للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَفْرِهَا بِالْآلَةِ الَّتِي يَحْفِرُ بِهَا الْآبَارَ إلَّا إنَّهُ تَلْحَقُهُ زِيَادَةُ مَشَقَّةٍ وَتَعَبٍ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْعَمَلِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى حَفْرِهَا بِالْآلَةِ الَّتِي يَحْفِرُ بِهَا الْآبَارَ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ. وَهَلْ يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ بِقَدْرِ مَا عَمِلَ؟ لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي الْكِتَابِ وَحَكَى فَتْوَى شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْأُوزْجَنْدِيِّ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ إذَا كَانَ يَعْمَلُ فِي مَلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ يَعْمَلُ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ حَفَرَ بَعْضَهَا فَوَجَدَهَا رَخْوَةً مِنْ حَيْثُ يَخَافُ عَلَيْهِ التَّلَفَ لَمْ يَجُزْ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ، وَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنَّ كُلَّ ذِرَاعٍ فِي طِينٍ أَوْ سَهْلَةٍ بِدِرْهَمٍ وَكُلَّ ذِرَاعٍ فِي جَبَلٍ بِدِرْهَمَيْنِ وَكُلَّ ذِرَاعٍ فِي الْمَاءِ بِثَلَاثَةٍ وَبَيَّنَ مِقْدَارَ طُولِ الْبِئْرِ عَشَرَةً مَثَلًا فَهُوَ جَائِزٌ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَلَوْ حَفَرَ بَعْضَهَا وَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ حِصَّتَهَا مِنْ الْأُجْرَةِ إنْ كَانَ فِي مِلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ فَلَهُ ذَلِكَ وَكُلَّمَا حُفِرَ شَيْءٌ صَارَ مُسَلَّمًا إلَى الْمُسْتَأْجِرِ حَتَّى لَوْ انْهَارَتْ الْبِئْرُ فَأَدْخَلَ السَّيْلُ أَوْ الرِّيحُ فِيهَا التُّرَابَ وَسَوَّاهَا مَعَ الْأَرْضِ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ أُجْرَتِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ لَيْسَ لِلْأَجِيرِ أَنْ يُطَالِبَهُ بِالْأُجْرَةِ مَا لَمْ يَفْرُغْ مِنْ الْحَفْرِ وَيُسَلِّمْهَا إلَيْهِ حَتَّى لَوْ انْهَارَتْ فَامْتَلَأَتْ قَبْلَ التَّسْلِيمِ بِالتُّرَابِ لَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ. كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ.

، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِهِ فَالتَّسْلِيمُ بِالتَّخْلِيَةِ وَلَوْ حَفَرَ بَعْضَهُ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ لَا يُسَلِّمَ حَتَّى يُتِمَّهُ. كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ.

وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَحْفِرَ لَهُ بِئْرًا فِي دَارِهِ فَظَهَرَ الْمَاءُ فِي الْبِئْرِ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ الْمُنْتَهَى الَّذِي شَرَطَ عَلَيْهِ فَإِنْ أَمْكَنَهُ الْحَفْرُ فِي الْمَاءِ بِالْآلَةِ الَّتِي يَحْفِرُ بِهَا الْآبَارَ أُجْبِرَ عَلَى الْحَفْرِ، وَإِنْ اُحْتِيجَ إلَى اتِّخَاذِ آلَةٍ أُخْرَى لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَالنَّهْرُ وَالْقَنَاةُ وَالسِّرْدَابُ وَالْبَالُوعَةُ إذَا ظَهَرَ الْمَاءُ فِيهِ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ مَا شَرَطَ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ لَا يُسْتَطَاعُ الْحَفْرُ مَعَهُ فَهَذَا عُذْرٌ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ حَفَّارًا لِيَحْفِرَ لَهُ حَوْضًا عَشَرَةً فِي عَشَرَةٍ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَبَيَّنَ عُمْقَهُ فَحَفَرَ خَمْسَةً فِي خَمْسَةٍ كَانَ عَلَيْهِ رُبْعُ الْأَجْرِ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَكْرِيَ لَهُ نَهْرًا أَوْ قَنَاةً فَأَرَاهُ مِفْتَحَهَا وَمَصَبَّهَا وَعَرْضَهَا وَسَمَّى لَهُ كَمْ يُمْكِنُ لَهُ فِي الْأَرْضِ فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ اشْتَرَطَ طَيَّهَا بِالْآجُرِّ وَالْجِصِّ مِنْ عِنْدِ الْأَجِيرِ فَهُوَ فَاسِدٌ، وَإِنْ شَرَطَ الْآجُرَّ وَالْجِصَّ مِنْ عِنْدِ الْمُسْتَأْجِرِ وَلَمْ يُسَمِّ عَدَدَ الْآجُرِّ فَهُوَ فِي الْقِيَاسِ فَاسِدٌ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ جَائِزٌ عَلَى مَا يَعْمَلُ النَّاسُ، وَإِنْ سَمَّى عَدَدَ الْآجُرِّ وَكَيْلَ الْجِصِّ وَعَرْضَ الطَّيِّ وَطُولَهُ فِي السَّمَاءِ فَهُوَ أَوْثَقُ لِأَنَّهُ عَنْ الْمُنَازَعَةِ أَبْعَدُ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَإِنْ اُسْتُؤْجِرَ لِحَفْرِ الْقَبْرِ إنْ بَيَّنَ الطُّولَ وَالْعَرْضَ وَالْعُمْقَ يَجُوزُ اسْتِحْسَانًا وَقِيَاسًا، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الطُّولَ وَالْعَرْضَ وَالْعُمْقَ فِي الْقِيَاسِ لَا يَجُوزُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَجُوزُ وَيَقَعُ عَلَى الْوَسَطِ مِمَّا يَعْمَلُ النَّاسُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

