للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَا أُضْحِيَّةَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ يَقْرَأُ مِنْهُ أَوْ يَتَهَاوَنُ وَلَا يَقْرَأُ، وَإِنْ كَانَ لَا يُحْسِنُ أَنْ يَقْرَأَ مِنْهُ فَعَلَيْهِ الْأُضْحِيَّةُ، وَإِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ صَغِيرٌ حَبَسَ الْمُصْحَفَ لِأَجْلِهِ حَتَّى يُسَلِّمَهُ إلَى الْأُسْتَاذِ فَعَلَيْهِ الْأُضْحِيَّةُ، وَكُتُبُ الْعِلْمِ وَالْحَدِيثِ مِثْلُ مُصْحَفِ الْقُرْآنِ فِي هَذَا الْحُكْمِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَفِي الصُّغْرَى وَبِالْكُتُبِ لَا يُعَدُّ غَنِيًّا إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ كِتَابَانِ بِرِوَايَةٍ وَاحِدَةٍ عَنْ شَيْخٍ وَاحِدٍ، وَعَنْ شَيْخٍ بِرِوَايَتَيْنِ كَرِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ وَأَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا تَجِبُ وَلَا يُعَدُّ غَنِيًّا بِكُتُبِ الْأَحَادِيثِ وَالتَّفْسِيرِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ كِتَابَانِ، وَصَاحِبُ كُتُبِ الطِّبِّ وَالنُّجُومِ وَالْأَدَبِ يُعَدُّ غَنِيًّا بِهَا إذَا بَلَغَ قِيمَتُهَا نِصَابًا، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.

وَفِي الْأَجْنَاسِ رَجُلٌ بِهِ زَمَانَةٌ اشْتَرَى حِمَارًا يَرْكَبُهُ وَيَسْعَى فِي حَوَائِجِهِ وَقِيمَتُهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ فَلَا أُضْحِيَّةَ، وَلَوْ كَانَ لَهُ دَارٌ فِيهَا بَيْتَانِ شَتْوِيٌّ وَصَيْفِيٌّ وَفَرْشٌ شَتْوِيٌّ وَصَيْفِيٌّ لَمْ يَكُنْ بِهَا غَنِيًّا، فَإِنْ كَانَ لَهُ فِيهَا ثَلَاثَةُ بُيُوتٍ وَقِيمَةُ الثَّالِثِ مِائَتَا دِرْهَمٍ فَعَلَيْهِ الْأُضْحِيَّةُ وَكَذَا فِي الْفَرْشِ الثَّالِثِ، وَالْغَازِي بِفَرَسَيْنِ لَا يَكُونُ غَنِيًّا وَبِالثَّالِثِ يَكُونُ غَنِيًّا، وَلَا يَصِيرُ الْغَازِي بِالْأَسْلِحَةِ غَنِيًّا إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ مِنْ كُلِّ سِلَاحٍ اثْنَانِ أَحَدُهُمَا يُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، وَفِي الْفَتَاوَى الدِّهْقَانُ لَيْسَ بِغَنِيٍّ بِفَرَسٍ وَاحِدٍ وَبِحِمَارٍ وَاحِدٍ، فَإِنْ كَانَ لَهُ فَرَسَانِ أَوْ حِمَارَانِ أَحَدُهُمَا يُسَاوِي مِائَتَيْنِ فَهُوَ نِصَابٌ، وَالزَّارِعُ بِثَوْرَيْنِ وَآلَةِ الْفَدَّانِ لَيْسَ بِغَنِيٍّ، وَبِبَقَرَةٍ وَاحِدَةٍ غَنِيٌّ، وَبِثَلَاثَةِ ثِيرَانٍ إذَا سَاوَى أَحَدُهَا مِائَتَيْ دِرْهَمٍ صَاحِبُ نِصَابٍ، وَصَاحِبُ الثِّيَابِ لَيْسَ بِغَنِيٍّ بِثَلَاثِ دَسْتَجَاتٍ إحْدَاهَا لِلْبِذْلَةِ وَالْأُخْرَى لِلْمِهْنَةِ وَالثَّالِثَةُ لِلْأَعْيَادِ وَهُوَ غَنِيٌّ بِالرَّابِعَةِ، وَصَاحِبُ الْكَرْمِ غَنِيٌّ إذَا سَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

وَلَيْسَ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يُضَحِّيَ عَنْ أَوْلَادِهِ الْكِبَارِ وَامْرَأَتِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ، وَفِي الْوَلَدِ الصَّغِيرِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رِوَايَتَانِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ تُسْتَحَبُّ وَلَا تَجِبُ بِخِلَافِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ، وَفِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُضَحِّيَ عَنْ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ الَّذِي لَا أَبَ لَهُ وَالْفَتْوَى عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَإِنْ كَانَ لِلصَّغِيرِ مَالٌ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: تَجِبُ عَلَى الْأَبِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَهُوَ الْأَصَحُّ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ.

