للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَقْدُ الْمُزَارَعَةِ فِي حَالِ الْمَرَضِ لَمْ يَسْتَحْلِفْهُمْ

كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ الْخَامِسَ عَشَرَ فِي الرَّهْنِ فِي الْمُزَارَعَةِ وَالْمُعَامَلَةِ]

(الْبَابُ الْخَامِسَ عَشَرَ فِي الرَّهْنِ فِي الْمُزَارَعَةِ وَالْمُعَامَلَةِ) رَهَنَ أَرْضًا وَنَخْلًا لَهُ فَقَالَ لِلْمُرْتَهِنِ بَعْدَ التَّسْلِيمِ: اسْقِهِ وَأَلْقِحْهُ وَاحْفَظْهُ عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ نِصْفَانِ فَقَبِلَ فَالْمُعَامَلَةُ فَاسِدَةٌ وَلِلْمُرْتَهِنِ أَجْرُ مِثْلِهِ فِي التَّلْقِيحِ وَالسَّقْيِ دُونَ الْحِفْظِ وَالْأَرْضُ وَالْخَارِجُ رَهْنٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الرَّهْنُ أَرْضًا مَزْرُوعَةً صَارَ الزَّرْعُ بَقْلًا فِيهَا، وَلَوْ كَانَ الرَّهْنُ أَرْضًا بَيْضَاءَ فَمُزَارَعَةُ الرَّاهِنِ وَالْبَذْرُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ جَائِزَةٌ وَالْخَارِجُ عَلَى الشَّرْطِ وَقَدْ خَرَجَتْ مِنْ الرَّهْنِ وَلَا تَعُودُ إلَيْهِ إلَّا بِتَجْدِيدٍ، وَلَوْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الرَّاهِنِ فَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُعِيدَهَا رَهْنًا بَعْدَ الزَّرْعِ، وَلَوْ ارْتَهَنَ أَرْضًا بَيْضَاءَ وَفِيهَا نَخِيلٌ فَأَمَرَهُ أَنْ يَزْرَعَ الْأَرْضَ سَنَةً بِبَذْرِهِ وَعَمَلِهِ بِالنِّصْفِ وَيَقُومُ عَلَى النَّخِيلِ وَيَسْقِيهِ وَيُلَقِّحُهُ وَيَحْفَظُهُ بِالنِّصْفِ فَالْمُزَارَعَةُ جَائِزَةٌ وَالْمُعَامَلَةُ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَفْرَدَ الْمُزَارَعَةَ عَلَى الْأَرْضِ جَازَتْ وَتَخْرُجُ عَنْ الرَّهْنِ، وَلَوْ أَفْرَدَ الْمُعَامَلَةَ عَلَى النَّخِيلِ لَا تَجُوزُ فَكَذَا إذَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا جَازَ مَا يَجُوزُ عِنْدَ الِانْفِرَادِ وَبَطَلَ مَا يَبْطُلُ عِنْدَ الِانْفِرَادِ، وَفَسَادُ الْمُعَامَلَةِ لَا يُوجِبُ فَسَادَ الْمُزَارَعَةِ؛ لِأَنَّ الْمُعَامَلَةَ مَعْطُوفَةٌ عَلَى الْمُزَارَعَةِ غَيْرُ مَشْرُوطَةٍ فِيهَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ السَّادِسَ عَشَرَ فِي الْعِتْقِ وَالْكِتَابَةِ مَعَ الْمُزَارَعَةِ وَالْمُعَامَلَةِ]

