للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي صَرَمَ الثَّمَرَ ثُمَّ هَلَكَ بَعْدَ ذَلِكَ بِغَيْرِ فِعْلِ أَحَدٍ بِأَنْ أَصَابَهُ سَيْلٌ فَذَهَبَ بِهِ أَوْ نَارٌ فَاحْتَرَقَ فَإِنَّ أَبَا يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ ذَلِكَ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ صَارَ لِلْمُشْتَرِي وَلَا شُفْعَةَ فِيهِ فَلَا أُبَالِي هَلَكَتْ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي أَوْ بِغَيْرِ فِعْلِهِ؛ لِأَنَّ الثَّمَرَةَ لَمَّا انْفَصَلَتْ سَقَطَ حَقُّ الشَّفِيعِ عَنْهَا فَكَأَنَّهَا كَانَتْ فِي الْأَصْلِ مُنْفَصِلَةٌ وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَبَضَ الْأَرْضَ وَالنَّخْلَ وَلَا ثَمَرَةَ فِيهِ ثُمَّ أَثْمَرَ فِي يَدِهِ ثُمَّ جَاءَ الشَّفِيعُ وَالثَّمَرُ مُتَعَلِّقٌ بِالنَّخْلِ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْأَرْضَ وَالنَّخْلَ وَالثَّمَرَ بِالثَّمَنِ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ لَا يُزَادُ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي لَمَّا حَدَثَتْ الثَّمَرَةُ فِي يَدِهِ جَذَّهَا ثُمَّ جَاءَ الشَّفِيعُ وَهِيَ قَائِمَةٌ أَوْ قَدْ اسْتَهْلَكَهَا الْمُشْتَرِي بِبَيْعٍ أَوْ أَكْلٍ فَإِنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُ الْأَرْضَ وَالنَّخْلَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ إنْ شَاءَ وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الثَّمَرِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.

وَلَوْ تَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي فِي الدَّارِ الْمُشْتَرَاةِ قَبْلَ أَخْذِ الشَّفِيعِ بِأَنْ وَهَبَهَا وَسَلَّمَهَا أَوْ تَصَدَّقَ بِهَا أَوْ آجَرَهَا أَوْ جَعَلَهَا مَسْجِدًا وَصَلَّى فِيهَا أَوْ وَقَفَهَا وَقْفًا أَوْ جَعَلَهَا مَقْبَرَةً وَدَفَنَ فِيهَا فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ وَيَنْقُضَ تَصَرُّفَ الْمُشْتَرِي كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ.

يَجِبُ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ تَصَرُّفَ الْمُشْتَرِي فِي الدَّارِ الْمَشْفُوعَةِ صَحِيحٌ عَلَى أَنْ يَحْكُمَ بِالشُّفْعَةِ لِلشَّفِيعِ وَلَهُ أَنْ يَبِيعَ وَأَنْ يُؤَجِّرَ، وَيَطِيبُ لَهُ الثَّمَنُ وَالْأَجْرُ وَكَذَا لَهُ أَنْ يَهْدِمَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ غَيْرَ أَنَّ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَنْقُضَ كُلَّ التَّصَرُّفِ إلَّا الْقَبْضَ وَمَا كَانَ مِنْ تَمَامِ الْقَبْضِ أَلَا يُرَى أَنَّ الشَّفِيعَ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَنْقُضَ قَبْضَ الْمُشْتَرِي لِيُعِيدَ الدَّارَ إلَى يَدِ الْبَائِعِ وَيَأْخُذَهَا مِنْهُ لَا يَكُونُ لَهُ، ذَلِكَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَلَوْ اشْتَرَى نِصْفَ دَارٍ غَيْرِ مَقْسُومٍ أَخَذَ الشَّفِيعُ حَظَّهُ الَّذِي حَصَلَ لَهُ بِقِسْمَتِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ الْقِسْمَةَ سَوَاءٌ كَانَتْ الْقِسْمَةُ بِحُكْمِ الْقَاضِي أَوْ التَّرَاضِي بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ مِنْ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ وَقَاسَمَ الْمُشْتَرِي الشَّرِيكَ الَّذِي لَمْ يَبِعْ حَيْثُ يَكُونُ لِلشَّفِيعِ نَقْضُهُ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَقَعْ مِنْ الَّذِي قَاسَمَ فَلَمْ تَكُنْ الْقِسْمَةُ مِنْ تَمَامِ الْقَبْضِ ثُمَّ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلشَّفِيعِ نَقْضُ قِسْمَتِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَ الْمُشْتَرِي فِي أَيِّ جَانِبٍ كَانَ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِطْلَاقُ الْكِتَابِ يَدُلُّ عَلَيْهِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.

