للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَهُوَ يَجْحَدُ، ثُمَّ غَابَا أَوْ مَاتَا قَبْلَ الشَّهَادَةِ عِنْدَ الْقَاضِي لَمْ يَسَعْ الْمَرْأَةَ أَنْ تُقِيمَ مَعَهُ وَأَنْ تَدَعَهُ أَنْ يَقْرَبَهَا، وَلَا يَسَعُهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عِنْدَ الْمَرْأَةِ بِالطَّلَاقِ، فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ غَائِبًا وَسِعَهَا أَنْ تَعْتَدَّ وَتَتَزَوَّجَ بِزَوْجٍ آخَرَ، وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ، وَلَكِنْ لَيْسَ لَهَا أَنْ تُمَكِّنَ مِنْ زَوْجِهَا، وَكَذَلِكَ إنْ سَمِعَتْ أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَجَحَدَ الزَّوْجُ ذَلِكَ وَحَلَفَ فَرَدَّهَا عَلَيْهِ الْقَاضِي لَمْ يَسَعْهَا الْمَقَامُ مَعَهُ، وَيَنْبَغِي لَهَا أَنْ تَفْتَدِيَ بِمَالِهَا أَوْ تَهْرَبَ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ قَتَلَتْهُ، وَإِذَا هَرَبَتْ مِنْهُ لَمْ يَسَعْهَا أَنْ تَعْتَدَّ وَتَتَزَوَّجَ بِزَوْجٍ آخَرَ، قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: مَا ذُكِرَ أَنَّهَا إذَا هَرَبَتْ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَعْتَدَّ وَتَتَزَوَّجَ بِزَوْجٍ آخَرَ جَوَابُ الْقَضَاءِ، أَمَّا فِيمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى - فَلَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِزَوْجٍ آخَرَ بَعْدَ مَا اعْتَدَّتْ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ

وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ لِرَجُلٍ: إنَّ زَوْجِي طَلَّقَنِي ثَلَاثًا وَانْقَضَتْ عِدَّتِي، فَإِنْ كَانَتْ عَدْلَةٌ وَسِعَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، وَإِنْ كَانَتْ فَاسِقَةً تَحَرَّى وَعَمِلَ بِمَا وَقَعَ تَحَرِّيهِ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا إذَا قَالَتْ: انْقَضَتْ عِدَّتِي وَتَزَوَّجْتُ بِزَوْجٍ آخَرَ وَدَخَلَ بِي، ثُمَّ طَلَّقَنِي وَانْقَضَتْ عِدَّتِي فَلَا بَأْسَ عَلَى زَوْجِهَا الْأَوَّلِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا إذَا كَانَتْ عِنْدَهُ ثِقَةً أَوْ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهَا صَادِقَةٌ، وَفِي هَذَا بَيَانٌ أَنَّهَا لَوْ قَالَتْ لِزَوْجِهَا: حَلَلْتُ لَكَ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا مَا لَمْ يَسْتَفْسِرْهَا لِلِاخْتِلَافِ بَيْنَ النَّاسِ فِي حِلِّهَا لَهُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَعْتَمِدَ مُطْلَقَ خَبَرِهَا بِالْحِلِّ، وَلَوْ أَنَّ جَارِيَةً صَغِيرَةً لَا تُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهَا فِي يَدِ رَجُلٍ يَدَّعِي أَنَّهَا لَهُ فَلَمَّا كَبِرَتْ لَقِيَهَا رَجُلٌ فِي بَلَدٍ آخَرَ فَقَالَتْ: أَنَا حُرَّةُ الْأَصْلِ لَمْ يَسَعْهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، وَإِنْ قَالَتْ: كُنْتُ أَمَةً لِلَّذِي كُنْتُ عِنْدَهُ فَأَعْتَقَنِي وَكَانَتْ عِنْدَهُ ثِقَةً أَوْ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهَا صَادِقَةٌ لَمْ أَرَ بَأْسًا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

