للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ الرَّهْنِ لَا يَجُوزُ الرَّهْنُ إلَّا مَقْبُوضًا فَقَدْ أَشَارَ إلَى أَنَّ الْقَبْضَ شَرْطُ جَوَازِ الرَّهْنِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ الرَّهْنُ قَبْلَ الْقَبْضِ جَائِزٌ إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ، وَإِنَّمَا يَصِيرُ لَازِمًا فِي حَقِّ الرَّاهِنِ بِالْقَبْضِ، وَكَانَ الْقَبْضُ شَرْطَ اللُّزُومِ لَا شَرْطَ الْجَوَازِ كَالْقَبْضِ فِي الْهِبَةِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ ثُمَّ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ قَبْضُ الرَّهْنِ يَثْبُتُ بِالتَّخْلِيَةِ كَمَا فِي الْبَيْعِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ فِي الْمَنْقُولِ إلَّا بِالنَّقْلِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَمَا لَمْ يَقْبِضْهُ فَالرَّاهِنُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ سَلَّمَ، وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ عَنْ الرَّهْنِ فَإِذَا سَلَّمَهُ إلَيْهِ، وَقَبَضَهُ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ بِالْقَبْضِ كَذَا فِي الْكَافِي.

وَأَمَّا بَيَانُ شَرْطِ صِحَّةِ الْقَبْضِ فَأَنْوَاعٌ مِنْهَا أَنْ يَأْذَنَ الرَّاهِنُ، وَالْإِذْنُ نَوْعَانِ نَصٌّ، وَمَا يَجْرِي مَجْرَى النَّصِّ، وَدَلَالَةٌ أَمَّا الْأَوَّلُ فَأَنْ يَقُولَ: أَذِنْتُ لَهُ بِالْقَبْضِ أَوْ رَضِيتُ بِهِ أَوْ اقْبِضْ وَمَا يَجْرِي هَذَا الْمَجْرَى، فَيَجُوزُ قَبْضُهُ سَوَاءٌ قَبَضَ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ اسْتِحْسَانًا، وَأَمَّا الدَّلَالَةُ فَأَنْ يَقْبِضَ الْمُرْتَهِنُ بِحَضْرَةِ الرَّاهِنِ فَيَسْكُتَ، وَلَا يَنْهَاهُ فَيَصِحَّ اسْتِحْسَانًا.

وَلَوْ رَهَنَ شَيْئًا مُتَّصِلًا بِمَا لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الرَّهْنُ كَالثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ عَلَى الشَّجَرِ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا يَجُوزُ الرَّهْنُ فِيهِ إلَّا بِالْفَصْلِ وَالْقَبْضِ فَفَصْلٌ وَقَبْضٌ فَإِنْ قَبَضَ بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ لَمْ يَجُزْ قَبْضُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْفَصْلُ وَالْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ، أَوْ فِي غَيْرِ الْمَجْلِسِ، وَإِنْ قَبَضَ بِإِذْنِهِ فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ جَائِزٌ، وَمِنْهَا الْحِيَازَةُ عِنْدَنَا فَلَا يَصِحُّ قَبْضُ الْمُشَاعِ سَوَاءٌ كَانَ مُشَاعًا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ أَوْ لَا يَحْتَمِلُهَا، وَسَوَاءٌ رَهَنَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ أَوْ مِنْ شَرِيكِهِ، وَسَوَاءٌ قَارَنَ الْعَقْدَ أَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْمَرْهُونُ فَارِغًا عَمَّا لَيْسَ بِمَرْهُونٍ فَإِنْ كَانَ مَشْغُولًا بِهِ بِأَنْ رَهَنَ دَارًا فِيهَا مَتَاعُ الرَّاهِنِ وَسَلَّمَ الدَّارَ مَعَ مَا فِيهَا مِنْ الْمَتَاعِ لَمْ يَجُزْ، وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْمَرْهُونُ مُنْفَصِلًا مُتَمَيِّزًا عَمَّا لَيْسَ بِمَرْهُونٍ فَإِنْ كَانَ مُتَّصِلًا بِهِ غَيْرَ مُتَمَيِّزٍ عَنْهُ لَمْ يَصِحَّ قَبْضُهُ، وَمِنْهَا أَهْلِيَّةُ الْقَبْضِ وَهِيَ الْعَقْلُ.

وَأَمَّا بَيَانُ أَنْوَاعِ الْقَبْضِ فَهُوَ نَوْعَانِ نَوْعٌ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ وَنَوْعٌ بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ أَمَّا الْقَبْضُ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ فَهُوَ أَنْ يَقْبِضَ بِنَفْسِهِ لِنَفْسِهِ، وَأَمَّا الْقَبْضُ بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ فَنَوْعَانِ نَوْعٌ يَرْجِعُ إلَى الْقَابِضِ وَنَوْعٌ يَرْجِعُ إلَى نَفْسِ الْقَبْضِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَيَجُوزُ قَبْضُ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ عَنْ الصَّبِيِّ، وَكَذَا قَبْضُ الْعَدْلِ يَقُومُ مَقَامَ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ حَتَّى لَوْ هَلَكَ فِي يَدِهِ كَانَ الْهَلَاكُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ، وَأَمَّا الَّذِي يَرْجِعُ إلَى نَفْسِ الْقَبْضِ فَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمَرْهُونُ إذَا كَانَ مَقْبُوضًا عِنْدَ الْعَقْدِ فَهَلْ يَنُوبُ ذَلِكَ عَنْ قَبْضِ الرَّهْنِ فَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ الْقَبْضَيْنِ إذَا تَجَانَسَا نَابَ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ، وَإِذَا اخْتَلَفَا نَابَ الْأَعْلَى عَنْ الْأَدْنَى، وَمِنْهَا دَوَامُ الْقَبْضِ عِنْدَنَا وَالشِّيَاعُ يَمْنَعُ دَوَامَ الْحَبْسِ فَيَمْنَعُ جَوَازَ الرَّهْنِ سَوَاءٌ كَانَ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ أَوْ فِيمَا لَا يَحْتَمِلُهَا وَسَوَاءٌ كَانَ الشُّيُوعُ مُقَارَنًا أَوْ طَارِئًا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَسَوَاءٌ كَانَ الرَّهْنُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ أَوْ مِنْ شَرِيكِهِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

وَأَمَّا حُكْمُهُ فَمِلْكُ الْعَيْنِ الْمَرْهُونَةِ فِي حَقِّ الْحَبْسِ حَتَّى يَكُونَ أَحَقَّ بِإِمْسَاكِهِ إلَى وَقْتِ إيفَاءِ الدَّيْنِ فَإِذَا مَاتَ الرَّاهِنُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ فَيُسْتَوْفَى مِنْهُ دَيْنُهُ فَمَا فَضَلَ يَكُونُ لِسَائِرِ الْغُرَمَاءِ وَالْوَرَثَةِ، وَلَوْ مَاتَ وَأَفْلَسَ، وَعَلَيْهِ دُيُونٌ يَكُونُ الْمُرْتَهِنُ أَخَصَّ بِهِ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَنُقْصَانُ الرَّهْنِ إنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>