للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِقَدْرِ مَا مَضَى وَلَوْ اسْتَأْجَرَ حَمَّامًا وَدَخَلَ الْآجِرُ مَعَ بَعْضِ أَصْدِقَائِهِ الْحَمَّامَ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْأُجْرَةُ لِأَنَّهُ يَسْتَرِدُّ بَعْضَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَهُوَ مَنْفَعَةُ الْحَمَّامِ فِي الْمُدَّةِ وَلَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الْأَجْرِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَعْلُومٍ. كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى.

وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ اسْتَأْجَرَ حَمَّامًا بِبَدَلٍ مَعْلُومٍ عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ الْأَجْرَ حَالَ جَرَيَانِهِ وَانْقِطَاعِهِ فَهَذَا الشَّرْطُ مُخَالِفٌ مُقْتَضَى الْعَقْدِ فَيَفْسُدُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ إذَا اسْتَأْجَرَ الرَّجُلُ رَحًى بِالْبَيْتِ الَّذِي هُوَ فِيهِ وَمَتَاعَهَا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ كُلَّ شَهْرٍ ثُمَّ طَحَنَ فِيهَا طَحِينًا بِثَلَاثِينَ دِرْهَمًا فِي الشَّهْرِ فَرَبِحَ عِشْرِينَ هَلْ يَطِيبُ لَهُ الزِّيَادَةُ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ أَصْلَحَ شَيْئًا يُنْتَفَعُ بِهِ فِي الرَّحَى بِأَنْ كَرَى نَهَرَهَا أَوْ نَقَبَ الْحَجَرَ أَوْ لَمْ يُصْلِحْ فَإِنْ لَمْ يُصْلِحْ فَإِنْ كَانَ يَلِي الطَّحْنَ بِنَفْسِهِ تَطِيبُ لَهُ الزِّيَادَةُ فَأَمَّا إذَا كَانَ رَبُّ الطَّعَامِ هُوَ الَّذِي يَلِي الطَّحْنَ بِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَا تَطِيبُ لَهُ الزِّيَادَةُ، وَإِنْ أَصْلَحَ شَيْئًا فَإِنَّهُ تَطِيبُ لَهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَلِي الطَّحْنَ بِنَفْسِهِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

إذَا اسْتَأْجَرَ مَوْضِعًا عَلَى نَهْرٍ لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ بِنَاءً وَيَتَّخِذُ عَلَيْهِ رَحَى مَاءٍ عَلَى أَنَّ الْحِجَارَةَ وَالْمَتَاعَ وَالْحَدِيدَ وَالْبِنَاءَ مِنْ عِنْدِ الْمُسْتَأْجِرِ فَهُوَ جَائِزٌ فَإِنْ انْقَطَعَ مَاءُ النَّهْرِ فَلَمْ يَطْحَنْ وَلَمْ يَفْسَخْ الْإِجَارَةَ فَالْأَجْرُ لَازِمٌ. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَإِذَا خَافَ رَبُّ الرَّحَى إنْ انْقَطَعَ الْمَاءُ فَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ فَاكْتَرَى الْبَيْتَ وَالْحَجَرَيْنِ وَالْمَتَاعَ خَاصَّةً فَهُوَ جَائِزٌ فَإِنْ انْقَطَعَ الْمَاءُ يَكُونُ عُذْرًا وَكَذَلِكَ لَوْ شَرَطَ أَنْ لَا خِيَارَ مَتَى انْقَطَعَ الْمَاءُ لَا يَكُونُ لِهَذَا الشَّرْطِ عِبْرَةٌ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

طَاحُونَةٌ أَوْ حَمَّامٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ اسْتَأْجَرَ نَصِيبَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَجُلٌ ثُمَّ أَنْفَقَ أَحَدُ الْمُسْتَأْجَرِينَ فِي مَرَمَّةِ الْحَمَّامِ بِإِذْنِ مُؤَجِّرِهَا فَأَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ بِمَا أَنْفَقَ عَلَى الْمَالِكِ الَّذِي لَمْ يُؤَجِّرْهُ فَإِنَّهُ يَكُونُ مَا أُنْفِقَ عَلَى الَّذِي أَذِنَ لَهُ فِي الْإِنْفَاقِ وَهُوَ مُؤَجِّرُهَا لِأَنَّهُ أَنْفَقَهَا بِإِذْنِهِ فَيَصِيرُ كَأَنَّ الْمُؤَجِّرَ هُوَ الَّذِي أَنْفَقَهَا بِنَفْسِهِ، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ عَلَى الشَّرِيكِ فِي الطَّاحُونَةِ إذَا كَانَ الْإِنْفَاقُ وَالْمَرَمَّةُ بِإِذْنِهِ أَوْ بِأَمْرِ الْقَاضِي فَإِنَّ الْقَاضِي يَأْمُرُهُ أَوَّلًا بِالْمَرَمَّةِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ يَأْذَنُ لِشَرِيكِهِ بِالْإِنْفَاقِ وَالْمَرَمَّةِ لِيَرْجِعَ عَلَى شَرِيكِهِ بِنَصِيبِهِ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى.

