للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَضَاعَ مِنْ الدَّرَاهِمِ دِرْهَمٌ لَمْ يُضَحِّ عَنْهُ بِمَا بَقِيَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَفِي قَوْلِهِمَا يَشْتَرِي بِمَا بَقِيَ فَيُضَحِّي عَنْهُ عَلَى قِيَاسِ النَّسَمَةِ، وَالنَّسَمَةُ رَقَبَةٌ تُشْتَرَى لِلْعِتْقِ. رَجُلٌ اشْتَرَى بَقَرَةً فَقَالَ: يَا فُلَانُ قَدْ أَشْرَكْتُكَ فِي ثُلُثَيْهَا كَانَ لَهُ الثُّلُثَانِ، وَلَوْ قَالَ: أَشْرَكْتُكَ فِي جَمِيعِهَا كَانَ لَهُ النِّصْفُ؛ لِأَنَّا لَوْ أَعْطَيْنَاهُ الْجَمِيعَ لَا يَكُونُ شَرِيكًا، وَإِنْ قَالَ: قَدْ جَعَلْتُ لَهُ نَصِيبًا أَوْ سَهْمًا فَهُوَ بَاطِلٌ، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ السُّدُسُ فِي قَوْلِهِ: قَدْ جَعَلْتُ لَكَ سَهْمًا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ السَّهْمَ عِنْدَهُ مُفَسَّرٌ بِالسُّدُسِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا، لَكِنَّهُ يَحْتَمِلُ مَا دُونَ السُّدُسِ وَلِذَلِكَ بَطَلَ. اشْتَرَى بَقَرَةً بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَقَبَضَهَا، ثُمَّ قَالَ لِرَجُلٍ: قَدْ أَشْرَكْتُكَ بِدِينَارَيْنِ فَقَبِلَ كَانَ خُمْسُ الْبَقَرَةِ لَهُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

اشْتَرَى شَاةً فَضَحَّى بِهَا، ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا يُنْقِصُهَا وَلَكِنْ لَا يُخْرِجُهَا عَنْ حَدِّ الضَّحَايَا فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ عَلَى الْبَائِعِ، فَإِذَا رَجَعَ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ؛ لِأَنَّ الشَّاةَ الْمَعِيبَةَ جَازَتْ عَنْ الْأُضْحِيَّةِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ وَرَاءَ ذَلِكَ، فَإِنْ قَالَ الْبَائِعُ: أَنَا آخُذُهَا مَذْبُوحَةً فَلَهُ ذَلِكَ، فَإِذَا أَخَذَهَا وَرَدَّ الثَّمَنَ فَعَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمَا اشْتَرَى مِنْ الْبَائِعِ إلَّا حِصَّةَ نُقْصَانِ الْعَيْبِ، فَإِنْ تَوَى الثَّمَنُ عَلَى الْبَائِعِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ تَوَى الْبَعْضُ وَوَصَلَ إلَيْهِ الْبَعْضُ يَتَصَدَّقُ مِنْهُ بِمَا كَانَ مِنْ حِصَّةِ الشَّاةِ، فَلَا يَتَصَدَّقُ بِقَدْرِ حِصَّةِ نُقْصَانِ الْعَيْبِ، حَتَّى لَوْ كَانَ الثَّمَنُ عَشَرَةً وَنُقْصَانُ الْعَيْبِ دِرْهَمٌ يَتَصَدَّقُ بِتِسْعَةِ أَعْشَارِ مَا وَصَلَ إلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

لَا يُعْتَبَرُ الشَّعْرُ الْمُسْتَرْسِلُ مَعَ الذَّنَبِ فِي الْمَانِعِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَلَوْ غَصَبَ أُضْحِيَّةً مَذْبُوحَةً ضَمِنَ قِيمَتَهَا؛ لِأَنَّهُ مَالٌ مَمْلُوكٌ لِغَيْرِهِ أُخِذَ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَإِذَا أَخَذَ الْمُضَحِّي قِيمَتَهَا يَتَصَدَّقُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ بِالتَّضْمِينِ مَلَكَهَا مِنْهُ فَصَارَ كَأَنَّهُ بَاعَهَا مِنْهُ، وَإِذَا بَاعَهَا مِنْهُ لَزِمَهُ التَّصَدُّقُ بِقِيمَتِهَا فَكَذَا هَذَا، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَهَبَهَا لِغَيْرِهِ، فَإِنْ رَدَّ الْقِيمَةَ عَلَى الْغَاصِبِ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُضَحِّي؛ لِأَنَّهُ تَلِفَ بِلَا صُنْعِهِ، فَإِنْ أَبْرَأَهُ الْمُضَحِّي عَنْ الْقِيمَةِ وَهُوَ غَنِيٌّ أَوْ فَقِيرٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ فِي الِابْتِدَاءِ كَانَ لَهُ أَنْ يَهَبَ الْأَصْلَ مِنْ الْغَاصِبِ فَكَذَا يَمْلِكُ الْبَدَلَ مِنْهُ، وَكَذَا لَوْ صَالَحَهُ عَلَى أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمَا وَصَلَ إلَيْهِ مِنْ قِيمَتِهَا لَا غَيْرُ لِأَنَّهُ إبْرَاءُ الْبَعْضِ وَاسْتِيفَاءُ الْبَعْضِ، وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى شَيْءٍ مَأْكُولٍ أَوْ مَتَاعٍ فَلَهُ أَنْ يَأْكُلَ الْمَأْكُولَ وَيَنْتَفِعَ بِالْمَتَاعِ؛ لِأَنَّ الْبَدَلَ يَكُونُ عَلَى صِفَةِ الْأَصْلِ وَنَهْجِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

