للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ رَمَى رَجُلَانِ صَيْدًا فَأَصَابَهُ سَهْمُ أَحَدِهِمَا قَبْلَ صَاحِبِهِ، وَأَثْخَنَهُ وَأَخْرَجَهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ صَيْدًا ثُمَّ أَصَابَهُ سَهْمُ الْآخَرِ فَهُوَ لِلَّذِي أَصَابَهُ سَهْمُهُ أَوَّلًا، وَإِنْ رَمَيَاهُ مَعًا، وَلَوْ أَصَابَهُ السَّهْمَانِ مَعًا فَهُوَ لَهُمَا.

وَالْعِبْرَةُ فِي حَقِّ الْمِلْكِ بِحَالَةِ الْإِصَابَةِ لَا بِحَالَةِ الرَّمْيِ، وَفِي حَقِّ الْحِلِّ تُعْتَبَرُ حَالَةُ الرَّمْيِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

وَإِنْ أَصَابَهُ سَهْمُ الْأَوَّلِ، فَوَقَذَهُ ثُمَّ أَصَابَهُ سَهْمُ الثَّانِي فَقَتَلَهُ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يُؤْكَلُ، وَالصَّيْدُ لِلْأَوَّلِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

وَلَوْ رَمَى سَهْمًا إلَى صَيْدٍ وَرَمَى رَجُلٌ آخَرُ فَأَصَابَ السَّهْمُ الثَّانِي السَّهْمَ الْأَوَّلَ، وَأَمْضَاهُ حَتَّى أَصَابَ الصَّيْدَ وَقَتَلَهُ جُرْحًا إنْ كَانَ السَّهْمُ الْأَوَّلُ بِحَالٍ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَبْلُغُ الصَّيْدَ بِدُونِ الثَّانِي فَالصَّيْدُ لِلثَّانِي؛ لِأَنَّهُ الْآخِذُ حَتَّى لَوْ كَانَ الثَّانِي مَجُوسِيًّا أَوْ مُحْرِمًا لَا يَحِلُّ، وَإِنْ كَانَ السَّهْمُ الْأَوَّلُ بِحَالٍ يَبْلُغُ الصَّيْدَ بِدُونِ سَهْمِ الثَّانِي، فَالصَّيْدُ لِلْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ سَبَقَ فِي الْأَخْذِ، وَهُوَ كَافٍ بِنَفْسِهِ فَإِنْ كَانَ الثَّانِي مُحْرِمًا أَوْ مَجُوسِيًّا لَا يَحِلُّ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْكَافِي.

وَذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ دَخَلَ ظَبْيٌ دَارَ رَجُلٍ أَوْ حَائِطَهُ أَوْ دَخَلَ حِمَارُ وَحْشٍ دَارَ رَجُلٍ أَوْ حَائِطَهُ فَإِنْ كَانَ يُؤْخَذُ بِغَيْرِ صَيْدٍ فَهُوَ لِرَبِّ الدَّارِ، وَكَذَلِكَ الْحَظِيرَةُ لِلسَّمَكِ، وَهَذَا الْجَوَابُ يُخَالِفُ جَوَابَ الْأَصْلِ.

