للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَتَاعُ الرَّاهِنِ شَيْءٌ كَثِيرٌ أَوْ قَلِيلٌ يَنْتَفِعُ بِهِ أَوْ رَهَنَ جُوَالِقًا فِيهَا مَتَاعُ الرَّاهِنِ بِدُونِ الْمَتَاعِ وَسَلَّمَ الْكُلَّ إلَى الْمُرْتَهِنِ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُفْرِغَ الدَّارَ أَوْ الْجُوَالِقَ وَيُسَلِّمَ.

وَلَوْ رَهَنَ مَا فِي الدَّارِ مِنْ الْمَتَاعِ بِدُونِ الدَّارِ، وَمَا فِي الْجُوَالِقِ مِنْ الْحُبُوبِ بِدُونِ الْجُوَالِقِ وَسَلَّمَ الْكُلَّ إلَيْهِ جَازَ، وَالْحِيلَةُ لِجَوَازِ الرَّهْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَنْ يُودِعَ مَا فِي الدَّارِ وَالْجُوَالِقِ أَوَّلًا ثُمَّ يُسَلِّمَ إلَيْهِ مَا رَهَنَ فَيَصِحُّ التَّسْلِيمُ وَالرَّهْنُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ رَهَنَ دَارًا وَالرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ فِي جَوْفِهَا، فَقَالَ: سَلَّمْتُهَا، وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: قَبِلْتُ لَمْ يَتِمَّ الرَّهْنُ حَتَّى يَخْرُجَ الرَّاهِنُ مِنْ الدَّارِ ثُمَّ يَقُولَ: سَلَّمْتُهَا إلَيْكَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

رَهَنَ عِمَارَةَ حَانُوتٍ قَائِمَةً عَلَى أَرْضٍ سُلْطَانِيَّةٍ سَلَّمَهَا إلَى الْمُرْتَهِنِ، وَكَانَ يَتَصَرَّفُ الْمُرْتَهِنُ فِيهَا، وَيُؤَاجِرُهَا وَيَأْخُذُ الْأَجْرَ مِنْهَا سِنِينَ وَأَعْوَامًا لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ وَلَا يَطِيبُ لِلْمُرْتَهِنِ مَا أَخَذَ مِنْ أَجْرِهَا كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ.

وَلَوْ رَهَنَ سَرْجًا عَلَى دَابَّةٍ أَوْ لِجَامًا عَلَى رَأْسِهَا أَوْ رَسَنًا فِي رَأْسِهَا، وَدَفَعَ إلَيْهِ الدَّابَّةَ مَعَ اللِّجَامِ وَالسَّرْجِ وَالرَّهْنِ لَمْ يَكُنْ رَهْنًا حَتَّى يُنْزَعَ مِنْ الدَّابَّةِ وَيُسَلَّمَ إلَيْهِ.

وَلَوْ رَهَنَ دَابَّةً عَلَيْهَا حَمْلٌ دُونَ الْحَمْلِ لَمْ يَتِمَّ الرَّهْنُ حَتَّى يُلْقِيَ الْحَمْلَ ثُمَّ يُسَلِّمَهَا إلَى الْمُرْتَهِنِ.

وَلَوْ رَهَنَ الْحَمْلَ دُونَ الدَّابَّةِ، وَدَفَعَهَا إلَيْهِ تَمَّ فِي الْحَمْلِ؛ لِأَنَّ الدَّابَّةَ مَشْغُولَةٌ بِالْحَمْلِ أَمَّا الْحَمْلُ فَلَيْسَ بِمَشْغُولٍ بِالدَّابَّةِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

