للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ إلَّا الشَّيْءَ الَّذِي يُجَاوِرُهُ بِالْحِصَّةِ.

وَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الدَّارَيْنِ الْمُتَلَاصِقَتَيْنِ إذَا كَانَ الشَّفِيعُ جَارًا لِإِحْدَاهُمَا أَنَّهُ لَيْسَ الشُّفْعَةُ إلَّا فِيمَا يَلِيه وَكَذَا قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَقْرِحَةِ الْمُتَلَاصِقَةِ وَوَاحِدٌ مِنْهَا يَلِي أَرْضَ إنْسَانٍ، وَلَيْسَ بَيْنَ الْأَقْرِحَةِ طَرِيقٌ وَلَا نَهْرٌ إلَّا مُسَنَّاةٌ، إنَّهُ لَا شُفْعَةَ لَهُ إلَّا فِي الْقَرَاحِ الَّذِي يَلِيه خَاصَّةً وَكَذَلِكَ فِي قَرْيَةٍ إذَا بِيعَتْ بِدُورِهَا وَأَرَاضِيهَا أَنَّ لِكُلِّ شَفِيعٍ أَنْ يَأْخُذَ الْقَرَاحَ الَّذِي يَلِيهِ خَاصَّةً وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ الْكُلَّ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بِالشُّفْعَةِ قَالَ الْكَرْخِيُّ رِوَايَةُ الْحَسَنِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ مِثْلَ قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ثُمَّ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ فَجُعِلَ كَالدَّارِ الْوَاحِدَةِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

[الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْحُكْمِ بِالشُّفْعَةِ وَالْخُصُومَةِ فِيهَا]

(الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْحُكْمِ بِالشُّفْعَةِ وَالْخُصُومَةِ فِيهَا) وَلَا يَلْزَمُ الشَّفِيعَ إحْضَارُ الثَّمَنِ وَقْتَ الدَّعْوَى بَلْ يَجُوزُ لَهُ الْمُنَازَعَةُ وَإِنْ لَمْ يُحْضِرْ الثَّمَنَ إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي فَإِذَا قَضَى لَهُ بِالشُّفْعَةِ لَهُ إحْضَارُ الثَّمَنِ وَهَذِهِ رِوَايَةُ الْأَصْلِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْقَاضِي لَا يَقْضِي لَهُ بِالشُّفْعَةِ حَتَّى يُحْضِرَ الثَّمَنَ.

ثُمَّ إذَا قَضَى لَهُ قَبْلَ إحْضَارِ الثَّمَنِ فَلِلْمُشْتَرِي حَقُّ حَبْسِ الْعَقَارِ عَنْهُ حَتَّى يَدْفَعَ الثَّمَنَ إلَيْهِ وَيَنْفُذُ الْقَضَاءُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّهُ فَصْلٌ مُجْتَهَدٌ فِيهِ وَلَوْ أَخَّرَ دَفْعَ الثَّمَنِ بَعْدَمَا قَالَ ادْفَعْ الثَّمَنَ إلَيْهِ لَا تَبْطُلُ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.

فَإِنْ أَخَذَ الدَّارَ مِنْ الْمُشْتَرِي فَعُهْدَتُهُ وَضَمَانُ مَالِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِنْ أَخَذَهُمَا مِنْ الْبَائِعِ وَدَفَعَ الثَّمَنَ إلَيْهِ فَعُهْدَتُهُ وَضَمَانُ مَالِهِ عَلَى الْبَائِعِ عِنْدَنَا وَرَوَى أَبُو سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إنْ كَانَ نَقَدَ الثَّمَنَ وَلَمْ يَقْبِضْ الدَّارَ حَتَّى قَضَى الْقَاضِي لِلشَّفِيعِ بِحَضْرَتِهِمَا فَإِنَّهُ يَقْبِضُ الدَّارَ مِنْ الْبَائِعِ وَيَنْقُدُ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي وَعُهْدَتُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي.

