للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْلَى أَنْ يُقْبَلَ فِي الْحُرْمَةِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.

وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمَسْتُورِ فِي الدِّيَانَاتِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَاتِ وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي الْكَافِي.

خَبَرُ مُنَادِي السُّلْطَانِ مَقْبُولٌ عَدْلًا كَانَ أَوْ فَاسِقًا، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ.

قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَإِذَا حَضَرَ الْمُسَافِرُ الصَّلَاةَ فَلَمْ يَجِدْ مَاءً إلَّا فِي إنَاءٍ فَأَخْبَرَهُ رَجُلٌ أَنَّهُ قَذِرٌ وَهُوَ عِنْدَهُ مُسْلِمٌ مَرْضِيٌّ لَمْ يَتَوَضَّأْ بِهِ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمُخْبِرُ عَبْدًا أَوْ أَمَةً أَوْ امْرَأَةً حُرَّةً، هَذَا إذَا كَانَ الْمُخْبِرُ عَدْلًا، وَإِنْ كَانَ الْمُخْبِرُ فَاسِقًا أَوْ مَسْتُورًا نُظِرَ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ صَادِقٌ يَتَيَمَّمُ وَلَا يَتَوَضَّأُ بِهِ، وَإِنْ أَرَاقَهُ ثُمَّ تَيَمَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ أَحْوَطَ، وَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ كَاذِبٌ تَوَضَّأَ بِهِ وَلَمْ يَلْتَفِتْ إلَى قَوْلِهِ وَأَجْزَأَهُ ذَلِكَ وَلَا تَيَمُّمَ عَلَيْهِ، هَذَا هُوَ جَوَابُ الْحُكْمِ، فَأَمَّا فِي الِاحْتِيَاطِ فَالْأَفْضَلُ لَهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ بَعْدَ الْوُضُوءِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَإِنْ كَانَ الْمُخْبِرُ بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ لَا يَقْبَلُ قَوْلَهُ، فَإِنْ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ صَادِقٌ فِي هَذَا الْوَجْهِ قَالَ فِي الْكِتَابِ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُرِيقَ الْمَاءَ ثُمَّ يَتَيَمَّمَ، وَلَوْ تَوَضَّأَ بِهِ وَصَلَّى جَازَتْ صَلَاتُهُ، وَلَوْ كَانَ الْمُخْبِرُ بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ صَبِيًّا أَوْ مَعْتُوهًا يَعْقِلَانِ مَا يَقُولَانِ فَالْأَصَحُّ أَنَّ خَبَرَهُمَا فِي هَذَا كَخَبَرِ الذِّمِّيِّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُمَا وِلَايَةُ الْإِلْزَامِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

رَجُلٌ اشْتَرَى لَحْمًا فَلَمَّا قَبَضَهُ فَأَخْبَرَهُ مُسْلِمٌ ثِقَةٌ أَنَّهُ قَدْ خَالَطَهُ لَحْمُ الْخِنْزِيرِ لَمْ يَسَعْهُ أَنْ يَأْكُلَهُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

مُسْلِمٌ اشْتَرَى لَحْمًا وَقَبَضَهُ فَأَخْبَرَهُ مُسْلِمٌ ثِقَةٌ أَنَّهُ ذَبِيحَةُ الْمَجُوسِيِّ، فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَأْكُلَ وَلَا يُطْعِمَ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّ الْمُخْبِرَ أَخْبَرَهُ بِحُرْمَةِ الْعَيْنِ وَبُطْلَانِ الْمِلْكِ، وَحُرْمَةُ الْعَيْنِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى - فَيَثْبُتُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، وَأَمَّا بُطْلَانُ الْمِلْكِ لَا يَثْبُتُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَلَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ بُطْلَانُ الْمِلْكِ، وَإِذَا ثَبَتَتْ الْحُرْمَةُ مَعَ بَقَاءِ مِلْكِ الْعَيْنِ هَاهُنَا لَا يُمْكِنُهُ الرَّدُّ عَلَى بَائِعِهِ، وَلَا أَنْ يَحْبِسَ الثَّمَنَ عَنْ الْبَائِعِ إذْ لَمْ يَبْطُلْ الْبَيْعُ، وَلَوْ أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِ اللَّحْمَ وَلَكِنَّ الَّذِي كَانَ اللَّحْمُ فِي يَدِهِ أَذِنَ لَهُ بِالتَّنَاوُلِ فَأَخْبَرَهُ مُسْلِمٌ ثِقَةٌ أَنَّهُ ذَبِيحَةُ مَجُوسِيٍّ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ، وَلَوْ أَنَّهُ أَذِنَ لَهُ بِالتَّنَاوُلِ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْهُ بَعْدَ الْإِذْنِ أَوْ مَلَكَهُ بِسَبَبٍ آخَرَ بِمِيرَاثٍ أَوْ هِبَةٍ، ثُمَّ أَخْبَرَهُ مُسْلِمٌ ثِقَةٌ أَنَّهُ حَرَامُ الْعَيْنِ لَا يَحِلُّ تَنَاوُلُهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

