للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ جَانِبِهَا سَوَاءٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهَا نَخْلًا مُعَامَلَةً بِالنِّصْفِ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ شَرَطَ لَهَا نِصْفَ الْخَارِجِ بِمُقَابَلَةِ بُضْعِهَا وَعَمَلِهَا، وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ تَدْفَعَ إلَيْهِ نَخْلًا مُعَامَلَةً بِالنِّصْفِ فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى الِاخْتِلَافِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ الْتَزَمَ الْعَمَلَ بِمُقَابَلَةِ بُضْعِهَا وَنِصْفِ الْخَارِجِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

(وَأَمَّا مَسَائِلُ الْخُلْعِ) فَاعْلَمْ بِأَنَّ الْمَرْأَةَ فِي بَابِ الْخُلْعِ نَظِيرُ الرَّجُلِ فِي بَابِ النِّكَاحِ لِأَنَّ مَنْ يُتَوَقَّعُ مِنْهُ الْبَذْلُ فِي الْخُلْعِ الْمَرْأَةُ، وَمَنْ يُتَوَقَّعُ مِنْهُ الْبَذْلُ فِي بَابِ النِّكَاحِ الزَّوْجُ، فَإِنْ بَذَلَتْ الْمَرْأَةُ مَنْفَعَةَ أَرْضِهَا أَوْ مَنْفَعَةَ نَفْسِهَا فَلِلزَّوْجِ عَلَى الْمَرْأَةِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِسَبَبِ الْخُلْعِ نِصْفُ أَجْرِ مِثْلِ الْأَرْضِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَهُ الْأَقَلُّ مِنْ الْمَهْرِ الَّذِي سَمَّى لَهَا وَمِنْ أَجْرِ مِثْلِ جَمِيعِ الْأَرْضِ، وَإِنْ بَذَلَتْ نِصْفَ الْخَارِجِ مِنْهَا يَقَعُ الْخُلْعُ بِالْمَهْرِ الَّذِي سُمِّيَ لَهَا بَالِغًا مَا بَلَغَ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، وَالْجَوَابُ فِي الصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ نَظِيرُ الْجَوَابِ فِي الْخُلْعِ إنْ كَانَ مَنْ يُتَوَقَّعُ مِنْهُ الْبَذْلُ وَهُوَ الْقَاتِلُ بَذَلَ مَنْفَعَةَ أَرْضِهِ أَوْ نَفْسِهِ، فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِوَلِيِّ الْقَتِيلِ نِصْفُ أَجْرِ مِثْلِ الْأَرْضِ وَنِصْفُ أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِوَلِيِّ الْقَتِيلِ الْأَقَلُّ مِنْ الدِّيَةِ وَمِنْ أَجْرِ مِثْلِ جَمِيعِ الْأَرْضِ، وَإِنْ بَذَلَ الْقَاتِلُ نِصْفَ الْخَارِجِ بِأَنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ جِهَتِهِ فَلِوَلِيِّ الْقَتِيلِ عَلَى الْقَاتِلِ جَمِيعُ الدِّيَةِ وَالْعَفْوُ صَحِيحٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَالنِّكَاحِ؛ لِأَنَّ الْعَفْوَ مِمَّا لَا يَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ كَالْخُلْعِ وَالنِّكَاحِ، هَذَا إذَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ، وَإِنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَنْ دَمِ الْخَطَأِ أَوْ عَنْ عَمْدٍ لَا يُسْتَطَاعُ فِيهِ الْقِصَاصُ حَتَّى كَانَ الْوَاجِبُ هُوَ الْمَالُ فَإِنَّ الْمُزَارَعَةَ وَالصُّلْحَ جَمِيعًا يَفْسُدَانِ وَيَبْقَى حَقُّ الْوَلِيِّ فِي أَرْشِ الْجِنَايَةِ قِبَلَ الْجَانِي كَمَا قَبْلَ الصُّلْحِ، وَإِذَا فَسَدَ الصُّلْحُ صَارَ وُجُودُهُ وَعَدَمُهُ بِمَنْزِلَةٍ فَيَبْقَى حَقُّ وَلِيِّ الْجِنَايَةِ فِي أَرْشِ الْجِنَايَةِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ الثَّامِنَ عَشَرَ فِي التَّوْكِيلِ فِي الْمُزَارَعَةِ وَالْمُعَامَلَةِ]

