرًا مِنْ رَمَضَانَ، وَأَنْ يَخْتَارَ أَفْضَلَ الْمَسَاجِدِ كَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْمَسْجِدِ الْجَامِعِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَيُلَازِمَ التِّلَاوَةَ وَالْحَدِيثَ وَالْعِلْمَ وَتَدْرِيسَهُ وَسِيَرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ -، وَأَخْبَارَ الصَّالِحِينَ وَكِتَابَةَ أُمُورِ الدِّينِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَا بَأْسَ أَنْ يَتَحَدَّثَ بِمَا لَا إثْمَ فِيهِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.

(وَأَمَّا مَحَاسِنُهُ فَظَاهِرَةٌ) فَإِنَّ فِيهِ تَسْلِيمَ الْمُعْتَكِفِ كُلِّيَّتَهُ إلَى عِبَادَةِ اللَّهِ - تَعَالَى - فِي طَلَبِ الزُّلْفَى وَتَبْعِيدِ النَّفْسِ مِنْ شُغْلِ الدُّنْيَا الَّتِي هِيَ مَانِعَةٌ عَمَّا يَسْتَوْجِبُ الْعَبْدُ مِنْ الْقُرْبَى، وَاسْتِغْرَاقِ الْمُعْتَكِفِ أَوْقَاتَهُ فِي الصَّلَاةِ إمَّا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا؛ لِأَنَّ الْمَقْصِدَ الْأَصْلِيَّ مِنْ شَرْعِيَّتِهِ انْتِظَارُ الصَّلَاةِ بِالْجَمَاعَاتِ، وَتَشْبِيهُ الْمُعْتَكِفِ نَفْسَهُ بِمَنْ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ وَبِاَلَّذِينَ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ وَمِنْهَا اشْتِرَاطُ الصَّوْمِ فِي حَقِّهِ وَالصَّائِمُ ضَيْفُ اللَّهِ - تَعَالَى - هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ.

(وَأَمَّا مُفْسِدَاتُهُ) فَمِنْهَا الْخُرُوجُ مِنْ الْمَسْجِدِ فَلَا يَخْرُجُ الْمُعْتَكِفُ مِنْ مُعْتَكَفِهِ لَيْلًا وَنَهَارًا إلَّا بِعُذْرٍ، وَإِنْ خَرَجَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ سَاعَةً فَسَدَ اعْتِكَافُهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ. سَوَاءٌ كَانَ الْخُرُوجُ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا تَخْرُجُ الْمَرْأَةُ مِنْ مَسْجِدِ بَيْتِهَا إلَى الْمَنْزِلِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَلَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ مُعْتَكِفَةً فِي الْمَسْجِدِ فَطَلُقَتْ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ إلَى بَيْتِهَا وَتَبْنِي عَلَى اعْتِكَافِهَا كَذَا فِي التَّبْيِينِ.

(وَمِنْ الْأَعْذَارِ الْخُرُوجُ لِلْغَائِطِ وَالْبَوْلِ، وَأَدَاءِ الْجُمُعَةِ) فَإِذَا خَرَجَ لِبَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَدْخُلَ بَيْتَهُ وَيَرْجِعَ إلَى الْمَسْجِدِ كَمَا فَرَغَ مِنْ الْوُضُوءِ، وَلَوْ مَكَثَ فِي بَيْتِهِ فَسَدَ اعْتِكَافُهُ، وَإِنْ كَانَ سَاعَةً عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ كَانَ بِقُرْبِ الْمَسْجِدِ بَيْتُ صَدِيقٍ لَهُ لَمْ يَلْزَمْ قَضَاءُ الْحَاجَةِ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ بَيْتَانِ قَرِيبٌ وَبَعِيدٌ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَمْضِيَ إلَى الْبَعِيدِ فَإِنْ مَضَى بَطَلَ اعْتِكَافُهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.

وَإِنْ كَانَ خَرَجَ لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ لَهُ أَنْ يَمْشِيَ عَلَى التُّؤَدَةِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ، وَهَكَذَا فِي الْعِنَايَةِ.

وَأَمَّا الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَالنَّوْمُ فَيَكُونُ فِي مُعْتَكَفِهِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ قَضَاءُ هَذِهِ الْحَاجَةِ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا ضَرُورَةَ فِي الْخُرُوجِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.

وَيَخْرُجُ لِلْجُمُعَةِ حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ إنْ كَانَ مُعْتَكَفُهُ قَرِيبًا مِنْ الْجَامِعِ بِحَيْثُ لَوْ انْتَظَرَ زَوَالَ الشَّمْسِ لَا تَفُوتُهُ الْخُطْبَةُ وَالْجُمُعَةُ، وَإِذَا كَانَ بِحَيْثُ تَفُوتُهُ لَمْ يَنْتَظِرْ زَوَالَ الشَّمْسِ لَكِنَّهُ يَخْرُجُ فِي وَقْتٍ يُمْكِنُهُ أَنْ يَأْتِيَ الْجَامِعَ فَيُصَلِّيَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الْأَذَانِ عِنْدَ الْمِنْبَرِ وَبَعْدَ الْجُمُعَةِ يَمْكُثُ بِقَدْرِ مَا يُصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ أَوْ سِتًّا عَلَى حَسَبِ اخْتِلَافِهِمْ فِي سُنَّةِ الْجُمُعَةِ كَذَا فِي الْكَافِي.

فَإِنْ مَكَثَ يَوْمًا وَلَيْلَةً أَوْ أَتَمَّ اعْتِكَافَهُ لَا يُفْسِدُهُ، وَيُكْرَهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.

فَإِنْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ بِعُذْرٍ بِأَنْ انْهَدَمَ الْمَسْجِدُ أَوْ أُخْرِجَ مُكْرَهًا فَدَخَلَ مَسْجِدًا آخَرَ مِنْ سَاعَتِهِ لَمْ يَفْسُدْ اعْتِكَافُهُ اسْتِحْسَانًا هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَكَذَا لَوْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ فَخَرَجَ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.

وَلَوْ خَرَجَ لِبَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ فَحَبَسَهُ الْغَرِيمُ سَاعَةً فَسَدَ اعْتِكَافُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَهُمَا لَا يَفْسُدُ قَالَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ قَوْلُهُمَا أَيْسَرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

وَلَا يَخْرُجُ لِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.

وَلَوْ خَرَجَ لِجِنَازَةٍ يَفْسُدُ اعْتِكَافُهُ، وَكَذَا لِصَلَاتِهَا، وَلَوْ تَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ أَوْ لِإِنْجَاءِ الْغَرِيقِ أَوْ الْحَرِيقِ أَوْ الْجِهَادِ إذَا كَانَ النَّفِيرُ عَامًّا أَوْ لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.

وَكَذَا إذَا خَرَجَ سَاعَةً بِعُذْرِ الْمَرَضِ فَسَدَ اعْتِكَافُهُ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

وَلَوْ شَرَطَ وَقْتَ النَّذْرِ الِالْتِزَامَ أَنْ يَخْرُجَ إلَى عِيَادَةِ الْمَرِيضِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَحُضُورِ مَجْلِسِ الْعِلْمِ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْحُجَّةِ.

وَلَوْ صَعِدَ الْمِئْذَنَةَ لَمْ يَفْسُدْ اعْتِكَافُهُ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ كَانَ بَابُ الْمِئْذَنَةِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَالْمُؤَذِّنُ وَغَيْرُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>