للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقِسْمَةِ عَلَى الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا وَإِنْ كَانَ فِي جَوَازِ بَيْعِ حَقِّ الْمُرُورِ رِوَايَتَانِ قَالَ بِأَنْ كَانَ عَيْنُ الطَّرِيقِ مَمْلُوكًا لَهُمَا وَكَانَ لَهُمَا حَقُّ الْمُرُورِ فِيهِ وَقَدْ جَعَلَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ رَقَبَةِ الطَّرِيقِ مِلْكًا لِصَاحِبِهِ عِوَضًا عَنْ بَعْضِ مَا أَخَذَهُ مِنْ نَصِيبِ صَاحِبِهِ بِالْقِسْمَةِ وَبَقِيَ لِنَفْسِهِ حَقُّ الْمُرُورِ وَهَذَا جَائِزٌ بِالشَّرْطِ كَمَنْ بَاعَ طَرِيقًا مَمْلُوكًا مِنْ غَيْرِهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ وَكَمَنْ بَاعَ السُّفْلَ عَلَى أَنَّهُ لَهُ حَقُّ قَرَارِ الْعُلْوِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ كَذَا هُنَا، وَإِذَا كَانَتْ الدَّارُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَبَيْنَهُمَا شِقْصٌ مِنْ دَارٍ أُخْرَى اقْتَسَمَاهَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا الدَّارَ وَالْآخَرُ الشِّقْصَ فَإِنْ عَلِمَا أَنَّ سِهَامَ الشِّقْصِ كَمْ هِيَ فَالْقِسْمَةُ جَائِزَةٌ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمَا فَالْقِسْمَةُ مَرْدُودَةٌ، وَإِنْ عَلِمَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يَعْلَمْ الْآخَرُ فَالْقِسْمَةُ مَرْدُودَةٌ هَكَذَا ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْأَصْلِ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَلَمْ يُفَصِّلْ الْجَوَابَ فِيهَا تَفْصِيلًا، فَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ: يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ فِيهَا عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ عَلِمَ الْمَشْرُوطُ لَهُ الشِّقْصَ جَازَتْ الْقِسْمَةُ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ جَهِلَ الْمَشْرُوطُ لَهُ وَعَلِمَ الشَّارِطُ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ عَلَى الْخِلَافِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - تَكُونُ الْقِسْمَةُ مَرْدُودَةً وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَكُونُ جَائِزَةً وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا بَلْ الْجَوَابُ فِي مَسْأَلَةِ الْقِسْمَةِ عَلَى مَا أَطْلَقَ وَالْقِسْمَةُ مَرْدُودَةٌ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَإِذَا اقْتَسَمَ الْقَوْمُ الْقَرْيَةَ وَهِيَ مِيرَاثٌ بَيْنَهُمْ بِغَيْرِ قَضَاءِ قَاضٍ وَفِيهِمْ صَغِيرٌ لَيْسَ لَهُ وَصِيٌّ أَوْ غَائِبٌ لَيْسَ لَهُ وَكِيلٌ لَمْ تَجُزْ الْقِسْمَةُ، وَكَذَلِكَ لَوْ اقْتَسَمُوهَا بِأَمْرِ صَاحِبِ الشَّرْطِ أَوْ عَامِلِ غَيْرِ الْقَاضِي كَالْعَامِلِ عَلَى الرُّسْتَاقِ أَوْ الطَّسُّوجِ أَوْ عَلَى الْخَرَاجِ أَوْ عَلَى الْمُؤْنَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ رَضُوا بِحُكْمِ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ فَسَمِعَ بَيِّنَتَهُمْ عَلَى الْأَصْلِ وَالْمِيرَاثِ ثُمَّ قَسَمَهَا بَيْنَهُمْ بِالْعَدْلِ وَفِيهِمْ صَغِيرٌ لَا وَصِيَّ لَهُ أَوْ غَائِبٌ لَا وَكِيلَ لَهُ لَمْ تَجُزْ لِأَنَّ الْحَكَمَ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى الْغَائِبِ وَالصَّغِيرِ لِأَنَّهُ صَارَ حَكَمًا بِتَرَاضِي الْخُصُومِ فَتَقْتَصِرُ وِلَايَتُهُ عَلَى مَنْ وُجِدَ مِنْهُ الرِّضَا فَإِنْ أَجَازَ الْغَائِبُ أَوْ كَبِرَ الصَّبِيُّ وَأَجَازَ فَهُوَ جَائِزٌ لِأَنَّ لِهَذَا الْعَقْدِ مُجِيزًا حَالَ وُقُوعِهِ أَلَا يُرَى أَنَّ الْقَاضِيَ لَوْ أَجَازَ جَازَ وَهُوَ نَظِيرُ مَا لَوْ بَاعَ مَالَ الصَّبِيِّ فَكَبِرَ الصَّبِيُّ وَأَجَازَ ذَلِكَ جَازَ وَإِنْ مَاتَ الْغَائِبُ أَوْ الصَّغِيرُ فَأَجَازَ وَارِثُهُ لَمْ تَجُزْ فِي الْقِيَاسِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالِاسْتِحْسَانُ أَنَّ الْحَاجَةَ إلَى الْقِسْمَةِ قَائِمَةٌ بَعْدَ مَوْتِ الْمُورِثِ كَمَا كَانَتْ فِي حَيَاتِهِ فَلَوْ نُقِضَتْ تِلْكَ الْقِسْمَةُ اُحْتِيجَ إلَى إعَادَتِهَا فِي الْحَالِ بِتِلْكَ الصِّفَةِ وَإِنَّمَا تَكُونُ إعَادَتُهَا بِرِضَا الْوَارِثِ فَلَا فَائِدَةَ فِي نَقْضِهَا مَعَ وُجُودِ الْإِجَازَةِ عِنْدَ النَّفَاذِ بِرِضَاهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

