للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمِثْلِ إلَى يَوْمِ الْحَصَادِ يُرِيدُ بِهِ أَنَّ فِيمَا زَادَ عَلَى أَجْرِ الْمِثْلِ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْحَصَادِ، هَذَا إذَا كَانَ الْمُزَارَعُ أَجْنَبِيًّا وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ مَا، أَمَّا إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ لِجَمِيعِ مَالِهِ إمَّا دَيْنُ الصِّحَّةِ وَإِمَّا دَيْنُ الْمَرَضِ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إلَى قِيمَةِ حِصَّةِ الْمُزَارِعِ يَوْمَ نَبَتَ وَصَارَ لَهُ قِيمَةٌ وَإِلَى أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ حِصَّتِهِ مِنْ الزَّرْعِ يَوْمَ نَبَتَ وَصَارَ لَهُ قِيمَةُ مِثْلِ أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ أَوْ أَقَلَّ مِنْ أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ، فَإِنَّ مَا شُرِطَ لِلْمُزَارَعِ مِنْ الزَّرْعِ لَا يُسَلَّمُ لَهُ بَلْ يُشَارِكُهُ فِيمَا قَبَضَ غُرَمَاءُ الْمَرِيضِ وَيُقَسَّمُ مَا قَبَضَ بَيْنَهُمْ بِالْحِصَصِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَرِيضِ مَالٌ سِوَى هَذَا، يَضْرِبُ الْمُزَارَعُ بِقِيمَةِ حِصَّتِهِ مِنْ الزَّرْعِ زَائِدَةً إلَى يَوْمِ الْحَصَادِ وَالْغُرَمَاءِ بِدُيُونِهِمْ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ حِصَّةِ الْمُزَارِعِ مِنْ الزَّرْعِ يَوْمَ نَبَتَ وَصَارَ لَهُ قِيمَةٌ أَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ.

فَإِنَّ الْمُزَارَعَ يَضْرِبُ فِي الزَّرْعِ بِمِقْدَارِ أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَالْغُرَمَاءُ يَضْرِبُونَ بِحُقُوقِهِمْ وَلَا يُسَلَّمُ لِلْمُزَارَعِ شَيْءٌ مِمَّا زَادَ عَلَى أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ، إلَّا أَنَّ مَا يَخُصُّ الْمُزَارَعَ يَأْخُذُهُ مِنْ الزَّرْعِ وَمَا أَصَابَ الْغُرَمَاءَ يُبَاعُ فَتُقْضَى دُيُونُهُمْ، هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا إذَا كَانَ الْمُزَارَعُ أَجْنَبِيًّا، فَأَمَّا إذَا كَانَ الْمُزَارَعُ وَارِثًا فَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ كَانَ يَرَى جَوَازَ الْمُزَارَعَةِ فَالْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةٌ حَتَّى لَا يَسْتَحِقَّ الْوَارِثُ شَيْئًا مِنْ الْخَارِجِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ لَهُ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ دَرَاهِمَ لَا غَيْرُ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْمَرِيضِ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَسَوَاءٌ كَانَ قِيمَةُ حِصَّةِ الْوَارِثِ مِنْ الزَّرْعِ مِثْلَ أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَرِيضِ دَيْنٌ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إلَى حِصَّةِ الْوَارِثِ مِنْ الزَّرْعِ يَوْمَ نَبَتَ وَصَارَ لَهُ قِيمَةٌ وَإِلَى أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ.

فَإِنْ كَانَ قِيمَةُ حِصَّتِهِ مِنْ الزَّرْعِ يَوْمَ نَبَتَ وَصَارَ لَهُ قِيمَةٌ مِثْلَ أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ أَوْ أَقَلَّ كَانَ لَهُ الْمَشْرُوطُ، وَمَا يَحْدُثُ مِنْ الزِّيَادَةِ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى يَوْمِ الْحَصَادِ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي الْأَجْنَبِيِّ، وَأَمَّا إذَا كَانَ قِيمَةُ حِصَّتِهِ مِنْ الزَّرْعِ يَوْمَ نَبَتَ وَصَارَ لَهُ قِيمَةٌ أَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ فَإِنَّ لَهُ مِنْ الْخَارِجِ بِقَدْرِ أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ، وَلَيْسَ لَهُ مِمَّا زَادَ عَلَى ذَلِكَ إلَى تَمَامِ الْمَشْرُوطِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اسْتَحَقَّهُ اسْتَحَقَّهُ بِطَرِيقِ الْوَصِيَّةِ وَلَا وَصِيَّةَ لِلْوَارِثِ إلَّا أَنْ يُجِيزَهَا الْوَرَثَةُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ عَلَى الْمَرِيضِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي الْأَجْنَبِيِّ لِأَنَّهُ لَا وَصِيَّةَ مَعَ الدَّيْنِ، وَالْجَوَابُ فِي حَقِّ الْأَجْنَبِيِّ قَدْ ذَكَرْنَا مِنْ قَبْلُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

صَحِيحٌ دَفَعَ أَرْضًا إلَى مَرِيضٍ مُزَارَعَةً بِالنِّصْفِ وَالْبَذْرُ مِنْ الْعَامِلِ وَلَا مَالَ لَهُ سِوَاهُ فَأَخْرَجَتْ الْأَرْضُ ثُمَّ مَاتَ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا دَفَعَ الْمَرِيضُ أَرْضَهُ مُزَارَعَةً، وَالْبَذْرُ مِنْ الْعَامِلِ عَلَى الْفُصُولِ الَّتِي ذَكَرْنَا؛ لِأَنَّ هُنَاكَ الْمَرِيضُ هُوَ الْمُسْتَأْجِرُ لِلْعَامِلِ بِبَعْضِ الْخَارِجِ، وَهُنَا الْمَرِيضُ مُسْتَأْجِرٌ لِلْأَرْضِ بِبَعْضِ الْخَارِجِ، وَالْمُعَامَلَةُ فِي هَذَا كَالْمُزَارَعَةِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَإِذَا دَفَعَ الْمَرِيضُ زَرْعًا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَهُوَ بَقْلٌ لَمْ يُسْتَحْصَدْ أَوْ كُفُرَّى فِي رُءُوسِ النَّخِيلِ أَوْ ثَمَرًا فِي شَجَرٍ حِينَ طَلَعَ أَخْضَرَ، وَلَمْ يَبْلُغْ عَلَى أَنْ يَقُومَ عَلَيْهِ فَمَا رَزَقَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي الْمُزَارَعَةِ إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ جِهَةِ الْمَرِيضِ، وَإِذَا دَفَعَ الْمَرِيضُ إلَى رَجُلٍ نَخْلًا مُعَامَلَةً هَذِهِ السَّنَةَ عَلَى أَنْ يَقُومَ عَلَيْهِ وَيَسْقِيَهُ وَيُلَقِّحَهُ فَمَا أَخْرَجَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَأَخْرَجَ النَّخِيلُ كُفُرَّى

<<  <  ج: ص:  >  >>