للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَأْيِهِ أَنَّهُ لَوْ أَمَرَهُمْ بِذَلِكَ قَذَفُوهُ وَشَتَمُوهُ فَتَرْكُهُ أَفْضَلُ، وَكَذَلِكَ لَوْ عَلِمَ أَنَّهُمْ يَضْرِبُونَهُ وَلَا يَصْبِرُ عَلَى ذَلِكَ وَيَقَعُ بَيْنَهُمْ عَدَاوَةٌ وَيَهِيجُ مِنْهُ الْقِتَالُ فَتَرْكُهُ أَفْضَلُ، وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُمْ لَوْ ضَرَبُوهُ صَبَرَ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يَشْكُو إلَى أَحَدٍ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَنْهَى عَنْ ذَلِكَ وَهُوَ مُجَاهِدٌ وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُمْ لَا يَقْبَلُونَ مِنْهُ وَلَا يَخَافُ مِنْهُ ضَرْبًا وَلَا شَتْمًا فَهُوَ بِالْخِيَارِ وَالْأَمْرُ أَفْضَلُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

إذَا اسْتَقْبَلَهُ الْآمِرُ بِالْمَعْرُوفِ وَخَشِيَ أَنْ لَوْ أَقْدَمَ عَلَيْهِ قُتِلَ فَإِنْ أَقْدَمَ عَلَيْهِ وَقُتِلَ يَكُونُ شَهِيدًا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

وَيُقَالُ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ بِالْيَدِ عَلَى الْأُمَرَاءِ وَبِاللِّسَانِ عَلَى الْعُلَمَاءِ وَبِالْقَلْبِ لِعَوَامِّ النَّاسِ وَهُوَ اخْتِيَارُ الزندويستي كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ يَحْتَاجُ إلَى خَمْسَةِ أَشْيَاءَ، أَوَّلُهَا: الْعِلْمُ لِأَنَّ الْجَاهِلَ لَا يُحْسِنُ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ. وَالثَّانِي: أَنْ يَقْصِدَ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى وَإِعْلَاءَ كَلِمَتِهِ الْعُلْيَا. وَالثَّالِثُ: الشَّفَقَةُ عَلَى الْمَأْمُورِ فَيَأْمُرُهُ بِاللِّينِ وَالشَّفَقَةِ. وَالرَّابِعُ أَنْ يَكُونَ صَبُورًا حَلِيمًا. وَالْخَامِسُ: أَنْ يَكُونَ عَامِلًا بِمَا يَأْمُرُهُ كَيْ لَا يَدْخُلَ تَحْتَ قَوْله تَعَالَى {لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ} [الصف: ٢] وَلَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ مِنْ الْعَوَامّ أَنْ يَأْمُرَ بِالْمَعْرُوفِ لِلْقَاضِي وَالْمُفْتِي وَالْعَالِمِ الَّذِي اشْتَهَرَ لِأَنَّهُ إسَاءَةٌ فِي الْأَدَبِ، وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ بِهِ ضَرَرُهُ فِي ذَلِكَ وَالْعَامِّيُّ لَا يَفْهَمُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْغَرَائِبِ.

رَجُلٌ رَأَى مُنْكَرًا وَهَذَا الرَّائِي مِمَّنْ يَرْتَكِبُ هَذَا الْمُنْكَرَ يَلْزَمُهُ أَنْ يَنْهَى عَنْهُ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ تَرْكُ الْمُنْكَرِ وَالنَّهْيُ عَنْهُ فَبِتَرْكِ أَحَدِهِمَا لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْآخَرُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.

وَهَكَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ وَالْمُحِيطِ.

