للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَيُكْرَهُ شُرْبُ دُرْدِيِّ الْخَمْرِ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ، وَلَوْ شَرِبَ مِنْهُ، وَلَمْ يَسْكَرْ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ عِنْدَنَا، وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُجْعَلَ ذَلِكَ فِي خَلٍّ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ خَلًّا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

رَجُلٌ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ الْعَطَشِ يُبَاحُ لَهُ أَنْ يَشْرَبَ الْخَمْرَ بِقَدْرِ مَا يَنْدَفِعُ بِهِ الْعَطَشُ عِنْدَنَا إنْ كَانَتْ الْخَمْرُ تَرُدُّ ذَلِكَ الْعَطَشَ كَمَا يُبَاحُ لِلْمُضْطَرِّ تَنَاوُلُ الْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَكَذَا لَوْ غَصَّ، وَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا يَجِدُ مَا يُزِيلُ بِهِ إلَّا الْخَمْرَ يُبَاحُ لَهُ شُرْبُهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَفِي الْفَتَاوَى الْمُضْطَرُّ لَوْ شَرِبَ قَدْرَ مَا يَرْوِيهِ فَسَكِرَ لَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ السُّكْرَ بِمُبَاحٍ، وَلَوْ قَدْرَ مَا يَرْوِيهِ وَزِيَادَةً، وَلَمْ يَسْكَرْ يَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَهُ الْحَدُّ كَمَا لَوْ شَرِبَ هَذَا الْقَدْرَ حَالَةَ الِاخْتِيَارِ وَلَمْ يَسْكَرْ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.

(وَأَمَّا مَا هُوَ حَرَامٌ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ) فَهُوَ الْبَاذَقُ وَالْمُنَصَّفُ، وَنَقِيعُ الزَّبِيبِ، وَالتَّمْرُ مِنْ غَيْرِ طَبْخٍ وَالسَّكَرُ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ شُرْبُ قَلِيلِهَا وَكَثِيرِهَا وَقَالَ أَصْحَابُ الظَّوَاهِرِ: بِأَنَّهُ مُبَاحٌ شُرْبُهُ وَالصَّحِيحُ قَوْلُ الْعَامَّةِ لَكِنَّ حُرْمَةَ هَذِهِ الْأَشْرِبَةِ دُونَ حُرْمَةِ الْخَمْرِ حَتَّى لَا يُحَدَّ شَارِبُهَا مَا لَمْ يَسْكَرْ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَنَجَاسَةُ الْمُنَصَّفِ وَالْبَاذِقِ غَلِيظَةٌ أَمْ خَفِيفَةٌ؟ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكِتَابِ كُلَّ مَا هُوَ حَرَامٌ شُرْبُهُ إذَا أَصَابَ الثَّوْبَ مِنْهُ أَكْثَرُ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ يَمْنَعُ جَوَازَ الصَّلَاةِ قَالُوا: وَهَكَذَا رَوَى هِشَامٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَحُكِيَ عَنْ الْفَضْلِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَجِبُ أَنْ يَكُونَ نَجِسًا نَجَاسَةً خَفِيفَةً وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ نَجِسٌ نَجَاسَةً غَلِيظَةً، وَيَجُوزُ بَيْعُ الْبَاذَقِ وَالْمُنَصَّفِ وَالسَّكَرِ وَنَقِيعِ الزَّبِيبِ وَيَضْمَنُ مُتْلِفُهَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لَهُمَا وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِ فِي الْبَيْعِ أَمَّا فِي الضَّمَانِ إنْ كَانَ الْمُتْلِفُ قَصَدَ الْحِسْبَةَ، وَذَلِكَ يُعْرَفُ بِقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ فَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الْحِسْبَةَ فَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِ أَيْضًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

(وَأَمَّا مَا هُوَ حَلَالٌ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ) فَهُوَ الطِّلَاءُ، وَهُوَ الْمُثَلَّثُ وَنَبِيذُ التَّمْرِ وَالزَّبِيبُ فَهُوَ حَلَالٌ شُرْبُهُ مَا دُونَ السَّكَرِ لِاسْتِمْرَاءِ الطَّعَامِ وَالتَّدَاوِي وَلِلتَّقْوَى عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ - تَعَالَى - لَا لِلتَّلَهِّي وَالْمُسْكِرُ مِنْهُ حَرَامٌ، وَهُوَ الْقَدْرُ الَّذِي يُسْكِرُ، وَهُوَ قَوْلُ الْعَامَّةِ، وَإِذَا سَكِرَ يَجِبُ الْحَدُّ عَلَيْهِ، وَيَجُوزُ بَيْعُهُ، وَيَضْمَنُ مُتْلِفُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَأَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ: أَنَّ قَلِيلَهُ وَكَثِيرَهُ حَرَامٌ وَلَكِنْ لَا يَجِبُ الْحَدُّ مَا لَمْ يُسْكِرْ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالْفَتْوَى فِي زَمَانِنَا بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَتَّى يُحَدَّ مَنْ سَكِرَ مِنْ الْأَشْرِبَةِ الْمُتَّخَذَةِ مِنْ الْحُبُوبِ وَالْعَسَلِ وَاللَّبَنِ وَالتِّينِ؛ لِأَنَّ الْفُسَّاقَ يَجْتَمِعُونَ عَلَى هَذِهِ الْأَشْرِبَةِ فِي زَمَانِنَا، وَيَقْصِدُونَ السُّكْرَ وَاللَّهْوَ بِشُرْبِهَا كَذَا فِي التَّبْيِينِ.

وَالْعَصِيرُ إذَا شُمِّسَ حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثَاهُ يَحِلُّ شُرْبُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى.

وَفِي النَّوَازِلِ سَأَلْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ عَنْ ثُلَاثِيٍّ صُبَّ عَلَيْهِ عَصِيرٌ قَالَ يُسْتَأْنَفُ عَلَيْهِ الطَّبْخُ حَتَّى يَذْهَبَ ثُلُثَاهُ وَيَبْقَى ثُلُثُهُ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

(وَأَمَّا الْبَخْتُجُ) فَاخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِهِ قَالَ الْحَاكِمُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْكُفِينِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُوَ عَصِيرُ الْعِنَبِ يُصَبُّ فِيهِ الْمَاءُ ثُمَّ يُطْبَخُ قَبْلَ الْغَلَيَانِ حَتَّى يَذْهَبَ ثُلُثَاهُ وَيَبْقَى ثُلُثُهُ فَيَكُونَ الذَّاهِبُ مِنْ الْعَصِيرِ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثَيْنِ يَحِلُّ شُرْبُهُ مَا دَامَ حُلْوًا وَإِذَا غَلَى وَاشْتَدَّ وَقَذَفَ بِالزَّبَدِ يَحْرُمُ قَلِيلُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>