للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَوَازِ الْمُكَاتَبَةِ فَتَصِحُّ مُكَاتَبَةُ الْمُكَاتَبِ وَكَذَا إسْلَامُهُ فَتَجُوزُ مُكَاتَبَةُ الذِّمِّيِّ عَبْدَهُ الْكَافِرَ، وَكَذَا إذَا ابْتَاعَ عَبْدًا مُسْلِمًا فَكَاتَبَهُ، فَهُوَ جَائِزٌ، وَأَمَّا مُكَاتَبَةُ الْمُرْتَدِّ فَمَوْقُوفَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنْ قُتِلَ أَوْ مَاتَ عَلَى الرِّدَّةِ أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ بَطَلَتْ.

وَإِنْ أَسْلَمَ نَفَذَتْ وَعِنْدَهُمَا هِيَ نَافِذَةٌ، وَأَمَّا الَّذِي يَرْجِعُ إلَى الْمُكَاتَبِ فَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا، وَهُوَ مِنْ شَرَائِطِ الِانْعِقَادِ، وَأَمَّا الَّذِي يَرْجِعُ إلَى بَدَلِ الْكِتَابَةِ فَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ مَالًا، وَهُوَ شَرْطُ الِانْعِقَادِ، فَلَا تَنْعَقِدُ الْمُكَاتَبَةُ عَلَى الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ حَتَّى لَا يُعْتَقُ وَإِنْ أَدَّى إلَّا إذَا كَانَ قَالَ: عَلَيَّ أَنَّك إذَا أَدَّيْتَ إلَيَّ فَأَنْتَ حُرٌّ فَأَدَّى فَإِنَّهُ يَعْتِقُ بِالشَّرْطِ، وَلَا يَرْجِعُ الْمَوْلَى بِقِيمَتِهِ، وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ مُتَقَوِّمًا، وَأَنَّهُ مِنْ شَرَائِطِ الصِّحَّةِ فَلَا تَصِحُّ مُكَاتَبَةُ الْمُسْلِمِ عَبْدَهُ الْمُسْلِمَ أَوْ الذِّمِّيَّ عَلَى الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ، وَلَا مُكَاتَبَةُ الذِّمِّيِّ عَبْدَهُ الْمُسْلِمَ عَلَى الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ فَإِنْ أَدَّى يَعْتِقُ.

وَعَلَيْهِ قِيمَةُ نَفْسِهِ، وَأَمَّا الذِّمِّيُّ فَتَجُوزُ مُكَاتَبَةُ عَبْدِهِ الْكَافِرِ عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ فَإِنْ كَاتَبَ ذِمِّيٌّ عَبْدًا لَهُ كَافِرًا فَأَسْلَمَ أَحَدُهُمَا فَالْمُكَاتَبَةُ مَاضِيَةٌ، وَعَلَى الْعَبْدِ قِيمَةُ الْخَمْرِ، وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ مَعْلُومَ النَّوْعِ وَالْقَدْرِ سَوَاءٌ كَانَ مَعْلُومَ الصِّفَةِ أَوْ لَا، وَهُوَ مِنْ شَرَائِطِ الِانْعِقَادِ فَإِنْ كَانَ مَجْهُولَ الْقَدْرِ أَوْ مَجْهُولَ النَّوْعِ لَمْ تَنْعَقِدْ، وَإِنْ كَانَ مَعْلُومَ النَّوْعِ وَالْقَدْرِ مَجْهُولَ الصِّفَةِ جَازَتْ الْمُكَاتَبَةُ، وَالْأَصْلُ أَنَّ الْجَهَالَةَ مَتَى فَحُشَتْ مَنَعَتْ جَوَازَ الْكِتَابَةِ، وَإِلَّا فَلَا، وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ الْبَدَلُ مِلْكَ الْمَوْلَى، وَهُوَ شَرْطُ الِانْعِقَادِ حَتَّى لَوْ كَاتَبَهُ عَلَى عَيْنٍ مِنْ أَعْيَانِ الْمَوْلَى لَمْ يَجُزْ، وَكَذَا لَوْ كَاتَبَهُ عَلَى مَا فِي يَدِ الْعَبْدِ مِنْ الْكَسْبِ وَقْتَ الْمُكَاتَبَةِ.

وَأَمَّا كَوْنُ الْبَدَلِ دَيْنًا فَهُوَ شَرْطُ جَوَازِ الْكِتَابَةِ، وَأَمَّا الَّذِي يَرْجِعُ إلَى نَفْسِ الرُّكْنِ فَمِنْ شَرَائِطِ الصِّحَّةِ: خُلُوُّهُ عَنْ شَرْطٍ فَاسِدٍ، وَهُوَ الشَّرْطُ الْمُخَالِفُ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ الدَّاخِلِ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ مِنْ الْبَدَلِ فَإِنْ لَمْ يُخَالِفْ مُقْتَضَى الْعَقْدِ جَازَ الشَّرْطُ وَالْعَقْدُ، وَإِنْ خَالَفَ مُقْتَضَى الْعَقْدِ لَكِنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي صُلْبِهِ يَبْطُلْ الشَّرْطُ، وَيَبْقَى الْعَقْدُ صَحِيحًا هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