ثُمَّ إنَّمَا تَعْمَلُ الْإِجَازَةُ مِنْ الْغَائِبِ أَوْ مِنْ وَارِثِهِ أَوْ مِنْ الْوَصِيِّ أَوْ مِنْ الصَّبِيِّ بَعْدَ الْبُلُوغِ إذَا كَانَ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْقِسْمَةُ قَائِمًا وَقْتَ الْإِجَازَةِ كَالْبَيْعِ الْمَحْضِ الْمَوْقُوفِ إنَّمَا تَعْمَلُ فِيهِ الْإِجَازَةُ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا وَقْتَ الْإِجَازَةِ وَكَمَا تَثْبُتُ الْإِجَازَةُ صَرِيحًا بِالْقَوْلِ تَثْبُتُ الْإِجَازَةُ دَلَالَةً بِالْفِعْلِ كَمَا فِي الْبَيْعِ الْمَحْضِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ لَا تُقْسَمُ الْكُتُبُ بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَلَكِنْ يَنْتَفِعُ بِهَا كُلُّ وَاحِدٍ بِالْمُهَايَأَةِ وَلَوْ أَرَادَ وَاحِدٌ مِنْ الْوَرَثَةِ أَنْ يَقْسِمَ بِالْأَوْرَاقِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلَا يُسْمَعُ هَذَا الْكَلَامُ مِنْهُ وَلَا تُقْسَمُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ، وَلَوْ كَانَ صُنْدُوقُ قُرْآنٍ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ أَيْضًا وَإِنْ تَرَاضَوْا جَمِيعًا فَالْقَاضِي لَا يَأْمُرُ بِذَلِكَ وَلَوْ كَانَ مُصْحَفٌ لِوَاحِدٍ وَسَهْمٌ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ سَهْمًا مِنْهُ لِلْآخَرِ فَإِنَّهُ يُعْطَى يَوْمًا مِنْ ثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ يَوْمًا حَتَّى يَنْتَفِعَ وَلَوْ كَانَ كِتَابًا ذَا مُجَلَّدَاتٍ كَثِيرَةٍ كَشَرْحِ الْمَبْسُوطِ فَإِنَّهُ لَا يُقْسَمُ أَيْضًا وَلَا سَبِيلَ إلَى الْقِسْمَةِ فِي ذَلِكَ، وَكَذَا فِي كُلِّ جِنْسٍ مُخْتَلِفٍ، وَلَا يَأْمُرُ الْحَاكِمُ بِذَلِكَ وَلَوْ تَرَاضَيَا أَنْ تُقَوَّمَ الْكُتُبُ وَيَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ بَعْضَهَا بِالْقِيمَةِ بِالتَّرَاضِي يَجُوزُ وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى.

فِي الْيَتِيمَةِ سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَمَّنْ مَاتَ وَتَرَكَ أَوْلَادًا صِغَارًا وَابْنَيْنِ كَبِيرَيْنِ وَدَارًا وَلَمْ يُوصِ إلَى أَحَدٍ فَنَصَّبَ الْقَاضِي أَحَدَ الِابْنَيْنِ وَصِيًّا ثُمَّ إنَّ الْوَصِيَّ دَعَا رَجُلَيْنِ مِنْ أَقْرِبَائِهِ فَقُسِمَتْ التَّرِكَةُ بِحُضُورِهِمْ فَجَعَلَ الْكُتُبَ لِنَفْسِهِ وَلِأَخِيهِ الثَّانِي الْبَالِغِ أَيْضًا وَجَعَلَ الدَّارَ لِلصَّغِيرَيْنِ مَشَاعًا بَيْنَهُمَا وَذَلِكَ بَعْدَ التَّقْوِيمِ وَالتَّعْدِيلِ هَلْ تَصِحُّ هَذِهِ الْقِسْمَةُ؟ فَقَالَ: إنْ كَانَ الْقَاسِمُ عَالِمًا وَرِعًا يَجُوزُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَسَأَلْت أَبَا حَامِدٍ عَنْ الْأَبِ هَلْ لَهُ أَنْ يَقْسِمَ مَعَ أَوْلَادِهِ الصِّغَارِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ. وَسُئِلَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَمَّنْ اشْتَرَى أَرْضًا

<<  <  ج: ص:  >  >>