للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَمْلُ الطَّعَامِ إلَى صَاحِبِ الْمُصِيبَةِ وَالْأَكْلُ مَعَهُمْ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ جَائِزٌ لِشَغْلِهِمْ بِالْجَهَازِ، وَبَعْدَهُ يُكْرَهُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

وَلَا يُبَاحُ اتِّخَاذُ الضِّيَافَةِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي أَيَّامِ الْمُصِيبَةِ وَإِذَا اتَّخَذَ لَا بَأْسَ بِالْأَكْلِ مِنْهُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.

وَإِنْ اتَّخَذَ طَعَامًا لِلْفُقَرَاءِ كَانَ حَسَنًا إذَا كَانَتْ الْوَرَثَةُ بَالِغِينَ، فَإِنْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ صَغِيرٌ لَمْ يَتَّخِذُوا ذَلِكَ مِنْ التَّرِكَةِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

إذَا كَانَ الرَّجُلُ عَلَى مَائِدَةٍ فَنَاوَلَ غَيْرَهُ مِنْ طَعَامِ الْمَائِدَةِ إنْ عَلِمَ أَنَّ صَاحِبَهُ لَا يَرْضَى بِهِ لَا يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَرْضَى فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ لَا يُنَاوِلُ، وَلَا يُعْطِي سَائِلًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَإِنْ كَانُوا عَلَى مَائِدَتَيْنِ لَا يُنَاوِلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إلَّا إذَا تَيَقَّنُوا رِضَا رَبِّ الْبَيْتِ وَذُكِرَ فِي كِتَابِ الْهِبَةِ: ضِيَافَةٌ فِيهَا مَوَائِدُ فَأَعْطَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا مِنْ عَلَى مَائِدَةٍ أُخْرَى طَعَامًا لِيَأْكُلَ أَوْ عَلَى هَذِهِ الْمَائِدَةِ يَجُوزُ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ.

وَإِنْ نَاوَلَ الضَّيْفُ شَيْئًا مِنْ الطَّعَامِ إلَى مَنْ كَانَ ضَيْفًا مَعَهُ عَلَى الْخِوَانِ تَكَلَّمُوا فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ، وَلَا يَحِلُّ لِمَنْ أَخَذَ أَنْ يَأْكُلَ ذَلِكَ بَلْ يَضَعُهُ عَلَى الْمَائِدَةِ، ثُمَّ يَأْكُلُ مِنْ الْمَائِدَةِ وَأَكْثَرُهُمْ جَوَّزُوا ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ بِذَلِكَ عَادَةً، وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ كَانَ عَلَى الْمَائِدَةِ أَنْ يُعْطِيَ إنْسَانًا دَخَلَ هُنَاكَ لِطَلَبِ إنْسَانٍ أَوْ لِحَاجَةٍ أُخْرَى، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالصَّحِيحُ فِي هَذَا أَنَّهُ يَنْظُرُ إلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ دُونَ التَّرَدُّدِ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ. وَكَذَا لَا يَدْفَعُ إلَى وَلَدِ صَاحِبِ الْمَائِدَةِ وَعَبْدِهِ وَكَلْبِهِ وَسِنَّوْرِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

الضَّيْفُ إذَا نَاوَلَ مِنْ الْمَائِدَةِ هِرَّةً لِصَاحِبِ الدَّارِ أَوْ لِغَيْرِهِ شَيْئًا مِنْ الْخُبْزِ أَوْ قَلِيلًا مِنْ اللَّحْمِ يَجُوزُ اسْتِحْسَانًا لِأَنَّهُ أَذِنَ عَادَةً، وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُمْ كَلْبٌ لِصَاحِبِ الدَّارِ أَوْ لِغَيْرِهِ لَا يَسَعُهُ أَنْ يُنَاوِلَهُ شَيْئًا مِنْ اللَّحْمِ أَوْ الْخُبْزِ إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِ الْبَيْتِ؛ لِأَنَّهُ لَا إذْنَ فِيهِ عَادَةً، وَلَوْ نَاوَلَ الْعِظَامَ أَوْ الْخُبْزَ الْمُحْتَرِقَ وَسِعَهُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَهَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْكُبْرَى.