(وَأَمَّا) (حُكْمُهَا مِنْ جَانِبِ الْعَبْدِ) ، فَهُوَ فِكَاكُ الْحَجَرِ وَثُبُوتُ حُرِّيَّةِ الْيَدِ فِي الْحَالِ حَتَّى يَكُونُ الْعَبْدُ أَخَصَّ بِنَفْسِهِ وَكَسْبِهِ، وَيَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى الْمَوْلَى بِالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى مَالِهِ، وَثُبُوتُ حَقِيقَةِ الْحُرِّيَّةِ عِنْدَ الْأَدَاءِ، وَمِنْ جَانِبِ الْمَوْلَى ثُبُوتُ وِلَايَةِ الْمُطَالَبَةِ بِالْبَدَلِ لِلْحَالِ وَثُبُوتُ حَقِيقَةِ الْمِلْكِ عِنْدَ الْأَدَاءِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.

الْكِتَابَةُ إنْ كَانَتْ حَالَّةً فَلِلْمَوْلَى أَنْ يُطَالِبَ الْمُكَاتَبَ بِالْبَدَلِ كَمَا فَرَغَ مِنْ الْعَقْدِ، وَإِنْ كَانَتْ مُؤَجَّلَةً مُنَجَّمَةً فَإِنَّمَا يُطَالِبُ بِحِصَّةِ كُلِّ نَجْمٍ عِنْدَ مَحَلِّ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. الْمَوْلَى لَا يَمْلِكُ أَكْسَابَ الْعَبْدِ، وَلَا اسْتِخْدَامَهُ، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمَوْلَى صَدَقَةُ فِطْرِهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.

وَإِذَا وَطِئَ الْمَوْلَى الْمُكَاتَبَةَ لَزِمَهُ الْعُقْرُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَفِي الْكِفَايَةِ لِشَمْسِ الْأَئِمَّة الْبَيْهَقِيّ جِنَايَةُ الْمَوْلَى عَلَى الْمُكَاتَبَ عَمْدًا لَا تُوجِبُ الْقَوَدَ، وَلَوْ قَتَلَ الْمُكَاتَبُ مَوْلَاهُ يَجِبُ الْقَوَدُ كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ.

وَأَحْكَامُ الْمُكَاتَبَةِ فِي النِّكَاحِ وَالْعِدَّةِ كَأَحْكَامِ الْقِنَّةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهِيَ مُسْتَحَبَّةٌ لِمَنْ عَلِمَ فِيهِ خَيْرًا أَيْ عَلِمَ أَمَانَتَهُ وَرُشْدَهُ فِي التِّجَارَةِ وَقُدْرَتَهُ عَلَى الِاكْتِسَابِ كَانَ الْبَدَلُ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا مُنَجَّمًا أَوْ غَيْرَ مُنَجَّمٍ عِنْدَنَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ الْمُرَادَ بِالْخَيْرِ أَنْ لَا يَضُرَّ بِالْمُسْلِمِينَ بَعْدَ الْعِتْقِ، وَإِنْ كَانَ يَضُرُّهُمْ فَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يُكَاتِبَهُ فَلَوْ فَعَلَ جَازَ كَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ وَالْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ إذَا كَانَ يَعْقِلُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ كَذَا فِي الْكَافِي وَكُلُّ مَا يَصْلُحُ مَهْرًا فِي النِّكَاحِ يَصْلُحُ بَدَلًا فِي الْكِتَابَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَلَا يَعْتِقُ إلَّا بِأَدَاءِ جَمِيعِ الْبَدَلِ فَإِذَا أَدَّاهُ عَتَقَ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لَهُ الْمَوْلَى إنْ أَدَّيْته فَأَنْتَ حُرٌّ هَكَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ، وَلَا يَجِبُ حَطُّ شَيْءٍ مِنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ عَنْ الْعَبْدِ بَلْ هُوَ مَنْدُوبٌ كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ.

وَإِذَا أَخَذَ بِالْمُكَاتَبَةِ رَهْنًا فِيهِ وَفَاءٌ بِهَا فَهَلَكَ الرَّهْنُ عَتَقَ الْعَبْدُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. الْكِتَابَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يُكَاتِبَهُ عَلَى نَفْسِهِ دُونَ مَالِهِ، وَالثَّانِي: أَنْ يُكَاتِبَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ وَكِلَاهُمَا جَائِزٌ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَأَنْ يَقُولَ كَاتَبْتُك عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ فَكُلُّ مَالٍ هُوَ فِي يَدِهِ قَبْلَ هَذَا فَهُوَ لِمَوْلَاهُ، وَمَا يَكْتَسِبُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ لَهُ فَإِذَا أَدَّى مِنْهُ بَدَلَ الْكِتَابَةِ يُسَلِّمُ لَهُ الْفَضْلَ، وَالثَّانِي: كَاتَبْتُك عَلَى نَفْسِك وَمَالِك عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ فَكُلُّ مَا فِي يَدِهِ وَمَا يَكْتَسِبُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَهُوَ لَهُ دُونَ مَوْلَاهُ كَانَ مَالُهُ أَكْثَرَ مِنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ أَوْ أَقَلَّ، وَلَيْسَ لِلْمَوْلَى مِنْ مَالِهِ غَيْرُ بَدَلِ الْكِتَابَةِ، وَمَالُهُ هُوَ الَّذِي

<<  <  ج: ص:  >  >>