للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذِّمِّيُّ أَخَذَهَا بِنِصْفِ قِيمَةِ الْخَمْرِ كَمَا لَوْ كَانَ مُسْلِمًا عِنْدَ الْعَقْدِ وَلَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ هَكَذَا فِي الْكَافِي.

وَإِذَا أَسْلَمَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ وَالْخَمْرُ غَيْرُ مَقْبُوضَةٍ وَالدَّارُ مَقْبُوضَةٌ أَوْ غَيْرُ مَقْبُوضَةٍ انْتَقَضَ الْبَيْعُ وَلَكِنْ لَا يَبْطُلُ حَقُّ الشَّفِيعِ فِي الشُّفْعَةِ فَيَأْخُذُهَا الشَّفِيعُ بِقِيمَةِ الْخَمْرِ إنْ كَانَ هُوَ مُسْلِمًا أَوْ كَانَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ مُسْلِمًا وَإِنْ كَانَا كَافِرَيْنِ أَخَذَهَا بِمِثْلِ ذَلِكَ الْخَمْرِ وَإِنْ كَانَ إسْلَامُ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بَعْدَ قَبْضِ الْخَمْرِ قَبْلَ قَبْضِ الدَّارِ فَالْبَيْعُ بَيْنَهُمَا يَبْقَى صَحِيحًا وَإِذَا بَاعَ الذِّمِّيُّ كَنِيسَةً أَوْ بَيْعَةً أَوْ بَيْتَ نَارٍ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَلِلشَّفِيعِ فِيهَا الشُّفْعَةُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَلَوْ اشْتَرَى الْمُرْتَدُّ دَارًا ثُمَّ قُتِلَ لَمْ تَبْطُلْ شُفْعَةُ الشَّفِيعِ؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِخُرُوجِ الْمَبِيعِ وَقَدْ خَرَجَ، وَانْفِسَاخُ الْعَقْدِ بَعْدَهُ لَا يُوجِبُ بُطْلَانَ الشُّفْعَةِ وَلَوْ بَاعَ الْمُرْتَدُّ ثُمَّ قُتِلَ أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ لَا شُفْعَةَ فِيهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَإِنْ أَسْلَمَ الْمُرْتَدُّ الْبَائِعُ قَبْلَ أَنْ يَلْحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ جَازَ بَيْعُهُ وَلِلشَّفِيعِ فِيهَا الشُّفْعَةُ وَلَوْ كَانَ إسْلَامُهُ بَعْدَمَا لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَقِسْمَةُ مَالِهِ لَمْ يَكُنْ لِلشَّفِيعِ فِيهَا شُفْعَةٌ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - بَيْعُهُ جَائِزٌ وَلِلشَّفِيعِ فِيهَا الشُّفْعَةُ أَسْلَمَ أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَإِذَا اشْتَرَى الْمُسْلِمُ دَارًا وَالْمُرْتَدُّ شَفِيعُهَا وَقُتِلَ فِي رِدَّتِهِ أَوْ مَاتَ أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا لَهُ وَلَا لِوَرَثَتِهِ. وَلَوْ كَانَتْ امْرَأَةٌ مُرْتَدَّةٌ وَوَجَبَتْ لَهَا الشُّفْعَةُ فَلَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ بَطَلَتْ شُفْعَتُهَا وَإِنْ كَانَتْ الْمُرْتَدَّةُ بَائِعَةٌ لِلدَّارِ فَلِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ وَإِنْ كَانَ الشَّفِيعُ مُرْتَدًّا أَوْ مُرْتَدَّةً فَسَلَّمَ الشُّفْعَةَ جَازَ وَلَوْ لَمْ يُسَلِّمْ وَطَلَبَ أَخْذَ الدَّارِ بِالشُّفْعَةِ لَمْ يَقْضِ لَهُ الْقَاضِي بِذَلِكَ إلَّا أَنْ يُسَلِّمَ فَإِنْ أَبْطَلَ الْقَاضِي شُفْعَتَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ وَإِنْ وَقَفَهُ الْقَاضِي حَتَّى يَنْظُرَ ثُمَّ أَسْلَمَ فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ وَهَذَا إذَا كَانَ طَلَبَ الشُّفْعَةَ حِينَ عَلِمَ بِالشِّرَاءِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ طَلَبَ إلَى أَنْ أَسْلَمَ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ لِتَرْكِهِ طَلَبَ الْمُوَاثَبَةِ بَعْدَ عَلِمَهُ بِالشِّرَاءِ وَلَوْ لَحِقَ الْمُرْتَدُّ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ بِيعَتْ الدَّارُ قَبْلَ قِسْمَةِ مِيرَاثِهِ ثُمَّ قُسِّمَ الْمِيرَاثُ كَانَ لِوَرَثَتِهِ الشُّفْعَةُ وَإِذَا اشْتَرَى الْمُرْتَدُّ دَارًا مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ بِخَمْرِ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ وَلَا شُفْعَةَ فِيهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

