للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَجُلٌ مَالَهُ وَادَّعَى أَنَّهُ وَارِثُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ قَالَ: لَا آخُذُ الْمَالَ مِنْ يَدِهِ، وَلَا أَضَعُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَإِنْ أَقَامَ مُسْلِمٌ شَاهِدَيْنِ مُسْلِمَيْنِ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ، وَهُوَ يَمْلِكُهُ، وَأَنَّهُ مَاتَ وَهُوَ مُسْلِمٌ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ وَأَقَامَ ذِمِّيٌّ شَاهِدَيْنِ مُسْلِمَيْنِ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ، وَهُوَ يَمْلِكُهُ، وَأَنَّهُ مَاتَ كَافِرًا لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ فَلِلْمُسْلِمِ نِصْفُ الْمِيرَاثِ، وَنِصْفُ الْمِيرَاثِ لِأَقْرَبِ النَّاسِ عَصَبَةً إلَى الذِّمِّيِّ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْهُمْ قَرَابَةٌ جَعَلْته لِبَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ كَانَ شُهُودُ الذِّمِّيِّ نَصَارَى لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِ، وَلَكِنْ يَقْضِي بِوَلَائِهِ لِلْمُسْلِمِ وَبِجَمِيعِ الْمِيرَاثِ لَهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَإِنْ كَانَ الشُّهُودُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَإِنَّهُ يَقْضِي بِوَلَائِهِ وَمِيرَاثِهِ لِلْمُسْلِمِ فَيَحْكُمُ بِإِسْلَامِهِ، وَإِذَا اخْتَصَمَ مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ فِي، وَلَاءِ رَجُلٍ وَهُوَ حَيٌّ وَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ أَعْتَقَهُ، وَهُوَ يَمْلِكُهُ وَأَرَّخَا وَتَارِيخُ أَحَدِهِمَا أَسْبَقُ فَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ شُهُودًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ قَضَى بِأَسْبَقِهِمَا تَارِيخًا، فَإِنْ كَانَ شُهُودُ الذِّمِّيِّ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَالْعَبْدُ الْمُعْتَقُ كَافِرٌ قَضَى بِبَيِّنَةِ الْمُسْلِمِ، وَإِنْ كَانَ الذِّمِّيُّ أَسْبَقَهُمَا تَارِيخًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

ذِمِّيٌّ فِي يَدَيْهِ عَبْدٌ أَعْتَقَهُ فَأَقَامَ مُسْلِمٌ شَاهِدَيْنِ مُسْلِمَيْنِ أَنَّهُ عَبْدُهُ، وَأَقَامَ الذِّمِّيُّ شَاهِدَيْنِ مُسْلِمَيْنِ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ، وَهُوَ يَمْلِكُهُ أَمْضَيْتُ الْعِتْقَ وَالْوَلَاءَ لِلذِّمِّيِّ كَمَا لَوْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُدَّعِيَيْنِ مُسْلِمًا، وَإِذَا كَانَ شُهُودُ الذِّمِّيِّ كُفَّارًا قَضَيْت بِهِ لِلْمُسْلِمِ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْلِمُ أَقَامَ شَاهِدَيْنِ مُسْلِمَيْنِ أَنَّهُ عَبْدُهُ دَبَّرَهُ أَوْ كَانَتْ جَارِيَتَهُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اسْتَوْلَدَهَا، وَأَقَامَ الذِّمِّيُّ شَاهِدَيْنِ مُسْلِمَيْنِ عَلَى الْمِلْكِ وَالْعِتْقِ فَبَيِّنَةُ الذِّمِّيِّ أَوْلَى، وَلَوْ كَانَتْ أَمَةً فِي يَدَيْ ذِمِّيٍّ قَدْ وَلَدَتْ لَهُ وَلَدًا فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهَا أَمَتُهُ غَصَبَهَا هَذَا مِنْهُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ، وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا أَمَتُهُ وَلَدَتْ هَذَا مِنْهُ فِي مِلْكِهِ قَضَيْت بِهَا وَبِوَلَدِهَا لِلْمُدَّعِي، وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي أَنَّهَا أَمَتُهُ آجَرَهَا مِنْ ذِي الْيَدِ أَوْ أَعَارَهَا مِنْهُ أَوْ وَهَبَهَا مِنْهُ، وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ الْمُدَّعِي أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا أَمَتُهُ وَلَدَتْ فِي مِلْكِهِ قَضَيْت بِهَا لِذِي الْيَدِ، وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى ذُو الْيَدِ أَنَّهَا أَمَتُهُ أَعْتَقَهَا، وَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا أَمَتُهُ وَلَدَتْ فِي مِلْكِهِ فَبَيِّنَةُ الْمُعْتِقِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ فِيهِ إثْبَاتَ حُرِّيَّتِهَا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ تُوطَأَ بِالْمِلْكِ بَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى حُرِّيَّتِهَا، وَلَوْ شَهِدَ شُهُودُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعَ ذَلِكَ بِالْغَصْبِ عَلَى الْآخَرِ كَانَ شُهُودُ الْعِتْقِ أَيْضًا أَوْلَى وَاسْتِحْقَاقُ الْوَلَاءِ عَلَيْهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِي شَهِدَ أَنَّ الْبَائِعَ قَدْ كَانَ أَعْتَقَهُ قَبْلَ أَنْ يَبِيعَهُ فَالْعَبْدُ حُرٌّ، وَوَلَاؤُهُ مَوْقُوفٌ إذَا كَانَ الْبَائِعُ يَجْحَدُ، فَإِنْ صَدَّقَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ بَعْدَ ذَلِكَ لَزِمَهُ الْوَلَاءُ وَرَدَّ الثَّمَنَ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَكَذَلِكَ إنْ صَدَّقَ الْمُشْتَرِي وَرَثَةُ الْبَائِعِ بَعْدَ مَوْتِ الْبَائِعِ، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ، وَإِنْ أَقَرَّ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْبَائِعَ قَدْ كَانَ دَبَّرَهُ فَهُوَ مَوْقُوفٌ، فَإِنْ مَاتَ الْبَائِعُ بَعْدَ ذَلِكَ عَتَقَ الْعَبْدُ، فَإِنْ صَدَّقَ وَرَثَةُ الْبَائِعِ الْمُشْتَرِي يُعْتَبَرُ تَصْدِيقُهُمْ فِي حَقِّ لُزُومِ الْوَلَاءِ لِلْبَائِعِ، وَفِي حَقِّ رَدِّ الثَّمَنِ اسْتِحْسَانًا.

عَبْدٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ شَهِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِالْعِتْقِ فَالْعَبْدُ يَخْرُجُ مِنْ الرِّقِّ إلَى الْحُرِّيَّةِ بِالسِّعَايَةِ، وَيَسْعَى لَهُمَا مُوسِرَيْنِ كَانَا أَوْ مُعْسِرَيْنِ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُوسِرًا وَالْآخَرُ مُعْسِرًا وَيَكُونُ الْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَى قَوْلِهِمَا الْعَبْدُ حُرٌّ، وَوَلَاؤُهُ مَوْقُوفٌ بَيْنَهُمَا.

أَمَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ شَهِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهَا وَلَدَتْ مِنْ صَاحِبِهِ وَصَاحِبُهُ يُنْكِرُ فَإِنَّ الْجَارِيَةَ تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ مَوْقُوفَةً فَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا عَتَقَتْ وَيَكُونُ وَلَاؤُهَا مَوْقُوفًا بِلَا خِلَافٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

أَمَةٌ لِرَجُلٍ مَعْرُوفَةٌ أَنَّهَا لَهُ وَلَدَتْ مِنْ آخَرَ فَقَالَ رَبُّ الْأَمَةِ: بِعْتُكَهَا بِأَلْفٍ وَقَالَ الْآخَرُ: بَلْ زَوَّجْتنِيهَا فَالْوَلَدُ حُرٌّ، وَوَلَاؤُهُ مَوْقُوفٌ؛ لِأَنَّ مَوْلَى الْأَمَةِ يَنْفِي وَلَاءَهُ عَنْ نَفْسِهِ وَيَقُولُ: هُوَ حُرُّ الْأَصْلِ عُلِّقَ فِي مِلْكِ أَبِيهِ وَالْجَارِيَةُ مَوْقُوفَةٌ بِمَنْزِلَةِ أُمِّ الْوَلَدِ، وَلَا يَطَؤُهَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَلَا يَسْتَخْدِمُهَا، وَلَا يَسْتَغِلُّهَا وَوَلَاؤُهَا مَوْقُوفٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَنْفِيه عَنْ نَفْسِهِ وَيَأْخُذُ الْبَائِعُ الْعُقْرَ مِنْ أَبِي الْوَلَدِ قِصَاصًا مِنْ الثَّمَنِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَإِذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ أَنَّ أَبَاهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ فِي مَرَضِهِ أَوْ صِحَّتِهِ، وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ فَوَلَاؤُهُ مَوْقُوفٌ فِي الْقِيَاسِ، وَلَا يُصَدَّقُ عَلَى الْأَبِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَكُونُ الْوَلَاءُ لِلِابْنِ، وَلَا يَكُونُ مَوْقُوفًا، وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ الْوَلَاءِ إنَّ عَاقِلَةَ الْأَبِ هَلْ تَعْقِلُ عَنْهُ وَمَشَايِخُنَا فَصَّلُوا الْجَوَابَ فِيهِ تَفْصِيلًا، فَقَالُوا: إنْ كَانَ عَصَبَةُ الِابْنِ وَعَصَبَةُ الْأَبِ وَاحِدًا بِأَنْ أَعْتَقَهُمَا رَجُلٌ وَاحِدٌ وَقَوْمُهُمَا مِنْ حَيٍّ وَاحِدٍ كَانَ عَقْلُهُ عَلَى عَاقِلَةِ أَبِيهِ فَأَمَّا إذَا كَانَتْ عَصَبَةُ الِابْنِ غَيْرَ عَصَبَةِ الْأَبِ بِأَنْ أَعْتَقَ الْأَبَ رَجُلٌ وَأَعْتَقَ الِابْنَ رَجُلٌ آخَرُ لَا يَكُونُ عَقْلُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْأَبِ وَيَكُونُ الْعَقْلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>