للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ وَكِيلًا وَلَا أَنْ يَدْخُلَ بِنَفْسِهِ عَسْكَرُهُمْ فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ وَلَا يَضُرُّهُ تَرْكُ طَلَبِ الْإِشْهَادِ وَإِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ وَكِيلَا أَوْ يَدْخُلَ بِنَفْسِهِ عَسْكَرِهِمْ فَلَمْ يَطْلُبْ طَلَبَ الْإِشْهَادِ بِطَلَبِ شُفْعَتِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

الشَّفِيعُ إذَا كَانَ فِي عَسْكَرِ الْخَوَارِجِ أَوْ أَهْلِ الْبَغْيِ وَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ لَوْ دَخَلَ فِي عَسْكَرِ أَهْلِ الْعَدْلِ فَلَمْ يَطْلُبْ الْإِشْهَادَ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ لِأَنَّهُ قَادِرٌ بِأَنْ يَتْرُكَ الْبَغْيَ فَيَدْخُلَ عَسْكَرَ أَهْلِ الْعَدْلِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

إذَا اتَّفَقَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي أَنَّ الشَّفِيعَ عَلِمَ بِالشِّرَاءِ مُنْذُ أَيَّامٍ ثُمَّ اخْتَلَفَا بَعْدَ ذَلِكَ فِي الطَّلَبِ فَقَالَ الشَّفِيعُ طَلَبَتْ مُنْذُ عَلِمْت وَقَالَ الْمُشْتَرِي مَا طَلَبْتَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي وَعَلَى الشَّفِيعِ الْبَيِّنَةُ وَلَوْ قَالَ الشَّفِيعُ عَلِمْتُ السَّاعَةَ وَأَنَا أَطْلُبُهَا وَقَالَ الْمُشْتَرِي عَلِمْتَ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَمْ تَطْلُبْ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الشَّفِيعِ وَحُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ الزَّاهِدِ عَبْدِ الْوَاحِدِ الشَّيْبَانِيِّ أَنَّهُ قَالَ إذَا كَانَ الشَّفِيعُ عَلِمَ بِالشِّرَاءِ وَطَلَبَ طَلَبَ الْمُوَاثَبَةِ ثَبَتَ حَقُّهُ لَكِنْ إذَا قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلِمْت مُنْذُ كَذَا وَطَلَبَتْ لَا يُصَدَّقُ عَلَى الطَّلَب وَلَوْ قَالَ مَا عَلِمْتُ إلَّا السَّاعَةَ يَكُونُ كَاذِبًا فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ لِإِنْسَانٍ أَخْبَرَنِي بِالشِّرَاءِ ثُمَّ يَقُولُ الْآنَ أُخْبِرْتُ يَكُونُ صَادِقًا وَإِنْ كَانَ أُخْبِرَ قَبْلَ ذَلِكَ وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ فِي نَوَادِرِهِ إذَا كَانَ الشَّفِيعُ قَدْ طَلَبَ الشُّفْعَةَ مِنْ الْمُشْتَرِي فِي الْوَقْتِ الْمُتَقَدِّمِ وَيَخْشَى أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِذَلِكَ يَحْتَاجُ إلَى الْبَيِّنَةِ فَقَالَ: السَّاعَةَ عَلِمْت، وَأَنَا أَطْلُبُ الشُّفْعَةَ. يَسَعُهُ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ وَيَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ وَيُسْتَثْنَى فِي يَمِينِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

فَإِنْ قَالَ الْمُشْتَرِي لِلْقَاضِي حَلِّفْهُ بِاَللَّهِ لَقَدْ طَلَبَ هَذِهِ الشُّفْعَةَ طَلَبًا صَحِيحًا سَاعَةَ عَلِمَ بِالشِّرَاءِ مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ حَلَّفَهُ الْقَاضِي عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ أَقَامَ الْمُشْتَرِي بَيِّنَةً أَنَّ الشَّفِيعَ عَلِمَ بِالْبَيْعِ مُنْذُ زَمَانٍ وَلَمْ يَطْلُبْ الشُّفْعَةَ وَأَقَامَ الشَّفِيعُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ طَلَبَ الشُّفْعَةَ حِينَ عَلِمَ بِالْبَيْعِ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الشَّفِيعِ وَالْقَاضِي يَقْضِي بِالشُّفْعَةِ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

الْمُشْتَرِي إذَا أَنْكَرَ طَلَبَ الشَّفِيعِ الشُّفْعَةَ عِنْدَ سَمَاعِ الْبَيْعِ يَحْلِفُ عَلَى الْعِلْمِ وَإِنْ أَنْكَرَ طَلَبَهُ عِنْدَ لِقَائِهِ حَلَفَ عَلَى الْبَتَاتِ كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ.