رَجُلٌ رَهَنَ جَارِيَةً ذَاتَ زَوْجٍ بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ جَازَ، وَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَمْنَعَ الزَّوْجَ مِنْ غِشْيَانِهَا، فَإِنْ مَاتَتْ مِنْ غِشْيَانِهَا صَارَتْ كَأَنَّهَا مَاتَتْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَيَسْقُطُ دَيْنُ الْمُرْتَهِنِ اسْتِحْسَانًا، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَسْقُطَ، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ ذَاتَ زَوْجٍ حِينَ رَهَنَهَا ثُمَّ زَوَّجَهَا بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ فَهَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ، فَإِنْ زَوَّجَهَا بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ جَازَ النِّكَاحُ وَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَمْنَعَ الزَّوْجَ مِنْ غِشْيَانِهَا فَإِنْ غَشِيَهَا الزَّوْجُ يَصِيرُ الْمَهْرُ رَهْنًا مَعَ الْجَارِيَةِ وَقَبْلَ الْغِشْيَانِ لَا يَكُونُ الْمَهْرُ رَهْنًا فَإِنْ مَاتَتْ الْجَارِيَةُ مِنْ غِشْيَانِهَا فِي هَذَا الْوَجْهِ كَانَ الْمُرْتَهِنُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الرَّاهِنَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الزَّوْجَ كَمَا لَوْ قَتَلَهَا الزَّوْجُ ثُمَّ رَجَعَ الزَّوْجُ عَلَى الْمَوْلَى إذَا لَمْ يَعْلَمْ الزَّوْجُ بِالرَّهْنِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ وَلَوْ أَعْتَقَ مَا فِي بَطْنِهَا ثُمَّ رَهَنَهَا جَازَ، وَلَا يَسْقُطُ بِنُقْصَانِ وِلَادَتِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا وَلَدَتْ قَبْلَ عِتْقِ الْوَلَدِ حَيْثُ يَسْقُطُ بِقَدْرِ النُّقْصَانِ إلَّا إذَا كَانَ بِالْوَلَدِ وَفَاءٌ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

ارْتَهَنَ الْمُسْلِمُ مِنْ كَافِرٍ خَمْرًا فَصَارَتْ خَلًّا فَالرَّهْنُ بَاطِلٌ، وَيَكُونُ الْخَلُّ أَمَانَةً فِي يَدِهِ، وَالرَّاهِنُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ وَقَضَاهُ دَيْنَهُ وَإِنْ شَاءَ يَدَعُ الْخَلَّ بِدَيْنِهِ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْخَمْرِ يَوْمَ الرَّهْنِ كَالدَّيْنِ بِخِلَافِ مَا لَوْ ارْتَهَنَ الْكَافِرُ خَمْرًا مِنْ الْمُسْلِمِ لَا يَجُوزُ، وَيَكُونُ أَمَانَةً فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ.

ارْتَهَنَ مُسْلِمٌ مِنْ مُسْلِمٍ عَصِيرًا فَصَارَ خَمْرًا فَلِلْمُرْتَهِنِ تَخْلِيلُهَا، وَيَكُونُ رَهْنًا، وَتَبْطُلُ بِحِسَابِ مَا نَقَصَ يَعْنِي مِنْ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ، وَإِنْ كَانَ الرَّاهِنُ كَافِرًا يَأْخُذُ الْخَمْرَ، وَالدَّيْنُ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُخَلِّلَهَا، وَإِنْ خَلَّلَهَا ضَمِنَ قِيمَتَهَا يَوْمَ خَلَّلَ، وَرَجَعَ بِدَيْنِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الرَّاهِنُ مُسْلِمًا فَخَلَّلَهَا لَمْ يَضْمَنْ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَلَوْ رَهَنَ الذِّمِّيُّ عِنْدَ ذِمِّيٍّ جِلْدَ مَيْتَةٍ فَدَبَغَهُ الْمُرْتَهِنُ لَمْ يَكُنْ رَهْنًا، وَلِلرَّاهِنِ أَنْ يَأْخُذَهُ وَيُعْطِيَهُ قِيمَةَ الدِّبَاغَةِ إنْ كَانَ دَبَغَهُ بِشَيْءٍ لَهُ قِيمَةٌ بِمَنْزِلَةِ مَنْ غَصَبَ جِلْدَ مَيْتَةٍ فَدَبَغَهُ.

وَإِذَا ارْتَهَنَ الذِّمِّيُّ مِنْ الذِّمِّيِّ خَمْرًا ثُمَّ أَسْلَمَا، فَقَدْ خَرَجَتْ مِنْ الرَّهْنِ فَإِنْ خَلَّلَهَا فَهِيَ رَهْنٌ وَكَذَلِكَ لَوْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا أَيُّهُمَا كَانَ ثُمَّ صَارَتْ خَلًّا فَهِيَ رَهْنٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>