رَجُلَانِ اشْتَرَيَا دَارًا وَهُمَا شَفِيعَانِ وَلَهَا شَفِيعٌ ثَالِثٌ اقْتَسَمَاهَا ثُمَّ جَاءَ الثَّالِثُ فَلَهُ أَنْ يَنْقُضَ الْقِسْمَةَ اقْتَسَمَاهَا بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

رَجُلٌ اشْتَرَى أَرْضًا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَرَفَعَ مِنْهَا التُّرَابَ وَبَاعَهَا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ ثُمَّ جَاءَ الشَّفِيعُ وَطَلَبَ الشُّفْعَةَ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ يَأْخُذُ الشَّفِيعُ الْأَرْضَ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَهُوَ خَمْسُونَ دِرْهَمًا، يُقَسَّمُ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ الْأَرْضِ قَبْلَ رَفْعِ التُّرَابِ وَعَلَى قِيمَةِ التُّرَابِ الْمَرْفُوعِ ثُمَّ يُطْرَحُ عَنْ الشَّفِيعِ قِيمَةُ التُّرَابِ. وَقَالَ الْقَاضِي الْأَمَامُ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُطْرَحُ عَنْ الشَّفِيعِ نِصْفُ الثَّمَنِ وَإِنَّمَا يُطْرَحُ عَنْهُ حِصَّةُ النُّقْصَانِ فَلَوْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ كَبَسَ الْأَرْضَ بَعْدَ مَا رَفْعَ مِنْهَا التُّرَابَ فَأَعَادَهَا كَمَا كَانَتْ قَبْلَ أَنْ يَحْضُرَ الشَّفِيعُ ثُمَّ حَضَرَ الشَّفِيعُ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ يُقَالُ لِلْمُشْتَرِي ارْفَعْ مِنْ الْأَرْضِ مَا أَحْدَثَتْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَلَوْ بَاعَ نِصْفَ دَارٍ مِنْ رَجُلٍ لَيْسَ بِشَفِيعٍ وَقَاسَمَهُ بِأَمْرِ الْقَاضِي فَقَدِمَ الشَّفِيعُ، وَنَصِيبُ الْبَائِعِ بَيْنَ دَارِ الشَّفِيعِ وَبَيْنَ نَصِيبِ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ لَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ فَإِنْ بَاعَ الْبَائِعُ نَصِيبَهُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ قَبْلَ طَلَبِ الشَّفِيعِ الشُّفْعَةَ الْأُولَى ثُمَّ طَلَبَ الشَّفِيعُ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إنْ قَضَى الْقَاضِي بِالشُّفْعَةِ الْأَخِيرَةِ جَعَلَهَا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَدْ صَارَ جَارًا لِنَصِيبِ الْبَائِعِ كَالشَّفِيعِ فَاسْتَوَيَا فِيهِ وَإِنْ بَدَأَ فَقَضَى بِالْأُولَى لِلْأَوَّلِ قَضَى لَهُ بِالْأَخِيرَةِ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ مِلْكٌ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

ذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى قَالَ إذَا اشْتَرَى دَارًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ بَاعَهَا بِأَلْفَيْنِ فَعَلِمَ الشَّفِيعُ بِالْبَيْعِ الثَّانِي وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْأَوَّلِ فَخَاصَمَ فِيهَا فَأَخَذَهَا بِالشُّفْعَةِ بِالْبَيْعِ الثَّانِي بِحُكْمِ الْحَاكِمِ أَوْ بِغَيْرِ حُكْمِهِ ثُمَّ عَلِمَ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ مَا أَخَذَهُ وَبَطَلَتْ شُفْعَتُهُ فِي الْبَيْعِ الْأَوَّلِ وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَهَا صَاحِبُهَا بِأَلْفٍ ثُمَّ نَاقَضَهُ الْمُشْتَرِي وَرَدَّهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا مِنْهُ الشَّفِيعُ بِأَلْفَيْنِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ ثُمَّ عَلِمَ بِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ شِرَاءَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي حِينَ اشْتَرَاهُ بِأَلْفٍ نَاقَضَهُ الْبَيْعُ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِأَلْفَيْنِ فَأَخَذَ الشَّفِيعُ بِأَلْفَيْنِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ ثُمَّ عَلِمَ بِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَنْقُضَهُ سَوَاءٌ كَانَ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. .

لَوْ اشْتَرَاهَا بِأَلْفٍ فَزَادَهُ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>