للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُؤْكَلُ، وَكَذَلِكَ لَوْ سَمِعَ حِسًّا، وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ حِسُّ صَيْدٍ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ الشَّكُّ فِي صِحَّةِ الْإِرْسَالِ فَلَا تَثْبُتُ الصِّحَّةُ بِالشَّكِّ.

وَلَوْ ظَنَّ أَنَّ الْمَسْمُوعَ حِسُّهُ صَيْدٌ فَأَرْسَلَ كَلْبًا، فَإِذَا هُوَ حِسُّ صَيْدٍ مَأْكُولٍ أَوْ غَيْرِ مَأْكُولٍ، فَأَصَابَ صَيْدًا آخَرَ يُؤْكَلُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَلَوْ أَصَابَ الْمَسْمُوعَ حِسُّهُ، وَقَدْ ظَنَّهُ آدَمِيًّا فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ صَيْدٌ حَلَّ؛ لِأَنَّهُ لَا مُعْتَبَرَ بِظَنِّهِ مَعَ تَعْيِينِهِ صَيْدًا ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ.

وَقَالَ فِي الْمُنْتَقَى: إذَا سَمِعَ حِسًّا بِاللَّيْلِ فَظَنَّ أَنَّهُ إنْسَانٌ أَوْ دَابَّةٌ أَوْ حَيَّةٌ، فَرَمَاهُ فَإِذَا ذَلِكَ الَّذِي سَمِعَ حِسَّهُ صَيْدٌ فَأَصَابَ سَهْمُهُ ذَلِكَ الَّذِي سَمِعَ حِسَّهُ أَوْ أَصَابَ صَيْدًا آخَرَ، وَقَتَلَهُ لَا يُؤْكَلُ؛ لِأَنَّهُ رَمَاهُ، وَهُوَ لَا يُرِيدُ الصَّيْدَ ثُمَّ قَالَ: وَلَا يَحِلُّ الصَّيْدُ إلَّا بِوَجْهَيْنِ: أَنْ يَرْمِيَهُ، وَهُوَ يُرِيدُ الصَّيْدَ، وَأَنْ يَكُونَ الَّذِي أَرَادَهُ، وَسَمِعَ حِسَّهُ، وَرَمَى إلَيْهِ صَيْدًا سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يُؤْكَلُ أَمْ لَا، وَهَذَا يُنَاقِضُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَهَذَا أَوْجَهُ لِأَنَّ الرَّمْيَ إلَى الْآدَمِيِّ وَنَحْوِهِ لَيْسَ بِاصْطِيَادٍ فَلَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُهُ، وَلَوْ أَصَابَ صَيْدًا كَذَا فِي التَّبْيِينِ.

وَإِنْ أَرْسَلَ إلَى مَا يَظُنُّ أَنَّهُ شَجَرَةٌ أَوْ إنْسَانٌ فَإِذَا هُوَ صَيْدٌ فَأَصَابَهُ يُؤْكَلُ هُوَ الْمُخْتَارُ فَإِنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَرْسَلَ إلَى الصَّيْدِ.

وَإِنْ أَرْسَلَ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ صَيْدٌ، فَإِذَا هُوَ لَيْسَ بِصَيْدٍ فَعَرَضَ لَهُ صَيْدٌ فَقَتَلَهُ لَا يُؤْكَلُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ.

فِي النَّوَادِرِ، وَلَوْ رَمَى ظَبْيًا أَوْ طَيْرًا فَأَصَابَ غَيْرَهُ، وَذَهَبَ الْمَرْمِيُّ، وَلَمْ يَدْرِ أَنَّهُ كَانَ مُتَوَحِّشًا أَوْ مُسْتَأْنَسًا أَكَلَ الصَّيْدَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الصَّيْدِ التَّوَحُّشُ وَالتَّنَفُّرُ فَيَتَمَسَّكُ بِالْأَصْلِ حَتَّى يَعْلَمَ إلْفَهُ وَاسْتِئْنَاسَهُ مِنْهُ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَوْ ظَنَّ حِينَ رَآهُ صَيْدًا ثُمَّ تَحَوَّلَ رَأْيُهُ، وَصَارَ أَكْبَرَ رَأْيِهِ أَنَّ الَّذِي رَمَاهُ كَانَ إلْفًا أَهْلِيًّا يَحِلُّ الصَّيْدُ الَّذِي أَصَابَهُ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ عِنْدَنَا صَيْدٌ بِحُكْمِ الْأَصْلِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ غَيْرُ صَيْدٍ.

وَلَوْ رَمَى إلَى بَعِيرٍ غَيْرِ نَادٍّ فَأَصَابَ صَيْدًا فَذَهَبَ الْبَعِيرُ، وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ نَادٍّ أَوْ غَيْرُ نَادٍّ لَمْ يُؤْكَلْ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ كَانَ نَادًّا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ الْإِلْفُ وَالِاسْتِئْنَاسُ دُونَ التَّنَفُّرِ.

وَكَذَا لَوْ رَمَى إلَى ظَبْيٍ مَرْبُوطٍ، وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ صَيْدٌ فَأَصَابَ ظَبْيًا آخَرَ لَمْ يُؤْكَلْ؛ لِأَنَّهُ بِالرَّبْطِ لَمْ يَبْقَ صَيْدًا.

وَكَذَا لَوْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ عَلَى صَيْدٍ مُوَثَّقٍ فِي يَدِهِ فَصَادَ غَيْرَهُ لَمْ يُؤْكَلْ، وَكَذَا لَوْ أَرْسَلَ فَهْدًا عَلَى فِيلٍ فَأَصَابَ ظَبْيًا لَمْ يُؤْكَلْ، وَلَوْ رَمَى سَمَكًا أَوْ جَرَادًا فَأَصَابَ صَيْدًا فَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ يُؤْكَلُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

الْأَصْلُ أَنَّ الْأَنِسِيَّ إذَا تَوَحَّشَ، وَوَقَعَ الْعَجْزُ عَنْ الذَّكَاةِ الِاخْتِيَارِيَّةِ يَحِلُّ بِالذَّكَاةِ الِاضْطِرَارِيَّةِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

السَّهْمُ إذَا أَصَابَ الظِّلْفَ أَوْ الْقَرْنَ فَإِنْ كَانَ أَدْمَاهُ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ، وَإِنْ لَمْ يُدْمِهِ لَا يُؤْكَلُ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.

وَلَوْ رَمَى صَيْدًا بِسَيْفٍ فَأَبَانَ مِنْهُ عُضْوًا، وَمَاتَ أُكِلَ الصَّيْدُ كُلُّهُ إلَّا مَا أَبَانَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَبَانَ ذَلِكَ الْعُضْوَ مِنْهُ أُكِلَ ذَلِكَ الْعُضْوُ أَيْضًا، وَإِنْ تَعَلَّقَ ذَلِكَ الْعُضْوُ مِنْهُ بِجِلْدِهِ فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَا يُتَوَهَّمُ اتِّصَالُهُ بِعِلَاجٍ فَهُوَ، وَالْمُبَانُ سَوَاءٌ، وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ يُتَوَهَّمُ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>