رَجُلٌ عَلِمَ أَنَّ فُلَانًا يَتَعَاطَى مِنْ الْمُنْكَرِ هَلْ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَكْتُبَ إلَى أَبِيهِ بِذَلِكَ قَالُوا إنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ كَتَبَ إلَى أَبِيهِ يَمْنَعُهُ الْأَبُ عَنْ ذَلِكَ وَيَقْدِرُ عَلَيْهِ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَكْتُبَ وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ أَبَاهُ لَوْ أَرَادَ مَنْعَهُ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَكْتُبُ وَكَذَلِكَ فِيمَا بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَبَيْنَ السُّلْطَانِ وَالرَّعِيَّةِ وَالْحَشَمِ إنَّمَا يَجِبُ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ إذَا عَلِمَ أَنَّهُمْ يَسْتَمِعُونَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

لَوْ أَرَادَ الْأَبُ أَنْ يَأْمُرَ وَلَدَهُ بِشَيْءٍ وَيُخَافُ أَنَّهُ لَوْ أَمَرَهُ لَا يَمْتَثِلُ أَمْرَهُ يَقُولُ لَهُ (خوب آيداي بُسْرًا كراين كاركني يانكني) وَلَا يَأْمُرُهُ حَتَّى لَا يَلْحَقَهُ عُقُوبَةُ الْعُقُوقِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.

رَجُلٌ أَتَى بِفَاحِشَةٍ ثُمَّ تَابَ وَأَنَابَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى لَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْبِرَ الْإِمَامَ بِمَا صَنَعَ لِإِقَامَةِ الْحَدِّ لِأَنَّ السِّتْرَ مَنْدُوبٌ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ.

سُئِلَ أَبُو الْقَاسِمِ عَمَّنْ يَرَى رَجُلًا يَسْرِقُ مَالَ إنْسَانٍ قَالَ إنْ كَانَ لَا يَخَافُ الظُّلْمَ مِنْهُ يُخْبِرُهُ وَإِنْ كَانَ خَافَ سَكَتَ كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى.

رَجُلٌ أَظْهَرَ الْفِسْقَ فِي دَارِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَتَقَدَّمَ إلَيْهِ إبْلَاءً لِلْعُذْرِ فَإِنْ كَفَّ عَنْهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُفَّ عَنْهُ فَالْإِمَامُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ حَبَسَهُ وَإِنْ شَاءَ زَجَرَهُ وَإِنْ شَاءَ أَدَّبَهُ أَسْوَاطًا وَإِنْ شَاءَ أَزْعَجَهُ عَنْ دَارِهِ وَعَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ أَحْرَقَ بَيْتَ الْخَمَّارِ وَعَنْ الْإِمَامِ الزَّاهِدِ الصَّفَّارِ أَنَّهُ أَمَرَ بِتَخْرِيبِ دَارِ الْفَاسِقِ بِسَبَبِ الْفِسْقِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

وَفِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ أَنَّهُ يَكْسِرُ دِنَانَ الْخَمْرِ وَإِنْ كَانَ قَدْ أَلْقَى فِيهَا الْمِلْحَ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْكَاسِرِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَخْرِقْ الزِّقَّ إذَا كَانَ فِيهِ خَمْرٌ لِمُسْلِمٍ أَوْ نَصْرَانِيٍّ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ إذَا أَمْكَنَ الِانْتِفَاعُ بِهِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَحْمِلَ الرَّجُلُ وَحْدَهُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ وَإِنْ كَانَ غَالِبُ رَأْيِهِ أَنَّهُ يَقْتُلُ إذَا كَانَ فِي غَالِبِ رَأْيِهِ أَنَّهُ يَنْكِي فِيهِمْ نِكَايَةً بِقَتْلٍ أَوْ جُرْحٍ أَوْ هَزِيمَةٍ وَإِنْ كَانَ غَالِبُ رَأْيِهِ أَنَّهُ لَا يَنْكِي فِيهِمْ أَصْلًا لَا بِقَتْلٍ وَلَا بِجُرْحٍ وَلَا هَزِيمَةٍ وَيُقْتَلُ هُوَ فَإِنَّهُ لَا يُبَاحُ لَهُ أَنْ يَحْمِلَ وَحْدَهُ وَالْقِيَاسُ أَنْ يُبَاحَ لَهُ ذَلِكَ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يُقْتَلُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ

وَإِذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَنْهَى قَوْمًا مِنْ فُسَّاقِ الْمُسْلِمِينَ عَنْ مُنْكَرٍ وَكَانَ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>