للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْيَسَارُ، وَفِي بَيِّنَةِ الْإِفْلَاسِ لَا تُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الْمُدَّعِي، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي فَصْلِ الْحَبْسِ مِنْ كِتَابِ أَدَبِ الْقَاضِي. وَيَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ الشُّهُودُ: إنَّهُ فَقِيرٌ وَلَا نَعْلَمُ لَهُ مَالًا وَلَا عَرْضًا مِنْ الْعُرُوضِ يَخْرُجُ بِذَلِكَ عَنْ حَالِ الْفَقْرِ، وَعَنْ أَبِي الْقَاسِمِ الصَّفَّارِ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ الشُّهُودُ: نَشْهَدُ أَنَّهُ مُفْلِسٌ مُعْدَمٌ لَا نَعْلَمُ لَهُ مَالًا سِوَى كِسْوَتِهِ الَّتِي عَلَيْهِ وَثِيَابُ لَيْلِهِ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ.

وَلَوْ دَخَلَ دَارِهِ لِحَاجَتِهِ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: لَا يَتْبَعُهُ بَلْ يَجْلِسُ عَلَى بَابِ دَارِهِ إلَى أَنْ يَخْرُجَ وَقَالَ فِي الزِّيَادَاتِ إذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي الدُّخُولِ يُجْلِسُهُ عَلَى بَابِ الدَّارِ وَيَمْنَعُهُ مِنْ الدُّخُولِ كَيْ لَا يَخْتَفِيَ أَوْ يَهْرُبَ مِنْ جَانِبٍ آخَرَ فَيَفُوتَ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْمُلَازَمَةِ، وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ: لَيْسَ لِصَاحِبِ الْحَقِّ أَنْ يَمْنَعَ الْمَلْزُومَ أَنْ يَدْخُلَ فِي بَيْتِهِ لِغَائِطِ أَوْ غِذَاءٍ إلَّا إذَا أَعْطَاهُ الْغِذَاءَ، وَأَعَدَّ لَهُ مَوْضِعًا آخَرَ لِأَجْلِ الْغَائِطِ فَحِينَئِذٍ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ، حَتَّى لَا يَهْرُبَ، وَفِيهِ إذَا كَانَ عَمَلُ الْمَلْزُومِ سَقْيَ الْمَاءِ وَنَحْوَهُ لَيْسَ لِصَاحِبِ الْحَقِّ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ وَلَكِنْ لَهُ أَنْ يُلْزِمَهُ نَائِبَهُ أَوْ أَجِيرَهُ أَوْ غُلَامَهُ إلَّا إذَا كَفَاهُ نَفَقَتَهُ وَنَفَقَةَ عِيَالِهِ وَأَعْطَاهُ، فَحِينَئِذٍ كَانَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ عَنْ ذَلِكَ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.

وَفِي الْوَاقِعَاتِ: رَجُلٌ قُضِيَ عَلَيْهِ بِحَقٍّ لِإِنْسَانٍ فَأَمَرَ غُلَامَهُ أَنْ يُلَازِمَ الْغَرِيمَ فَقَالَ الْغَرِيمُ: أَنَا لَا أُرِيدُ مُلَازَمَةَ الْغُلَامِ لَا أَجْلِسُ إلَّا مَعَ الْمُدَّعِي فَلَهُ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ.

وَلَوْ اخْتَارَ الْمَطْلُوبُ الْحَبْسَ وَالطَّالِبُ الْمُلَازَمَةَ فَالْخِيَارُ إلَى الطَّالِبِ إلَّا إذَا عَلِمَ الْقَاضِي أَنَّهُ يَتَعَدَّى عَلَيْهِ فِي الْمُلَازَمَةِ بِأَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ دُخُولِهِ فِي دَارِهِ أَوْ يَتْبَعَهُ فِي الدُّخُولِ فَحِينَئِذٍ يَحْبِسُهُ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ، كَذَا فِي الْكَافِي.

وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ لِلرَّجُلِ عَلَى الْمَرْأَةِ لَا يُلَازِمُهَا لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَلْوَةِ بِالْأَجْنَبِيَّةِ وَلَكِنَّهُ يَبْعَثُ امْرَأَةً أَمِينَةً تُلَازِمُهَا، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.

