للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَدْ سَقَطَ وَلَمْ يَثْبُتْ لِلْوَارِثِ دَيْنٌ آخَرُ لِأَنَّهُ شَرَطَ أَلَّا يَرْجِعَ فَأَمَّا إذَا شَرَطَ الرُّجُوعَ أَوْ سَكَتَ فَالْقِسْمَةُ مَرْدُودَةٌ إلَّا أَنْ يَقْضُوا حَقَّ الْقَاضِي مِنْ مَالِهِمْ لِأَنَّ دَيْنَ الْقَاضِي فِي التَّرِكَةِ بِمَنْزِلَةِ دَيْنِ الْغَرِيمِ وَهَذَا الْجَوَابُ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا شَرَطَ الرُّجُوعَ، مُشْكِلٌ فِيمَا إذَا سَكَتَ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُجْعَلَ مُتَطَوِّعًا إذَا سَكَتَ، وَالْجَوَابُ أَنَّا لَمْ نَجْعَلْهُ مُتَطَوِّعًا لِأَنَّهُ مُضْطَرٌّ فِي الْقَضَاءِ أَلَا يُرَى أَنَّ الْغَرِيمَ لَوْ قَدَّمَهُ إلَى الْقَاضِي قَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ لِأَنَّهُ لَا مِيرَاثَ إلَّا بَعْدَ الدَّيْنِ، ثُمَّ مَا ذُكِرَ أَنَّ الْوَرَثَةَ إذَا اقْتَسَمُوا التَّرِكَةَ ثُمَّ ظَهَرَ وَارِثٌ آخَرُ أَوْ مُوصًى لَهُ بِالثُّلُثِ أَوْ الرُّبْعِ فَالْقَاضِي يَنْقُضُ الْقِسْمَةَ فَذَلِكَ إذَا كَانَتْ الْقِسْمَةُ بِغَيْرِ قَضَاءِ قَاضٍ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْقِسْمَةُ بِقَضَاءِ قَاضٍ ثُمَّ ظَهَرَ وَارِثٌ آخَرُ أَوْ مُوصًى لَهُ بِالثُّلُثِ فَالْوَارِثُ لَا يَنْقُضُ الْقِسْمَةَ إذَا عَزَلَ الْقَاضِي نَصِيبَهُ، وَأَمَّا الْمُوصَى لَهُ فَقَدْ اخْتَلَفَ فِيهِ الْمَشَايِخُ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَنْقُضُ الْقِسْمَةَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الْأَصَحُّ. وَبَعْضُهُمْ قَالُوا: يَنْقُضُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ تَبَرَّعَ إنْسَانٌ بِقَضَاءِ دَيْنِ الْمَيِّتِ لَا يَكُونُ لِلْغَرِيمِ حَقُّ نَقْضِ الْقِسْمَةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

أَرَادُوا قِسْمَةَ التَّرِكَةِ وَفِيهَا دَيْنٌ فَالْحِيلَةُ فِيهَا أَنْ يَضْمَنَ أَجْنَبِيٌّ بِإِذْنِ الْغَرِيمِ بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الْمَيِّتِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الضَّمَانُ بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الْمَيِّتِ لَا تَنْفُذُ الْقِسْمَةُ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الْمَيِّتِ يَكُونُ حَوَالَةً فَيُنْقَلُ الدَّيْنُ إلَيْهِ وَتَخْلُو التَّرِكَةُ عَنْ الدَّيْنِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.

وَلَوْ قَضَى الدَّيْنَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْبَاقِينَ شَرَطَ أَوْ لَمْ يَشْرِطْ إلَّا أَنْ يَتَبَرَّعَ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْوَرَثَةِ مُطَالَبٌ حَتَّى لَوْ قَدَّمَهُ الْغَرِيمُ إلَى الْقَاضِي قَضَى عَلَيْهِ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ فَكَانَ مُجْبَرًا عَلَى الْقَضَاءِ وَمُضْطَرًّا فَلَا يَكُونُ مُتَبَرِّعًا إلَّا إذَا قَصَدَ بِذَلِكَ التَّبَرُّعَ بِأَنْ شَرَطَ أَنْ لَا يَرْجِعَ عَلَيْهِمْ، وَإِذَا اقْتَسَمَتْ الْوَرَثَةُ دَارًا وَفِيهِمْ امْرَأَةُ الْمَيِّتِ ثُمَّ ادَّعَتْ بَعْدَ الْقِسْمَةِ مَهْرًا عَلَى زَوْجِهَا وَأَقَامَتْ بَيِّنَةً نُقِضَتْ الْقِسْمَةُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَإِذَا ادَّعَى بَعْضُ الْوَرَثَةِ دَيْنًا فِي التَّرِكَةِ بَعْدَ تَمَامِ الْقِسْمَةِ صَحَّتْ دَعْوَاهُ وَسُمِعَتْ بَيِّنَتُهُ وَلَهُ أَنْ يَنْقُضَ الْقِسْمَةَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

مِيرَاثٌ بَيْنَ قَوْمٍ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ دَيْنٌ وَلَا وَصِيَّةٌ فَمَاتَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ وَعَلَى الْمَيِّتِ الثَّانِي دَيْنٌ أَوْ أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ أَوْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ غَائِبٌ أَوْ صَغِيرٌ فَاقْتَسَمَتْ الْوَرَثَةُ مِيرَاثَ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ كَانَ لِغُرَمَاءِ الْمَيِّتِ الثَّانِي أَنْ يَطْلُبُوا الْقِسْمَةَ وَكَذَلِكَ لِصَاحِبِ الْوَصِيَّةِ وَالْوَارِثِ الْغَائِبِ وَالصَّغِيرِ كَذَا فِي التتارخانية.

