للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَذَا فِي الْكَافِي. وَكُلُّ مَا يُبَاحُ النَّظَرُ إلَيْهِ مِنْ إمَاءِ الْغَيْرِ يُبَاحُ مَسُّهُ إذَا أَمِنَ الشَّهْوَةَ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَيْهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَعِنْدَ بَعْضِ مَشَايِخِنَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُعَالِجَهَا فِي الْإِرْكَابِ وَالْإِنْزَالِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ إذَا أَمِنَ الشَّهْوَةَ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَيْهَا، كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَيْءٍ مِنْ الْكُتُبِ الْخَلْوَةَ وَالْمُسَافَرَةَ بِإِمَاءِ الْغَيْرِ، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَا يَحِلُّ وَإِلَيْهِ مَالَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَهُوَ الْمُخْتَارُ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يَحِلُّ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا بَأْسَ أَنْ يَمَسَّ مَا سِوَى الْبَطْنِ وَالظَّهْرِ مِمَّا يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ إلَيْهِ مِنْهَا إذَا أَرَادَ الشِّرَاءَ وَإِنْ خَافَ أَنْ يَشْتَهِيَ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَهَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَذُكِرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ رَجُلٌ يُرِيدُ شِرَاءَ جَارِيَةٍ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَمَسَّ سَاقَهَا وَصَدْرَهَا وَذِرَاعَيْهَا وَأَنْ يَنْظُرَ إلَى ذَلِكَ كُلِّهِ مَكْشُوفًا، كَذَا فِي الْكَافِي. وَقَالَ مَشَايِخُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - يُبَاحُ النَّظَرُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَإِنْ اشْتَهَى لِلضَّرُورَةِ، وَلَا يُبَاحُ الْمَسُّ إذَا اشْتَهَى أَوْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ نَوْعُ اسْتِمْتَاعٍ، وَفِي غَيْرِ حَالَةِ الشِّرَاءِ يُبَاحُ النَّظَرُ وَالْمَسُّ بِشَرْطِ عَدَمِ الشَّهْوَةِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.

وَلَا تُعْرَضُ الْأَمَةُ إذَا بَلَغَتْ فِي إزَارٍ وَاحِدٍ وَالْمُرَادُ بِالْإِزَارِ مَا يَسْتُرُ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ إلَى الرُّكْبَةِ؛ لِأَنَّ ظَهْرَهَا وَبَطْنَهَا عَوْرَةٌ فَلَا يَجُوزُ كَشْفُهُمَا وَاَلَّتِي بَلَغَتْ حَدَّ الشَّهْوَةِ فَهِيَ كَالْبَالِغَةِ لَا تُعْرَضُ فِي إزَارٍ وَاحِدٍ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِوُجُودِ الِاشْتِهَاءِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.

وَأَمَّا النَّظَرُ إلَى الْأَجْنَبِيَّاتِ فَنَقُولُ: يَجُوزُ النَّظَرُ إلَى مَوَاضِعِ الزِّينَةِ الظَّاهِرَةِ مِنْهُنَّ وَذَلِكَ الْوَجْهُ وَالْكَفُّ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَشْتَهِي فَهُوَ حَرَامٌ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. النَّظَرُ إلَى وَجْهِ الْأَجْنَبِيَّةِ إذَا لَمْ يَكُنْ عَنْ شَهْوَةٍ لَيْسَ بِحَرَامٍ لَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ النَّظَرُ إلَى قَدَمِهَا أَيْضًا، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْهُ قَالَ لَا يَجُوزُ النَّظَرُ إلَى قَدَمِهَا.

وَفِي جَامِعِ الْبَرَامِكَةِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَجُوزُ النَّظَرُ إلَى ذِرَاعَيْهَا أَيْضًا عِنْدَ الْغَسْلِ وَالطَّبْخِ قِيلَ: وَكَذَلِكَ يُبَاحُ النَّظَرُ إلَى ثَنَايَاهَا وَذَلِكَ كُلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ النَّظَرُ عَنْ شَهْوَةٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَكَذَلِكَ يُبَاحُ النَّظَرُ إذَا شَكَّ فِي الِاشْتِهَاءِ، كَذَا فِي الْكَافِي. قِيلَ: وَكَذَلِكَ يُبَاحُ النَّظَرُ إلَى سَاقِهَا إذَا لَمْ يَكُنْ النَّظَرُ عَنْ شَهْوَةٍ، فَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ نَظَرَ يَشْتَهِي أَوْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ ذَلِكَ فَلْيَجْتَنِبْ بِجَهْدِهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَالْأَصَحُّ أَنَّ كُلَّ عُضْوٍ لَا يَجُوزُ النَّظَرُ إلَيْهِ قَبْلَ الِانْفِصَالِ لَا يَجُوزُ بَعْدَهُ كَشَعْرِ رَأْسِهَا وَقُلَامَةِ رِجْلِهَا وَشَعْرِ عَانَتِهَا، كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.

وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَمَسَّ وَجْهَهَا، وَلَا كَفَّهَا، وَإِنْ كَانَ يَأْمَنُ الشَّهْوَةَ وَهَذَا إذَا كَانَتْ شَابَّةً تُشْتَهَى، فَإِنْ كَانَتْ لَا تُشْتَهَى لَا بَأْسَ بِمُصَافَحَتِهَا وَمَسِّ يَدِهَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ شَيْخًا يَأْمَنُ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَيْهَا فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُصَافِحَهَا، وَإِنْ كَانَ لَا يَأْمَنُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَيْهَا فَلْيَجْتَنِبْ، ثُمَّ إنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَبَاحَ الْمَسَّ لِلرَّجُلِ إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ عَجُوزًا وَلَمْ يَشْتَرِطْ كَوْنَ الرَّجُلِ بِحَالٍ لَا يُجَامِعُ مِثْلُهُ، وَفِيمَا إذَا كَانَ الْمَاسُّ هِيَ الْمَرْأَةَ قَالَ إذَا كَانَا كَبِيرَيْنِ لَا يُجَامِعُ مِثْلُهُ وَلَا يُجَامَعُ مِثْلُهَا فَلَا بَأْسَ بِالْمُصَافَحَةِ فَتَأَمَّلْ عِنْدَ الْفَتْوَى، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُعَانِقَ الْعَجُوزَ مِنْ وَرَاءِ الثِّيَابِ إلَّا أَنْ تَكُونَ ثِيَابُهَا تَصِفُ مَا تَحْتَهَا، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ.

فَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَرْأَةِ ثِيَابٌ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَتَأَمَّلَ جَسَدَهَا؛ لِأَنَّ نَظَرَهُ إلَى ثِيَابِهَا لَا إلَى جَسَدِهَا فَهُوَ كَمَا لَوْ كَانَتْ فِي بَيْتٍ فَنَظَرَ إلَى جِدَارِهِ هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ ثِيَابُهَا مُلْتَزِقَةً بِهَا بِحَيْثُ تَصِفُ مَا تَحْتَهَا كَالْقَبَاءِ التُّرْكِيَّةِ، وَلَمْ تَكُنْ رَقِيقَةً بِحَيْثُ تَصِفُ مَا تَحْتَهَا، فَإِنْ كَانَتْ بِخِلَافِ ذَلِكَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَغُضَّ بَصَرَهُ؛ لِأَنَّ هَذَا الثَّوْبَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يَسْتُرُهَا بِمَنْزِلَةِ شَبَكَةٍ عَلَيْهَا. هَذَا إذَا كَانَتْ فِي حَدِّ الشَّهْوَةِ، فَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَا يُشْتَهَى مِثْلُهَا فَلَا بَأْسَ بِالنَّظَرِ إلَيْهَا وَمِنْ مَسِّهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِبَدَنِهَا حُكْمُ الْعَوْرَةِ، وَلَا فِي النَّظَرِ وَالْمَسِّ مَعْنَى خَوْفِ الْفِتْنَةِ، ثُمَّ النَّظَرُ إلَى الْحُرَّةِ الْأَجْنَبِيَّةِ قَدْ يَصِيرُ مُرَخَّصًا عِنْدَ الضَّرُورَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَالْكَافِرَةُ كَالْمُسْلِمَةِ وَرُوِيَ لَا بَأْسَ بِالنَّظَرِ إلَى شَعْرِ الْكَافِرَةِ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. يَجُوزُ لِلْقَاضِي إذَا أَرَادَ أَنْ يَحْكُمَ عَلَيْهَا وَلِلشَّاهِدِ إذَا أَرَادَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهَا أَنْ يَنْظُرَ إلَى وَجْهِهَا وَإِنْ خَافَ أَنْ يَشْتَهِيَ وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَقْصِدَ بِهِ أَدَاءَ الشَّهَادَةِ أَوْ الْحُكْمَ عَلَيْهَا لَا قَضَاءَ الشَّهْوَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>