للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْخَرَاجِ لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلِلرَّجُلِ أَنْ يَأْمُرَ جَارِيَتَهُ الْكِتَابِيَّةَ بِالْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ وَيَجْبُرُهَا عَلَى ذَلِكَ قَالُوا يَجِبُ أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ الْكِتَابِيَّةُ عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْيَتِيمَةِ.

وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا أَدَعُ مُشْرِكًا يَضْرِبُ الْبَرْبَطَ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كُلُّ شَيْءٍ أَمْنَعُ مِنْهُ الْمُسْلِمَ فَإِنِّي أَمْنَعُ مِنْهُ الْمُشْرِكَ إلَّا الْخَمْرَ وَالْخِنْزِيرَ كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ.

قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيُكْرَهُ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ فِي أَوَانِي الْمُشْرِكِينَ قَبْلَ الْغَسْلِ وَمَعَ هَذَا لَوْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ فِيهَا قَبْلَ الْغَسْلِ جَازَ وَلَا يَكُونُ آكِلًا وَلَا شَارِبًا حَرَامًا وَهَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِنَجَاسَةِ الْأَوَانِي فَأَمَّا إذَا عَلِمَ فَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْرَبَ وَيَأْكُلَ مِنْهَا قَبْلَ الْغَسْلِ وَلَوْ شَرِبَ أَوْ أَكَلَ كَانَ شَارِبًا وَآكِلًا حَرَامًا وَهُوَ نَظِيرُ سُؤْرِ الدَّجَاجَةِ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ عَلَى مِنْقَارِهَا نَجَاسَةٌ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِهِ وَالصَّلَاةُ فِي سَرَاوِيلِهِمْ نَظِيرُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ مِنْ أَوَانَيْهِمْ إنْ عَلِمَ أَنَّ سَرَاوِيلَهُمْ نَجِسَةٌ لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ فِيهَا وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِيهَا وَلَوْ صَلَّى يَجُوزُ وَلَا بَأْسَ بِطَعَامِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى كُلِّهِ مِنْ الذَّبَائِحِ وَغَيْرِهَا وَيَسْتَوِي الْجَوَابُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ أَوْ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْحَرْبِ وَكَذَا يَسْتَوِي أَنْ يَكُونَ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ كَنَصَارَى الْعَرَبِ وَلَا بَأْسَ بِطَعَامِ الْمَجُوسِ كُلِّهِ إلَّا الذَّبِيحَةَ، فَإِنَّ ذَبِيحَتَهُمْ حَرَامٌ وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَكْلَ مَعَ الْمَجُوسِيِّ وَمَعَ غَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ أَنَّهُ هَلْ يَحِلُّ أَمْ لَا وَحُكِيَ عَنْ الْحَاكِمِ الْإِمَامِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكَاتِبِ أَنَّهُ إنْ اُبْتُلِيَ بِهِ الْمُسْلِمُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَأَمَّا الدَّوَامُ عَلَيْهِ فَيُكْرَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَذَكَرَ الْقَاضِي الْإِمَامُ رُكْنُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ أَنَّ الْمَجُوسِيَّ إذَا كَانَ لَا يُزَمْزِمُ فَلَا بَأْسَ بِالْأَكْلِ مَعَهُ وَإِنْ كَانَ يُزَمْزِمُ فَلَا يَأْكُلُ مَعَهُ لِأَنَّهُ يُظْهِرُ الْكُفْرَ وَالشِّرْكَ وَلَا يَأْكُلُ مَعَهُ حَالَ مَا يُظْهِرُ الْكُفْرَ وَالشِّرْكَ وَلَا بَأْسَ بِضِيَافَةِ الذِّمِّيِّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا إلَّا مَعْرِفَةٌ كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ.

وَفِي التَّفَارِيقِ لَا بَأْسَ بِأَنْ يُضِيفَ كَافِرًا لِقَرَابَةٍ أَوْ لِحَاجَةٍ كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ.

وَلَا بَأْسَ بِالذَّهَابِ إلَى ضِيَافَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ هَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي أُضْحِيَّةِ النَّوَازِلِ الْمَجُوسِيُّ أَوْ النَّصْرَانِيُّ إذَا دَعَا رَجُلًا إلَى طَعَامِهِ تُكْرَهُ الْإِجَابَةُ وَإِنْ قَالَ اشْتَرَيْت اللَّحْمَ مِنْ السُّوقِ فَإِنْ كَانَ الدَّاعِي نَصْرَانِيًّا فَلَا بَأْسَ بِهِ وَمَا ذُكِرَ فِي النَّوَازِلِ فِي حَقِّ النَّصْرَانِيِّ يُخَالِفُ رِوَايَةَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى مَا تَقَدَّمَ ذَكَرَهَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَصِلَ الرَّجُلُ الْمُسْلِمَ وَالْمُشْرِكَ قَرِيبًا كَانَ أَوْ بَعِيدًا مُحَارِبًا كَانَ أَوْ ذِمِّيًّا وَأَرَادَ بِالْمُحَارَبِ الْمُسْتَأْمَنِ وَأَمَّا إذَا كَانَ غَيْرَ الْمُسْتَأْمَنِ فَلَا يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَصِلَهُ بِشَيْءٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَذَكَرَ الْقَاضِي الْإِمَامُ رُكْنُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ إذَا كَانَ حَرْبِيًّا فِي دَارِ الْحَرْبِ وَكَانَ الْحَالُ حَالَ صُلْحٍ وَمُسَالَمَةٍ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَصِلَهُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

هَذَا هُوَ الْكَلَامُ فِي صِلَةِ الْمُسْلِمِ الْمُشْرِكَ.

وَجِئْنَا إلَى صِلَةِ الْمُشْرِكِ الْمُسْلِمَ فَقَدْ رَوَى مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ أَخْبَارًا مُتَعَارِضَةً فِي بَعْضِهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قَبِلَ هَدَايَا الْمُشْرِكِ وَفِي بَعْضِهَا أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَقْبَلْ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّوْفِيقِ وَاخْتَلَفَتْ عِبَارَةُ الْمَشَايِخِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِي وَجْهِ التَّوْفِيقِ فَعِبَارَةُ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ أَنَّ مَا رُوِيَ أَنَّهُ لَمْ يَقْبَلْهَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يَقْبَلْهَا مِنْ شَخْصٍ غَلَبَ عَلَى ظَنِّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ وَقَعَ عِنْدَ ذَلِكَ الشَّخْصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا يُقَاتِلُهُمْ طَمَعًا فِي الْمَالِ لَا لِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ وَلَا يَجُوزُ قَبُولُ الْهَدِيَّةِ مِنْ مِثْلِ هَذَا الشَّخْصِ فِي زَمَانِنَا وَمَا رُوِيَ أَنَّهُ قَبِلَهَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ قَبِلَ مِنْ شَخْصٍ غَلَبَ عَلَى ظَنِّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ وَقَعَ عِنْدَ ذَلِكَ الشَّخْصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا يُقَاتِلُهُمْ لِإِعْزَازِ الدِّينِ وَلِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ الْعُلْيَا لَا لِطَلَبِ الْمَالِ وَقَبُولِ الْهَدِيَّةِ مِنْ مِثْلِ هَذَا الشَّخْصِ

<<  <  ج: ص:  >  >>