رَجُلٌ دَعَا قَوْمًا إلَى طَعَامٍ وَفَرَّقَهُمْ عَلَى أَخْوِنَةٍ لَيْسَ لِأَهْلِ هَذَا الْخِوَانِ أَنْ يَتَنَاوَلَ مِنْ طَعَامِ خِوَانٍ آخَرَ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الطَّعَامِ إنَّمَا أَبَاحَ لِأَهْلِ كُلِّ خِوَانٍ أَنْ يَأْكُلَ مَا كَانَ عَلَى خِوَانِهِ لَا غَيْرَ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْقِيَاسُ كَذَلِكَ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ إذَا أَعْطَى مَنْ كَانَ فِي ضِيَافَةِ تِلْكَ جَازَ، وَإِنْ أَعْطَى بَعْضَ الْخَدَمِ الَّذِي هُنَاكَ جَازَ أَيْضًا، وَكَذَا لَوْ نَاوَلَ وَالضَّيْفَ مِنْ الْمَائِدَةِ شَيْئًا مِنْ الْخُبْزِ أَوْ قَلِيلًا مِنْ اللَّحْمِ جَازَ اسْتِحْسَانًا، وَإِنْ نَاوَلَ الطَّعَامَ الْفَاسِدَ أَوْ الْخُبْزَ الْمُحْتَرِقَ فَذَلِكَ جَائِزٌ عِنْدَهُمْ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ بِذَلِكَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

رَفْعُ الزَّلَّةِ حَرَامٌ بِلَا خِلَافٍ إلَّا إذَا وُجِدَ الْإِذْنُ وَالْإِطْلَاقُ مِنْ الْمَضِيفِ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ.

رَجُلٌ يَأْكُلُ خُبْزًا مَعَ أَهْلِهِ فَاجْتَمَعَ كِسْرَاتُ الْخُبْزِ، وَلَا يَشْتَهِيهَا أَهْلُهُ فَلَهُ أَنْ يُطْعِمَ الدَّجَاجَةَ وَالشَّاةَ وَالْبَقَرَ، وَهُوَ أَفْضَلُ، وَلَا يَنْبَغِي إلْقَاؤُهَا فِي النَّهْرِ أَوْ فِي الطَّرِيقِ إلَّا إذَا كَانَ الْإِلْقَاءُ لِأَجَلِ النَّمْلِ لِيَأْكُلَ النَّمْلَ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ، هَكَذَا فَعَلَهُ السَّلَفُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُطْعِمَ الْمَجْنُونَ الْمَيْتَةَ بِخِلَافِ الْهِرَّةِ، وَإِذَا تَنَجَّسَ الْخُبْزُ أَوْ الطَّعَامُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُطْعِمَ الصَّغِيرَ أَوْ الْمَعْتُوهَ أَوْ الْحَيَوَانَ الْمَأْكُولَ اللَّحْمِ، وَقَالَ أَصْحَابُنَا: لَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِالْمَيْتَةِ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ، وَلَا يُطْعِمُهَا الْكِلَابَ وَالْجَوَارِحَ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.

يُسْتَحَبُّ لِلضَّيْفِ أَنْ يَجْلِسَ حَيْثُ يُجْلَسُ قَالَ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَجِبُ عَلَى الضَّيْفِ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ: أَوَّلُهَا: أَنْ يَجْلِسَ حَيْثُ يُجْلَسُ. وَالثَّانِي: أَنْ يَرْضَى بِمَا قُدِّمَ إلَيْهِ. وَالثَّالِثُ: أَنْ لَا يَقُومَ إلَّا بِإِذْنِ رَبِّ الْبَيْتِ. وَالرَّابِعُ: أَنْ يَدْعُوَ لَهُ إذَا خَرَجَ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ الْمَضِيفُ أَحْيَانَا كُلْ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>