الْمَرْأَةُ الْحُرَّةُ إذَا تَزَوَّجَتْ رَجُلًا، ثُمَّ قَالَتْ لِرَجُلٍ آخَرَ: إنَّ نِكَاحِي كَانَ فَاسِدًا لِمَا أَنَّ زَوْجَهَا كَانَ عَلَى غَيْرِ الْإِسْلَامِ لَا يَسَعُ لِهَذَا أَنْ يَقْبَلَ قَوْلَهَا وَلَا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا؛ لِأَنَّهَا أَخْبَرَتْ بِأَمْرٍ مُسْتَنْكَرٍ، وَإِنْ قَالَتْ طَلَّقَنِي بَعْدَ النِّكَاحِ أَوْ ارْتَدَّ عَنْ الْإِسْلَامِ وَسِعَهُ أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى خَبَرِهَا وَيَتَزَوَّجَهَا؛ لِأَنَّهَا أَخْبَرَتْ بِخَبَرٍ مُحْتَمَلٍ، وَإِذَا أَخْبَرَتْ بِبُطْلَانِ النِّكَاحِ الْأَوَّلِ لَا يَقْبَلُ قَوْلَهَا، وَإِنْ أَخْبَرَتْ بِالْحُرْمَةِ بِأَمْرٍ عَارِضٍ بَعْدَ النِّكَاحِ مِنْ رَضَاعٍ طَارِئٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَتْ ثِقَةً عِنْدَهُ أَوْ لَمْ تَكُنْ ثِقَةً وَوَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهَا صَادِقَةٌ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَتَزَوَّجَهَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ الثَّانِي فِي الْعَمَلِ بِغَالِبِ الرَّأْيِ]

(الْبَابُ الثَّانِي فِي الْعَمَلِ بِغَالِبِ الرَّأْيِ) يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ بِأَنَّ الْعَمَلَ بِغَالِبِ الرَّأْيَ جَائِزٌ فِي بَابِ الدِّيَانَاتِ، وَفِي بَابِ الْمُعَامَلَاتِ، وَكَذَلِكَ الْعَمَلُ بِغَالِبِ الرَّأْيِ فِي الدِّمَاءِ جَائِزٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

إنْ دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى غَيْرِهِ لَيْلًا وَهُوَ شَاهِرٌ سَيْفَهُ أَوْ مَادٌّ رُمْحَهُ يَشُدُّ نَحْوَهُ وَلَا يَدْرِي صَاحِبُ الْمَنْزِلِ أَنَّهُ لِصٌّ أَوْ هَارِبٌ مِنْ اللُّصُوصِ فَإِنَّهُ يَحْكُمُ بِرَأْيِهِ، فَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ لِصٌّ قَصَدَهُ لِيَأْخُذَ مَالَهُ وَيَقْتُلَهُ إنْ مَنَعَهُ، وَخَافَ أَنَّهُ إنْ زَجَرَهُ أَوْ صَاحَ بِهِ أَنْ يُبَادِرَهُ بِالضَّرْبِ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَشُدَّ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْبَيْتِ بِالسَّيْفِ لِيَقْتُلَهُ، وَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ هَارِبٌ مِنْ اللُّصُوصِ لَمْ يَسَعْ لَهُ أَنْ يُعَجِّلَ عَلَيْهِ وَلَا يَقْتُلَهُ، وَإِنَّمَا يَتَوَصَّلُ إلَى أَكْبَرِ رَأْيِهِ فِي حَقِّ الدَّاخِلِ عَلَيْهِ بِأَنْ يُحَكِّمَ زِيَّهُ وَهَيْئَتَهُ، أَوْ كَانَ قَدْ عَرَفَهُ قَبْلَ ذَلِكَ بِالْجُلُوسِ مَعَ أَهْلِ الْخَيْرِ يَسْتَدِلُّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ هَارِبٌ مِنْ اللُّصُوصِ، وَإِنْ عَرَفَهُ بِالْجُلُوسِ مَعَ السُّرَّاقِ اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ سَارِقٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

قَالُوا فِيمَا إذَا اسْتَقْبَلَ الْمُسْلِمِينَ جَمَاعَةٌ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَأَشْكَلَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ حَالُهُمْ أَنَّهُمْ أَعْدَاءٌ أَوْ مُسْلِمُونَ فَإِنَّهُمْ يَتَحَرَّوْنَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَسُئِلَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ رَجُلٍ وَجَدَ رَجُلًا مَعَ امْرَأَتِهِ أَيَحِلُّ لَهُ قَتْلُهُ؟ . قَالَ: إنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَنْزَجِرُ عَنْ الزِّنَا بِالصِّيَاحِ أَوْ بِالضَّرْبِ بِمَا دُونَ السِّلَاحِ فَإِنَّهُ لَا يَقْتُلُهُ، وَلَا يُقَاتِلُ مَعَهُ بِالسِّلَاحِ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَنْزَجِرُ إلَّا بِالْقَتْلِ وَالْمُقَاتِلَةِ مَعَهُ بِالسِّلَاحِ حَلَّ لَهُ الْقَتْلُ، كَذَا فِي فِي الذَّخِيرَةِ.

وَإِذَا وَجَدَ الرَّجُلُ مَعَ امْرَأَتِهِ أَوْ جَارِيَتِهِ رَجُلًا يُرِيدُ أَنْ يَغْلِبَهَا عَلَى نَفْسِهَا فَيَزْنِيَ بِهَا قَالَ: لَهُ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>