(الْبَابُ السَّادِسَ عَشَرَ فِي الْعِتْقِ وَالْكِتَابَةِ مَعَ الْمُزَارَعَةِ وَالْمُعَامَلَةِ) إذَا أَعْتَقَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ عَلَى أَنْ يَزْرَعَ أَرْضَهُ عَلَى أَنَّ مَا أَخْرَجَ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَرَضِيَ بِذَلِكَ الْعَبْدُ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: (الْأَوَّلُ) أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ مِنْ قِبَلِ الْمَوْلَى وَالْبَذْرُ وَالْعَمَلُ مِنْ قِبَلِ الْعَبْدِ فَفِي هَذَا الْوَجْهِ الْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةٌ وَالْعِتْقُ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ هَذِهِ مُزَارَعَةٌ شُرِطَ فِيهَا عِتْقٌ وَعِتْقٌ شُرِطَ فِيهِ مُزَارَعَةٌ غَيْرَ أَنَّ الْمُزَارَعَةَ تَبْطُلُ بِاشْتِرَاطِ عَقْدٍ آخَرَ فِيهَا وَالْعِتْقُ لَا يَبْطُلُ، فَإِنْ زَرَعَ الْعَبْدُ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَخْرَجَتْ الْأَرْضُ زَرْعًا فَالزَّرْعُ كُلُّهُ لِلْعَبْدِ، وَعَلَى الْعَبْدِ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ لِمَوْلَاهُ كَمَا فِي سَائِرِ الْمُزَارَعَاتِ الْفَاسِدَاتِ، وَعَلَى الْعَبْدِ أَيْضًا قِيمَةُ نَفْسِهِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ. (الْوَجْهُ الثَّانِي) : أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ وَالْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْمَوْلَى وَمِنْ قِبَلِ الْعَبْدِ مُجَرَّدُ الْعَمَلِ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ الْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةٌ أَيْضًا وَالْعِتْقُ جَائِزٌ وَالْخَارِجُ فِي هَذَا الْوَجْهِ لِلْمَوْلَى، وَعَلَى الْمَوْلَى لِلْعَبْدِ بِسَبَبِ الْمُزَارَعَةِ أَجْرُ مِثْلِ الْعَبْدِ بَالِغًا مَا بَلَغَ، وَلِلْمَوْلَى عَلَيْهِ بِسَبَبِ الْعِتْقِ قِيمَتُهُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، وَإِذَا كَاتَبَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ عَلَى أَنْ يَزْرَعَ الْمُكَاتَبُ أَرْضَ الْمَوْلَى سَنَتَهُ هَذِهِ فَمَا أَخْرَجَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ: (الْأَوَّلُ) أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ وَالْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْمَوْلَى وَمَنْ جَانِبِ الْمُكَاتَبِ مُجَرَّدُ الْعَمَلِ.

وَفِي هَذَا الْوَجْهِ الْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةٌ وَالْكِتَابَةُ فَاسِدَةٌ أَيْضًا، وَإِذَا فَسَدَتْ الْكِتَابَةُ كَانَ لِلْمَوْلَى أَنْ يَنْقُضَهَا كَمَا لَوْ كَاتَبَهُ عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ، فَإِنْ لَمْ يَنْقُضْهَا حَتَّى زَرَعَ الْمُكَاتَبُ الْأَرْضَ وَأَخْرَجَتْ زَرْعًا فَجَمِيعُ مَا خَرَجَ لِلْمَوْلَى، وَلِلْمُكَاتَبِ عَلَى الْمَوْلَى أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ، وَعَتَقَ الْمُكَاتَبُ لِأَنَّهُ أَوْجَدَ مَا تَعَلَّقَ بِهِ الْعِتْقُ فِي الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ وَهُوَ زِرَاعَةُ هَذِهِ الْأَرْضِ هَذِهِ السَّنَةَ وَزِرَاعَةُ هَذِهِ الْأَرْضِ هَذِهِ السَّنَةَ مَعْلُومَةٌ وَقْتَ الْعَقْدِ، وَإِذَا كَانَ مَا تَعَلَّقَ بِهِ الْعِتْقُ مَعْلُومًا وَقْتَ الْعَقْدِ وَقَدْ أَوْجَدَهُ الْمُكَاتَبُ يُعْتَقُ الْمُكَاتَبُ كَمَا لَوْ كَاتَبَهُ عَلَى رِطْلٍ مِنْ خَمْرٍ وَأَدَّى ذَلِكَ، فَقَدْ وَجَبَ لِلْمَوْلَى عَلَى الْمُكَاتَبِ قِيمَتُهُ، وَلِلْمُكَاتَبِ عَلَى الْمَوْلَى أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ، فَإِنْ كَانَا سَوَاءً تَقَاصَّا، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْمُكَاتَبِ أَكْثَرَ مِنْ أَجْرٍ مِثْلِ عَمَلِ الْمُكَاتَبِ رَجَعَ الْمَوْلَى عَلَيْهِ بِالْفَضْلِ، وَإِنْ كَانَ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ أَكْثَرَ لَا يَرْجِعُ هُوَ عَلَى الْمَوْلَى بِشَيْءٍ.

(الْوَجْهُ الثَّانِي) إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ مِنْ قِبَلِ الْمَوْلَى وَالْبَذْرُ وَالْعَمَلُ مِنْ قِبَلِ الْمُكَاتَبِ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ الْمُزَارَعَةُ وَالْمُكَاتَبَةُ فَاسِدَتَانِ أَيْضًا، وَلِلْمَوْلَى أَنْ يَنْقُضَ الْكِتَابَةَ، وَإِذَا لَمْ يَنْقُضْهَا حَتَّى أَخْرَجَتْ الْأَرْضُ زَرْعًا كَثِيرًا أَوْ لَمْ تُخْرِجْ شَيْئًا لَا يُعْتَقُ الْمُكَاتَبُ، وَالْجَوَابُ فِي الْمُعَامَلَةِ فِي هَذَا الْبَابِ نَظِيرُ الْجَوَابِ فِي الْمُزَارَعَةِ إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>