اشْتَرَى الْمُعْسِرُ شَاةً وَمَاتَتْ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ وَخَرَجَ مِنْهَا جَنِينٌ تَصَدَّقَ بِالْوَلَدِ اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.

وَلَوْ اشْتَرَاهَا بِنُقْرَةِ فِضَّةٍ بِعَيْنِهَا فَضَحَّى بِهَا، ثُمَّ رَدَّ الْبَائِعُ النُّقْرَةَ بِعَيْبٍ وَأَخَذَ الْمَذْبُوحَ تَصَدَّقَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ وَجَازَتْ الْقُرْبَةُ، وَلَوْ تَبَايَعَا كَبْشًا بِنَعْجَةٍ وَضَحَّيَا فَوَجَدَ مُشْتَرِي الْكَبْشِ بِهِ عَيْبًا يُنْقِصُهُ الْعُشْرَ، فَإِنْ شَاءَ رَجَعَ بِعُشْرِ النَّعْجَةِ مَذْبُوحَةً وَلَا صَدَقَةَ عَلَيْهِ، وَيَتَصَدَّقُ الْآخَرُ بِقِيمَةِ مَا رَدَّ مِنْ اللَّحْمِ، وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ بِقِيمَةِ عُشْرِ النَّعْجَةِ حَيًّا وَلَا صَدَقَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ رَضِيَ بَائِعُ الْكَبْشِ أَنْ يَأْخُذَهُ مَذْبُوحًا فَالْآخَرُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ النَّعْجَةِ فَيَتَصَدَّقُ بِهَا إلَّا حِصَّةَ الْعَيْبِ لَوْ كَانَ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ النَّعْجَةَ مَذْبُوحَةً وَلَا يَتَصَدَّقُ بِهَا اسْتِحْسَانًا، وَكَذَا إذَا دَفَعَ النَّعْجَةَ لَا يَتَصَدَّقُ بِالْكَبْشِ الَّذِي رَضِيَ بِهِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

لَهَا دَارٌ تَبْلُغُ قِيمَتُهَا نِصَابًا تَسْكُنُهَا مَعَ زَوْجِهَا فَعَلَيْهَا الْأُضْحِيَّةُ وَصَدَقَةُ الْفِطْرِ إذَا قَدَرَ زَوْجُهَا عَلَى الْإِسْكَانِ قعم يخ كب لَا تَجِبُ عَلَيْهَا أُضْحِيَّةٌ وَلَا صَدَقَةُ الْفِطْرِ مُوسِرًا كَانَ الزَّوْجُ أَوْ مُعْسِرًا، قَالَ: - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَاخْتِلَافُهُمْ فِيهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا إنْ لَمْ تَسْكُنْهَا يَنْبَغِي أَنْ تَجِبَ عِنْدَهُمْ وَبِهِ أَجَبْتُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.

قِيلَ: لِعَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ دَيْنٌ عَلَى مُقِرٍّ مُفْلِسٍ هَلْ تَحِلُّ لَهُ الزَّكَاةُ؟ . (قَالَ: لَا) ، فَقِيلَ: وَهَلْ عَلَيْهِ الْأُضْحِيَّةُ؟ . فَقَالَ: لَا مَا لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

لَهُ دَيْنٌ حَالٌّ أَوْ مُؤَجَّلٌ عَلَى مُقِرٍّ مَلِيٍّ وَلَيْسَ فِي يَدِهِ مَا يُمَكِّنُهُ شِرَاءَ الْأُضْحِيَّةِ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَسْتَقْرِضَ فَيُضَحِّيَ، وَلَا يَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا إذَا وَصَلَ إلَيْهِ الدَّيْنُ، لَكِنْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَسْأَلَ مِنْهُ ثَمَنَ الْأُضْحِيَّةِ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَدْفَعُهُ. لَهُ مَالٌ كَثِيرٌ غَائِبٌ فِي يَدِ شَرِيكِهِ أَوْ مُضَارِبِهِ وَمَعَهُ مَا يَشْتَرِي بِهِ الْأُضْحِيَّةَ مِنْ الْحَجَرَيْنِ أَوْ مَتَاعِ الْبَيْتِ تَلْزَمُهُ الْأُضْحِيَّةُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>