إذَا تَقَدَّمَ الشَّفِيعُ وَادَّعَى الشِّرَاءَ وَطَلَبَ الشُّفْعَةَ عِنْدَ الْقَاضِي يَسْأَلُ الْقَاضِي أَوَّلًا الْمُدَّعِي قَبْلَ أَنْ يُقْبِلَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ مَوْضِعِ الدَّارِ مِنْ مِصْرٍ وَمَحَلَّةٍ وَحُدُودِهَا لِأَنَّهُ ادَّعَى فِيهَا حَقًّا فَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ مَعْلُومَةً؛ لِأَنَّ دَعْوَى الْمَجْهُولِ لَا تَصِحُّ فَصَارَ كَمَا ادَّعَى مِلْكَ رَقَبَتِهَا فَإِذَا بَيَّنَ ذَلِكَ سَأَلَهُ هَلْ قَبَضَ الْمُشْتَرِي الدَّارَ أَمْ لَا لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْبِضْهَا لَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ عَلَى الْمُشْتَرِي حَتَّى يَحْضُرَ الْبَائِعُ، فَإِذَا بَيَّنَ ذَلِكَ سَأَلَهُ عَنْ سَبَبِ شُفْعَتِهِ وَحُدُودِ مَا يَشْفَعُ بِهَا؛ لِأَنَّ النَّاسَ مُخْتَلِفُونَ فِيهِ فَلَعَلَّهُ ادَّعَاهُ بِسَبَبٍ غَيْرِ صَالِحٍ أَوْ يَكُونُ هُوَ مَحْجُوبًا بِغَيْرِهِ فَإِذَا بَيَّنَ سَبَبًا صَالِحًا وَلَمْ يَكُنْ مَحْجُوبًا بِغَيْرِهِ سَأَلَهُ أَنَّهُ مَتَى عَلِمَ؟ وَكَيْفَ صَنَعَ حِينَ عَلِمَ؟ لِأَنَّهَا تَبْطُلُ بِطُولِ الزَّمَانِ وَبِالْإِعْرَاضِ وَبِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ كَشْفِ ذَلِكَ فَإِذَا بَيَّنَ ذَلِكَ سَأَلَهُ عَنْ طَلَبِ التَّقْرِيرِ كَيْفَ كَانَ وَعِنْدَ مَنْ أَشْهَدَ وَهَلْ كَانَ الَّذِي أَشْهَدَ عِنْدَهُ أَقْرَبَ مِنْ غَيْرِهِ أَمْ لَا؟ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي بَيِّنَاهُ فَإِذَا بَيَّنَ ذَلِكَ كُلَّهُ وَلَمْ يُخِلَّ بِشَيْءٍ مِنْ شُرُوطِهِ تَمَّتْ دَعْوَاهُ وَأَقْبَلَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَسَأَلَهُ عَنْ الدَّارِ الَّتِي يَشْفَعُ بِهَا هَلْ هِيَ مِلْكُ الشَّفِيعِ أَمْ لَا؟ وَإِنْ كَانَتْ هِيَ فِي يَدِ الشَّفِيعِ وَهِيَ تَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ ظَاهِرًا لِأَنَّ الظَّاهِرَ لَا يُصْلَحُ لِلِاسْتِحْقَاقِ فَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ مِلْكِهِ بِحُجَّةٍ لِاسْتِحْقَاقِ الشُّفْعَةِ، فَيَسْأَلُهُ عَنْهُ فَإِنْ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ مِلْكًا يَقُولُ لِلْمُدَّعِي أَقِمْ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا مِلْكُكَ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْبَيِّنَةِ وَطَلَبَ يَمِينَهُ اسْتَحْلَفَ الْمُشْتَرِيَ: مَا تَعْلَمُ أَنَّهُ مَالِكٌ لِلَّذِي ذَكَرَهُ مِمَّا يَشْفَعُ بِهِ؟ لِأَنَّهُ ادَّعَى عَلَيْهِ حَقًّا لَوْ أَقَرَّ بِهِ لَزِمَهُ، ثُمَّ هُوَ فِي يَدِ غَيْرِهِ فَيَحْلِفُ عَلَى الْعِلْمِ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.

فَإِنْ نَكَلَ أَوْ قَامَتْ لِلشَّفِيعِ بَيِّنَةٌ أَوْ أَقَرَّ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ ثَبَتَ مِلْكُ الشَّفِيعِ فِي الدَّارِ الَّتِي يَشْفَعُ بِهَا وَيَثْبُتُ السَّبَبُ وَبَعْدَ ذَلِكَ يَسْأَلُ الْقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَقُولُ هَلْ اشْتَرَيْت أَمْ لَا؟ فَإِنْ أَنْكَرَ الشِّرَاءَ قَالَ لِلشَّفِيعِ أَقِمْ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَى، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَطَلَبَ يَمِينَ الْمُشْتَرِي اسْتَحْلَفَ بِاَللَّهِ مَا اشْتَرَى أَوْ بِاَللَّهِ مَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الدَّارِ شُفْعَةً مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرَهُ فَهَذَا تَحْلِيفٌ عَلَى الْحَاصِلِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَالْأَوَّلُ عَلَى السَّبَبِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

<<  <  ج: ص:  >  >>