(الْبَابُ الثَّامِنَ عَشَرَ فِي التَّوْكِيلِ فِي الْمُزَارَعَةِ وَالْمُعَامَلَةِ) لَوْ أَمَرَهُ بِأَنْ يَدْفَعَ أَرْضَهُ مُزَارَعَةً أَوْ نَخِيلَهُ مُعَامَلَةً وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ جَازَ إنْ عَيَّنَ الْأَرْضَ وَالنَّخِيلَ فِي التَّوْكِيلِ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْمُدَّةَ يَنْصَرِفُ إلَى أَوَّلِ زِرَاعَةِ هَذِهِ السَّنَةِ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْخَارِجَ يَتَقَيَّدُ بِالْعُرْفِ عِنْدَهُمَا وَكَذَا عِنْدَهُ إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ وَكَذَا فِي مُعَامَلَةِ النَّخِيلِ، وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْعَامِلِ جَازَ دَفْعُهُ بِقَلِيلٍ وَكَثِيرٍ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا يَتَقَيَّدُ بِالْعُرْفِ، وَإِنْ خَالَفَ الْأَمْرَ صَارَ غَاصِبًا، وَإِنْ وَافَقَ فَحَقُّ قَبْضِ الْخَارِجِ لِلْمُوَكِّلِ إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْهُ، وَكَذَا فِي مُعَامَلَةِ الْأَشْجَارِ، وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْعَامِلِ فَحَقُّ الْقَبْضِ لِلْوَكِيلِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

وَلَوْ أَمَرَهُ بِأَنْ يَدْفَعَ أَرْضَهُ هَذِهِ مُزَارَعَةً فَأَعْطَاهَا رَجُلًا وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَزْرَعَهَا حِنْطَةً أَوْ شَعِيرًا أَوْ سِمْسِمًا أَوْ أُرْزًا فَهُوَ جَائِزٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يَأْخُذَ لَهُ هَذِهِ الْأَرْضَ وَبَذْرًا مَعَهَا مُزَارَعَةً فَأَخَذَهَا مَعَ حِنْطَةٍ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْحُبُوبَاتِ جَازَ ذَلِكَ عَلَى الْمُوَكِّلِ، وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يَأْخُذَ لَهُ هَذِهِ الْأَرْضَ مُزَارَعَةً فَأَخَذَهَا مِنْ صَاحِبِهَا لِلْمُوَكِّلِ عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا حِنْطَةً أَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ شَعِيرًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَزْرَعَ إلَّا مَا شَرَطَ عَلَيْهِ رَبُّ الْأَرْضِ، وَلَوْ وَكَّلَهُ بِأَنْ يَدْفَعَ أَرْضًا لَهُ مُزَارَعَةً هَذِهِ السَّنَةَ فَآجَرَهَا لِيَزْرَعَ حِنْطَةً أَوْ شَعِيرًا بِكُرٍّ مِنْ حِنْطَةٍ وَسَطٍ أَوْ بِكُرٍّ مِنْ شَعِيرٍ وَسَطٍ أَوْ سِمْسِمٍ أَوْ أُرْزٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا تُخْرِجُ الْأَرْضُ فَذَلِكَ جَائِزٌ اسْتِحْسَانًا، وَفِي الْقِيَاسِ هُوَ مُخَالِفٌ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ إنَّمَا رَضِيَ بِالْمُزَارَعَةِ لِيَكُونَ شَرِيكًا فِي الْخَارِجِ.

وَقَدْ أَتَى بِغَيْرِ ذَلِكَ حِينَ آجَرَهَا بِأُجْرَةٍ مُسَمَّاةٍ وَلَكِنَّهُ اسْتَحْسَنَ فَقَالَ: قَدْ حَصَلَ مَقْصُودُ الْآمِرِ عَلَى وَجْهٍ يَكُونُ أَنْفَعَ لَهُ لِأَنَّهُ لَوْ دَفَعَهَا مُزَارَعَةً فَلَمْ يَزْرَعْهَا أَوْ أَصَابَ الزَّرْعَ آفَةٌ لَمْ يَكُنْ لِرَبِّ الْأَرْضِ شَيْءٌ، وَهُنَا نُقَرِّرُ حَقَّ رَبِّ الْأَرْضِ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الْمُسْتَأْجِرِ إذَا تَمَكَّنَ مِنْ زِرَاعَتِهَا، وَإِنْ لَمْ يَزْرَعْ أَوْ أَصَابَ الْأَرْضَ آفَةٌ، وَمَتَى أَتَى الْوَكِيلُ بِجِنْسِ مَا أَمَرَ بِهِ وَهُوَ أَنْفَعُ لِلْآمِرِ مِمَّا نَصَّ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ مُخَالِفًا، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مُخَالِفًا كَانَ عَقْدُهُ كَعَقْدِ الْمُوَكِّلِ بِنَفْسِهِ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَزْرَعَهَا مَا بَدَا لَهُ وَالتَّقْيِيدُ بِالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ غَيْرُ مُفِيدٍ هُنَا فِي حَقِّ رَبِّ الْأَرْضِ فَإِنَّهُ لَا شَرِكَةَ لَهُ فِي الْخَارِجِ بِخِلَافِ الدَّفْعِ مُزَارَعَةً، وَإِنْ آجَرَهَا بِدَرَاهِمَ أَوْ ثِيَابٍ أَوْ نَحْوِهَا مِمَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>