وَلِلْوَصِيِّ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنْ يُضَحِّيَ مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ قِيَاسًا عَلَى صَدَقَةِ الْفِطْرِ، وَلَا يَتَصَدَّقَ بِلَحْمِهِ وَلَكِنْ يَأْكُلُهُ الصَّغِيرُ، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ لَا يُمْكِنُ ادِّخَارُهُ يَشْتَرِي بِذَلِكَ مَا يُمْكِنُ ادِّخَارُهُ مِمَّا يُنْتَفَعُ بِعَيْنِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ ذَلِكَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَهُ مِنْ مَالِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.، وَعَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي لَا تَجِبُ فِي مَالِ الصَّغِيرِ لَيْسَ لِلْأَبِ وَالْوَصِيِّ أَنْ يَفْعَلَا ذَلِكَ فَإِنْ فَعَلَ الْأَبُ لَا يَضْمَنُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمُهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَإِنْ فَعَلَ الْوَصِيُّ يَضْمَنُ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَضْمَنُ كَمَا لَا يَضْمَنُ الْأَبُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنْ كَانَ الصَّبِيُّ يَأْكُلُ لَا يَضْمَنُ وَإِلَّا يَضْمَنُ، وَالْمَعْتُوهُ وَالْمَجْنُونُ فِي هَذَا بِمَنْزِلَةِ الصَّبِيِّ، وَأَمَّا الَّذِي يُجَنُّ وَيُفِيقُ فَهُوَ كَالصَّحِيحِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَلَا يَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يُضَحِّيَ عَنْ رَقِيقِهِ وَلَا عَنْ أُمِّ وَلَدِهِ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُضَحِّيَ عَنْ مَمَالِيكِهِ هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

وَمَنْ بَلَغَ مِنْ الصِّغَارِ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ وَهُوَ مُوسِرٌ تَجِبُ عَلَيْهِ بِالْإِجْمَاعِ بَيْنَ أَصْحَابِنَا، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

وَلَا تَجِبُ عَلَى الْمُسَافِرِينَ وَلَا عَلَى الْحَاجِّ إذَا كَانَ مُحْرِمًا، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.

(وَأَمَّا) (كَيْفِيَّةُ الْوُجُوبِ) : مِنْهَا أَنَّهَا تَجِبُ فِي وَقْتِهَا وُجُوبًا مُوَسَّعًا فِي جُمْلَةِ الْوَقْتِ مِنْ غَيْرِ عَيْنٍ، فَفِي أَيِّ وَقْتٍ ضَحَّى مَنْ عَلَيْهِ الْوَاجِبُ كَانَ مُؤَدِّيًا لِلْوَاجِبِ سَوَاءٌ كَانَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَوْ فِي وَسَطِهِ أَوْ آخِرِهِ، وَعَلَى هَذَا يَخْرُجُ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلْوُجُوبِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ، ثُمَّ صَارَ أَهْلًا فِي آخِرِهِ، بِأَنْ كَانَ كَافِرًا أَوْ عَبْدًا أَوْ فَقِيرًا أَوْ مُسَافِرًا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ، ثُمَّ صَارَ أَهْلًا فِي آخِرِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ أَهْلًا فِي أَوَّلِهِ ثُمَّ لَمْ يَبْقَ أَهْلًا فِي آخِرِهِ بِأَنْ ارْتَدَّ أَوْ أَعْسَرَ أَوْ سَافَرَ فِي آخِرِهِ لَا تَجِبُ، وَلَوْ ضَحَّى فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَهُوَ فَقِيرٌ فَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ الْأُضْحِيَّةَ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَلَوْ كَانَ مُوسِرًا فِي جَمِيعِ الْوَقْتِ ثُمَّ صَارَ فَقِيرًا صَارَ قِيمَةُ شَاةٍ صَالِحَةٍ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ يَتَصَدَّقُ بِهَا مَتَى وَجَدَهَا، وَلَوْ مَاتَ الْمُوسِرُ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ قَبْلَ أَنْ يُضَحِّيَ سَقَطَتْ عَنْهُ الْأُضْحِيَّةُ، وَمِنْهَا أَنَّهُ لَا يَقُومُ غَيْرُهَا مَقَامَهَا فِي الْوَقْتِ، حَتَّى لَوْ تَصَدَّقَ بِعَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>