للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى رَجُلٍ أَرْضًا مُزَارَعَةً وَالْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْمُزَارِعِ فَمَاتَ رَبُّ الْأَرْضِ بَعْدَ مَا نَبَتَ الزَّرْعُ قَبْلَ أَنْ يُسْتَحْصَدَ فَالْقِيَاسُ أَنْ تُنْقَضَ الْمُزَارَعَةُ وَلِوَرَثَةِ رَبِّ الْأَرْضِ أَنْ يَأْخُذُوا أَرْضَهُمْ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَبْقَى الْعَقْدُ إلَى أَنْ يُسْتَحْصَدَ الزَّرْعُ وَلَا يُثْبِتُ إجَارَةً مُبْتَدَأَةً وَكَانَ لِوَرَثَةِ رَبِّ الْأَرْضِ خِيَارَاتٌ ثَلَاثَةٌ إنْ شَاءُوا قَلَعُوا الزَّرْعَ.

وَيَكُونُ الْمَقْلُوعُ بَيْنَهُمْ وَإِنْ شَاءُوا أَنْفَقُوا عَلَى الزَّرْعِ بِأَمْرِ الْقَاضِي حَتَّى يَرْجِعُوا عَلَى الْمُزَارِعِ بِجَمِيعِ النَّفَقَةِ مُقَدَّرًا بِالْحِصَّةِ وَإِنْ شَاءُوا غَرِمُوا حِصَّةَ الْمُزَارِعِ مِنْ الزَّرْعِ وَالزَّرْعُ لَهُمْ هَذَا إذَا مَاتَ رَبُّ الْأَرْضِ بَعْدَ الزِّرَاعَةِ فَأَمَّا إذَا مَاتَ قَبْلَ الزِّرَاعَةِ وَلَكِنْ بَعْدَمَا عَمِلَ الْمُزَارِعُ فِي الْأَرْضِ بِأَنْ كَرِبَ الْأَرْضَ وَحَفَرَ الْأَنْهَارَ وَسَوَّى الْمُسَنَّاةَ انْتَقَضَتْ الْمُزَارَعَةُ وَلَا تَبْقَى صِيَانَةً لِحَقِّهِ فِي الْأَعْمَالِ وَأَمَّا إذَا مَاتَ رَبُّ الْأَرْضِ بَعْدَ الزِّرَاعَةِ قَبْلَ النَّبَاتِ هَلْ تَبْقَى الْمُزَارَعَةُ؟ فَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَلَوْ لَمْ يَمُتْ رَبُّ الْأَرْضِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَلَكِنَّ الْمُزَارِعَ قَدْ كَانَ أَخَّرَ الزِّرَاعَةَ فَزَرَعَ فِي آخِرِ السَّنَةِ وَانْقَضَتْ السَّنَةُ وَالزَّرْعُ بَقْلٌ لَمْ يُسْتَحْصَدْ فَأَرَادَ رَبُّ الْأَرْضِ أَنْ يَقْلَعَ الزَّرْعَ وَأَبَى الْمُزَارِعُ لَا يَتَمَكَّنُ رَبُّ الْأَرْضِ مِنْ الْقَلْعِ وَيَثْبُتُ بَيْنَهُمَا إجَارَةً فِي نِصْفِ الزَّرْعِ حُكْمًا إلَى أَنْ يُسْتَحْصَدَ الزَّرْعُ صِيَانَةً لِحَقِّ الْمُزَارِعِ فِي الزَّرْعِ حَتَّى يَغْرَمَ الْمُزَارِعُ نِصْفَ أَجْرِ مِثْلِ الْأَرْضِ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَفِيمَا إذَا مَاتَ رَبُّ الْأَرْضِ فِي وَسَطَ الْمُدَّةِ وَقَالَ الْمُزَارِعُ: لَا أَقْلَعُ الزَّرْعَ لَا يَثْبُتُ إجَارَةً مُبْتَدَأَةً بَلْ يَبْقَى عَقْدُ الْمُزَارَعَةِ حَتَّى لَا يَغْرَمَ الْمُزَارِعُ لِوَرَثَةِ رَبِّ الْأَرْضِ شَيْئًا وَالْعَمَلُ عَلَيْهِمَا نِصْفَانِ حَتَّى يُسْتَحْصَدَ الزَّرْعُ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ مَاتَ رَبُّ الْأَرْضِ فِي وَسَطِ السَّنَةِ وَالزَّرْعُ بَقْلٌ فَإِنَّ جَمِيعَ الْعَمَلِ عَلَى الْمُزَارِعِ حَتَّى لَا يَقْلَعَ الزَّرْعَ.

