للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يَخْلُو مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: إمَّا أَنْ يَكُونَ كُلُّهُ فَارِغًا عَنْ دَيْنِ الْإِذْنِ أَوْ كَانَ كُلُّهُ مَشْغُولًا بِدَيْنِ الْإِذْن أَوْ كَانَ بَعْضُهُ فَارِغًا عَنْ دَيْنِ الْإِذْنِ وَبَعْضُهُ مَشْغُولًا فَإِنْ كَانَ كُلُّهُ مَشْغُولًا بِدَيْنِ الْإِذْنِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ فِي حَقِّ الْكَسْبِ الَّذِي فِي يَدِهِ حَتَّى لَا يُشَارِكَ الْمُقِرَّ لَهُ بَعْدَ الْحَجْرِ غُرَمَاءُ الْإِذْنِ فِي كَسْبِ الْإِذْنِ بَلْ يَكُونُ جَمِيعُ مَا فِي يَدِهِ مِنْ الْكَسْبِ لِغُرَمَاءِ الْإِذْنِ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُ مَا فِي يَدِ الْعَبْدِ مِنْ الْكَسْبِ بَعْدَ الْحَجْرِ فَارِغًا عَنْ دَيْنِ الْإِذْنِ، وَبَعْضُهُ مَشْغُولًا صَحَّ إقْرَارُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِقَدْرِ الْفَارِغِ عَنْ دَيْنِ الْإِذْنِ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْعَبْدُ بَاقِيًا فِي مِلْكِ الْآذِنِ فَأَمَّا إذَا خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ بِسَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ ثُمَّ أَقَرَّ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا سَوَاءٌ كَانَ فِي يَدِهِ كَسْبٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَلَوْ كَانَ فِي يَدِهِ مَالٌ حَصَلَ لَهُ بِالِاحْتِطَابِ وَنَحْوِهِ فَأَقَرَّ بِهِ لِغَيْرِهِ لَا يُصَدَّقُ فِيهِ بِالِاتِّفَاقِ هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ.

وَإِذَا حَجَرَ عَلَى عَبْدِهِ وَفِي يَدِهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَأَخَذَهَا الْمَوْلَى ثُمَّ أَقَرَّ الْعَبْدُ أَنَّهَا كَانَتْ وَدِيعَةً فِي يَدِهِ لِفُلَانٍ، وَكَذَّبَهُ الْمَوْلَى لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ عَتَقَ لَمْ يَلْحَقْهُ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، وَلَوْ كَانَ غَصْبًا أُخِذَ بِهِ إذَا أُعْتِقَ، وَلَوْ حَجَرَ عَلَيْهِ، وَفِي يَدِهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَعَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَأَقَرَّ أَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَ وَدِيعَةٌ عِنْدَهُ لِفُلَانٍ أَوْ مُضَارَبَةٌ أَوْ قَرْضٌ أَوْ غَصْبٌ فَلَمْ يُصَدَّقْ عَلَى ذَلِكَ، وَأَخَذَهَا صَاحِبُ الدَّيْنِ مِنْ حَقِّهِ ثُمَّ عَتَقَ الْعَبْدُ كَانَتْ الْأَلْفُ دَيْنًا عَلَيْهِ يُؤَاخَذُ بِهَا، وَلَوْ حَجَرَ عَلَيْهِ وَفِي يَدِهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَأَقَرَّ بِدَيْنٍ أَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَيْهِ ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَ وَدِيعَةٌ عِنْدَهُ لِفُلَانٍ فَالْأَلْفُ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِصَاحِبِ الدَّيْنِ فَإِذَا صَرَفَ الْمَالَ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ بِالدَّيْنِ ثُمَّ عَتَقَ أَتْبَعَ صَاحِبَ الْوَدِيعَةِ، وَلَوْ كَانَ أَقَرَّ أَوَّلًا الْوَدِيعَةِ كَانَتْ الْأَلْفُ لِصَاحِبِ الْوَدِيعَةِ وَيَتْبَعُهُ صَاحِبُ الدَّيْنِ بِدَيْنِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى إقْرَارُهُ الْوَدِيعَةِ بَاطِلٌ، وَالْأَلْفُ يَأْخُذُهَا الْمَوْلَى، وَلَا يَتْبَعُهُ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ إذَا عَتَقَ فَأَمَّا الْمُقَرُّ لَهُ بِالدَّيْنِ فَيَتْبَعُهُ بَعْدَ الْعِتْقِ بِدَيْنِهِ، وَلَوْ أَقَرَّ إقْرَارًا مُتَّصِلًا فَقَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَهَذِهِ الْأَلْفُ وَدِيعَةٌ لِفُلَانٍ كَانَتْ الْأَلْفُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، إذَا أُعْتِقَ أَخَذَاهُ بِمَا بَقِيَ لَهُمَا، وَلَوْ بَدَأَ فِي هَذَا الْإِقْرَارِ الْمُتَّصِلِ الْوَدِيعَةِ كَانَتْ الْأَلْفُ لِصَاحِبِ الْوَدِيعَةِ، وَلَوْ ادَّعَيَا جَمِيعًا فَقَالَ: صَدَقْتُمَا كَانَتْ الْأَلْفُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَإِذَا حَجَرَ عَلَى عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ ثُمَّ أَذِنَ لَهُ مَرَّةً أُخْرَى فَأَقَرَّ فِي حَالِ إذْنِهِ الثَّانِي أَنَّهُ قَدْ أَقَرَّ بَعْدَ الْحَجْرِ أَنَّهُ قَدْ اغْتَصَبَ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فِي حَالِ إذْنِهِ الْأَوَّلِ أَوْ اسْتَقْرَضَ مِنْهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ الْعَبْدَ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ لِلْحَالِ، إنَّمَا يُؤَاخَذُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ، وَإِنْ كَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ، وَقَالَ: إنَّمَا أَقْرَرْت بِهِ بَعْدَ الْإِذْنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقَرِّ لَهُ، وَيُؤَاخَذُ بِهِ الْعَبْدُ لِلْحَالِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ الْمَأْذُونُ أَنَّهُ كَانَ غَصَبَ مِنْهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ فِي حَالَةِ الْحَجْرِ فَإِنَّهُ يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي ذَلِكَ أَوْ كَذَّبَهُ كَذَا فِي الْمُغْنِي.

