للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - هِيَ أُمُّ وَلَدٍ لِلْأَوَّلِ، وَلَا يَجُوزُ وَطْءُ الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا ادَّعَى الْأَوَّلُ الْوَلَدَ صَارَ كُلُّهَا أُمَّ وَلَدٍ لَهُ؛ لِأَنَّ أُمُومِيَّةَ الْوَلَدِ يَجِبُ تَكْمِيلُهَا بِالْإِجْمَاعِ مَا أَمْكَنَ بِفَسْخِ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّهَا قَابِلَةٌ لِلْفَسْخِ فَتَنْفَسِخُ فِيمَا لَا يَتَضَرَّرُ بِهِ الْمُكَاتَبُ وَتَبْقَى الْكِتَابَةُ فِيمَا وَرَاءَ مَا أَمْكَنَ، وَإِذَا صَارَ كُلُّهَا أُمَّ وَلَدٍ لَهُ فَلَا يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ، وَلَا يَكُونُ حُرًّا عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ لِلشُّبْهَةِ، وَيَلْزَمُهُ جَمِيعُ الْعُقْرِ، وَإِذَا بَقِيَتْ الْكِتَابَةُ، وَصَارَ كُلُّهَا مُكَاتَبَةً لَهُ قِيلَ يَجِبُ عَلَيْهَا نِصْفُ بَدَلِ الْكِتَابَةِ، وَقِيلَ يَجِبُ كُلُّ الْبَدَلِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ هَكَذَا فِي الْكَافِي وَيَضْمَنُ الْأَوَّلُ لِشَرِيكِهِ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - نِصْفَ قِيمَتِهَا مُكَاتَبَةً مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرَا وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَضْمَنُ الْأَقَلَّ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهَا، وَمِنْ نِصْفِ مَا بَقِيَ مِنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ، وَإِذَا كَانَ الثَّانِي لَمْ يَطَأْهَا، وَلَكِنْ دَبَّرَهَا ثُمَّ عَجَزَتْ بَطَلَ التَّدْبِيرُ، وَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لِلْأَوَّلِ، وَيَضْمَنُ لِشَرِيكِهِ نِصْفَ عُقْرِهَا وَنِصْفَ قِيمَتِهَا، وَالْوَلَدُ وَلَدٌ لِلْأَوَّلِ، وَهَذَا قَوْلُهُمْ جَمِيعًا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.

مُكَاتَبَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَلَدَتْ ابْنَةً ثُمَّ وَطِئَ أَحَدُهُمَا الِابْنَةَ فَعَلِقَتْ مِنْهُ قَالَ: يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ، وَالِابْنَةُ عَلَى حَالِهَا لَيْسَ لَهَا أَنْ تُخْرِجَ نَفْسَهَا مِنْ الْكِتَابَةِ لِتَكُونَ أُمَّ وَلَدٍ لِلْمُسْتَوْلِدِ، وَعَلَى الْمُسْتَوْلِدِ عُقْرُهَا، وَلَكِنَّ عُقْرَهَا لِلْأُمِّ بِمَنْزِلَةِ كَسْبِهَا وَإِنَّهَا تَابِعَةٌ لِلْأُمِّ فِي الْكِتَابَةِ، فَإِنْ عَجَزَتْ الْمُكَاتَبَةُ صَارَتْ الِابْنَةُ أُمَّ وَلَدٍ لِلْوَاطِئِ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ ظُهُورِ أُمِّيَّةِ الْوَلَدِ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ مِنْهَا قَدْ ارْتَفَعَ بِعَجْزِ الْأُمِّ، وَإِنَّمَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ مِنْ حِينِ عَلِقَتْ مِنْهُ فَلِهَذَا يَضْمَنُ لِشَرِيكِهِ نِصْفَ قِيمَتِهَا يَوْمَ عَلِقَتْ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ تَعْجِزْ فَأَعْتَقَ الشَّرِيكُ الْآخَرُ الِابْنَةَ بَعْدَ عُلُوقِهَا مِنْ الْأَوَّلِ عَتَقَتْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ نَصِيبَ الِابْنَةِ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ مَا بَقِيَتْ الْكِتَابَةُ فِيهَا فَيَنْفُذُ عِتْقُهُ، وَلَا سِعَايَةَ عَلَيْهَا وَوَلَدُهَا حُرٌّ، وَلَا سِعَايَةَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَيْضًا وَالْمُكَاتَبَةُ بَاقِيَةٌ عَلَى حَالِهَا تُعْتَقُ بِالْأَدَاءِ أَوْ تَعْجِزُ فَتَكُونُ أَمَةً بَيْنَهُمَا.

مُكَاتَبَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَلَدَتْ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا الْوَلَدَ عَتَقَ نَصِيبُهُ مِنْهُ وَهُوَ عَلَى حَالِهِ حَتَّى تَعْجِزَ الْأُمُّ أَوْ تُعْتَقَ، فَإِنْ عَتَقَتْ عَتَقَ مَعَهَا، فَإِنْ عَجَزَتْ فَقَدْ زَالَ مَعْنَى التَّبَعِيَّةِ، وَصَارَ الْوَلَدُ مَقْصُودًا وَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا أَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا فَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ يَعْتِقُهُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ وَإِذَا اخْتَارَ التَّضْمِينَ يُضَمِّنُهُ نِصْفَ قِيمَتِهِ وَقْتَ إعْتَاقِهِ لَا وَقْتَ عَجْزِ الْأُمِّ.

مُكَاتَبَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَلَدَتْ ابْنَةً فَوَطِئَا الِابْنَةَ فَعَلِقَتْ فَوَلَدَتْ مِنْهُمَا ثُمَّ مَاتَا فَالِابْنَةُ حُرَّةٌ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُمَا فَتَعْتِقُ بِمَوْتِهِمَا كَمَا لَوْ أَعْتَقَاهَا، وَبَقِيَتْ الْأُمُّ عَلَى مُكَاتَبَتِهِمَا، وَلَوْ كَانَتْ الْأُمُّ هِيَ الَّتِي وَلَدَتْ مِنْهُمَا ثُمَّ مَاتَا عَتَقَتْ هِيَ بِجِهَةِ الِاسْتِيلَادِ، وَعَتَقَ وَلَدُهَا أَيْضًا، وَإِنْ عَجَزَتْ ثُمَّ وَلَدَتْ مِنْهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ فَالْوَلَدُ الْأَوَّلُ رَقِيقٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

مُكَاتَبٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ لِشَرِيكِهِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا؛ لِأَنَّ نَصِيبَ الْآخَرِ مُكَاتَبٌ عَلَى حَالِهِ لِكَوْنِ الْعِتْقِ مُتَجَزِّئًا عِنْدَهُ، فَإِنْ أَدَّى عَتَقَ وَالْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ عَجَزَ صَارَ كَعَبْدٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا وَعَلَى قَوْلِهِمَا عَتَقَ وَالْوَلَاءُ لَهُ، فَإِنْ لَمْ يَعْتِقْهُ أَحَدُهُمَا، وَلَكِنْ دَبَّرَهُ صَارَ نَصِيبُهُ مُدَبَّرًا، وَيَكُونُ عَلَى حَالِهِ؛ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ لَا يُنَافِي الْكِتَابَةَ، فَإِنْ أَدَّى الْكُلَّ عَتَقَ وَالْوَلَاءُ يَثْبُتُ مِنْهُمَا، وَإِنْ عَجَزَ صَارَ كَعَبْدٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ دَبَّرَهُ أَحَدُهُمَا صَارَ نَصِيبُهُ مُدَبَّرًا وَلِشَرِيكِهِ خَمْسُ خِيَارَاتٍ إنْ كَانَ مُوسِرًا، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَأَرْبَعُ خِيَارَاتٍ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ لَمْ يُدَبِّرْهُ وَلَكِنْ كَانَتْ جَارِيَةً فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ، وَصَارَ نَصِيبُهُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ ثُمَّ الْمُكَاتَبَةُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَتْ مَضَتْ عَلَى الْكِتَابَةِ، وَإِنْ شَاءَتْ عَجَّزَتْ نَفْسَهَا، وَلَا تَصِيرُ كُلُّهَا أُمَّ وَلَدٍ، فَإِنْ مَضَتْ عَلَى الْمُكَاتَبَةِ أَخَذَتْ مِنْهُ عُقْرَهَا وَاسْتَعَانَتْ بِهِ عَلَى أَدَاءِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ، وَإِنْ عَجَّزَتْ نَفْسَهَا وَرُدَّتْ فِي الرِّقِّ فَإِنَّهَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لِلْمُسْتَوْلِدِ، وَيَضْمَنُ الشَّرِيكُ نِصْفَ قِيمَتِهَا لِلشَّرِيكِ مُكَاتَبَةً وَنِصْفَ عُقْرِهَا، وَلَا يَغْرَمُ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ شَيْئًا، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

رَجُلٌ كَاتَبَ جَارِيَتَهُ ثُمَّ مَاتَ عَنْ ابْنَيْنِ فَاسْتَوْلَدَهَا أَحَدُهُمَا فَهِيَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَتْ عَجَزَتْ فَكَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَيَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهَا وَنِصْفَ عُقْرِهَا لِشَرِيكِهِ، وَإِنْ شَاءَتْ مَضَتْ عَلَى كِتَابَتِهَا وَأَخَذَتْ عُقْرَهَا وَإِذَا كَاتَبَ الرَّجُلَانِ جَارِيَةً بَيْنَهُمَا مُكَاتَبَةً وَاحِدَةً ثُمَّ ارْتَدَّ أَحَدُهُمَا عَنْ الْإِسْلَامِ فَأَدَّتْ الْمُكَاتَبَةُ إلَيْهِمَا ثُمَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>