للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حُكْمًا لِمَا وَرِثَ مِنْ أَبِيهِ ثُمَّ إذَا أَوْجَبْنَا الشُّفْعَةَ لِلصَّغِيرِ فَاَلَّذِي يَقُومُ بِالطَّلَبِ وَالْأَخْذِ مَنْ قَامَ مَقَامَهُ شَرْعًا فِي اسْتِيفَاءِ حُقُوقِهِ وَهُوَ أَبُوهُ ثُمَّ وَصِيُّ أَبِيهِ ثُمَّ جَدُّهُ أَبُو أَبِيهِ ثُمَّ وَصِيُّ الْجَدِّ ثُمَّ الْوَصِيُّ الَّذِي نَصَّبَهُ الْقَاضِي فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ إذَا أَدْرَكَ فَإِذَا أَدْرَكَ فَقَدْ ثَبَتَ لَهُ خِيَارُ الْبُلُوغِ وَالشُّفْعَةُ فَاخْتَارَ رَدَّ النِّكَاحِ أَوْ طَلَبَ الشُّفْعَةِ فَأَيُّهُمَا كَانَ أَوَّلًا يَجُوزُ وَيَبْطُلُ الثَّانِي وَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ طَلَبْتهمَا أَيْ الشُّفْعَةَ وَالْخِيَارَ وَإِذَا كَانَ لَهُ أَحَدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ فَتَرَكَ طَلَبَ الشُّفْعَةِ مَعَ الْإِمْكَانِ بَطَلَتْ الشُّفْعَةُ حَتَّى لَوْ بَلَغَ الصَّغِيرُ لَا يَكُونُ لَهُ حَقُّ الْأَخْذِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَإِذَا سَلَّمَ الْأَبُ وَالْوَصِيُّ وَمَنْ هُوَ بِمَعْنَاهُمَا شُفْعَةَ الصَّغِيرِ صَحَّ تَسْلِيمُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - حَتَّى لَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ سَوَاءٌ كَانَ التَّسْلِيمُ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي أَوْ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَاضِي هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَى الدَّارَ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ وَالصَّبِيُّ شَفِيعُهَا فَسَلَّمَ الْأَبُ ذَلِكَ مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ يَقُولُ يَصِحُّ التَّسْلِيمُ هُنَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَيْضًا وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ التَّسْلِيمُ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْأَخْذَ لِكَثْرَةِ الثَّمَنِ وَسُكُوتُهُ عَنْ الطَّلَبِ وَتَسْلِيمُهُ إنَّمَا يَصِحُّ إذَا كَانَ مَالِكًا لِلْأَخْذِ فَيَبْقَى الصَّبِيُّ عَلَى حَقِّهِ إذَا بَلَغَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَإِذَا سَلَّمَ الْأَبُ شُفْعَةَ الصَّغِيرِ وَالشِّرَاءَ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ بِكَثِيرٍ فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَجُوزُ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَلَا رِوَايَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْكَافِي.

اشْتَرَى دَارًا لِابْنِهِ الصَّغِيرِ وَالْأَبُ شَفِيعُهَا كَانَ لِلْأَبِ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ عِنْدَنَا كَمَا لَوْ اشْتَرَى الْأَبُ مَالَ ابْنِهِ لِنَفْسِهِ ثُمَّ كَيْفَ يَأْخُذُ يَقُولُ اشْتَرَيْت وَأَخَذْت بِالشُّفْعَةِ وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْأَبِ وَصِيَّهُ إنْ كَانَ فِي أَخْذِ الْوَصِيِّ هَذِهِ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ مَنْفَعَةٌ لِلصَّغِيرِ بِأَنْ وَقَعَ الشِّرَاءُ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ بِأَنْ كَانَ قِيمَةُ الدَّارِ مَثَلًا عَشَرَةً، وَقَدْ اشْتَرَى الْوَصِيُّ بِأَحَدَ عَشَرَ فَإِنَّ الْغَبْنَ الْيَسِيرَ يُتَحَمَّلُ مِنْ الْوَصِيِّ فِي تَصَرُّفِهِ مَعَ الْأَجَانِبِ وَبِأَخْذِ الْوَصِيِّ بِالشُّفْعَةِ يَرْتَفِعُ ذَلِكَ الْغَبْنُ فَإِذَا كَانَتْ الْحَالَةُ هَذِهِ كَانَ أَخْذُ الْوَصِيِّ بِالشُّفْعَةِ مُنْتَفَعًا بِهِ فِي حَقِّ الصَّغِيرِ وَكَانَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَمَا فِي شِرَاءِ الْوَصِيِّ شَيْئًا مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ لِنَفْسِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي أَخْذِ الْوَصِيِّ هَذِهِ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ مَنْفَعَةٌ فِي حَقِّ الصَّغِيرِ بِأَنْ وَقَعَ شِرَاءُ الدَّارِ لِلصَّغِيرِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ لَا يَكُونُ لِلْوَصِيِّ الشُّفْعَةُ بِالِاتِّفَاقِ كَمَا لَا يَكُونُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَشْتَرِيَ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ لِنَفْسِهِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ بِالِاتِّفَاقِ وَمَتَى كَانَ لِلْوَصِيِّ وِلَايَةُ الْأَخْذِ يَقُولُ اشْتَرَيْت وَطَلَبْت الشُّفْعَةَ ثُمَّ يَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي حَتَّى يُنَصِّبَ قَيِّمًا عَنْ الصَّبِيِّ فَيَأْخُذُ الْوَصِيُّ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ وَيُسَلِّمُ الثَّمَنَ إلَيْهِ ثُمَّ الْقَيِّمُ يُسَلِّمُ الثَّمَنَ إلَى الْوَصِيِّ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.