وَإِنْ كَانَ لَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ دَفَعَ الشَّفِيعُ الثَّمَنَ إلَى الْبَائِعِ وَعُهْدَتُهُ عَلَى الْبَائِعِ فَلَوْ أَنَّ الشَّفِيعَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَجَدَ بِالدَّارِ عَيْبًا فَرَدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ أَوْ عَلَى الْمُشْتَرِي بِقَضَاءِ الْقَاضِي فَإِنْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَأْخُذَهَا بِشِرَائِهِ وَأَرَادَ الْبَائِعُ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى الْمُشْتَرِي بِحُكْمِ ذَلِكَ الشِّرَاءِ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَهَا وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهَا فَإِنْ أَخَذَ الشَّفِيعُ الدَّارَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَأَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ كِتَابًا عَلَى الْمُشْتَرِي لِيَكُونَ وَثِيقَةً لِلشَّفِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي لَهُ ذَلِكَ وَيَحْكِي فِي الْكِتَابِ شِرَاءَ الْمُشْتَرِي أَوَّلًا ثُمَّ يُرَتِّبُ عَلَيْهِ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ وَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ مِنْ الْمُشْتَرِي كِتَابَ شِرَائِهِ الَّذِي كَتَبَ عَلَى بَائِعِهِ وَإِنْ أَبَى الْمُشْتَرِي أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ ذَلِكَ فَلَهُ ذَلِكَ وَلَكِنْ يَنْبَغِي لِلشَّفِيعِ أَنْ يَحْتَاطَ لِنَفْسِهِ فَيَشْهَدُ قَوْمًا عَلَى تَسْلِيمِ الْمُشْتَرِي الدَّارَ إلَيْهِ بِالشُّفْعَةِ وَإِنْ كَانَ الشَّفِيعُ أَخَذَ الدَّارَ مِنْ الْبَائِعِ يَكْتُبُ كِتَابًا عَلَى الْبَائِعِ نَحْوَ مَا يَكْتُبُ لَوْ أَخَذَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَيَكْتُبُ فِي هَذَا الْكِتَابِ إقْرَارَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ سَلَّمَ جَمِيعَ مَا فِي هَذَا الْكِتَابِ وَأَجَازَهُ وَأَقَرَّ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي هَذِهِ الدَّارِ وَلَا فِي ثَمَنِهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ شَاءَ كَتَبَ الْكِتَابَ عَلَيْهِمَا بِتَسْلِيمِ الدَّارِ بِالشُّفْعَةِ إلَيْهِ وَقَبَضَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ بِرِضَاهُ وَضَمَانُ الْبَائِعِ الدَّرَكُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَإِذَا قَضَى الْقَاضِي لِلشَّفِيعِ أَوْ سَلَّمَ الْمُشْتَرِي تَثْبُتُ بَيْنَهُمَا أَحْكَامُ الْبَيْعِ مِنْ خِيَارِ رُؤْيَةٍ وَخِيَارِ عَيْبِ وَالرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ إلَّا أَنَّ الشَّفِيعَ لَا يَرْجِعُ بِضَمَانِ الْغُرُورِ حَتَّى لَوْ بَنَى فِي الدَّارِ الْمَشْفُوعَةِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الدَّارُ وَأَمَرَ بِنَقْضِ الْبِنَاءِ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِالثَّمَنِ عَلَى مَنْ أَخَذَ مِنْهُ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ فِي الْمَشْهُورِ مِنْ الرِّوَايَةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَرْجِعُ وَالْمُشْتَرِي يَرْجِعُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

وَإِذَا وَقَعَ الشِّرَاءُ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ إلَى سَنَةٍ مَثَلًا فَحَضَرَ الشَّفِيعُ فَطَلَبَ الشُّفْعَةَ وَأَرَادَ أَخْذَهَا إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِرِضَا الْمَأْخُوذِ مِنْهُ وَيَقُولُ الْقَاضِي لَهُ إذَا لَمْ يَرْضَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ إمَّا تَنْقُدُ الثَّمَنَ حَالًا أَوْ تَصْبِرُ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ فَإِنْ نَقَدَ الثَّمَنَ حَالًا وَكَانَ الْأَخْذُ مِنْ الْبَائِع سَقَطَ الثَّمَنُ عَنْ الْمُشْتَرِي وَإِنْ نَقَدَ الثَّمَنَ حَالًا وَكَانَ الْأَخْذُ مِنْ الْمُشْتَرِي يَبْقَى الْأَجَلُ فِي حَقِّ الْمُشْتَرِي عَلَى حَالِهِ حَتَّى لَا يَكُونَ لِلْبَائِعِ وِلَايَةُ مُطَالَبَةِ الْمُشْتَرِي قَبْلَ مَحِلِّ الْأَجَلِ وَإِنْ صَبَرَ حَتَّى حَلَّ الْأَجَلُ فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>