اشْتَرَى رَجُلٌ طَعَامًا أَوْ جَارِيَةً أَوْ مَلَكَ ذَلِكَ بِمِيرَاثٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ وَصِيَّةً فَجَاءَ مُسْلِمٌ ثِقَةٌ فَشَهِدَ أَنَّ هَذَا لِفُلَانٍ الْفُلَانِيِّ غَصَبَهُ مِنْهُ الْبَائِعُ أَوْ الْوَاهِبُ أَوْ الْمَيِّتُ.؟ فَأَحَبُّ إلَيْنَا أَنْ يَتَنَزَّهَ عَنْ أَكْلِهِ وَشُرْبِهِ وَوَطْءِ الْجَارِيَةِ، وَإِنْ لَمْ يَتَنَزَّهْ كَانَ فِي سَعَةٍ، وَكَذَلِكَ طَعَامٌ أَوْ شَرَابٌ فِي يَدِ رَجُلٍ أَذِنَ لَهُ فِي أَكْلِهِ وَشُرْبِهِ وَقَالَ لَهُ مُسْلِمٌ ثِقَةٌ: هَذَا غَصْبٌ فِي يَدَيْهِ مِنْ فُلَانٍ، وَاَلَّذِي فِي يَدَيْهِ يُكَذِّبُهُ وَيَزْعُمُ أَنَّهُ لَهُ وَهُوَ مُتَّهَمٌ غَيْرُ ثِقَةٍ؟ . فَأَحَبُّ إلَيْنَا أَنْ يَتَنَزَّهَ عَنْهُ، فَإِنْ أَكَلَهُ أَوْ شَرِبَهُ أَوْ تَوَضَّأَ بِهِ كَانَ فِي سَعَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ وُضُوءًا غَيْرَهُ وَهُوَ فِي سَفَرٍ تَوَضَّأَ وَلَمْ يَتَيَمَّمْ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ.

وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ مَا إذَا كَانَ صَاحِبُ الْيَدِ الَّذِي أَذِنَ لِغَيْرِهِ فِي أَكْلِ الطَّعَامِ أَوْ شُرْبِ الْمَاءِ ثِقَةً عَدْلًا، وَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ مَلَكَهُ لَمْ يَغْصِبْهُ مِنْ أَحَدٍ، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ لَا يَتَنَزَّهُ؛ لِأَنَّ الْخَبَرَيْنِ تَسَاقَطَا بِحُكْمِ التَّعَارُضِ فَتُعْتَبَرُ الْإِبَاحَةُ الْأَصْلِيَّةُ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ فَاسِقًا، وَغَيْرُهُ مِنْ الْمَشَايِخِ قَالَ: يَتَنَزَّهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ، فَعَلَى هَذَا إذَا أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ لَحْمًا فَقَالَ لَهُ خَارِجٌ عَدْلٌ: لَا تَشْتَرِ فَإِنَّهُ ذَبِيحَةُ مَجُوسِيٍّ، وَقَالَ الْقَصَّابُ: اشْتَرِ فَإِنَّهُ ذَبِيحَةُ مُسْلِمٍ وَالْقَصَّابُ ثِقَةٌ، فَإِنَّهُ تَزُولُ الْكَرَاهَةُ بِقَوْلِ الْقَصَّابِ عَلَى قَوْلِ أَبِي جَعْفَرٍ، وَعَلَى قَوْلِ غَيْرِهِ مِنْ الْمَشَايِخِ لَا تَزُولُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

رَجُلٌ دَخَلَ عَلَى قَوْمٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَأْكُلُونَ طَعَامًا وَيَشْرَبُونَ شَرَابًا فَدَعَوْهُ إلَيْهِ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مُسْلِمٌ ثِقَةٌ قَدْ عَرَفَهُ: هَذَا اللَّحْمُ ذَبِيحَةُ الْمَجُوسِيِّ وَهَذَا الشَّرَابُ قَدْ خَالَطَهُ الْخَمْرُ، وَقَالَ الَّذِينَ دَعَوْهُ إلَى ذَلِكَ: لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ بَلْ هُوَ حَلَالٌ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ فِي حَالِهِمْ، فَإِنْ كَانُوا عُدُولًا ثِقَاتٍ لَمْ يَلْتَفِتْ إلَى قَوْلِ ذَلِكَ الرَّجُلِ الْوَاحِدِ، وَإِنْ كَانُوا مُتَّهَمِينَ أَخَذَ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يَسَعْهُ أَنْ يَقْرَبَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، قَالَ: وَيَسْتَوِي أَنْ يَكُونَ الْمُخْبِرُ بِالْحُرْمَةِ مُسْلِمًا حُرًّا كَانَ أَوْ مَمْلُوكًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، فَإِنْ كَانَ فِي الْقَوْمِ رَجُلَانِ ثِقَتَانِ أَخَذَ بِقَوْلِهِمَا، وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ وَاحِدٌ ثِقَةٌ عَمِلَ فِيهِ بِأَكْبَرِ رَأْيِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِ رَأْيٌ وَاسْتَوَى الْحَالَانِ عِنْدَهُ فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِ ذَلِكَ وَشُرْبِهِ وَكَذَلِكَ الْوُضُوءُ مِنْهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَأْيٌ تَمَسَّكَ بِأَصْلِ الطَّهَارَةِ

وَإِنْ كَانَ الَّذِي أَخْبَرَهُ بِأَنَّهُ حَلَالٌ مَمْلُوكَيْنِ ثِقَتَيْنِ وَاَلَّذِي زَعَمَ أَنَّهُ حَرَامٌ وَاحِدًا حُرًّا فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ.

وَإِنْ كَانَ الَّذِي زَعَمَ أَنَّهُ حَرَامٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>