وَمَنْ أَفْلَسَ وَعِنْدَهُ مَتَاعٌ لِرَجُلٍ بِعَيْنِهِ ابْتَاعَهُ مِنْهُ فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ أُسْوَةٌ لِلْغُرَمَاءِ فِيهِ، صُورَتُهُ: رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ شَيْئًا وَقَبَضَهُ فَلَمْ يُؤَدِّ ثَمَنَهُ حَتَّى أَفْلَسَ وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُ هَذَا الشَّيْءِ فَادَّعَى الْبَائِعُ بِأَنَّهُ أَحَقُّ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ وَادَّعَى الْغُرَمَاءُ التَّسْوِيَةَ فِي ثَمَنِهِ، فَإِنَّهُ يُبَاعُ وَيُقَسَّمُ الثَّمَنُ بَيْنَهُمْ بِالْحِصَصِ إنْ كَانَتْ الدُّيُونُ كُلُّهَا حَالَّةً، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا مُؤَجَّلًا وَبَعْضُهَا حَالًّا يُقَسَّمُ الثَّمَنُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ الَّذِينَ حَلَّتْ دُيُونُهُمْ، ثُمَّ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ شَارَكَهُمْ أَصْحَابُ الدُّيُونِ الْمُؤَجَّلَةِ فِيمَا قَبَضُوا بِالْحِصَصِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَقْبِضْ الْمَبِيعُ ثُمَّ أَفْلَسَ فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ أَوْلَى بِثَمَنِهِ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ.

هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي السَّفِيهِ الْمَحْجُورِ إذَا زَوَّجَ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ أَوْ أُخْتَهُ الصَّغِيرَةَ لَمْ يَجُزْ قَالَ: سَأَلْتُ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ لَمْ يُؤْنَسْ مِنْهُ رُشْدُهُ فَلَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ وَمَالُهُ فِي يَدَيْهِ فَبَاعَهُ فَأَخْبَرَنِي أَنَّ أَبَا يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ: الْبَيْعُ بَاطِلٌ، وَكَذَلِكَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

[كِتَابُ الْمَأْذُونِ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ عَشْرَ بَابًا]

[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِ الْإِذْنِ وَرُكْنِهِ وَشَرْطِهِ وَحُكْمِهِ]

(كِتَابُ الْمَأْذُونِ)

(وَفِيهِ ثَلَاثَةُ عَشْرَ بَابًا) (الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِ الْإِذْنِ شَرْعًا وَرُكْنِهِ وَشَرْطِهِ وَحُكْمِهِ) أَمَّا تَفْسِيرُهُ شَرْعًا فَهُوَ فَكُّ الْحَجْرِ وَإِسْقَاطُ الْحَقِّ فَلَا يَتَوَقَّفُ بِزَمَانٍ وَلَا مَكَان وَلَا نَوْعٍ مِنْ التِّجَارَةِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.

وَأَمَّا رُكْنُهُ فَقَوْلُ الْقَائِلِ لِعَبْدِهِ أَذِنْتُ لَكَ فِي التِّجَارَةِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَأَمَّا شَرْطُهُ فَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ مِمَّنْ يَعْقِلُ التَّصَرُّفَ وَيَقْصِدُهُ، وَالْآذِنُ مِمَّنْ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ بَيْعًا وَإِجَارَةً وَرَهْنًا وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَالِكًا لِلرَّقَبَةِ، حَتَّى جَازَ الْإِذْنُ مِنْ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ وَالْمُكَاتَبِ وَالشَّرِيكِ مُفَاوَضَةً وَعِنَانًا وَالْأَبِ وَالْجَدِّ وَالْقَاضِي وَالْوَلِيِّ. وَأَمَّا حُكْمُهُ فَهُوَ التَّفْسِيرُ الشَّرْعِيُّ، هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.

لَوْ أَذِنَ لَهُ يَوْمًا أَوْ شَهْرًا كَانَ مَأْذُونًا مُطْلَقًا مَا لَمْ يَنْهَهْ، وَكَذَلِكَ إذْنُ الْقَاضِي وَالْوَصِيِّ لِعَبْدِ الْيَتِيمِ، وَكَذَلِكَ لِلصَّبِيِّ الَّذِي يَعْقِلُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.

ثُمَّ الْإِذْنُ بِالتَّصَرُّفِ إنَّمَا لَا يَتَخَصَّصُ عِنْدَنَا إذَا صَادَفَ الْإِذْنُ عَبْدًا مَحْجُورًا، أَمَّا إذَا صَادَفَ عَبْدًا مَأْذُونًا يَتَخَصَّصُ، حَتَّى أَنَّ الْمَوْلَى إذَا أَذِنَ لِعَبْدِهِ فِي التِّجَارَةِ ثُمَّ دَفَعَ إلَيْهِ مَالًا وَقَالَ: اشْتَرِ لِي بِهِ الطَّعَامَ فَاشْتَرَى الْعَبْدُ بِهِ الرَّقِيقَ يَصِيرُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْمَأْذُونِ، وَكَانَ الثَّمَنُ عَلَى الْمَأْذُونِ يَنْقُدُهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ دُونَ مَالِ

<<  <  ج: ص:  >  >>