للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[كِتَاب الْمُعَامَلَةِ وَفِيهِ بَابَانِ] [الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِير المعاملة وَشَرَائِطِهَا وَأَحْكَامِهَا]

(كِتَاب الْمُعَامَلَةِ وَفِيهِ بَابَانِ) (الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِهَا وَشَرَائِطِهَا وَأَحْكَامِهَا) أَمَّا تَفْسِيرُهَا فَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ الْعَقْدِ عَلَى الْعَمَلِ بِبَعْضِ الْخَارِجِ مَعَ سَائِرِ شَرَائِطِ جَوَازِهَا. وَأَمَّا شَرَائِطُهَا (فَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ الْعَاقِدَانِ عَاقِلَيْنِ فَلَا يَجُوزُ عَقْدُ مَنْ لَا يَعْقِلُ، وَأَمَّا الْبُلُوغُ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ وَكَذَا الْحُرِّيَّةُ. (وَمِنْهَا) أَنْ لَا يَكُونَا مُرْتَدَّيْنِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ مَنْ أَجَازَ الْمُعَامَلَةَ حَتَّى لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُرْتَدًّا وَوَقَعَتْ الْمُعَامَلَةُ إنْ كَانَ الْمُرْتَدُّ هُوَ الدَّافِعَ، فَإِنْ أَسْلَمَ فَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرْطِ، وَإِنْ قُتِلَ أَوْ مَاتَ أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَالْخَارِجُ كُلُّهُ لِلدَّافِعِ؛ لِأَنَّهُ نَمَاءُ مِلْكِهِ وَلِلْآخَرِ أَجْرُ الْمِثْلِ إذَا عَمِلَ، وَعِنْدَهُمَا الْخَارِجُ بَيْنَ الْعَامِلِ الْمُسْلِمِ وَبَيْنَ وَرَثَةِ الْمُرْتَدِّ الدَّافِعِ عَلَى الشَّرْطِ فِي الْحَالَتَيْنِ كَمَا إذَا مَاتَا مُسْلِمَيْنِ، وَإِنْ كَانَ الْمُرْتَدُّ هُوَ الْعَامِلَ، فَإِنْ أَسْلَمَ فَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرْطِ بِالْإِجْمَاعِ، هَذَا إذَا كَانَتْ الْمُعَامَلَةُ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَمُرْتَدٍّ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ بَيْنَ مُسْلِمَيْنِ ثُمَّ ارْتَدَّا أَوْ ارْتَدَّ أَحَدُهُمَا فَالْخَارِجُ عَلَى الشَّرْطِ، وَتَجُوزُ مُعَامَلَةُ الْمُرْتَدَّةِ قَوْلًا وَاحِدًا بِالْإِجْمَاعِ.

(وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ الْمَدْفُوعُ مِنْ الشَّجَرِ الَّذِي فِيهِ ثَمَرٌ مُعَامَلَةً مِمَّا تَزِيدُ ثَمَرَتُهُ بِالْعَمَلِ، فَإِنْ كَانَ الْمَدْفُوعُ نَخْلًا فِيهِ طَلْعٌ أَوْ بُسْرٌ قَدْ احْمَرَّ أَوْ اخْضَرَّ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَتَنَاهَ عِظَمُهُ جَازَتْ الْمُعَامَلَةُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ تَنَاهَى عِظَمُهُ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُرْطِبْ فَالْمُعَامَلَةُ فَاسِدَةٌ، وَيَكُونُ الْخَارِجُ كُلُّهُ لِصَاحِبِ النَّخِيلِ. (وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ لَهُمَا فَلَوْ شَرَطَا أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ لِأَحَدِهِمَا فَسَدَ. (وَمِنْهَا) أَنْ تَكُونَ حِصَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ بَعْضِ الْخَارِجِ مُشَاعَةً مَعْلُومَةَ الْقَدْرِ. (وَمِنْهَا) التَّسْلِيمُ إلَى الْعَامِلِ وَهُوَ التَّخْلِيَةُ حَتَّى لَوْ شَرَطَ الْعَمَلَ عَلَيْهِمَا فَسَدَ فَأَمَّا بَيَانُ الْمُدَّةِ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ لِجَوَازِ الْمُعَامَلَةِ اسْتِحْسَانًا، وَيَقَعُ عَلَى أَوَّلِ ثَمَرَةٍ تَخْرُجُ فِي أَوَّلِ السَّنَةِ لِتَعَامُلِ النَّاسِ فِي ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ الْمُدَّةِ، وَلَوْ دَفَعَ أَرْضًا لِيَزْرَعَ فِيهَا الرَّطَابَ أَوْ دَفَعَ أَرْضًا فِيهَا أُصُولٌ رَطْبَةٌ بَاقِيَةٌ، وَلَمْ يُسَمِّ الْمُدَّةَ، فَإِنْ كَانَ شَيْئًا لَيْسَ لِابْتِدَاءِ نَبَاتِهِ وَلَا لِانْتِهَاءِ جَذِّهِ وَقْتٌ مَعْلُومٌ فَالْمُعَامَلَةُ فَاسِدَةٌ، فَإِنْ كَانَ وَقْتُ جَذِّهِ مَعْلُومًا يَجُوزُ وَيَقَعُ عَلَى الْجَذَّةِ الْأُولَى كَمَا فِي الشَّجَرِ الْمُثْمِرِ. وَأَمَّا الشَّرَائِطُ الْمُفْسِدَةُ فَأَنْوَاعٌ: (مِنْهَا) كَوْنُ الْخَارِجِ كُلِّهِ لِأَحَدِهِمَا. (وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا قُفْزَانٌ مُسَمَّاةٌ. (وَمِنْهَا) شَرْطُ الْعَمَلِ عَلَى صَاحِبِ الْأَرْضِ. (وَمِنْهَا) شَرْطُ الْحَمْلِ وَالْحِفْظِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ. (وَمِنْهَا) شَرْطُ الْجِذَاذِ وَالْقِطَافِ عَلَى الْعَامِلِ بِلَا خِلَافٍ. (وَمِنْهَا) شَرْطُ عَمَلٍ تَبْقَى مَنْفَعَتُهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُعَامَلَةِ نَحْوَ السَّرْقَنَةِ وَنَصْبِ الْعَرِيشِ وَغَرْسِ الْأَشْجَارِ وَتَقْلِيبِ الْأَرْضِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَلَا هُوَ مِنْ ضَرُورَاتِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَمَقَاصِدِهِ.

(وَمِنْهَا) شَرِكَةُ الْعَامِلِ فِيمَا يَعْمَلُ حَتَّى أَنَّ النَّخْلَ لَوْ كَانَ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ فَدَفَعَهُ أَحَدُهُمَا إلَى صَاحِبِهِ مُعَامَلَةً مُدَّةً مَعْلُومَةً عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا ثُلُثَاهُ لَهُ وَثُلُثُهُ لِلشَّرِيكِ السَّاكِتِ فَالْمُعَامَلَةُ فَاسِدَةٌ وَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ الْمِلْكِ وَلَا أَجْرَ لِلْعَامِلِ عَلَى شَرِيكِهِ، وَلَوْ شَرَطَا أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ لَهُمَا عَلَى قَدْرِ مِلْكِهِمَا جَازَتْ الْمُعَامَلَةُ، وَلَوْ أَمَرَ الشَّرِيكُ السَّاكِتُ الشَّرِيكَ الْعَامِلَ أَنْ يَشْتَرِيَ مَا يُلَقِّحُ بِهِ النَّخْلَ فَاشْتَرَاهُ رَجَعَ عَلَيْهِ بِنِصْفِ ثَمَنِهِ وَجَازَتْ الْمُعَامَلَةُ سَوَاءٌ كَانَ الْعَامِلُ وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ، حَتَّى لَوْ دَفَعَ نَخْلَهُ إلَى رَجُلَيْنِ مُعَامَلَةً بِالثُّلُثِ جَازَ وَسَوَاءٌ سَوَّى بَيْنَهُمَا فِي الِاسْتِحْقَاقِ أَوْ جَعَلَ لِأَحَدِهِمَا فَضْلًا.

وَأَمَّا حُكْمُ الْمُعَامَلَةِ الصَّحِيحَةِ فَأَنْوَاعٌ: (مِنْهَا) أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ مِنْ عَمَلِ الْمُعَامَلَةِ مِمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الشَّجَرُ وَالْكَرْمُ وَالرِّطَابُ وَأُصُولُ الْبَاذِنْجَانِ مِنْ السَّقْيِ وَإِصْلَاحِ النَّهْرِ وَالْحِفْظِ وَتَلْقِيحِ النَّخِيلِ فَعَلَى الْعَامِلِ، وَكُلُّ مَا كَانَ مِنْ بَابِ النَّفَقَةِ عَلَى الشَّجَرِ وَالْكَرْمِ وَالْأَرْضِ مِنْ السِّرْقِينِ وَتَقْلِيبِ الْأَرْضِ الَّتِي فِيهَا الْكَرْمُ وَالشَّجَرُ وَالرِّطَابُ وَنَصْبِ الْعَرِيشِ وَنَحْوِ ذَلِكَ عَلَى قَدْرِ حَقِّهِمَا، وَكَذَلِكَ الْجِذَاذُ وَالْقِطَافُ. (وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرْطِ.

(وَمِنْهَا) أَنَّهُ إذَا لَمْ يُخْرِجْ الشَّجَرُ شَيْئًا لَا شَيْءَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا. (وَمِنْهَا) أَنَّ هَذَا الْعَقْدَ لَازِمٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ حَتَّى لَا يَمْلِكُ أَحَدُهُمَا الِامْتِنَاعَ وَالْفَسْخَ مِنْ غَيْرِ رِضَا صَاحِبِهِ إلَّا مِنْ عُذْرٍ. (وَمِنْهَا) وِلَايَةُ الْجَبْرِ عَلَى الْعَمَلِ إلَّا مِنْ عُذْرٍ (وَمِنْهَا) جَوَازُ الزِّيَادَةِ عَلَى الشَّرْطِ وَالْحَطِّ عَنْهُ، وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ احْتَمَلَ إنْشَاءَ الْعَقْدِ احْتَمَلَ الزِّيَادَةَ وَإِلَّا فَلَا، وَالْحَطُّ جَائِزٌ فِي الْمَوْضِعَيْنِ فَإِذَا دَفَعَ نَخْلًا بِالنِّصْفِ مُعَامَلَةً فَخَرَجَ الثَّمَرُ، فَإِنْ لَمْ يَتَنَاهَ عِظَمُهُ جَازَتْ الزِّيَادَةُ مِنْهُمَا أَيُّهُمَا كَانَ، وَلَوْ تَنَاهَى عِظَمُ الْبُسْرِ جَازَتْ الزِّيَادَةُ مِنْ الْعَامِلِ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ لِلْعَامِلِ شَيْئًا

<<  <  ج: ص:  >  >>