وَلَوْ حَجَرَ عَلَى عَبْدِهِ، وَفِي يَدِهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَأَقَرَّ لِرَجُلٍ بِدَيْنٍ أَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ بِوَدِيعَةٍ أَلْفِ دِرْهَمٍ بِعَيْنِهَا ثُمَّ ضَاعَ الْمَالُ لَمْ يَلْحَقْ الْعَبْدَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ حَتَّى يُعْتَقَ فَإِذَا عَتَقَ أُخِذَ بِالدَّيْنِ دُونَ الْوَدِيعَةِ، وَلَوْ حَجَرَ عَلَيْهِ وَفِي يَدِهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ أَلْفُ دِرْهَمٍ ثُمَّ أَذِنَ لَهُ فَأَقَرَّ بِدَيْنٍ أَلْفِ دِرْهَمٍ لِرَجُلٍ آخَرَ أَوْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ بِبَيِّنَةٍ فَالْأَلْفُ الَّتِي فِي يَدِهِ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ الْأَوَّلِ خَاصَّةً، وَكَذَلِكَ إنْ أَقَرَّ الْعَبْدُ أَنَّ هَذَا الدَّيْنَ كَانَ فِي حَالِ الْإِذْنِ الْأَوَّلِ، وَكَذَلِكَ إنْ أَقَرَّ أَنَّهَا وَدِيعَةٌ عِنْدَهُ لِرَجُلٍ أَوْدَعَهَا إيَّاهُ فِي حَالِ الْإِذْنِ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلُ أَحَقُّ بِالْأَلْفِ، وَيَتْبَعُ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ الْعَبْدَ بِهَا فِي رَقَبَتِهِ وَعِنْدَهُمَا الْأَلْفُ لِمَوْلَاهُ وَيَتْبَعُ بِالدَّيْنِ فِي رَقَبَتِهِ فَيُبَاعُ فِيهِ إلَّا أَنْ يَقْضِيَ الْمَوْلَى دَيْنَهُ، وَلَوْ حَجَرَ عَلَيْهِ، وَفِي يَدِهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ خَمْسُمِائَةٍ فَأَقَرَّ بَعْدَ الْحَجْرِ بِدَيْنٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ ثُمَّ أَذِنَ لَهُ فَأَقَرَّ أَنَّ تِلْكَ الْأَلْفَ الَّتِي كَانَتْ فِي يَدِهِ وَدِيعَةٌ أَوْدَعَهَا إيَّاهُ هَذَا الرَّجُلُ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ عَلَى الْوَدِيعَةِ، وَالْأَلْفُ الَّتِي فِي يَدِهِ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ الْأَوَّلِ مِنْهَا خَمْسُمِائَةٍ وَالْخَمْسُمِائَةُ الْبَاقِيَةُ لِلَّذِي أَقَرَّ لَهُ الْعَبْدُ بِالْأَلْفِ، وَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فَيَأْخُذُهَا الْعَبْدُ، وَقَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ خَمْسُمِائَةٍ فَيُؤَاخَذُ بِهَا بَعْدَ الْعِتْقِ، وَيَتْبَعُ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ بِوَدِيعَتِهِ كُلِّهَا فَيُبَاعُ فِيهَا إلَّا أَنْ يَقْضِيَهَا الْمَوْلَى، وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى خَمْسُمِائَةٍ مِنْ الْأَلْفِ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ الْأَوَّلِ وَخَمْسُمِائَةٍ لِلْمَوْلَى، وَيَتْبَعُ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ الْعَبْدَ بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَيَبْطُلُ مِنْ وَدِيعَتِهِ الْخَمْسُمِائَةِ الَّتِي

<<  <  ج: ص:  >  >>