اسْتَأْجَرَ رَحًى لِطَحْنِ الْحِنْطَةِ وَطَحَنَ بِهَا مَا مِثْلُ الْحِنْطَةِ أَوْ دُونَهَا ضَرَرًا لَا يَصِيرُ مُخَالِفًا، وَإِنْ فَوْقَهَا صَارَ مُخَالِفًا غَاصِبًا. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.

قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمَّا سَأَلْتُهُ عَنْ طَاحُونَةٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَثْلَاثًا فَآجَرَ صَاحِبُ الثُّلُثَيْنِ نَصِيبَهُ فَتَصَرَّفَ الْمُسْتَأْجِرُ فِي الْكُلِّ فَأَرَادَ صَاحِبُ الثُّلُثِ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَهُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ فِي نَصِيبِ الشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يُؤَجِّرْ مِنْهُ وَكَانَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ الِانْتِفَاعِ أَوْ إجَارَةِ نَصِيبِهِ لِأَنَّ إجَارَةَ الْمُشَاعِ لَا تَصِحُّ، وَإِنْ حَكَمَ حَاكِمٌ مِنْ حُكَّامِ الْمُسْلِمِينَ بِصِحَّةِ ذَلِكَ فَحِينَئِذٍ كَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا يَوْمَيْنِ وَيَتْرُكَ الِانْتِفَاعَ بِهَا فِي يَوْمٍ حَتَّى يَنْتَفِعَ بِهَا صَاحِبُ الثُّلُثِ وَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ أَنْ يَقُولَ أَنَا أُغْلِقُ الْبَابَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي هُوَ نَصِيبِي لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَضُرُّ بِالطَّاحُونَةِ وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الطَّاحُونَةِ حَمَّامٌ وَقَدْ آجَرَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ أَنْ يُغْلِقَ بَابَ الْحَمَّامِ فِي الْيَوْمِ الَّذِي هُوَ نَصِيبُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ يَضُرُّ بِالْحَمَّامِ وَلَا يَضُرُّ بِالطَّاحُونَةِ وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَتَهَايَآ فَيَنْتَفِعُ صَاحِبُ الثُّلُثَيْنِ بِالْحَمَّامِ شَهْرَيْنِ وَالْآخَرُ يُغْلَقُ بِالشَّهْرِ أَوْ يَتَهَايَآ أَكْثَرَ مِنْ الشَّهْرِ كَيْ لَا يَسْقُطَ الْحَمَّامُ عَنْ الِانْتِفَاعِ فَإِنَّ فِي الْمُدَّةِ الْقَلِيلَةِ يَضُرُّ بِالْحَمَّامِ فَلَا يَتَمَكَّنُ أَحَدُهُمَا بِمَا يَضُرُّ بِهِ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى.

وَإِذَا اسْتَأْجَرَ الرَّجُلُ رَحًى مِنْ رَجُلٍ وَبَيْتًا مِنْ آخَرَ وَبَعِيرًا مِنْ آخَرَ فَاسْتَأْجَرَ الْكُلَّ صَفْقَةً وَاحِدَةً كُلَّ شَهْرٍ بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ فَآجَرُوا ذَلِكَ فَهُوَ جَائِزٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَإِنْ كَانَ لِرَجُلٍ بَيْتٌ عَلَى نَهْرٍ وَقَدْ كَانَ فِيهِ رَحَى مَاءٍ قَدْ ذَهَبَتْ وَجَاءَ آخَرُ بِرَحًى أُخْرَى وَمَتَاعِهَا فَنَصَبَهَا فِي الْبَيْتِ وَاشْتَرَكَا عَلَى أَنْ يَتَقَبَّلَا مِنْ النَّاسِ الْحِنْطَةَ وَالشَّعِيرَ فَيَطْحَنَاهُمَا فَمَا كَسْبَاهُ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَهُوَ جَائِزٌ وَمَا تَقَبَّلَاهُ وَطَحَنَاهُ فَأَجْرُهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَلَيْسَ لِلرَّحَى وَلَا لِلْبَيْتِ أُجْرَةٌ وَلَوْ آجَرَ الرَّحَى بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ عَلَى طَعَامٍ مَعْلُومٍ كَانَ الْأَجْرُ كُلُّهُ لِصَاحِبِ الرَّحَى وَلِصَاحِبِ الْبَيْتِ أَجْرُ مِثْلِ بَيْتِهِ وَنَفْسِهِ عَلَى صَاحِبِ الرَّحَى إذَا كَانَ قَدْ عَمِلَ فِي ذَلِكَ قَالَ وَلَا أُجَاوِزُ بِهِ نِصْفَ أَجْرِ مِثْلِ أَجْرِ الرَّحَى فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

قَالَ وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ بَيْتٌ وَنَهْرٌ وَرَحًى وَمَتَاعُهَا فَانْكَسَرَ الْحَجَرُ الْأَعْلَى فَجَاءَ رَجُلٌ وَنَصَبَ مَكَانَهُ حَجَرًا بِغَيْرِ أَمْرِ صَاحِبِهِ وَجَعَلَ يَطْحَنُ لِلنَّاسِ بِأَجْرٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>