إذَا اشْتَرَى الْحَرْبِيُّ الْمُسْتَأْمَنُ دَارًا وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَالشَّفِيعُ عَلَى شُفْعَتِهِ مَتَى لَقِيَهُ؛ لِأَنَّ لَحَاقِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ كَمَوْتِهِ وَمَوْتُ الْمُشْتَرِي لَا يَبْطُلُ شُفْعَةَ الشَّفِيعِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَإِذَا اشْتَرَى الْمُسْلِمُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ دَارًا وَشَفِيعُهَا حَرْبِيٌّ مُسْتَأْمَنٌ فَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ عَلِمَ بِالشِّرَاءِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَإِذَا اشْتَرَى الْحَرْبِيُّ الْمُسْتَأْمَنُ دَارًا وَشَفِيعُهَا حَرْبِيٌّ مُسْتَأْمَنٌ فَلَحِقَا جَمِيعًا بِدَارِ الْحَرْبِ فَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ فِيهَا؛ لِأَنَّ لَحَاقِ الشَّفِيعِ بِدَارِ الْحَرْبِ كَمَوْتِهِ فِيمَا هُوَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَالدَّارُ الْمَبِيعَةُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي مَعَ الشَّفِيعِ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَإِنْ كَانَ الشَّفِيعُ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا فَدَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ إذَا عَلِمَ فَإِنْ دَخَلَ وَهُوَ يَعْلَمُ فَلَمْ يَطْلُبْ حَتَّى غَابَ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ وَإِذَا طَلَبَ الشُّفْعَةَ ثُمَّ عَرَضَ لَهُ سَفَرٌ إلَى دَارِ الْحَرْبِ أَوْ إلَى غَيْرِهَا فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ إذَا كَانَ عَلَى طَلَبِهِ وَإِذَا كَانَ الشَّفِيعُ حَرْبِيًّا مُسْتَأْمَنًا فَوَكَّلَ بِطَلَبِ الشُّفْعَةِ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ كَمَا لَوْ مَاتَ بَعْدَ التَّوْكِيلِ بِطَلَبِ الشُّفْعَةِ وَإِنْ كَانَ الشَّفِيعُ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا فَوَكَّلَ مُسْتَأْمِنًا مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ ثُمَّ دَخَلَ الْوَكِيلُ دَارَ الْحَرْبِ بَطَلَتْ وَكَالَتُهُ وَالشَّفِيعُ عَلَى شُفْعَتِهِ؛ لِأَنَّ لَحَاقَ الْوَكِيلِ بِدَارِ الْحَرْبِ كَمَوْتِهِ وَمَوْتُ الْوَكِيلِ يُبْطِلُ الْوَكَالَةَ وَلَا يُبْطِلُ شُفْعَةُ الْمُوَكِّلِ فَكَذَلِكَ لَحَاقِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَإِذَا اشْتَرَى الْمُسْلِمُ دَارًا فِي دَارِ الْحَرْبِ وَشَفِيعُهَا مُسْلِمٌ ثُمَّ أَسْلَمَ أَهْلُ الدَّارِ فَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ يَجِبُ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ كُلَّ حُكْمٍ لَا يُفْتَقَرُ إلَى قَضَاءِ الْقَاضِي فَدَارَ الْإِسْلَامِ وَدَارُ الْحَرْبِ فِي حَقِّ ذَلِكَ الْحُكْمِ عَلَى السَّوَاءِ، وَكُلُّ حُكْمٍ يُفْتَقَرُ إلَى قَضَاءِ الْقَاضِي لَا يَثْبُتُ هَذَا الْحُكْمُ فِي حَقِّ مَنْ كَانَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِي دَارِ الْحَرْبِ لِمُبَاشَرَةِ سَبَبِ ذَلِكَ الْحُكْمِ فِي دَارِ الْحَرْبِ. نَظِيرُ الْأَوَّلِ جَوَازُ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَصِحَّةُ الِاسْتِيلَادِ وَنَفَاذُ الْعِتْقِ وَوُجُوبُ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ، فَإِنَّ هَذِهِ الْأَحْكَامَ كُلَّهَا مِنْ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ وَتَجْرِي عَلَى مَنْ كَانَ فِي دَارِ الْحَرْبِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ. وَنَظِيرُ الثَّانِي الزِّنَا فَإِنَّ الْمُسْلِمَ إذَا زَنَى فِي دَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ صَارَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لَا يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>