اشْتَرَى الْأَبُ دَارًا وَابْنُهُ الصَّغِيرُ شَفِيعُهَا فَلَمْ يَطْلُبْ الْأَبُ الشُّفْعَةَ لِلصَّغِيرِ حَتَّى بَلَغَ الصَّغِيرُ فَلَيْسَ لِلَّذِي بَلَغَ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ الْأَبَ كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ أَخْذِهَا بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ لَا يُنَافِي الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ فَسُكُوتُهُ يَكُونُ مُبْطِلًا لِلشُّفْعَةِ وَلَوْ بَاعَ الْأَبُ دَارًا لِنَفْسِهِ وَابْنُهُ الصَّغِيرُ شَفِيعُهَا فَلَمْ يَطْلُبْ الْأَبُ الشُّفْعَةَ لِلصَّغِيرِ لَا تَبْطُلُ شُفْعَةُ الصَّغِيرِ حَتَّى لَوْ بَلَغَ الصَّغِيرُ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا؛ لِأَنَّ الْأَبَ هُنَا لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ لِكَوْنِهِ بَائِعًا وَسُكُوتُ مَنْ لَا يَمْلِكُ الْأَخْذَ لَا يَكُونُ مُبْطِلًا وَأَمَّا الْوَصِيُّ إذَا اشْتَرَى دَارًا لِنَفْسِهِ أَوْ بَاعَ دَارًا لَهُ وَالصَّبِيُّ شَفِيعُهَا فَلَمْ يَطْلُبْ الْوَصِيُّ شُفْعَتَهُ فَالْيَتِيمُ عَلَى شُفْعَتِهِ إذَا بَلَغَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَهَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ فِي شِرَاءِ الْأَبِ دَارًا لِنَفْسِهِ وَابْنُهُ الصَّغِيرُ شَفِيعُهَا عَلَى التَّفْصِيلِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلصَّبِيِّ فِي هَذَا الْأَخْذِ ضَرَرٌ، بِأَنْ وَقَعَ شِرَاءُ الْأَبِ الدَّارَ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ مِقْدَارِ مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ لَا تَكُونُ لِلصَّغِيرِ الشُّفْعَةُ إذَا بَلَغَ وَإِنْ كَانَ لِلصَّغِيرِ فِي هَذَا الْأَخْذِ ضَرَرٌ بِأَنْ وَقَعَ شِرَاءُ الْأَبِ بِأَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ مِقْدَارِ مَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ كَانَ لَهُ الشُّفْعَةُ إذَا بَلَغَ؛ لِأَنَّ الْأَبَ لَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي مَالِ الصَّغِيرِ مَعَ نَفْسِهِ عَلَى وَجْهِ الضَّرَرِ فَلَمْ يَكُنْ الْأَبُ مُتَمَكِّنًا فِي الْأَخْذِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَلَا يَكُونُ سُكُوتُهُ مُبْطِلًا لِلشُّفْعَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

إذَا قَالَ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ اشْتَرَيْت هَذِهِ الدَّارَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ لِلصَّغِيرِ فَقَالَ لَهُ الشَّفِيعُ اتَّقِ اللَّهَ فَإِنَّك اشْتَرَيْتهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>