للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى قَوْلِهِمَا الْجَوَازَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْكِرَابِ وَجَعْلُ كَلِمَةِ مِنْ لِلصِّلَةِ عِنْدَهُمَا فِي الْمَسَائِلِ كُلِّهَا وَغَيْرُهُ مِنْ الْمَشَايِخِ قَالُوا: بِأَنَّ مَا ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ قَوْلُهُمَا وَمَا ذَكَرَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْكِرَابِ قَوْلُهُمَا أَيْضًا وَهَذَا الْقَائِلُ يَجْعَلُ كَلِمَةَ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ فِي الْمَسَائِلِ كُلِّهَا لِأَنَّ هَذِهِ الْكَلِمَةَ حَقِيقَتُهَا لِلتَّبْعِيضِ لُغَةً وَإِنَّمَا تُذْكَرُ لِلصِّلَةِ مَجَازًا وَالْكَلَامُ لِحَقِيقَتِهِ وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ تَتَمَكَّنُ الْجَهَالَةُ إلَّا أَنَّ هَذِهِ الْجَهَالَةَ فِي مَسْأَلَةِ الْكِرَابِ لَا تُوجِبُ فَسَادَ الْمُزَارَعَةِ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ زَالَتْ وَقْتَ تَأَكُّدِ الْمُزَارَعَةِ وَإِذَا كَانَتْ الْجَهَالَةُ زَائِلَةً وَقْتَ تَأَكُّدِ الْمُزَارَعَةِ كَانَتْ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ كَانَتْ زَائِلَةً وَقْتَ الْمُزَارَعَةِ وَأَمَّا فِي مَسْأَلَةِ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ الْجَهَالَةُ قَائِمَةٌ وَقْتَ تَأَكُّدِ الْعَقْدِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُعْلَمُ الْبَعْضُ الْمَزْرُوعُ حِنْطَةً مِنْ الْبَعْضِ الْمَزْرُوعِ شَعِيرًا بِإِلْقَاءِ الْبَذْرِ فَوَقْتَ إلْقَاءِ الْبَذْرِ الَّذِي هُوَ حَالُ تَأَكُّدِ الْعَقْدِ تَكُونُ الْجَهَالَةُ قَائِمَةً وَكَذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ جُمَادَى وَفِي مَسْأَلَةِ السَّقْيِ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ أَرَادَ السَّقْيَ الْمُعْتَادَ بَيْنَهُمْ وَهُوَ السَّقْيُ بَعْدَ إلْقَاءِ الْبَذْرِ فَالْجَهَالَةُ تَكُونُ قَائِمَةً وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْ هَذَا السَّقْيَ قَبْلَ الزِّرَاعَةِ كَانَتْ الْمُزَارَعَةُ صَحِيحَةً كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْكِرَابِ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ تَكُونُ زَائِلَةً وَقْتَ تَأَكُّدِ الْعَقْدِ وَأَمَّا إذَا نَصَّ عَلَى الْبَعْضِ فَقَالَ: عَلَى أَنَّ مَا زَرَعْت بَعْضًا مِنْهَا بِكِرَابٍ فَلَكَ كَذَا وَمَا زَرَعْت بَعْضًا مِنْهَا بِغَيْرِ كِرَابٍ فَلَكَ كَذَا هَلْ يَفْسُدُ الْعَقْدُ لَمْ يَذْكُرْهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكِتَابِ وَعَلَى قِيَاسِ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجِبُ أَنْ تَكُونَ الْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةً كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَإِذَا دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَرْضًا يَزْرَعُهَا سَنَتَهُ هَذِهِ بِبَذْرِهِ وَعَمَلِهِ عَلَى أَنَّهُ إنْ زَرَعَهَا فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ جُمَادَى الْأُولَى فَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَإِنْ زَرَعَهَا فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ الثُّلُثَانِ مِنْ الْخَارِجِ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَالثُّلُثُ لِلْمُزَارِعِ فَالشَّرْطُ الْأَوَّلُ جَائِزٌ وَالثَّانِي فَاسِدٌ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى قَوْلِ مَنْ أَجَازَ الْمُزَارَعَةَ وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الشَّرْطَانِ جَائِزَانِ فَإِنْ زَرَعَهَا فِي جُمَادَى الْأُولَى فَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَإِنْ زَرَعَهَا فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ فَالْخَارِجُ كُلُّهُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْعَامِلِ وَأَجْرُ مِثْلِ الْعَامِلِ إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ صَاحِبِ الْأَرْضِ وَعِنْدَهُمَا الشَّرْطَانِ جَمِيعًا جَائِزَانِ فَإِنْ زَرَعَهَا فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ فَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا وَلَوْ قَالَ: عَلَى أَنَّ مَا زُرِعَ مِنْ هَذِهِ الْأَرْضِ فِي يَوْمِ كَذَا فَالْخَارِجُ مِنْهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَمَا زُرِعَ مِنْهَا فِي يَوْمِ كَذَا فَلِلْمُزَارِعِ ثُلُثُ الْخَارِجِ وَلِرَبِّ الْأَرْضِ ثُلُثَاهُ فَهَذَا فَاسِدٌ كُلُّهُ وَلَوْ كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى زَرَعَ نِصْفَهَا فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ جُمَادَى الْأُولَى وَنِصْفَهَا فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ فَمَا زُرِعَ فِي الْوَقْتِ الْأَوَّلِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا اشْتَرَطَا وَمَا زُرِعَ فِي الْوَقْتِ الثَّانِي فَهُوَ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ فِي الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَفِي الْقَوْلِ الثَّانِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى مَا اشْتَرَطَا بِخِلَافِ قَوْلِهِ عَلَى أَنَّ مَا زُرِعَ مِنْهَا وَلَوْ قَالَ: عَلَى أَنَّهُ إنْ زَرَعَهَا بِدَالِيَةٍ أَوْ سَانِيَةٍ فَالثُّلُثَانِ لِلْمُزَارِعِ وَالثُّلُثُ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَإِنْ زَرَعَهَا بِمَاءٍ سَيْحٍ أَوْ بِسَقْيِ السَّمَاءِ فَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى مَا اشْتَرَطَا وَهَذَا بِنَاءً عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْآخِرِ فَأَمَّا عَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَفْسُدُ الشَّرْطَانِ جَمِيعًا وَلَوْ قَالَ: عَلَى أَنَّ مَا زُرِعَ مِنْهَا بِدَلْوٍ فَلِلْعَامِلِ ثُلُثَاهُ وَلِرَبِّ الْأَرْضِ ثُلُثُهُ وَإِنْ زَرَعَهَا بِمَاءٍ سَيْحٍ فَلِلْعَامِلِ نِصْفُهُ فَهَذِهِ مُزَارَعَةٌ فَاسِدَةٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَلَوْ دَفَعَ الرَّجُلُ أَرْضَهُ إلَى رَجُلٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ زَرَعَهَا حِنْطَةً فَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَإِنْ زَرَعَهَا شَعِيرًا فَالْخَارِجُ كُلُّهُ لِلْمُزَارِعِ فَهَذَا جَائِزٌ لِأَنَّهُ خَيَّرَهُ بَيْنَ الْمُزَارَعَةِ وَالْإِعَارَةِ فَإِنْ زَرَعَهَا حِنْطَةً فَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ زَرَعَهَا شَعِيرًا فَالْخَارِجُ لِلْمُزَارِعِ، وَلَوْ دَفَعَهَا إلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ إنْ زَرَعَهَا حِنْطَةً فَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ زَرَعَهَا شَعِيرًا فَالْخَارِجُ كُلُّهُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ فَهَذَا جَائِزٌ فِي الْحِنْطَةِ فَإِنْ زَرَعَهَا حِنْطَةً فَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ زَرَعَهَا شَعِيرًا فَالْخَارِجُ كُلُّهُ لِلْمُزَارِعِ وَعَلَى الْمُزَارِعِ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ أَرْضًا وَكُرَّ حِنْطَةٍ وَكُرَّ شَعِيرٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ زَرَعَ الْحِنْطَةَ فِيهَا فَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَالشَّعِيرُ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ وَلَوْ زَرَعَهَا الشَّعِيرَ فَالْخَارِجُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَيَرُدُّ الْحِنْطَةَ كُلَّهَا فَهُوَ كُلُّهُ جَائِزٌ عَلَى مَا اشْتَرَطَا وَلَوْ اشْتَرَطَا الْخَارِجَ مِنْ الشَّعِيرِ لِلْعَامِلِ جَازَ أَيْضًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى رَجُلٍ أَرْضًا لِيَزْرَعَهَا بِبَذْرِهِ عَلَى أَنَّهُ إنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>