وَفِي الْأَصْلِ لَوْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ عَلَى صَيْدٍ فَاتَّبَعَهُ الْكَلْبُ حَتَّى أَدْخَلَهُ فِي أَرْضِ رَجُلٍ أَوْ دَارِهِ كَانَ لِصَاحِبِ الْكَلْبِ، وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَدَّ عَلَى صَيْدٍ حَتَّى أَخْرَجَهُ، وَأَدْخَلَهُ دَارَ إنْسَانٍ فَهُوَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَخْرَجَهُ، وَاضْطَرَّهُ فَقَدْ أَخَذَهُ بِيَدِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ اصْطَادَ طَائِرًا فِي دَارِ رَجُلٍ فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ عَلَى أَصْلِ الْإِبَاحَةِ فَهُوَ لِلصَّيَّادِ سَوَاءٌ اصْطَادَهُ مِنْ الْهَوَاءِ أَوْ مِنْ الشَّجَرِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فَقَالَ رَبُّ الدَّارِ: اصْطَدْتُ قَبْلَكَ، وَأَنْكَرَ الصَّيَّادُ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ أَخَذَهُ مِنْ الْهَوَاءِ فَهُوَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ أَخَذَهُ مِنْ دَارِهِ أَوْ شَجَرِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الدَّارِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي أَخْذِهِ مِنْ الْهَوَاءِ أَوْ الْجِدَارِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الدَّارِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَمَنْ اصْطَادَ سَمَكَةً مِنْ نَهْرٍ جَارٍ لِرَجُلٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِ صَيْدِهِ فَهُوَ لِلَّذِي أَخَذَهُ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ أَجَمَةٌ لَا يُقْدَرُ عَلَى أَخْذِ صَيْدِهَا إلَّا بِالِاصْطِيَادِ فَصَاحِبُ الْأَجَمَةِ مَا صَارَ مُحْرِزًا لِمَا حَصَلَ فِيهَا مِنْ السَّمَكِ، وَإِنَّمَا الْمُحْرِزُ الْآخِذُ، فَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الْأَجَمَةِ احْتَالَ لِذَلِكَ حَتَّى أَخْرَجَ الْمَاءَ وَبَقِيَ السَّمَكُ فَهُوَ لِصَاحِبِ الْأَجَمَةِ، وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ مِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ: إنْ أَخْرَجَ الْمَاءَ، وَلَيْسَ قَصْدُهُ السَّمَكَ فَهُوَ لِلْآخِذِ، وَإِنْ نَضَبَ عَنْهُ الْمَاءُ فَإِنْ كَانَ قَصْدُهُ أَخْذَ السَّمَكِ يُنْظَرُ إنْ لَمْ يُمْكِنْ أَخْذُهُ إلَّا بِصَيْدٍ فَهُوَ لِلْآخِذِ، وَإِنْ أَمْكَنَ أَخْذُهُ مِنْ غَيْرِ صَيْدٍ فَهُوَ لِصَاحِبِ الْأَجَمَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَفِي الْمُنْتَقَى دَاوُد بْنُ رَشِيدٍ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - نَحْلٌ اتَّخَذَتْ كُوَّارَاتٍ فِي أَرْضِ رَجُلٍ، فَخَرَجَ مِنْهَا عَسَلٌ كَثِيرٌ كَانَ ذَلِكَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ، وَلَا سَبِيلَ لِأَحَدٍ عَلَى أَخْذِهِ قَالَ: وَلَا يُشْبِهُ هَذَا الصَّيْدَ وَبَيْضَهُ، وَأَشَارَ إلَى مَعْنَى الْفَرْقِ فَقَالَ: إنَّهُ يَجِيءُ، وَيَذْهَبُ وَالْبَيْضُ يَصِيرُ طَائِرًا وَيَطِيرُ، وَإِنَّمَا يُشْبِهُ الطَّيْرُ فِي هَذَا النَّحْلَ نَفْسَهَا، وَلَوْ أَخَذَ النَّحْلَ أَحَدٌ كَانَتْ لَهُ، وَأَمَّا الْعَسَلُ فَلَمْ يَكُنْ صَيْدًا، وَلَا يَصِيرُ صَيْدًا قَطُّ، وَفِيهِ أَيْضًا عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا وَضَعَ رَجُلٌ كُوَّارَاتِ النَّحْلِ فَتَعَسَّلَتْ فَهُوَ لِصَاحِبِ الْكُوَّارَاتِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَفِي الْمُلْتَقَطِ لِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ حَمَامَةٌ ذَكَرٌ وَلِلْآخَرِ أُنْثَى فَالْفِرَاخُ لِصَاحِبِ الْأُنْثَى كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>