وَلَوْ أَنَّ وَارِثًا ادَّعَى لِابْنٍ لَهُ صَغِيرٍ وَصِيَّةً بِالثُّلُثِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ وَقَدْ قَسَمُوا الدَّارَ فَإِنَّ هَذِهِ الْقِسْمَةَ لَا تُبْطِلُ حَقَّ ابْنِهِ فِي الْوَصِيَّةِ إلَّا أَنَّ الْأَبَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ وَصِيَّةَ ابْنِهِ وَلَا أَنْ يُبْطِلَ الْقِسْمَةَ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ تَمَّتْ بِهِ وَمَنْ سَعَى فِي نَقْضِ مَا تَمَّ بِهِ ضَلَّ سَعْيُهُ وَإِقْدَامُهُ عَلَى الْقِسْمَةِ اعْتِرَافٌ بِأَنْ لَا وَصِيَّةَ لِابْنِهِ بِخِلَافِ الدَّيْنِ، وَلِلِابْنِ إذَا كَبِرَ أَنْ يَطْلُبَ حَقَّهُ وَيَرُدَّ الْقِسْمَةَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

وَإِذَا كَانَتْ الدَّارُ بَيْنَ قَوْمٍ فَاقْتَسَمُوهَا عَلَى قَدْرٍ مِنْ مِيرَاثِهِمْ مِنْ أَبِيهِمْ ثُمَّ ادَّعَى أَحَدُهُمْ أَنَّ أَخًا لَهُ مِنْ أَبِيهِ وَأُمِّهِ قَدْ وَرِثَ أَبَاهُ مَعَهُمْ وَأَنَّهُ مَاتَ بَعْدَ أَبِيهِ فَوَرِثَهُ هُوَ وَأَرَادَ مِيرَاثَهُ مِنْهُ وَقَالَ: إنَّمَا قَسَمْتُمْ لِي مِيرَاثِي مِنْ أَبِي وَلَمْ يَكْتُبُوا فِي الْقِسْمَةِ أَنَّهُ لَا حَقَّ لِبَعْضِهِمْ فِيمَا أَصَابَ الْبَعْضُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ وَلَمْ تُنْقَضْ الْقِسْمَةُ وَإِنْ كَانُوا كَتَبُوا فِي الْقِسْمَةِ أَنَّهُ لَا حَقَّ لِبَعْضِهِمْ فِيمَا أَصَابَ الْبَعْضُ فَهُوَ نَفْيٌ لِدَعْوَاهُ وَمُرَادُهُ مِنْ قَوْلِهِ " وَلَمْ يَكْتُبُوا " إزَالَةُ الْإِشْكَالِ وَبَيَانُ التَّسْوِيَةِ فِي الْفَصْلَيْنِ فِي الْجَوَابِ وَكَذَلِكَ إنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ أَبِيهِ فِي حَيَاتِهِ أَوْ أَنَّهُ وَهَبَهَا لَهُ وَقَبَضَهَا مِنْهُ أَوْ أَنَّهَا كَانَتْ لِأُمِّهِ وَرِثَهَا مِنْهَا لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَإِذَا قَسَمَتْ الْوَرَثَةُ الدَّيْنَ فِيمَا بَيْنَهُمْ فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ لِلْمَيِّتِ فَاقْتَسَمُوا الدَّيْنَ وَالْعَيْنَ جُمْلَةً بِأَنْ شَرَطُوا فِي الْقِسْمَةِ أَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَى فُلَانٍ لِهَذَا الْوَارِثِ مَعَ هَذِهِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنَ الَّذِي عَلَى فُلَانٍ الْآخَرِ لِهَذَا الْوَارِثِ الْآخَرِ مَعَ هَذِهِ الْعَيْنِ فَهَذِهِ الْقِسْمَةُ بَاطِلَةٌ فِي الدَّيْنِ وَالْعَيْنِ جَمِيعًا، وَإِنْ اقْتَسَمُوا الْأَعْيَانَ ثُمَّ اقْتَسَمُوا الدُّيُونَ فَقِسْمَةُ الْأَعْيَانِ صَحِيحَةٌ وَقِسْمَةُ الدُّيُونِ بَاطِلَةٌ وَإِذَا كَانَ الدَّيْنُ عَلَى الْمَيِّتِ وَاقْتَسَمُوا عَلَى أَنْ يَضْمَنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ دَيْنَ غَرِيمٍ عَلَى حِدَةٍ أَوْ اقْتَسَمُوا عَلَى أَنْ يَضْمَنَ أَحَدُهُمْ سَائِرَ الدُّيُونِ فَإِنْ كَانَ الضَّمَانُ مَشْرُوطًا فِي الْقِسْمَةِ فَالْقِسْمَةُ فَاسِدَةٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الضَّمَانُ مَشْرُوطًا فِي الْقِسْمَةِ إنَّمَا ضَمِنَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ بِغَيْرِ شَرْطٍ، إنْ ضَمِنَ بِشَرْطِ إتْبَاعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>