، وَإِنْ وَصَفُوا لَهُ مَوْضِعًا فَوَجَدَ وَجْهَ الْأَرْضِ لَيِّنًا فَلَمَّا حَفَرَ ذِرَاعًا وَجَدَ جَبَلًا أَجْبَرَهُ عَلَى أَنْ يَحْفِرَ إنْ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا يَحْفِرُ النَّاسُ، وَإِنْ لَمْ يُسَمُّوا لَهُ لَحْدًا وَلَا شَقًّا فَهُوَ عَلَى عَادَةِ أَهْلِ تِلْكَ النَّاحِيَةِ فَإِنْ كَانَ بِالْكُوفَةِ فَمُعْظَمُ عَمَلِهِمْ عَلَى اللَّحْدِ، وَإِنْ كَانَ فِي بَلَدٍ مُعْظَمُ عَمَلِهِمْ عَلَى الشَّقِّ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَفِي النَّوَازِلِ سُئِلَ عَنْ أَجْرِ الْقَبْرِ أَيَكُونُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ قَالَ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْكَفَنِ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

وَفِي التَّجْرِيدِ رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ قَوْمًا يَحْمِلُونَ جِنَازَةً أَوْ يُغَسِّلُونَ مَيِّتًا إنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ لَا يَجِدُ مَنْ يُغَسِّلَهُ غَيْرُ هَؤُلَاءِ وَمَنْ يَحْمِلَهُ غَيْرُ هَؤُلَاءِ فَلَا أَجْرَ لَهُمْ، وَإِنْ كَانَ ثَمَّةَ أُنَاسٍ فَلَهُمْ الْأَجْرُ وَحَفَرَ الْحَفَّارُ عَلَى هَذَا وَفِي مَوْضِعٍ لَا أَجْرَ لَهُمْ لَوْ أَخَذُوا الْأَجْرَ لَا يَطِيبُ لَهُمْ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

وَإِذَا اسْتَأْجَرَ الرَّجُلُ رَجُلًا لِيَحْفِرَ لَهُ قَبْرًا فَحَفَرَ فَانْهَارَ أَوْ دُفِنَ فِيهِ إنْسَانٌ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ الْمُسْتَأْجِرُ بِجِنَازَتِهِ إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي مِلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ فَلَهُ الْأَجْرُ، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ فَلَا أَجْرَ لَهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَإِنْ جَاءَ الْمُسْتَأْجِرُ فَخَلَّى الْأَجِيرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَبْرِ فَانْهَارَ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ دَفَنُوا فِيهِ إنْسَانًا آخَرَ فَلَهُ الْأَجْرُ كَامِلًا لِأَنَّهُ قَدْ سَلَّمَ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ إلَى صَاحِبِهِ، وَإِنْ دَفَنَ فِيهِ الْمُسْتَأْجِرُ مَيِّتَهُ ثُمَّ قَالَ لِلْأَجِيرِ اُحْثُ التُّرَابَ عَلَيْهِ فَأَبَى الْأَجِيرُ فِي الْقِيَاسِ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ، وَلَكِنِّي أَنْظُرُ إلَى مَا يَصْنَعُ أَهْلُ تِلْكَ الْبِلَادِ فَإِنْ كَانَ الْأَجِيرُ هُوَ الَّذِي يَحْثِي التُّرَابَ أَجْبَرْتُهُ عَلَى ذَلِكَ وَكَذَلِكَ يُعْمَلُ بِالْكُوفَةِ، وَإِنْ كَانَ الْأَجِيرُ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ لَمْ أُجْبِرْهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَرَادَ أَهْلُ الْمَيِّتِ أَنْ يَكُونَ الْأَجِيرُ هُوَ الَّذِي يَضَعُ الْمَيِّتَ فِي لَحْدِهِ وَهُوَ يَنْصِبُ عَلَيْهِ اللَّبِنَ لَمْ يُجْبَرْ الْأَجِيرُ عَلَى ذَلِكَ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَحْفِرَ لَهُ قَبْرًا وَلَمْ يُسَمِّ فِي أَيِّ الْمَقَابِرِ جَازَ اسْتِحْسَانًا

<<  <  ج: ص:  >  >>