للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنْعُهُ عَنْ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَوَاتَ كَانَ مُشْتَرَكًا وَالْحَفْرُ لِإِحْيَاءِ حَقٍّ مُشْتَرَكٍ وَهُوَ الْعُشْرُ وَالْخَرَاجُ فَلَا يَقْطَعُ الشَّرِكَةَ فِي الشَّفَةِ وَلَوْ مَنَعَهُ عَنْ ذَلِكَ وَهُوَ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ وَدَابَّتِهِ الْعَطَشَ لَهُ أَنْ يُقَاتِلَهُ بِالسِّلَاحِ وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ مُحْرَزًا فِي الْأَوَانِي فَلَيْسَ عَلَى الَّذِي يَخَافُ الْهَلَاكَ مِنْ الْعَطَشِ أَنْ يُقَاتِلَ صَاحِبَ الْمَاءِ بِالسِّلَاحِ عَلَى الْمَنْعِ وَلَكِنْ يُقَاتِلُهُ عَلَى ذَلِكَ بِغَيْرِ سِلَاحٍ كَذَا فِي الْكَافِي.

هَذَا إذَا كَانَ مَعَهُ مَاءٌ كَثِيرٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَثِيرًا فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ مِقْدَارَ مَا يَرُدُّ رَمَقَهُمَا أَوْ كَانَ يَكْفِي لِأَحَدِهِمَا فَإِنْ كَانَ يَرُدُّ رَمَقَهُمَا كَانَ لِلْمُضْطَرِّ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ الْبَعْضَ وَيَتْرُكَ الْبَعْضَ وَإِنْ كَانَ لَا يَكْفِي إلَّا لِأَحَدِهِمَا فَإِنَّهُ يَتْرُكُ الْمَاءَ لِلْمَالِكِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ.

(وَأَمَّا الْكَلَأُ فَعَلَى أَوْجُهٍ) أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ فِي أَرْضٍ مُبَاحَةٍ فَالنَّاسُ فِيهِ شُرَكَاءُ فِي الِاحْتِشَاشِ وَالرَّعْيِ كَالشَّرِكَةِ فِي مَاءِ الْبِحَارِ وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ لَهُ نَبَتَ بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ إنْبَاتٍ لَا يَمْنَعُهُ صَاحِبُ الْأَرْضِ قَبْلَ الْإِحْرَازِ إلَّا أَنَّ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ النَّاسَ مِنْ الدُّخُولِ فِي أَرْضِهِ لِأَجْلِ الْكَلَأِ قَالَ مَشَايِخُنَا إذَا وَقَعَتْ الْمُنَازَعَةُ بَيْنَ صَاحِبِ الْأَرْضِ وَبَيْنَ مَنْ يُرِيدُ الْكَلَأَ إنْ كَانَ الْمُرِيدُ لِلْكَلَأِ يَجِدُ الْكَلَأَ فِي أَرْضٍ مُبَاحَةٍ قَرِيبَةٍ مِنْ تِلْكَ الْأَرْضِ فَلِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ الدُّخُولِ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ يُقَالُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ إمَّا أَنْ تُعْطِيَهُ الْكَلَأَ أَوْ تَأْذَنَ لَهُ بِالدُّخُولِ فَيَأْخُذُ حَقَّهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. .

وَأَمَّا مَا أَنْبَتَهُ صَاحِبُ الْأَرْضِ بِأَنْ سَقَى أَرْضَهُ وَكَرَبَهَا لِيُنْبِتَ فِيهَا الْحَشِيشَ لِدَوَابِّهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِذَلِكَ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَنْتَفِعَ بِشَيْءٍ مِنْهُ إلَّا بِرِضَاهُ لِأَنَّهُ كَسْبُهُ وَالْكَسْبُ لِلْمُكْتَسِبِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَلَوْ دَخَلَ إنْسَانٌ أَرْضَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَاحْتَشَّ لَيْسَ لَهُ حَقُّ الِاسْتِرْدَادِ مِنْهُ سَوَاءٌ كَانَ سَقَاهُ وَقَامَ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ أَيْضًا وَعَنْ مَشَايِخِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ إذَا قَامَ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْأَرْضِ وَسَقَاهُ فَقَدْ مَلَكَهُ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَهُ الِاسْتِرْدَادُ إنْ احْتَشَّهُ أَحَدٌ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ مَا نَبَتَ فِي أَرْضِهِ مِنْ الْحَشِيشِ إلَّا إذَا قَطَعَهُ فَحَزَمَهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ مِمَّنْ أَخَذَ مِنْهُ.

وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ إجَارَةُ الْمَرَاعِي فَإِنْ أَرَادَ الْحِيلَةَ فِي جَوَازِهِ فَإِنَّهُ يُؤَاجِرُ قِطْعَةً مِنْ أَرْضِهِ مَعْلُومَةً ثُمَّ يُبِيحُ لَهُ كَلَأَهُ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.

ثُمَّ تَفْسِيرُ الْكَلَأِ كُلُّ مَا يَنْجُمُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ أَيْ يَنْبَسِطُ وَيَنْتَشِرُ وَلَا يَكُونُ لَهُ سَاقٌ فَهُوَ كَلَأٌ وَمَا كَانَ لَهُ سَاقٌ فَهُوَ شَجَرٌ فَعَلَى هَذَا قَالُوا الشَّوْكُ الْأَحْمَرُ وَالشَّوْكُ الْأَبْيَضُ يُقَالُ لَهُ الْغَرْقَدُ مِنْ الشَّجَرِ لَا مِنْ الْكَلَأِ حَتَّى لَوْ نَبَتَ فِي أَرْضِ إنْسَانٍ وَأَخَذَ غَيْرُهُ كَانَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يَسْتَرِدَّ مِنْهُ فَأَمَّا الشَّوْكُ الْأَخْضَرُ اللَّيِّنُ تَأْكُلُهُ الْإِبِلُ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي النَّوَادِرِ فِيهِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ جَعَلَهُ مِنْ جُمْلَةِ الْكَلَأِ وَفِي رِوَايَةٍ جَعَلَهُ مِنْ الشَّجَرِ وَلَيْسَ فِيهِ اخْتِلَافُ الرِّوَايَةِ بَلْ أَرَادَ بِمَا قَالَ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْكَلَأِ مَا يَنْبَسِطُ مِنْهُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَلَا يَكُونُ لَهُ سَاقٌ وَأَرَادَ بِمَا قَالَ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الشَّجَرِ إذَا كَانَ لَهُ سَاقٌ فَحَاصِلُهُ أَنَّ مَا يَقُومُ عَلَى سَاقٍ إذَا نَبَتَ فِي أَرْضِ إنْسَانٍ فَهُوَ مِلْكُهُ وَلَا يَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ النَّاسِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَالشَّوْكُ وَالشَّرَكُ كَالْكَلَأِ وَالْقِيرِ وَالزِّرْنِيخِ وَالْفَيْرُوزَجِ كَالشَّجَرِ وَمَنْ أَخَذَ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ ضَمِنَ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.

وَفِي الْمُنْتَقَى قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا كَانَ الْحَطَبُ فِي الْمُرُوجِ وَهِيَ مِلْكٌ لِرَجُلٍ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْتَطِبَهَا إلَّا بِإِذْنِهِ وَإِنْ كَانَتْ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَحْتَطِبَ وَإِنْ كَانَ يُنْسَبُ إلَى قَرْيَةٍ وَأَهْلِهَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَفِي الْكُبْرَى وَإِنْ كَانَ يُنْسَبُ ذَلِكَ إلَى قَرْيَةٍ وَإِلَى أَهْلِهَا لَا بَأْسَ بِأَنْ يَحْتَطِبَ مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ ذَلِكَ مِلْكُهَا وَكَذَلِكَ الزِّرْنِيخُ وَالْكِبْرِيتُ وَالثِّمَارُ فِي الْمُرُوجِ وَالْأَوْدِيَةِ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.

الْمُحْتَطِبُ يَمْلِكُ الْحَطَبَ بِنَفْسِ الِاحْتِطَابِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَشُدَّهُ وَيَجْمَعَهُ حَتَّى يَثْبُتَ لَهُ الْمِلْكُ وَالسَّاقِي مِنْ الْبِئْرِ لَا يَمْلِكُ بِنَفْسِ مِلْءِ الدَّلْوِ حَتَّى يُنَحِّيَهُ عَنْ رَأْسِ الْبِئْرِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.

لَوْ كَانَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>