وَإِنَّمَا يَغْرَمُ الْمُزَارِعُ أَجْرَ مِثْلِ نِصْفِ الْأَرْضِ وَهَذَا إذَا لَمْ يُرِدْ الْمُزَارِعُ الْقَلْعَ فَإِنْ أَرَادَ الْقَلْعَ كَانَ لِرَبِّ الْأَرْضِ خِيَارَاتٌ ثَلَاثَةٌ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ وَفِي حَقِّ وَرَثَةِ رَبِّ الْأَرْضِ وَفَرَّقَ بَيْنَ مَا إذَا مَاتَ رَبُّ الْأَرْضِ فِي وَسَطِ الْمُدَّةِ وَالزَّرْعُ بَقْلٌ وَبَيْنَ مَا إذَا انْتَهَتْ الْمُدَّةُ وَالزَّرْعُ بَقْلٌ فَقَالَ فِي فَصْلِ الْمَوْتِ: إذَا أَنْفَقَ وَرَثَةُ رَبِّ الْأَرْضِ بِأَمْرِ الْقَاضِي عَلَى الزَّرْعِ رَجَعُوا عَلَى الْمُزَارِعِ بِجَمِيعِ النَّفَقَةِ مُقَدَّرًا بِالْحِصَّةِ وَفِي فَصْلِ انْتِهَاءِ الْمُدَّةِ قَالَ: إذَا أَنْفَقَ رَبُّ الْأَرْضِ عَلَى الزَّرْعِ بِأَمْرِ الْقَاضِي رَجَعَ عَلَى الْمُزَارِعِ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ مُقَدَّرًا بِالْحِصَّةِ وَإِذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْمُعَامَلَةِ وَالثَّمَرُ لَمْ يُدْرَكْ بَعْدُ وَأَبَى الْعَامِلُ الصَّرْمَ فَإِنَّهُ يُتْرَكُ فِي يَدِهِ بِغَيْرِ إجَارَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْمُزَارَعَةِ وَالزَّرْعُ بَقْلٌ فَإِنَّهُ تُتْرَكُ الْأَرْضُ فِي يَدِ الْمُزَارِعِ بِأَجْرٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْعَامِلِ فَزَرَعَ الْأَرْضَ ثُمَّ مَاتَ الْمُزَارِعُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَحْصِدَ فَقَالَ وَرَثَتُهُ: نَحْنُ نَعْمَلُ فِيهَا عَلَى حَالِهَا فَلَهُمْ ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ قَائِمُونَ مَقَامَ الْمُوَرِّثِ وَلَا أَجْرَ لَهُمْ فِي الْعَمَلِ وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِمْ فَإِنْ قَالُوا لَا نَعْمَلُ لَا يُجْبَرُونَ وَيُقَالُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ اقْلَعْ الزَّرْعَ فَيَكُونُ بَيْنَك وَبَيْنَهُمْ نِصْفَيْنِ أَوْ: أَعْطِهِمْ قِيمَةَ حِصَّتِهِمْ مِنْ الزَّرْعِ أَوْ أَنْفِقْ عَلَى حِصَّتِهِمْ وَتَكُونُ نَفَقَتُك فِي حِصَّتِهِمْ مِمَّا تُخْرِجُ الْأَرْضُ وَلَوْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْعَامِلِ فَلَمَّا صَارَ الزَّرْعُ بَقْلًا انْقَضَى وَقْتُ الزِّرَاعَةِ فَأَيُّهُمَا أَنْفَقَ وَالْآخَرُ غَائِبٌ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ فِي النَّفَقَةِ وَلَا أَجْرَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ عَلَى الْعَامِلِ وَإِذَا رَفَعَ الْعَامِلُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي وَصَاحِبُ الْأَرْضِ غَائِبٌ فَإِنَّهُ يُكَلِّفُهُ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى مَا ادَّعَى وَإِذَا تَأَخَّرَ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ وَخِيفَ الْفَسَادُ عَلَى الزَّرْعِ فَإِنَّ الْقَاضِي يَقُولُ لَهُ: أَمَرْتُك بِالْإِنْفَاقِ إنْ كُنْت صَادِقًا فَالنَّظَرُ بِهَذَا يَحْصُلُ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ صَادِقًا كَانَ الْأَمْرُ مِنْ الْقَاضِي فِي مَوْضِعِهِ وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا لَمْ يَثْبُتْ حُكْمُ الْأَمْرِ وَيَجْعَلُ الْقَاضِي عَلَيْهِ أَجْرَ مِثْلِ نِصْفِ الْأَرْضِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

وَإِذَا دَفَعَ إلَيْهِ أَرْضًا وَبَذْرًا عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا سَنَتَهُ هَذِهِ عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَزَرَعَهَا وَلَمْ يَسْتَحْصِدْ حَتَّى هَرَبَ الْعَامِلُ فَأَنْفَقَ صَاحِبُ الْأَرْضِ بِأَمْرِ الْقَاضِي عَلَى الزَّرْعِ حَتَّى اسْتَحْصَدَ ثُمَّ قَدِمَ الْمُزَارِعُ فَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الزَّرْعِ حَتَّى يُوفِيَ صَاحِبَ الْأَرْضِ جَمِيعَ نَفَقَتِهِ وَلَا يَقُولُ الْقَاضِي وَلَا يَأْمُرُهُ بِالْإِنْفَاقِ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عِنْدَهُ عَلَى مَا يَقُولُ لِأَنَّهُ يَدَّعِي ثُبُوتَ وِلَايَةِ النَّظَرِ لِلْقَاضِي فِي الْأَمْرِ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى هَذَا الزَّرْعِ وَلَا يَعْرِفُ الْقَاضِي سَبَبَهُ فَيُكَلِّفُهُ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ وَيَقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةَ مِنْهُ لِيَكْشِفَ الْحَالَ بِغَيْرِ خَصْمٍ أَوْ يَكُونُ الْقَاضِي فِيهِ خَصْمَهُ كَمَا يَكُونُ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَى الْوَدِيعَةِ وَاللُّقَطَةِ فَإِذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>