للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي يَوْمٍ أَوْ سَاعَةٍ يَكُونُ إذْنًا فِي جَمِيعِ الْأَيَّامِ مَا لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ فِي أَهْلِ سُوقِهِ، كَذَلِكَ لَوْ قَالَ: أَذِنْت لَك فِي التِّجَارَةِ فِي هَذَا الشَّهْرِ فَإِذَا مَضَى هَذَا الشَّهْرُ قَدْ حَجَرْت عَلَيْك فَلَا تَبِيعَنَّ، وَلَا تَشْتَرِيَنَّ بَعْدَ ذَلِكَ فَحَجْرُهُ هَذَا بَاطِلٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

إذَا أَذِنَ لِلْآبِقِ بِالتِّجَارَةِ لَا يَصِحُّ، وَإِنْ عَلِمَ الْآبِقُ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ بِالتِّجَارَةِ مَعَ مَنْ فِي يَدِهِ صَحَّ، وَإِنْ أَذِنَ لَلْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ فِي التِّجَارَةِ فَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ مُقِرًّا أَوْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَإِنَّهُ يَمْلِكُ بَيْعَهُ مِنْ الْغَاصِبِ وَغَيْرِهِ فَيَمْلِكُ إذْنَهُ فِي التِّجَارَةِ، وَإِنْ كَانَ جَاحِدًا، وَلَا بَيِّنَةَ لِلْمَالِكِ لَا يَصِحُّ الْإِذْنُ بِالتِّجَارَةِ كَمَا لَا يَمْلِكُ بَيْعَهُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى.

وَلَوْ أَرْسَلَ غُلَامَهُ إلَى أُفُقٍ مِنْ الْآفَاقِ بِمَالٍ عَظِيمٍ يَشْتَرِي لَهُ بِهِ الْبَزَّ وَنَهَاهُ عَنْ بَيْعِهِ فَهَذَا إذْنٌ لَهُ فِي التِّجَارَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

إذَا أَذِنَ لِعَبْدِهِ مِنْ بَعِيدٍ وَلَمْ يَسْمَعْ لَمْ يَكُنْ إذْنًا كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.

وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ لِوَاحِدٍ فَكَاتَبَ نِصْفَهُ كَانَ هَذَا إذْنًا لِجَمِيعِهِ فِي التِّجَارَةِ ثُمَّ عِنْدَهُمَا يَصِيرُ الْكُلُّ مُكَاتَبًا، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَصِيرُ نِصْفَهُ مُكَاتَبَا وَمَا اكْتَسَبَ مِنْ مَالٍ نِصْفُهُ لِلْمَوْلَى بِاعْتِبَارِ النِّصْفِ الَّذِي لَمْ يُكَاتَبْ مِنْهُ وَنِصْفُهُ لِلْمُكَاتَبِ بِاعْتِبَارِ النِّصْفِ الَّذِي يُكَاتَبُ مِنْهُ، وَمَا لَحِقَهُ مِنْ دَيْنٍ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى فِيهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ كُلُّهُ لِرَجُلٍ فَقَالَ الْمَوْلَى لِأَهْلِ السُّوقِ: إذَا رَأَيْتُمْ عَبْدِي هَذَا يَتَّجِرُ فَسَكَتُّ، وَلَمْ أَنْهَهُ فَلَا إذْنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ ثُمَّ رَآهُ يَتَّجِرُ فَسَكَتَ وَلَمْ يَنْهَهُ لَا يَصِيرُ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ كَذَا فِي الْمُغْنِي.

(وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِهَذَا الْبَابِ) يَجُوزُ إضَافَةُ الْإِذْنِ إلَى الْوَقْتِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، كَذَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ، وَلَا يَجُوزُ تَعْلِيقُ الْحَجْرِ بِالشُّرُوطِ، وَلَا إضَافَتُهُ إلَى وَقْتٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ: إذَا جَاءَ غَدٌ فَقَدْ أَذِنْت لَك فِي التِّجَارَةِ صَارَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ إذَا جَاءَ غَدٌ، وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ الْمَأْذُونِ إذَا جَاءَ غَدٌ حَجَرْت عَلَيْك فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ، وَلَا يَصِيرُ الْعَبْدُ مَحْجُورًا ثُمَّ الْعَبْدُ لَا يَصِيرُ مَأْذُونًا إلَّا بِالْعِلْمِ حَتَّى لَوْ قَالَ الْمَوْلَى: أَذِنْت لِعَبْدِي فِي التِّجَارَةِ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ لَا يَصِيرُ مَأْذُونًا كَالْوَكَالَةِ، وَلَوْ قَالَ: بَايِعُوا عَبْدِي فَقَدْ أَذِنْت لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَبَايَعُوهُ، وَالْعَبْدُ لَا يَعْلَمُ بِإِذْنِ الْمَوْلَى يَصِيرُ مَأْذُونًا فِي رِوَايَةِ كِتَابِ الْمَأْذُونِ مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ: يَكُونُ مَأْذُونًا مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ، وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ إلَّا إذَا عَلِمَ فَأَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ لَا يَصِيرُ مَحْجُورًا، وَإِنْ حَجَرَ عَلَيْهِ فِي سُوقِهِ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَإِنْ أَخْبَرَهُ رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ عَدْلَيْنِ كَانَا أَوْ غَيْرَ عَدْلَيْنِ أَوْ رَجُلٌ عَدْلٌ وَامْرَأَةٌ عَدْلَةٌ صَارَ مَحْجُورًا بِالْإِجْمَاعِ صَدَّقَهُ أَوْ كَذَّبَهُ هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.

وَلَوْ أَرْسَلَ الْمَوْلَى إلَيْهِ رَسُولًا أَوْ كَتَبَ إلَيْهِ كِتَابًا فَبَلَغَهُ الرِّسَالَةُ أَوْ بَلَغَهُ الْكِتَابُ يَصِيرُ مَأْذُونًا كَيْفَمَا كَانَ الرَّسُولُ، وَلَوْ أَخْبَرَهُ فُضُولِيٌّ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ فَالْمَذْكُورُ فِي كِتَابِ الْكَفَالَةِ أَنَّ الْمُخْبِرَ إذَا كَانَ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ أَوْ غَيْرَ عَدْلَيْنِ أَوْ وَاحِدًا عَدْلًا يَصِيرُ مَأْذُونًا صَدَقَ الْمُخْبِرُ فِي ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَصْدُقْ إذَا ظَهَرَ صِدْقُ الْخَبَرِ، وَنَعْنِي بِظُهُورِ صِدْقِ الْخَبَرِ أَنْ يَحْضُرَ الْمَوْلَى بَعْدَ ذَلِكَ، وَيُقِرَّ بِالْإِذْنِ أَمَّا لَوْ أَنْكَرَ الْإِذْنَ لَا يَصِيرُ مَأْذُونًا، وَإِنْ كَانَ الَّذِي أَخْبَرَهُ وَاحِدًا غَيْرَ عَدْلٍ إنْ صَدَّقَ الْعَبْدُ الْمُخْبِرَ فِي ذَلِكَ يَصِيرُ مَأْذُونًا، وَإِنْ كَذَّبَهُ لَا يَصِيرُ مَأْذُونًا، وَإِنْ ظَهَرَ صِدْقُ الْخَبَرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَى قَوْلِهِمَا يَصِيرُ مَأْذُونًا إذَا ظَهَرَ صِدْقُ الْخَبَرِ، وَذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى أَنَّ الْعَبْدَ يَصِيرُ مَأْذُونًا كَيْفَمَا كَانَ الْمُخْبِرُ كَذَا فِي الْمُغْنِي.

فَرَّقَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَيْنَ الْحَجْرِ وَالْإِذْنِ عِنْدَهُ لَا يَثْبُتُ الْحَجْرُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُخْبِرُ عَدْلًا أَوْ أَخْبَرَهُ اثْنَانِ وَيَثْبُتُ الْإِذْنُ بِقَوْلِ الْفُضُولِيِّ الْوَاحِدِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي بَكْرٍ الْبَلْخِيّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِذْنِ وَالْحَجْرِ إنَّمَا لَا يَصِيرُ مَأْذُونًا إلَّا إذَا كَانَ الْمُخْبِرُ صَادِقًا عِنْدَ الْعَبْدِ، وَكَذَا الْحَجْرُ لَا يَثْبُتُ بِخَبَرِ الْفُضُولِيِّ إلَّا أَنْ يَكُونَ صَادِقًا عِنْدَ الْعَبْدِ وَالْفَتْوَى عَلَى هَذَا الْقَوْلِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَاَللَّهُ اعْلَمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>